خطة عمل لتعزيز فرص المشاركة النسائية في هيئة التدريس بالجامعة
الجامعة تحرص على دراسة مشاركة المرأة وتكوين لجنة لتعزيز مساهماتها
حضور الطالبات يتساوى أو يزيد عن طلاب في البرامج الأكاديمية
التواجد النسائي بهيئة التدريس أقل مقارنةً بمشاركتها في البرامج
أكدت الدكتورة لولوة الفقيه، الأستاذ المشارك في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، ورئيس لجنة المرأة في الأوساط الأكاديمية بالجامعة، أن جامعة حمد بن خليفة تذخر بالكثير من الكفاءات، وأنه على الرغم من أن حضور الطالبات يتساوى مع الطلاب، ويزيد في بعض البرامج، إلا أن الأمر يصبح غير ذلك من ناحية أعضاء هيئة التدريس، الأمر الذي دفع الجامعة إلى بحث الأمر، ووضع خطة عمل تضمن الكثير من النقاط، لتعزيز فرص مشاركة النساء في هيئة التدريس، ومن ثم تم تأسيس لجنة تساعد في تطبيق هذه الخطط. وأشارت د. لولوة الفقيه في حوار مع «العرب» إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» لديها مشروع موسوعة لضم الجهود العالمية التي تخص تعزيز مشاركة النساء في المجال العلمي بصورة عامة، منوهة بحرص المنظمة الأممية على تضمين جهود اللجنة بجامعة حمد بن خليفة في هذه الموسوعة، لتكون الوحيدة من الشرق الأوسط.. وإلى نص الحوار..
في البداية.. كيف ترون مستوى تمثيل الطلاب والطالبات في جامعة حمد بن خليفة في برامج الدراسات العليا؟
جامعة حمد بن خليفة تذخر بالكثير من الكفاءات، سواء من الطلاب أو الطالبات الملتحقين، ومن الملاحظ أن حضور الطالبات يتساوى مع الطلاب، وفي بعض البرامج يزيد تمثيلهن عن الطلاب من الذكور، ولكن من ناحية أعضاء هيئة التدريس، نجد العكس بشكل ملحوظ، فالأقلية من النساء، الأمر الذي دفعنا للبحث في الموضوع ونعمل على جمع الإحصاءات داخل الجامعة، كما أجرينا لقاءات مع الطالبات وأعضاء هيئة التدريس، للتعرف على الأسباب، فبعض تخرج الكثير منهن من برامج الدكتوراه يتجهن للعمل في قطاعات أخرى.
ولذلك وضعنا خطة عمل، تضمنت الكثير من النقاط، تستهدف تحسين فرص النساء للمشاركة في هيئة التدريس والمساهمة الأكاديمية بصورة عامة، وتم تأسيس لجنة في جامعة حمد بن خليفة، تتضمن تمثيل من الرجال والنساء على حد سواء، ما يساعدنا في تطبيق هذه الخطط. وفي الوقت الحالي، لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» مشروع موسوعة لضم الجهود العالمية التي تخص تعزيز مشاركة النساء في المجال العلمي بصورة عامة، فحرصوا على تضمين جهود اللجنة في هذه الموسوعة، لتكون الوحيدة من الشرق الأوسط. وفي هذا الصدد، يسعدني التأكيد أن هذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا جهود أعضاء اللجنة، وسعيهم الحثيث للارتقاء بمشاركة النساء في المجالات البحثية والعلمية.
كم تمثل نسبة الطلاب والطالبات في كليات جامعة حمد بن خليفة؟
تمثل الطالبات أكثر من 50%، لكن هذه المعدلات لا تنعكس بنفس القدر في المراحل التالية، فالمساهمة تتقلص بشكل واضح على صعيد الكادر الأكاديمي، مما يعني تسرب في الكفاءات النسائية، ونحن عازمون على تعزيز واستكمال البيئة الأكاديمية الشاملة التي توفر الفرص الأمثل لمشاركة المرأة في الأوساط الأكاديمية.
