التوكل الصادق على الله باب سعادة ورضى الرحمن
محليات
22 ديسمبر 2017 , 11:02م
الدوحة العرب
قال الشيخ عبد الله النعمة، بخطبته في جامع الأمام محمد بن عبد الوهاب، أن التوكل الصادق على الله تعالى والثقة به، واليقين بموعوده جماع الإيمان ، وباب السعادة ورضى الرحمن ، إنها خصال عظيمة مترابطة تدل على كمال الإيمان وحسن الإسلام، وتجلب للعبد محبة الله تعالى ومعونته ونصره وتأييده ، تحفظ العبد من الشيطان ونزغاته وأعوانه ، وتورثه راحة البال واستقرار الحال، وبها تمام المعونة من الله تعالى في سعة الرزق ، وتحقيق الرضا وتكفير الخطأ ورفعة الدرجات العلا ، وهي نن أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب للمسلم ويندفع بها كل مكروه عنه ؛ فإن الله سبحانه لايضيع أجر من أحسن عملاً { ومن يتوكل على فهو حسبه }
وأضاف: إن التوكل على الله تعالى والثقة واليقين به سبحانه منزلة من أوسع المنازل في الإسلام وأجمعها؛ فإن الدين توكل على الله واستعانة ، وثقة به سبحانه ويقين ، وعبادة له عز شأنه وإنابة. والتوكل على الله والثقة به في حياة المسلم هو عمل وأمل ، مع هدوء قلب وطمأنينة نفس واعتقاد جازم بأن ماشاء الله كان وما لم بشأ لم يكن ، وأنه لن يصيب المرء إلا ماقدره الله عليه ، وأن الله لايضيع أجر من أحسن عملا، وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها ، وأن ماوعد الله عباده من الخير والرزق ، والتأييد والنصر والتمكين في الأرض ، متحقق لامحالة ، متى صدق العبد في إيمانه وطاعته ، وحسن توكله على الله وثقته ويقينه به. قال ابن القيم رحمه الله : ( والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد مالا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم)
واشار إلى أن الثقة بالله تعالى هي سواد عين التوكل عليه سبحانه ، ونقطة دائرة التفويض إليه واليقين به ؛ روى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه تعالى ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل ). ويقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال ( ياغلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)
وأردف: وكم يحتاج المسلم إلى صدق التوكل على الله في حياته، وحسن الثقة به في مطلوبه وموعوده، حتى يكون ذلك سجية له في أفعاله وأقواله، وخُلُقاً لا ينفك عنه أبداً في سيره إلى الله والدَّار والآخرة، ولكن واقع الكثير من الناس يخالف ذلك ويناقضه؛ يدَّعون التوكل على الله سبحانه، ويزعمون الثقة به؛ {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}؛ وإذا أُصيب أحدهم بمصيبة في ماله أو أهله أو نفسه جزع وتبرَّم، واعترض على قضاء الله وتسخَّط؛ {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ? قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ? بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}
ونوه إلى أن مما يعين المرء المسلم على ترسيخ صفة التوكل على الله والثقة به في حياته: الإيمان بنصوص القرآن والسنَّة الثابتة والتصديق بما تحمله من بشارات كريمة، ووعود عظيمة للمتوكلين على الله، الواثقين بما وعد به عباده الصالحين، الموقنين بفضله ونصره ولقائه سبحانه وما أعدَّه للمتقين المؤمنين من عباده، ثم النظر في أحوال المتوكلين على الله الواثقين به سبحانه من أنبايئه ورسله وصفوته من عباده الصالحين، والتأسي بأحوالهم، وما سطَّروه في صفحات التأريخ من مواقف رائعة في التوكل على الله والثقة واليقين به سبحانه وتعالى، مما يزيد المسلم يقيناً إلى يقينه، ويمنحه دروساً في التوكل والثقة واليقين بالله لا تزعزعها الخطوب، ولا تؤثر فيها عوارض الحياة وصروف الدهر، وسهام الأعداء.