تربويون وأولياء أمور لـ «العرب»: «الدروس الخصوصية» تهدد النظام التعليمي.. ودعم «الإثرائية» ضرورة لمواجهة الظاهرة

alarab
مدارس وجامعة 23 ديسمبر 2018 , 02:08ص
العرب- محمد الفكي
أكد عدد من التربويين وأولياء الأمور أن الدروس الخصوصية غير مفيدة إطلاقاً في العملية التعليمية، وأنها تمثّل ثغرة في النظام التعليمي يجب سرعة العمل على سدها.

وأضافوا، في استطلاع رأي أجرته «العرب?»، أن أولياء الأمور يتحملون جزءاً من هذه المسؤولية، نظراً لإهمال البعض منهم مساعدة أبنائهم؛ لافتين إلى أن الدروس الخصوصية لا ترهق ولي الأمر مالياً فقط، ولكنها ترهق الطالب أيضاً، الذي يجد نفسه مشغولاً طوال اليوم بالدروس؛ ما يقلل وقت الراحة والاهتمام بالهوايات الأخرى، مما يؤثّر عليه مستقبلاً.

وأضافوا أن الدروس الخصوصية جاءت في الأساس لتستكمل استيعاب دروس لم يتمكن الطالب من حسمها في الفصل الدراسي، وفي الغالب بسبب تعقيد المادة المقررة أو بسبب الإهمال، لافتين إلى أن وزارة التعليم والتعليم العالي وضعت إجراءات لمواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية؛ حيث قررت حصص التقوية الإثرائية التي يستفيد منها معظم الطلاب، خاصة الضعاف منهم، وأشاروا إلى أن هذه الدروس لا تغطّي جميع المدارس، وهي غير كافية لمواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية التي تكلّف أولياء الأمور أعباء مالية لا طاقة لهم بها.

وطالب التربويون أولياء الأمور بالتفاعل مع هذه النوعية من الدورس المدرسية، سعياً إلى محاصرة الدروس الخصوصية التي تمثّل عبئاً مالياً كبيراً عليهم، وأوضحوا أهمية أن يتعاون أولياء الأمور مع وزارة التعليم والتعليم لمواجهة هذه الظاهرة المدمرة للنظام التعليمي.

وشددوا على أهمية أن تقوم الوزارة بتوسيع دائرة خدمات الحصص الإثرائية بالمدارس لمحاصرة ظاهرة الدروس الخاصة، التي أصبحت تشكل عبئاً مالياً كبيراً جداً على الأسر؛ لافتين في الوقت ذاته إلى أهمية أن تراعي الدروس الإثرائية مستويات الطلاب وأن تكون أكثر تركيزاً في تحصيل المعرفة الدراسية.

كما أكدوا لـ «العرب» أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بأن هناك غير مختصيين يقومون بأداء الدروس الخصوصية للطلاب، استغلالاً من جانبهم لعدم وجود رقابة سواء من الأسرة أو الوزارة.

خليفة المناعي: اعتقاد خاطئ بأن الدروس المنزلية أفضل

قال الأستاذ خليفة المناعي، مدير مدرسة خليفة الثانوية: إن ظاهرة الدروس الخصوصية ظاهرة تؤرق مضاجع أولياء الأمور، بسبب الأموال الطائلة التي تنفق عليها، مشيراً إلى أن استقدام معلمين ليدرسوا لأبنائهم في البيوت صار يحتاج ميزانية خاصة تفوق قدرات الكثيرين منهم.

وأوضح أن الحصص الإثرائية -مجموعات التقوية- يمكنها أن تحد من هذه الظاهرة، إلا أن بعض أولياء الأمور يفضلون تدريس أبنائهم في البيت، ظنًّا منهم أن هذا أفضل طريقة للارتقاء بمستوى الطلاب الأكاديمي، وهو ظن خاطئ، وقال «إن الكثيرين ممن يقومون بالتدريس للطلاب غير متخصصين وغير تربويين، وهذا يؤثر سلباً على مستوى الطلاب».

وأكد المناعي أن الجهة الوحيدة التي تستطيع معرفة قدرات المدرس وكفاءته هي وزارة التعليم والتعليم العالي عبر مدارسها، وأن أولياء الأمور لا يستطيعون ولا يملكون القدرة على معرفة ما إذا كان المعلم الذي يعطي الدرس الخصوصي للطلبة متخصصاً أم لا.