وفق دراستكم وجهود اللجنة، ما هي الأسباب التي تؤدي إلى هذا التراجع في تمثيل النساء في مراحل ما بعد الدكتوراه؟
الكثير من الأسباب وقفنا عليها خلال دراستنا، وهذا الأمر لا يقتصر على دولة قطر، بل يمكن القول إنها ظاهرة عالمية، فتمثيل النساء يقل كلما ارتفع المستوى الأكاديمي، وهناك نقاط مماثلة للمعدل العالمي، وأخرى تعتبر أقل من المعدلات العالمية، الأمر الذي دفعنا إلى بحث الأمور الاجتماعية، والتي نعتبرها واحدة من الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع. ومن الأسباب التي وقفنا عليها أيضًا، ولاحظنا أنها مشكلة عالمية، هي الطريقة التي يتم عرض الوظائف الأكاديمية بها، والتي تتضمن مصطلحات لا تجذب النساء للتقديم على هذه الوظائف، وهناك جامعات عالمية عملت على تغيير هذه المصطلحات، حرصًا على جذب النساء لهذه الوظائف. كما أننا في حاجة إلى برامج تطويرية تناسب النساء في هذا المجال، فضلًا عن الحاجة إلى إجراء بعض التعديلات في منظومة البرامج ذات العلاقة، وهي أمور بسيطة يمكن العمل عليها.
ما هي أبرز النقاط والخطوات التي تعمل عليها اللجنة في الوقت الحالي؟
قبل تأسيس اللجنة، عملنا على الدراسة وجمع المعلومات، وتم وضع خطة العمل، وبناءً على ذلك كله تم تأسيس اللجنة، التي بدأت أولى خطواتها، بتحديد الأولويات والأسس التي ستقوم عليها اللجنة، وتم وضع 5 نقاط للعمل، من بينها تصميم برنامج تطوير وظيفي محدد لاستهداف النساء في المجال الأكاديمي، وهو هدف عالمي.
هل يمكن أن تكون الدراسة وجهود اللجنة نقطة انطلاق «خارج أسوار» جامعة حمد بن خليفة، لجامعات أخرى بالدولة؟
في الوقت الحالي نعمل داخل جامعة حمد بن خليفة، لكن لا شك أن نقل هذه الخبرات لجامعات أخرى وطنية سيسعدنا، خاصةً مع اعتراف «اليونسكو» بجهودنا، وما قدمته هذه الدراسة، كما أننا نسعد بتطبيق هذه التوصيات في دول المنطقة، خاصًة وأن منطقة الخليج تتشابه في الكثير من الأمور، وتواجه نفس التحديات.
تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بتعليم الفتيات، ومن الملاحظ أن حضور الطالبات في الكثير من برامج التعليم العالي، ما قبل الدراسات العليا، أكبر من الطلاب، فكيف ترون النتائج التي توصلتم لها في ضوء التمثيل الكبير في المراحل الدراسية السابقة؟
لا شك أن هذا يمثل خسارة كبيرة في القدرات والكفاءات، حتى وإن كنا نتحدث عن ظاهرة عالمية، لكن هذا لا ينفي الحاجة الملحة إلى استقطاب هذه الكفاءات والكوادر والمحافظة عليها، لما يمكن أن يكون لها من أثر كبير في تخصصاتها، فنحن في حاجة إلى استمرارها بالقطاع الأكاديمي.
كيف يمكن التغلب على بعض التحديات التي تواجه الطالبات في هذا الجانب، بناءً على ما خرجتم به من توصيات؟
الخطوة التي قمنا بها، تأتي تماشيًا مع رؤية قطر الوطنية 2030، فكان إنشاء لجنة المرأة في الأوساط الأكاديمية بجامعة حمد بن خليفة نقطة انطلاق في هذا الجانب، فهذه المبادرة الرائدة، والأولى من نوعها في دولة قطر والمنطقة، تهدف إلى تعزيز بيئة أكاديمية محققة للتوازن الشامل من خلال معالجة العقبات وتوسيع فرص مشاركة المرأة في التعليم العالي والبحث العلمي، من خلال منظومة تحتضن القيم الاجتماعية والثقافية والدينية التي تُشكّل جوهر المجتمع الذي تعمل فيه المؤسسة.
