رصدت «العرب» تزايد إقبال الشباب على الدروس الدينية التي تقام عادة بعد صلاة العصر منذ بداية شهر رمضان المبارك، حيث يحرص الشباب على البقاء في المسجد عقب انتهاء الصلاة لحضور الدرس الديني الذي يقدمه الأمام، الذي عادة ما يتعلق بفضائل الصيام ممزوجاً بمقتطفات من حياة النبي المصطفى (صلى الله عليه وسلم). إنه مظهر رائع قل ما تجده في الأيام العادية من غير شهر رمضان المبارك، إلا انه مفيد جداً للتأثير بالإيجاب على سلوكيات الشباب الذين تمتلئ صدورهم بالمحبة والسلام إثر هذه الدروس الشيقة التي تركز على السلوكيات الحسنة والمحبة والسلام، وتترك آثاراً طيبة ترافق الشاب طيلة حياته وتحسن سلوكه مع الآخرين وتهذب روحه لتكون محبة للخير مسالمة ذات أثر طيب تتركه عند الآخرين.
في سياق آخر تثير الدروس الدينية شغف الشباب للتعمق بالمعرفة حول العقيدة الإسلامية مما يجعلهم يوما ما احد الأساتذة في هذا المجال، ويجد هذا الشغف ابوابا مفتوحة لدى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي ترحب بالشباب، لاسيما الراغبين بتأهيلهم ليكونوا أئمة وخطباء، وذلك بتقديم مجموعة من المحفزات المالية والمعنوية لتشجيعهم على الانخراط في ركب الدعاة وعلماء الدين.
برامج التأهيل
وتشير البيانات المتوافرة إلى أن عدد القطريين من الأئمة والخطباء بلغ نحو 185 إماما، و158 خطيبا، وقد نجح برنامج تأهيل وإعداد الإمام والخطيب القطري، الذي وضعت لبنته الأولى في العام 2005 ويتواصل سنويا في رفد دور العبادة بعدد 300 إمام وخطيب وجميعهم اليوم في مساجد قطر وعلى منابرها وذلك على مدار 14 فوجا.
وقال عدد من الأئمة الذين التقتهم العرب عن إن هناك تزايداً ملحوظاً من الشباب على الدروس الدينية في المساجد، وأضافوا: زيادة إقبال الشباب على المحاضرات الدينية في المساجد يثلج الصدور، فهو ذو تأثير طيب على حياتهم، مشيرين إلى أن المسجد أحد أهم المدارس التي يتعلم بها المرء تعاليم العقيدة الإسلامية السمحاء التي تنبذ العنف والكراهية وتدعو إلى المحبة والسلام والتآخي بين الناس، حيث كان المسجد أول مؤسسة أنشأها النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد الهجرة؛ لتكون هذه رسالة إلى عموم المسلمين حول محورية دور المسجد في حياتهم، وكيف أنه ليس مكانًا للصلاة فحسب، بل مركزًا لإدارة كل شؤون الناس وتسيير مصالحهم الدنيوية وحل مشكلاتهم اليومية، وفى حياة الشباب بوجه خاص قال بعض الأئمة في المساجد يؤدي المسجد دورًا محوريًا، فهو يربي، ويدعم التواصل الاجتماعي، ويساعد على اصطفاء الأصدقاء، ويشغل وقت الفراغ، ويفرغ الطاقات، وغير ذلك من الأدوار التي غابت اليوم عن مساجدنا بعد أن صارت لأسباب لا مجال لذكرها أماكن للصلاة فقط دون امتداد دورها إلى الإطار المجتمعي العام.
وحول الدور الاجتماعي للمسجد في حياة الشباب قالوا: تشير بعض دراسات علم الاجتماع أن المسجد إحدى المؤسسات التربوية ذات الدور المباشر في التأثير على حياة الفرد المسلم وسلوكياته، ويعد المسجد مصدرًا خصبًا للمعرفة الدينية وغرس القيم، حيث يتم فيه اللقاء المباشر بين الداعي والأفراد في جو من الود والإخاء، بخلاف وسائل الاتصال الأخرى، وفى المسجد يشعر المسلم بالمساواة الحقيقية، فالكل سواسية بين يدي الله يحسون بقيمة الجماعة وقوتها ووحدتها.
تأثير في حياة الشباب
وتابعوا: كما أن المسجد ذو تأثير بالغ وشامل في حياة الشباب، ويمكن أن يقدم لهم ما عجزت عن أن تقدمه لهم الأجهزة والمؤسسات الأخرى كالمنزل والمدرسة ووسائل الإعلام، ويؤكد علماء النفس والاجتماع أن مرحلة المراهقة والشباب هي الفترة التي يكون فيها الدين بالنسبة إلى الشباب هو المخرج والمتنفس الوحيد الذى يحقق الأمان من الضغوط النفسية والمشكلات الانفعالية، وبالرغم من أن المسجد منذ عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحتى اليوم لجميع المسلمين من مختلف الأعمار؛ فإن له دورًا شديد الخصوصية فى حياة الشباب؛ ففي أجوائه الربانية تربى الصحابي الجليل أسامة بن زيد (رضي الله عنه) الذى قاد جيشًا فيه أبو بكر وعمر (رضى الله عنهما) وغيره من شباب المسلمين وعمره وقتها 17 سنة.
وفى المسجد كان شباب الصحابة يقومون الليل ويتدارسون القرآن ويصلون، وفى النهار يصبحون فرسانًا وجنودًا في خدمة الدين، وكان المسجد في الماضي منبرًا لمناقشة بعض المشكلات والقضايا الخاصة بالشباب، وخاصة مشكلات الفراغ، وكيفية اغتنامه بكافة الوسائل المشروعة جدية وترويحًا، فلم ينكر النبي (صلى الله عليه وسلم) على من اتخذوا اللعب المباح داخل المسجد سلوكهم التلقائي.