

رحلتي بدأت خلال المرحلة الإعدادية.. و»سالم والسلحفاة» أول كتاباتي كمحترفة
أخي أول مَن أخذ بيدي وشجعني وقادني إلى عالم الكتابة
اختتم معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الـ31 فعالياته، وانتهت العروض لكن بقي الإرث العلمي والثقافي الذي تركه المعرض والكتاب القطريون. عشرات الإصدارات للكتاب القطريين الذين أبدعوا خلال المعرض وقبله بكتب في مجالات مختلفة واكتسبوا خبرة في المعارض وفي مواجهة القارئ ودور النشر والاحتكاك بصناع الكتاب بمختلف مشاربهم من العالم. الكاتبة نجاة علي واحدة من الكاتبات القطريات اللواتي شاركن في المعرض، بإصدار جديد وكان لنا معها هذا الحوار:
ما الإصدار الذي شاركت به في معرض الكتاب؟
شاركت في معرض الدوحة الدولي بكتاب «الامتنان ثقافة حياة»، الصادر عن دار لوسيل للنشر والتوزيع، وهو كتاب خفيف مختصر يتناول ثقافة غائبة عن أذهان الكثيرين، وأرجو أن ينال الكتاب إعجاب السادة القراء. كما قمت بتدشين الكتاب خلال المعرض، وقامت دار الشرق بتوزيع وبيع الكتاب عبر جناحها في المعرض.
فكرة الكتاب
ما هي فكرة هذا الكتاب، عنوانه، وما هي ملابسات كتابته؟
بالنسبة لعنوان الكتاب فقد اخترت «الامتنان ثقافة حياة» لأنني لاحظت أن الامتنان ثقافة أصبحت تسير في طريق الاندثار والنسيان، وأضحت الآن مجرد شيء ثانوي قد نتذكره أو لا، وتناسى البعض قيمته ومفعوله السحري في حياة أكثر سعادة وسلاماً؛ لذا أردت إيقاظ هذه الثقافة في النفوس، وأعددت هذا الكتاب. كما أن هناك دافعاً شخصياً، حيث إنني مررت بعدة صعوبات ومعارك حياتية كنت أفتقد فيها سلاح الامتنان، فقد أصابني المرض والعلة، وشعرت بجسدي يتهاوى، وأدركت قيمة العافية في حياة الإنسان، وأن الله عز وجل أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، ولما شُفيت من مرضي، وأفقتُ بفضل الله، شعرت بالدهشة والامتنان لأمرين؛ أولهما: شفائي من العلة، وثانيهما: أن الله عز وجل أبقى لي الكثير من النعم التي يتضاءل أمامها المرض، ومن خلال ذلك الموقف، علمت أن الظَّفَر الحقَّ في معركة الحياة إنما هو بالامتنان والرضا حتى في أحلك الأزمات، فلا ضيق يستمر، إذا ما استشعر الإنسان تلك القيمة، وخرجت من معاركي الحياتية بذلك السلاح القوي الذي يجعل لك الغلبة دائماً، ويضمن لك السلام النفسي ويزيل العقبات، وهو سلاح الامتنان.
الكتاب يبدأ بتعريف الامتنان وأنه الشكر والعرفان وهو شكل من أشكال التقدير، ثم شرح كيفية تعلّم شعور الامتنان وممارسته، وأبرزَ علاقة الامتنان بالفطرة والثقة بالنفس والنجاح، كما يؤكد أن الامتنان يقوي العلاقات الإنسانية ويعالج المشاكل اليومية وينجّي من المهالك، وأنه سر السعادة ومفتاح السلام النفسي والمجتمعي. ويوضح أن الامتنان والحمد يكونان لله تعالى أولاً، وقد حثنا وحضنا ديننا الحنيف على التحلي به، والتعامل به مع النفس والآخرين، فهو روزنامة شيقة نقلبها كل يوم لنشعر بالارتياح تجاه كل شيء، ووجوده يجعل الحياة أكثر رحابة وراحة، فيُحسّن الصحة النفسية، وينعكس ذلك بالخير على الصحة الجسدية، وغيابه يتسبّب بالكآبة والتوتر ونفاد الصبر، والعكس صحيح، فنسيان الشكر والتركيز على ما ينقصنا يتسبب باستنزافنا نفسياً وذهنياً وجسدياً. تخيل أنك بكلمة شكر وعرفان تحوّل الصعب إلى سهل والصلب إلى ليّن وتملك قلوب الآخرين، وتكسب سلامك النفسي، وبه ينمو داخلنا دافع الرغبة في الانتباه لشغل حياتنا بما يُزيدنا سعادة، ويجعلنا نعزف عن الجدال والصراعات، فيضاعف الامتنان القوة النفسية، ويجعلنا أفضل وأقوى وأقل شعوراً بالإحباط، وأكثر تفاؤلاً وأكثر صبراً.