وحذر من خطورة استمرار الدروس الخصوصية التي باتت تؤثر سلباً على مستويات الطلبة، نظراً لعدم التأكد من مؤهلات من يقومون بتدريسها، والذين يحصلون مبالغ طائلة من أولياء الأمور على مدار العام الدراسي، دون مردود إيجابي حقيقي يصب في مصلحة الطلاب.

سعيد مصطفى: الظاهرة سوف تختفي مع الوقت

ذكر الأستاذ سعيد مصطفى، معلم بإحدى المدارس الحكومية: إن الحصص الإثرائية تعتبر أحد الجوانب المهمة للدعم الأكاديمي للطلاب، لافتاً إلى أنه يجري خلالها تدريب الطلاب على الأنماط المختلفة للأسئلة، فضلاً عن أن الرسوم المالية لهذه الحصص تناسب السواد الأعظم من أولياء الأمور، مضيفاً أن ظاهرة الدروس الخصوصية سوف تندثر مع الوقت، بفضل الخطط التي تضعها وزارة التعليم والتعليم العالي، وفي مقدمتها مجموعات التقوية.

وطالب أولياء الأمور بتشجيع أبنائهم للاعتماد على «الحصص الإثرائية» التي تقدم في المدارس لمراجعة نقاط الضعف، بغرض الحصول على درجات أعلى، لافتاً إلى أن الطالب عندما يحضر إلى «الحصص الإثرائية»، فإنه يضمن أن الذي يقوم بتدريسه هو معلم مؤهل، وخضع لعدد من الاختبارات، حتى حصل على وظيفة معلم، مشيراً إلى أن الدروس الخصوصية قد تقدم بواسطة أناس غير مختصين، موضحاً -على السبيل المثال- أن مترجم اللغة الإنجليزية الذي يملك ناصية اللغة لا يعني بالضرورة أن يكون معلماً ناجحاً، لأن المدرس يخضع لتأهيل مختلف.

 وأكد أن تكاتف جهود الوزارة مع أولياء الأمور سوف يعمل على محاصرة تمدد الدروس الخصوصية بدرجة كبيرة جداً.

جاسم المهندي: التعاون بين المدرسة والأسرة يحسم المواجهة

قال الأستاذ جاسم المهندي، مدير مدرسة عمر بن عبدالعزيز الثانوية للبنين: إن وزارة التعليم والتعليم العالي وضعت إجراءات لمواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية بإقرار «الحصص الإثرائية» التي يستفيد منها معظم الطلاب، وخاصة الضعاف منهم.

وأضاف: إن هذه الخطوة تقلل بالضرورة من الدروس الخصوصية التي تكلف أولياء الأمور أعباء مالية لا طاقة لهم بها، لافتاً إلى أن هناك معلمين غير متخصصين يدرسون للطلاب في البيوت، مما يؤثر سلبًا على مستويات الطلاب الأكاديمية، لافتاً في هذا السياق إلى أن تعزيز التعاون الإيجابي بين المدرسة والأسرة سوف يحقق مصلحة الطلاب، ويحسم المواجهة مع ظاهرة الدروس الخصوصية التي تؤرق الجميع.

وشدد على ضرورة أن يتواصل أولياء الأمور مع المدارس، والحصول على التوجيهات من المعلمين المتخصصين، لافتاً إلى أن «الحصص الإثرائية» التي يقوم بوها معلم المادة داخل المدرسة تعد الأفضل بالنسبة لزيادة التحصيل الطلابي، لأن المعلم مؤهل لتقديم المادة الأكاديمية، كما أنه يخضع للتطوير المستمر من قبل الوزارة، وفوق ذلك هو الأكثر معرفة بطلابه من الآخرين، ونوه بأن المدارس تسعى لمعالجة نقاط ضعف طلابها، وهي في سبيل ذلك صاحبة مصلحة جنباً إلى جنب مع الأسرة.

أحمد محمود: المتابعة تمنح الطالب الجرعة الأكاديمية المطلوبة

قال الدكتور أحمد محمود منسق لغة عربية: إن مجموعات «الحصص الإثرائية» تؤثر إيجاباً في زيادة تحصيل الطالب، وأن التركيز على معايير التحصيل التي يجب أن يتعلمها الطلاب تكون في بؤرة اهتمام المعلم، ومن ثم تكون عاملاً مساعداً في الارتقاء بمستوياتهم ورفع درجاتهم في التقييمات المختلفة.

