د. الحمد يدعو لأخذ العبرة من ابتلاءات الأنبياء
محليات
23 نوفمبر 2013 , 12:00ص
الدوحة - العرب
قال الدكتور عادل بن حسن الحمد: إن الله تعالى ذكر في كتابه العزيز قصص الأنبياء وكثيراً من أحوالهم الخاصة والأسرية وما تعرضوا له من معاناة لتكون عبرة للمسلمين وقدوة مصداقاً لقول الله تعالى: «أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ».
وشدد الخطيب البحريني في خطبته أمس في مسجد الإمام محمد بن عبدالوهاب على أن الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بسير الأنبياء من قبله، فإنه حري بالأمة الإسلامية أن تقتدي بنبيها صلى الله عليه وسلم لتكون أمته فعلاً وكذلك الاقتداء بباقي الأنبياء.
ونصح الدكتور الحمد كل من يمر بمشكلة أو ابتلاء أن يوسع صدره ويصبر، وأن لا يستعجل في معالجة المشكلة حتى يلم بها من جميع الجوانب، وأن يرجع إلى الشرع حتى يعرف حكم الله في مثل هذه القضايا ثم استشارة أهل الخيرة والعلم والاختصاص.
وأوضح الخطيب أن جميع الأنبياء عاشوا ابتلاءات في حياتهم الأسرية ذكرها الله لنا، بحيث لا يمر الإنسان في مشكلة عائلية إلا ويجد لها مثيلاً أو قريباً منه في حياة الأنبياء السابقين، مشيراً لنماذج من تلك الابتلاءات وكيف تعاملوا معها وكيفية الاستفادة من هذه التجارب التي مر بها الأنبياء.
وتحدث الدكتور عادل عن أولى ابتلاءات أبينا آدم عليه السلام مع زوجته حواء التي تعتبر نواة الأسرة البشرية إذ وافقت حواء آدم في المعصية، ولم تمنعه من المعصية حينما منعهما الله عز وجل من الأكل من الشجرة وعندما أراد آدم أن يأكل ما منعته زوجته وهذا ما سماه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأنه ابتلاء وخيانة لأنه موافقة على المعصية، فقال «ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر»، مشيراً إلى أن الخيانة في هذه القصة أن حواء رأت آدم يعصي الله ووافقته.
وشرح الخطيب كيفية تعامل آدم مع الابتلاء والمعصية، قائلا: إن آدم أدرك المعصية وأن زوجته وافقته على ذلك لكنه تعامل تعاملاً عظيماً، إذ لم ينسب الخطأ إلى زوجته وإنما أشركها معه فيه «رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا»، ولم يقل هي التي تسببت، وقال: أنا وهي وقعنا في الخطأ. ولما طلب المغفرة والرحمة دعا لنفسه ولزوجه «وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ».
وذكر الخطيب أن شيخ الإسلام ابن تيمية قال: «إن أكثر ما يحصل في الأسرة من التشبه باليهود أو النصارى إنما بسب دعوة النساء لذلك أو معاونة المرأة على زوجها أو بطلب منها» لافتاً إلى أن الكثير من الأزواج يلقون باللائمة على نسائهم مع أنهن غير ملامات وقدم عدد من الأمثلة التي يقع فيها الرجال وتلام فيها النساء دون ذنب.
كما تحدث الشيخ عادل عن ابتلاء نوح عليه السلام في أسرته بزوجة كافرة خانته وبابن كافر، حيث ظلت معه 950 عاماً تمارس الخيانة في مخالفة دين الزوج وليس في العرض، وكانت تقول لقومه بحسب ابن عباس: «إنه مجنون» وتظهر له شيء وتخفي له شيئا آخر، وكذلك الأمر بالنسبة لابنه مات على الكفر وكيف كان نوح في السفينة يدعو ابنه «يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا» قال الابن: «سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ»، فهلك مع الهالكين ولما دعا الله نوح ربه قال: «رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي» أجابه الله تعالى بأنه ليس من أهله وإنه عمل غير صالح.
وبين الدكتور عادل بن حسن الحمد كيف تعامل نوح عليه السلام مع هذا الابتلاء وكيف صبر على زوجته كما صبر على ابنه لعل الله يهديه حتى آخر لحظة مع أن الأمواج تلعب بالسفينة، داعياً الآباء إلى الصبر على الأبناء لعل الله يهديهم لقوله تعالى: «لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن كثيرين تغيرت حياتهم بسبب موقف ما، وأن الأمور تحتاج إلى صبر خاصة في قضية تغيير الأفكار والمعتقدات.
وعرج الخطيب على الابتلاء الذي عاشه إبراهيم الخليل عليه السلام في أسرته وفي والده الذي كان كافراً لقوله تعالى: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً».
وأوضح أن إبراهيم كان حريصاً على هداية والده حيث استخدم أحسن الألفاظ لهداية والده الكافر فقال «يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ»، يا أبت يا أبت يكررها عليه وناقشه بالحجج العقلية «هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ» وكسر الأصنام وأبقى واحد منها «فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ»، يحاول تحريك العقل عنده؛ لأن الرجال يعاملون بالعقول والعواطف عند المرأة أكبر وما كان من الأب إلا أن أشعل النار وألقاه فيها ليحرقه وهذا يدل على قساوة قلب الأب عندما تعامل معه ابنه.
ورغم ذلك قال له سأستغفر لك ولكن لما تبين أنه عدو لله تبرأ منه وفي النهاية بعد المحاولات لم يهتد فحصلت المفاصلة والبراءة منه.
ولفت الخطيب إلى البلوى التي حدثت لزوجتي إبراهيم المتمثلة في غيرة الزوجات وتعامل إبراهيم عليه السلام بأن أبعد الثانية عن الأولى، وجعل كل واحدة منهن في مكان، فسكنت واحدة في مكة وبقيت واحدة في الشام، فلو طلقها بناء على رغبة الأولى لكان ظلما للثانية.
وتحدث الخطيب عن زيارة إبراهيم عليه السلام لبيت ابنه إسماعيل ليطمئن على زواجه وهل وفق في اختيار الزوجة الصالحة، فسأل المرأة فقالت «خرج يلتمس رزقا فسألها عن معيشتهم، فقالت: في ضيق، فشكت الحال وتبرمت.
فأعطاها وصية وقال لها عندما يعود قولي له أن يغير عتبة بيته، وفهم إسماعيل أن الوصية هي أن يطلقها فألحقها بأهلها؛ لأنها زوجة غير شاكرة، مشيراً إلى أن الزوجة التي لا تشكر نعمة الله عليها آثمة.
وختم الدكتور عادل خطبته بالحديث عن ابتلاء نبي الله يعقوب وابنه يوسف، وابتلاء لحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم مع زوجاته وكيف تعامل معهن بما يرضي الله.