وأود التأكيد على أن جامعة حمد بن خليفة تحقق بالفعل توازنًا صارمًا بين الجنسين في قبول الطلاب، مع تمثيل قريب من التساوي في البرامج والمستويات، بل يتجاوز عدد الإناث المسجلات عدد الذكور في بعض مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة بفارق يفوق المتوسطات العالمية. وعلى الرغم من أن هذه الإنجازات الطلابية تعكس تقدمًا، إلا أن هناك تحديات مستمرة ولا تزال هناك فرص لتعزيز التقدم المهني وممارسات التوظيف وسبل تمكين المرأة من التأثير في صنع القرار المؤسسي.
ولمواجهة هذه التحديات، تم إنشاء اللجنة من خلال إطار عمل منظم مكون من ثلاث مراحل، مصمم لتعزيز التوظيف والتطوير المهني للنساء الأكاديميات، حيث ركزت المرحلة الأولى على جمع المعلومات، من خلال إجراء عملية جمع بيانات استقصائية جمعت بين التحليل الكمي بالأرقام ومعرفة وجهات النظر الفردية من الاستطلاعات والمقابلات ومجموعات النقاش لتحديد العقبات أمام تقدم المرأة. وقد شكلت هذه النتائج الأساس للمرحلة الثانية، التي وُضع فيها خطة عمل مبنية على البيانات مع تدخلات مستهدفة - مثل برامج الإرشاد، وتدريب القيادات، وتعديل سياسات التوظيف - بالإضافة إلى رصد مؤشرات أداء رئيسية واضحة لقياس النجاح في زيادة مشاركة المرأة في مجالات القيادة والبحث.
ما هي المرحلة التي وصلتم لها في جهود اللجنة؟
حاليًا وصلنا للمرحلة الثالثة من جهودنا، حيث تعمل اللجنة بصفة دائمة داخل جامعة حمد بن خليفة، حيث نقوم بدمج ممارسات مستدامة في ثقافة الجامعة، كما أطلقنا عدة مبادرات تشمل برامج تطوير مهني مخصصة للنساء، وتعديلات على السياسات لتعزيز الشمولية، وآليات تقييم ذاتية مستمرة. فمن خلال دمج هذه الإجراءات، تضمن اللجنة أن جامعة حمد بن خليفة لا تعمل فقط على تنمية المواهب النسائية على مستوى الطلاب فقط، بل تُمكّن النساء أيضًا من الازدهار كقائدات أكاديميات وباحثات وصانعات قرار، مما يعزز التزام قطر باقتصاد قائم على الإبداع والتنوع والمعرفة. ونعمل في الوقت الحالي على توفير فرص داخلية، ومسارات داخل قطر، تسهم في تيسير المسيرة الأكاديمية للنساء، وهذا الأمر نتوقع أن يكون له أثر إيجابي كبير على مشاركة النساء في الأوساط الأكاديمية.
خلال السنوات الأخيرة، قدمت مؤسسة قطر نموذجا يحتذى به في توفير أفضل فرص التعليم للفتيات، من خلال استقطاب أفضل الجامعات العالمية، فإلى أي مدى أسهمت هذه الخطوات في تعزيز المشاركة النسائية؟
هذه الجهود بالتأكيد كان لها دور كبير في تذليل الصعاب أمام النساء، خاصةً مع الرؤية الطموحة لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، وصولًا إلى المشروع الذي نعمل عليه، والذي يأتي بدعم ومساندة ومتابعة مستمرة من صاحبة السمو.