وأوضح محمود أن المعايير بكل مادة مسألة بالغة الدقة، ولا يستطيع أحد غير متخصص معرفتها، بل إن المعلم الذي لم يعمل في مدارس قطر لا يتمكن من الإلمام بها، مشيراً إلى أن ارتباط المدرس بالمدرسة ووجود المدرسة تحت مظلة الوزارة يتيح المتابعة الدقيقة لكل المستجدات التي تساعد في إعطاء الطالب الجرعة الأكاديمية المطلوبة، والتي توفر له تعليماً على درجة عالية من التميز، بالإضافة إلى تحقيق درجة جيدة في الاختبار، وهو الأمر الذي ينشده أولياء الأمور، لافتاً إلى أن الاختبارات تصمم وفقاً لتوصيات محددة من الوزارة.

ونصح محمود، أولياء الأمور بتسجيل أبنائهم في «الحصص الإثرائية» والاعتماد عليها بصورة كاملة مع التأكيد على الأبناء بعدم وجود خيارات أخرى، ومطالبتهم بالتركيز ومراجعة دروسهم بصورة مستمرة.

مجدي الخمايسة: المواجهة تستدعي مساندة الأسر الجهود المدرسية

قال الأستاذ مجدي يوسف الخمايسة، نائب مدير مدرسة عمر بن عبدالعزيز الثانوية للشؤون الأكاديمية: إن مجموعات التقوية «الحصص الإثرائية» التي قررتها وزارة التعليم والتعليم العالي تخفف من تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية، كما أنها تفيد المتفوقين في المحافظة على تميزهم وتفوقهم، ومساعدة ضعاف المستوى من الارتقاء أكاديميا، فضلاً عن تخفيف عبء مذاكرة أولياء الأمور جميع المواد مع أبنائهم.

وأوضح الخمايسة أن المدارس هي الأكثر معرفة بمستويات طلابها، وبالتالي فإن هذه الحصص الإثرائية التي تطرحها للطلاب تصمم لتناسب مستوياتهم المختلفة، فضلاً عن أنها تطرح من قبل متخصصين، وأوضح أنه حال التعاطي الإيجابي للأسر مع هذه الحصص فإنه يمكننا محاصرة ظاهرة الدروس الخصوصية التي أصبحت تشكل عبئاً مالياً كبيراً جداً على الأسر، كما أن «الإثرائية» تحظي بمتابعة الوزارة، وتراعي مستويات الدخل المتباينة، وتطرح خيارات عديدة للطلاب بأن يكون في مجموعة من عدة طلاب أو مجموعة أقل، مما يساعد في زيادة التحصيل الدراسي بالنسبة إليه.

الطيب حسن: دروس التقوية لا تغطي جميع المدارس.. و«الخاصة» خارج الخدمة

قال الطيب حسن -ولي أمر أحد الطلاب- إن دروس التقوية لا تغطي مدارس الدولة كافة، وهي موجودة بصورة رئيسية في المدراس الحكومية.

وأضاف: «من المعروف أن طلاب المدارس الخاصة في قطر عددهم يفوق عدد طلاب الحكومية، وهؤلاء ليس أمامهم إلا معلمو الدروس الخصوصية الذين يغالون في المطالب المالية لإعطاء الدروس في البيوت. وإذا ما أُضيف إلى ذلك العبء ما يدفعه ولي الأمر في الرسوم المدرسية نفسها، نكون أمام ميزانية تلتهم أكثر من نصف الراتب الشهري على تعليم ابن او اثنين».

وأوضح الطيب أن عدداً من زملائه بنوا حساباتهم المالية الدقيقة على إلحاق أولادهم بمدارس خاصة في مستوى محدد لضمان مستقبل أفضل لهم، لكن مع مضي الوقت اكتشفوا أنهم لا يدفعون الرسوم الدراسية الباهظة فقط، وإنما يزيدون عليها أضعافاً لتغطية مصروفات أخرى غير مخطط لها، ومن بينها الدروس الخصوصية التي أضحت أمراً يصعب الفكاك منه، ولم تُجدِ معها كل محاولات كبحها. مشيراً إلى أنه على المستوى الشخصي، يبذل مجهوداً مع أبنائه في المواد التي درسها في الجامعة، إلا أنه لا يتمكن من تغطية المواد كافة.

