أسماء الشوارع.. بين ذاكرة الشيّاب وسخرية الشباب!

alarab
محليات 23 أبريل 2021 , 12:30ص
الدوحة - العرب

د. سيف الحجري: تحمل دلالات تغيب عن الشباب

كلثم الغانم: نريد معرفة معاني الأسماء الغريبة بدلاً من تغييرها

تركي: مطلوب تسمية الشوارع الرئيسية وترقيم «الفرعية»

يوسف البدر: من الأفضل معرفة المعاني والمدلولات

تحمل أسماء العديد من شوارع الدوحة دلالات تراثية وثقافية مختلفة، رسخت في مدونات الذاكرة الجماعية والوطنية، كما حافظت حتى الآن على طبيعة وتاريخ المجتمع المحلي وتراثه الأصيل. 

رصدت جولة ميدانية مصوّرة لـ «العرب» بعض اللافتات والأسماء الغريبة، التي «تستعصي» على فهم العديد من الشباب، الذين طالب العديد منهم بـ «تحديث» مسميات المناطق والأحياء والشوارع والميادين، وتجنب المدلولات المعقدة في بعض اللافتات.. التي تمت تسميتها وفق رؤية ثقافية أشرفت عليها لجنة مختصة من وزارة البلدية والبيئة، ضمّت نخبة من خبراء التراث والباحثين والمتخصصين من الجهات الأخرى، الذين عاصروا حقباً مهمة من تطور أحياء الدوحة، وشهدوا مراحل من تاريخها العريق.

ثغب العكرش
من وسط عين خالد وتحديداً شارع «ثغب العكرش»، والذي يعني بحسب الخبيرة التراثية السيدة كلثم بنت علي الغانم، مكان تجمع الماء وحوله النبات، فالعكرش نوع من الأعشاب الشوكية، وإذا انتشر نبات معين في المكان سُمّي باسمه، مثل الروضة التي ينتشر فيها الشفلح مثلاً يقال عنها في قطر: شفلحية، وإذا صخبر قالوا: صخبرية، وإذا كان سدراً قالوا: سدرية وهكذا، وأوضحت أن هذا المكان «ثغب» كان يجمع الماء وحوله ينمو نبات العكرش، فسمّوه ثغب العكرش تمييزاً له، والتسمية جزء من تراث المكان ووصف له، وهذا الأسلوب في التسمية تميز به أهلنا.

أسماء موروثة
وأكدت الغانم أن أسماء الأماكن لها علاقة إما بتضاريس المكان، أو نباته، أو بحادثة مرتبطة به، فهي موروث ثقافي وطبيعي يميز هذا المكان، ويجب ألا نرفض الأسماء لأنها لم تعجبنا، ولو قارنا ذلك بالمجتمعات الأخرى بمن فيها المجتمعات المتقدمة منها، سنجد أن أسماء الأماكن الموروثة هي السائدة؛ لذلك علينا أن ندافع عنها لا أن نستهجنها أو نهاجمها.
وأكدت أن أسماء بعض الشوارع في قطر تحمل مدلولات تراثية من قديم، وستضيع هوية المكان إذا أنكرناها.. فالأجدر أن نحترم إرث المكان ومسمياته التي هي محلية 100 %، وأظن أنه لا يحق لمن يجهلها أن يتداولها بنوع من السخرية.
وأوضحت أن أهل قطر ابتكروا لكل طعس اسماً، خصوصاً الكبيرة منها، أما الكبوع فهي منطقة في جنوب غرب البلاد، داعية الجيل الجديد للاطلاع أكثر على أسماء المناطق والتعرف عليها بالخرائط أو بالزيارة، وأعربت عن شكرها للجنة الأسماء لدورها في الحفاظ على أسماء الأماكن الأصلية بهدف حفظ ذاكرة المكان من جهة، وكذلك الحفاظ على المصطلحات والكلمات الأصلية من الضياع من جهة أخرى.

ربط الماضي بالحاضر
من جهته، قال الدكتور سيف الحجري: إن أسماء الشوارع تعكس في معانيها قبساً من التراث والإرث الإنساني والحضاري ونمط الحياة القديم في المدينة، وتهدف في جوهرها إلى ربط ماضي قطر بحاضرها ومستقبلها، إلى جانب تعريف أبناء الجيل الحاضر على دلالاتها ورمزيتها التراثية والحضارية.
وأكد د. الحجري لـ «العرب» أن بعض اللافتات تحمل أسماء قديمة ودلالات قديمة غائبة عن أذهان الشباب؛ لأنها أصبحت جزءاً من ذاكرة السكان الأولين، لكنها مفردات عربية أصلية في أغلبها، تدل على أحداث أو تضاريس جغرافية، مثل «الوعب والحزم والقرن والوادي والروضة والجري وغيرها»، أو نباتات مثل: «المرخ والشيح والسدر والغاف والعوسج والشفلح وغيرها».

