

لم يتخيل الفلسطينيون في قطاع غزة أن يمر عليهم يوم لا يجدون فيه ما يأكلونه، حتى أنهم باتوا يطحنون أعلاف الحيوانات لصنع الدقيق منه وإطعام أطفالهم الجياع. إسرائيل تفرض حصارا خانقا على مدينة غزة وشمال القطاع، وتمنع وصول أي مساعدات غذائية إلى سكان هذه المناطق، ما أدى لنفاد كل ما يملكونه من طعام ومياه صالحة للشرب. ومنذ أسابيع خلت الأسواق في مدينة غزة وشمال القطاع من دقيق القمح ليتجه المواطنون إلى طحن حبوب الذرة والشعير المخصصة لصناعة أعلاف الحيوانات. وفي سوق مخيم جباليا شمال القطاع كانت آمال شعبان تبحث عن دقيق القمح الأبيض لتطعم أطفالها الخمسة لكنها لم تعثر على ضالتها لتقرر شراء القمح الكامل المطحون. وتقول شعبان لمراسل الأناضول: «لم أجد الدقيق الأبيض فاشتريت رطل (3 كيلو) من دقيق القمح، وهذا مصنوع من قمح رديء للغاية مخصص أصلاً علفا للحيوانات».
وتضيف: «الخبز الذي نصنعه من هذا الدقيق طعمه سيئ للغاية ولا يتقبله الأطفال بأي شكل لكن لم أجد غيره فاشتريته. سأحاول إقناعهم بالأكل منهم».وتتابع: «أطالب من كل الدول العربية والاتحاد الأوروبي أن يساعدونا للتخلص من هذه المعاناة، لا نجد لقمة واحدة للأطفال الصغار ويجب أن تقف هذه الدول مع الأطفال». «نأكل الأرز منذ أيام طويلة، والآن سعر الأرز ارتفع 3 أضعاف ولم نعد قادرين على شرائه، ودقيق القمح مفقود ودقيق الذرة والشعير مرتفع الثمن بشكل كبير وطعمه سيئ»، تكمل السيدة الفلسطينية. والمرأة الفلسطينية آمال مجبرة على شراء 3 كيلو جرامات من الدقيق يومياً بسعر 50 شيكل (نحو 14 دولارا)، وتشير إلى أنها حالياً دفعت آخر ما تملكه وبالتالي لن تستطيع غدا شراء أي كمية إضافية من الدقيق. وتقول: «احنا تعبنا من المعاناة، نحتاح من الدول أن تقف معنا وقفة قوية، فقد دمرت بيوتنا ومات أولادنا وإخوتنا وأهلنا». وتضيف: «الناس جاعت وبدأت تبيع أثاث منازلها حتى تستطيع شراء الطعام للأطفال».
أما الكهل عبد الرحيم الجربي، فكان هو الآخر يبحث عن طعام بسوق مخيم جباليا، وذلك بعد أن نفدت كل كميات الدقيق لديه.
يقول الجربي لمراسل الأناضول: «لم نعد نفهم شيئا، نتجول طوال الليل والنهار بحثا عن دقيق يكفينا ليوم واحد فقط، ولا نجد».
«لا نعرف ماذا نأكل، رطل الدقيق وصل سعره من 50 إلى 60 شيكل (13 إلى 15 دولارا) ولا ندري من أين سنحضر كل هذه الأموال لنشتري الطعام لأطفالنا»، يكمل الرجل.
ويعيش الرجل الفلسطيني «مأساة على جميع الأصعدة، فلا طعام ولا نوم جيد بسبب استمرار القصف الإسرائيلي، ولا مياه صالحة للشرب»، كما يقول. بائع البرتقال خالد عبد النبي، هو الآخر يواجه ذات المشكلة، فقد بدأ يجمع طعام الحيوانات ليأكله ويطعم أفراد أسرته.
يقول عبد النبي: «هذه ليست حياة، أنا أحصل على 20 شيكل يومياً (نحو 7 دولارات) وهذا المبلغ لا يكفي لشراء نصف رطل (1.5 كيلو من الدقيق)، الوضع صعب بدنا (نريد) دقيق وطعام ومياه مثل البشر».
ويضيف: «لدي طفل وطفلة مش قادر (لا أستطيع أن) أطعمهم. حياتنا سيئة للغاية، نريد أن نعيش حياة كريمة».