ويذكر الكتاب أن الامتنان ضرورة في حياتنا وليس رفاهية، فغيابه يقلل المناعة النفسية والصحية ويُضعف القدرات ويخصم من النجاح؛ لذا لا بد أن نكون ممتنين دائماً لكل ما لدينا، بدءاً من أننا على قيد الحياة ونرى ونسمع ولدينا منزل، ولا نحتاج للمساعدة في أداء تفاصيل حياتنا، إلى شكر كل من حولنا وكل مَن قدّم لنا ولو كلمة طيبة. ولنتذكر أن الشيطان يُذكّرنا بالمفقود ليُنسينا شكر الموجود، وصدق القائل: «مَن كان في نعمة ولم يشكر خرج منها ولم يشعر»، ولا ننسَ أن الشكر يُزيد النعم.. ولنتدبر قول الإمام علي كرم الله وجهه: «إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر». وأرجو أن يساعد كتاب «الامتنان ثقافة حياة» في إحياء قيمة الامتنان حتى نكون أكثر سعادة وسلاماً مع النفس والغير، وهو ما يعزز السلام المجتمعي.
البداية
متى بدأت رحلتك في الكتابة وكيف؟
- بدأت رحلتي في الكتابة خلال المرحلة الإعدادية، حيث كنت أكتب بعض القصص القصيرة، هذا مع حبي الشديد لقراءة الكتب الأدبية، خاصة أدب ما قبل الإسلام وما بعد الإسلام، والكتب التاريخية مع ربطها بالقصص الدينية، وكنت أحفظ عدداً من المعلقات، وأكتب خواطر أحتفظ بها، وأقرأ لشعراء المهجر، وبالأخص جبران خليل جبران، ونظراً لحبي الشديد للأدب تخصصت في المرحلة الثانوية في القسم الأدبي.
وقد بدأت رحلتي مع الكتابة رسمياً عام ٢٠١٠، فقد كتبت قصة توعوية للأطفال بعنوان «سالم والسلحفاة»، وتوقفت بعدها نتيجة لظروف عائلية شغلتني، لكن في نهاية عام ٢٠١٩ قررت أن أخوض غمار الكتابة من جديد، فعكفت على كتابة كتابي «الامتنان ثقافة حياة»، الذي اخترت موضوعه بسبب ظروف صعبة مررت بها كان من أهم عواملها عدم الامتنان وإنكار المعروف.
مَن شجعك ويُشجعك على الكتابة؟ ومَن أول من يقرأ لك؟
- أخي هو أول مَن أخذ بيدي وشجعني وقادني للكتابة، ويأتي بعده أولادي وبعض الأصدقاء، ولا أنسى الدعم الكبير الذي وجدته من الملتقى القطري للمؤلفين والأستاذة مريم الحمادي والأستاذ صالح غريب فقد وقفوا بجانبي وشجعوني على إصدار الكتاب. كما أن المسؤولين بدار لوسيل للنشر والتوزيع ساعدوني كثيراً، خاصة الأستاذ عزالدين مهاود الذي كان له مجهود كبير في إصدار الكتاب في أفضل صورة.
من تستشيرين في كتابتك؟
بالنسبة للاستشارة فإنني أستشير مختصين في المجال الذي أرغب في الكتابة به، وبعض الكُتاب الكبار الذين نستمد منهم النصائح والخبرات، وكذلك بعض أصدقائي المقربين، فضلاً عن أفراد عائلتي.
كيف اتجهت نجاة إلى الكتابة؟
أنا كاتبة وإعلامية قطرية، خريجة إعلام تخصص علاقات عامة وإعلان، حصلت على دبلوم في العلاقات العامة، أكتب مقالات بصحيفة «العرب»، أصدرت عدة مؤلفات أحدثها كتاب «الامتنان ثقافة حياة»، عضو في جمعية العلاقات العامة الملكية – لندن، وعضو في جمعية العلاقات العامة فرع الخليج – قطر، وعضو في الاتحاد الدولي للمسؤولية المجتمعية وعضو في الجمعية الدولية للعلاقات العامة، ومساعد نائب رئيس جمعية العلاقات العامة فرع الخليج - قطر لشؤون الإعلام.
الامتنان هذَّبَ سلوكي
كلمة أخيرة.. ماذا تقولين فيها؟
مع وصولي إلى نهاية حديثي أصبحت ممتنةً للامتنان وصارت كل حاسة من حواسّي تَمْتَنُّ لكل ما تتعامل معه من الكائنات سواء كانت حية أو ميتة... ثابتة أو متحركة. إمعاني في الامتنان جعلني أرتديه كجُبَّةِ الصوف بزهد شديد، وخلال ذلك اتسعت صداقاتي ونبتت الأوراق الطرية في الأعواد التي كانت يابسة... فالشعور بالامتنان ذاته هو فضيلة أخلاقية نمتلكها أو نكتسبها، وتكون في البداية أشبه بنبتة تنمو وتكبر بالتعهُّد والاستخدام ثم تتحول إلى كيان يسكن كياناتنا، وعندما يتكامل كياننا البشري مع هذا الكيان الساكن يكون الآخرُ هو المصحح للنوايا والكابح لجماح النزعات، ومتى ما وصل فينا الامتنان إلى هذا المستوى، فإنه قد أوصلنا إلى ميزتين عظيمتين هما الفضيلة والامتنان.
لقد هذَّبَ الامتنان سلوكي ووسّع علاقاتي وعمل مُرَشّحاً لتنقية ألفاظي ومصطلحاتي وساهم ويساهم في صنع شخصيةٍ أجد أنها مقبولة لدى الجميع.