عاشت الكرة القطرية ليلة جميلة مساء أمس الأول، بسبب لقاء الديربي الذي جمع بين العربي والسد، والذي خرج قمة ممتعة غير مسبوقة بالمرة في اللقاءات الأخيرة التي جمعت بين الفريقين الكبيرين في المواسم الماضية.
وللمرة الأولى منذ فترة طويلة يستحق لقاء العربي والسد لقب «ديربي الكرة القطرية»، حيث كانت الكفة متساوية تماماً، والمستوى متقارباً بنسبة كبيرة، والندية متوفرة، وهو ما جعل الجمهور يستمتع ويتفاعل مع الديربي بشكل كبير.
وزاد من المتعة والقوة والإثارة التي غابت كثيراً عن الديربي بسبب تراجع أداء العربي كثيراً وتفوق السد أكثر وأكثر، أن المباراة ظلت نتيجتها معلقة حتى الدقيقة الأخيرة، فكان العربي قريباً من الهدف الثالث، وكان قريباً أيضاً من التعادل، بعد أن تأخر للمرة الأولى 2-3 في الوقت بدل الضائع.
يمكن القول إن العربي فاجأ السد بهذا الأداء وهذا التكتيك الرائع وهذا التوازن الكبير في الدفاع والهجوم، فالعربي لم يدافع بعشوائية، ودفاعه لم يشتت الكرات، بل كان منظماً إلى حد عجز معه الوسط والهجوم السداوي على اختراقه في الشوط الأول.
ولم يكن العربي مهتماً بالدفاع فقط، وكان له تكتيكه الخاص في الهجوم، وهو الأمر الذي ساعده على تسجيل هدفين في مرمى أقوى دفاع في الدوري، والذي اهتزت شباكه 10 مرات في 16 مباراة بواقع 0،62 هدف في كل مباراة، واهتزت مرتين دفعة واحدة أمام العربي، ولو حالف التوفيق سوريا والمساكني والنيل في الفرص التي تهيأت لهم لسجلوا أكثر في المرمى السداوي المنيع.
وإذا كان العربي قد فاجأ الزعيم في الشوط الأول بهذا التكتيك، فإن السد استطاع تعديل أوراقه وخططه، ومن ثم العودة إلى المباراة في الشوط الثاني، وفرض السيطرة التامة حتى استطاع في نهاية الأمر حسم أصعب مواجهة له هذا الموسم على الإطلاق.
لم يكن أمام السد وتشافي سوى تصحيح الأخطاء والثغرات الدفاعية التي ظهرت واضحة في الشوط الأول، وكان أول ما فعله هو الدفع بعبد الكريم حسن -الذي كانت مهمته إيقاف الجناح العرباوي الخطير مهرداد محمدي- وبوعلام خوخي بدلاً من طارق سلمان، وأحمد سهيل لإعادة الانضباط إلى الدفاع السداوي الذي اهتزّ بشدة أمام الهجمات العرباوية الخطيرة.
ثم عمل تشافي في الوقت نفسه على تعديل الوسط وتقويته بعودة محمد وعد ويونج يونج في الدقيقة 69، وهو ما أعاد إلى السد وإلى الوسط قوته المعروفة، وقلل من آثار التفوق العرباوي.
هذه التغييرات التي لجأ إليها تشافي مع بداية الشوط الثاني، ثم بعد 25 دقيقة، كان لها أكبر الأثر في التحول الفني الكبير للزعيم الذي تفوق تماماً، وبدأ في اختراق الدفاع عرف الطريق أخيراً إلى الشباك العرباوي، وسجل الهدف الأول وهدف التعادل في الدقيقة 63.
أخطاء فردية ساهمت في أهداف السد
على عكس أهداف العربي التي جاءت نتيجة تكتيك وخطة واضحة، جاءت أهداف الزعيم من أخطاء فردية غير مقصودة من مدافعي العربي نتيجة الضغط الكبير للزعيم في نهاية المباراة؛ هدف العربي الأول جاء من لعبة يبدو أنها متفق عليها بانطلاق مهرداد محمدي من اليمين، والتمرير عرضياً لاستغلال قوة وطول قامة سباستيان.
والهدف الثاني للعربي جاء أيضاً بتكتيك واضح في كيفية استغلال الهجمات المرتدة بسرعة وباستغلال المساحات الخالية، والتي نجح من خلالها يوسف المساكني وبمهارة من إحراز الهدف الأول.