نظام الترقيم
وقال جمعة بن شقر الشهواني: إن دلالات الأسماء التي تحملها لافتات بعض الشوارع، غائبة عن كثير من الشباب، لكنها محفوظة في ذاكرة الشيّاب، خاصة أنها تحمل قيماً مستوحاة من جغرافية المكان وتراث الإنسان القطري، مؤكداً أن الأسماء التي ينكرها بعض الشباب تحمل أسماء مناطق وأماكن قطرية 100%، ولكن أغلبها ابتلعها العمران، وأضاف الشهواني أن كل وادٍ أو حزم أو روضة أو مكان بري أو بحري له اسم، وهو ما كان يسهّل عملية التنقل والوصول إلى الأماكن المطلوبة.
ووافقه الرأي في هذا الإطار يوسف البدر، مبيناً أنه من الأفضل معرفة المعاني والمدلولات التي تحملها لافتات بعض الشوارع، بدلاً من الدعوة إلى من تحديثها أو تغييرها، بينما دعا محسن الشيخ إلى اتباع نظام الترقيم في تحديد الشوارع الفرعية، بديلاً عن التسمية، وذلك لتسهيل البحث عنها والوصول إليها في برامج بحث الخرائط، وذلك على غرار الأنظمة المتبعة في العديد من الدول الغربية بما فيها بريطانيا، حيث يتم استخدام رقم بوست كود لتحديد أمكنة الشوارع والبيوت.

روّاد مواقع التواصل: حيرة بين الأصالة والأسماء الغريبة

أدلى العديد من رواد مواقع التواصل بدلوهم حول الأسماء التي تحملها بعض اللافتات، مستطلعين معانيها، وما يقبع خلفها من دلالات وجذور لغوية، وقال أحمد @w7ed_alsho:
حتى لو كانت لها معانٍ أو مدلولات ثقافية أو تراثية، كان الأفضل اختيار أسماء مفهومة وواضحة، أما شارع راس ادعسه، أو جبل ثعيلب أو غار ثعيلب ووادي الخرمة، فهي غير مفهومة.

مشاري الساعي @mesharialsaei:
بعض اللافتات تحمل أسماء وديان ودحول ومناطق في البر كانت معروفة على أيام أجدادنا، لكن هناك شارع اسمه «شارع عبد الله» فقط. 

بوتركي @BuTRJF:
الدوحة تكبر والأحياء تتوسع.. المفروض أن تنحصر الأسماء على الشوارع الرئيسية والفرعية منها.. أما شوارع الفرجان فالأفضل هو اعتماد الأرقام بدلاً من الأسماء لسهولة الحفظ والاستدلال، بينما حالياً يتم وضع أسماء لكل الشوارع بما فيها الشوارع الفرعية والقصيرة جداً، وهو ما أدى إلى وجود مسميات غريبة ومعقدة وغير منطقية.

عُبيدالله @Obeidalla:
لماذا الاعتراض؟ ألا ينبغي للأسماء أن تعكس هوية البلاد وبيئتها وتاريخها؟ لماذا نقلق من الأجنبي؟ لماذا لا يتعلم الأجنبي اللغة العربية؟ لا أجد أحداً هنا في أميركا يستطيع أن يجد عملاً إذا لم يتعلم الإنجليزية... ثم نذهب إلى فرنسا لنجد أن الأجنبي في آخر أولوياتهم وحساباتهم. 

محمد عزالدين الحميري @ddmy777:
مضى على وجودي في قطر عشرون عاماً، صادفت فيها العديد من أسماء الشوارع الغريبة على أسماعنا، دون أن أفكر في تصويرها أو التعليق عليها احتراماً للخصوصية.

خديجة الدبشة @khadejah_Dabshe:
أشعر بجمال الأسماء وأصالتها حتى عبر غرابتها وعاميتها، حين أقرأ بعض اللافتات في بعض الأماكن.. تعطيني إحساساً بأن شعباً ووطناً ما زالا أصيلين رغم كل الحداثة.

عساس قطر شتلة @assasqtr:
هذه الأسماء لم يتم اختراعها، أغلبها تدل على مناطق جغرافية قديمة في أنحاء الدولة، مسميات من موروث الأجداد الذين أطلقوها على مناطقهم التي أمضوا سنواتهم فيها، على سبيل المثال: راس دعسة، مكان معروف جداً لكثير من الناس وخاصة أهل البحر.. وأعتقد أن استخدام هذه الأسماء في لافتات الشوارع والأحياء شيء طيب حتى تصل هذه الأسماء لمن لا يعرفها.