وأضاف أن الدروس الخصوصية ترهق ولي الأمر مالياً، وكذلك الطالب الذي يجد نفسه مشغولاً طول اليوم بالدروس؛ ما يقلل وقت الراحة والاهتمام بالهوايات الأخرى؛ مما يؤثر عليه مستقبلاً. واصفاً فرحة الآباء بإحراز أبنائهم درجات كبيرة بسبب استمرارهم في الدروس الخصوصية بالشعور الزائف.

وليد عفيفي: لا تضعوا مستقبل أبنائنا في يد غير المتخصصين

أوضح الأستاذ وليد عفيفي، معلم اللغة العربية بإحدى المدارس، أن «الحصص الإثرائية» لها أثر كبير في التخفيف من حدة الدروس الخصوصية، وأن الطلاب يستفيدون منها إفادة بالغة.

وقال عفيفي «إن بعض الذين يقدمون الدروس الخصوصية لا يعملون بمهنة التعليم أصلاً، وإن إلمامهم بالمواد الدراسية يكون بشكل متوسط، الأمر الذي لا يمكنهم من إعطاء الطالب الجرعة الأكاديمية المطلوبة، ما يؤدي إلى تدهور مستوى الطالب بصورة ملحوظة، لتعرضه إلى معلومات متضاربة ومغلوطة بين ما يسمعه في المدرسة وما يحصل عليه في الدروس الخصوصية»، لافتاً إلى أنه ليس كل من مارس التدريس مدرساً، وأوضح أن «المدرس له تعريف محدد ومعلوم، ومنه أن يكون ممارساً لهذه الوظيفة فعلاً داخل المدرسة»، وطالب عفيفي أولياء الأمور بالتعامل بجدية مع هذا الأمر، لأنه لا يصح وضع مستقبل أبنائنا في يد غير متخصصين.

حمزة الحاج: «الخصوصية» غير مفيدة في العملية التعليمية

قال حمزة الحاج -ولي أمر أحد الطلاب- إن هناك أولياء أمور من المقيمين يبعثون بأبنائهم إلى المدارس الخاصة لسببين، الأول إذا لم توجد فرصة في المدارس الحكومية، والثاني انطلاقاً من الاقتناع بأنها تقدّم تعليماً مختلفاً عن التعليم الحكومي، لافتاً إلى أن المواطنين يفضّلون تسجيل الأبناء في المدارس الخاصة لتقديرات خاصة بجودة التعليم ونوعيته، لا سيما في المدارس الأجنبية التي لها أفرع في العديد من دول العالم، وتمتلك سمعة عالمية، ولها القدرة على المنافسة في الجامعات المصنّفة أولى على مستوى العالم.

وأضاف أن الدروس الخصوصية جاءت في الأساس لتستكمل استيعاب دروس لم يتمكن الطالب من حسمها في الفصل، وفي الغالب بسبب تعقيد المادة المقررة، أو بسبب الإهمال، لافتاً إلى أن الأمور تطورت لاحقاً، وأصبحت هذه الدروس تقوم بأداء الواجبات المنزلية، رغم أن هناك كثيراً من المدارس الخاصة تحظر على أساتذتها تدريس الطلبة بعد ساعات الدوام الرسمي.

وأشار إلى أنه في المدارس الحكومية بشكل عام يلجأ الأساتذة إلى الدروس الخاصة أو التكميلية حتى لو لم يكن الطالب يحتاج إليها، وتظل الدروس الخصوصية إضافة غير مفيدة إطلاقاً في العملية التعليمية، وتعبّر عن إهمال الوالدين أكثر مما تعبر عن اهتمامهما بتوفير تعليم بجودة عالية.

وقال حمزة: «إننا نقضي ساعتين يومياً على الأقل في متابعة دروس الأبناء ومراجعة الواجبات المدرسية، حتى لو لم نكن نجيدها بمستوى عالٍ، لأن مجرد متابعة وإحساس الطالب بأنه مراقب من قبل الأسرة، يساعده على التحصيل الدراسي وأداء الواجب».