أما هدف السد الأول فجاء نتيجة عدم قدرة دفاع العربي على تشتيت الكرة التي أحدثت مشكلة في منطقة الجزاء، وانتهت وبصعوبة بهدف التعادل لتاباتا.
أما الهدف الثاني فجاء من عرضية متقنة على رأس بغداد، عرف كيف يوجهها إلى الشباك، والهدف الثالث للسد جاء من خطأ دفاعي نتيجة إهداء فهد شنين الكرة إلى كازورلا بدلاً من تشتيتها بعيداً عن مهاجمي السد، فوجدها كازورلا هدية داخل المنطقة استغلها على الفور.
فريق الأحلام نال التقدير والاحترام
رغم خسارة العربي أمام السد في الوقت القاتل وفي الوقت بدل الضائع 2-3، بعد أن كان فائزاً 2-1 وقريباً من انتصار رائع ومستحق أو التعادل على أقل تقدير، فإن فريق الأحلام كسب احترام الجميع، وأثبت لجماهيره وجماهير الكرة القطرية أنه بدأ العودة إلى سابق عهده، وأنه بحاجة لبعض الوقت حتى يستعيد عافيته وقوته، ويستعيد مكانته التي يستحقها بين الكبار.
العربي قدم عرضاً رائعاً وأحرج وأرهق الزعيم، رغم أنه خاض المباراة بدون مدربه الآيسلندي هالجريمسون بسبب «كورونا»، وهو ما يحسب للفريق ولمساعد المدرب، وأيضاً بدون قائده الآيسلندي أرونا للإصابة أثناء الإحماء، وهو لاعب كبير وكان الفريق في أمسّ الحاجة إلى جهوده في الشوط الثاني ونهاية المباراة. يمكن القول إن العربي وصل إلى قمة مستواه هذا الموسم، وقدم أداء نال احترام وإعجاب الجماهير، وكان يستحق بسببه الفوز ومواصلة المشوار والمنافسة على التأهل إلى المربع الذهبي.
هناك أسباب خاصة أدت إلى هذا التفوق العرباوي، ليس فقط أمام السد، ولكن خلال المباريات السبع الماضية التي سبقت لقاء السد والتي لم يتذوق فيها الأحلام طعم الخسارة، ولعل من هذه الأسباب أن الفريق تم تطعيمه بعدد من الأسماء الجيدة، خاصة في الهجوم بعد انضمام الإيراني مهرداد، والتونسي يوسف المساكني، بجانب سيباستيان سوريا،
هذا الثالوث أعطى العربي وهجومه قوة كان يحتاجها، ونكهة رائعة جعلت الهجوم العرباوي مميزاً وخطيراً، سواء بمهارات وسرعة مهرداد التي جعلت دفاع الزعيم يهتز في كل كرة تصل إليه، أو بالجهد غير العادي لسوريا إلى جانب هدفه الجميل، وكذلك بخبرة ومهارة وموهبة يوسف المساكني التي ظهرت في هدفه الرائع.
هناك أسباب أخرى ساهمت في التفوق العرباوي أيضاً، أبرزها ارتفاع مستوى وقوة الدفاع بانضمام الجزائري يوسف عزي بجانب الإسباني مارتينيز.
كازورلا وأبو ندى نجما المباراة
يستحق النجم الإسباني كازورلا قائد الوسط السداوي ومحمود أبو ندى حارس مرمى العربي أن يكونا نجمي المباراة بلا منازع.
كازورلا بذل مجهوداً كبيراً من أجل قيادة فريقه لاقتحام الدفاع العرباوي، وصنع العديد من الفرص والأهداف المحققة لم تستغل، واستطاع أيضاً صناعة الهدف الثاني لبغداد، وسجل بدوره الهدف الثالث، وهدف الفوز ليتوج جهده الكبير بهدف رائع قاد الزعيم إلى انتصار صعب وشاق ومهم.
وفي المقابل تألق محمود أبو ندى، وقدم مباراة كبيرة واستطاع حرمان الهجوم السداوي العنيف من الاقتراب من مرماه لمدة 63 دقيقة، كما أنه ورغم الخسارة أنقذ مرماه من أهداف محققة.