«المولات» تمنع دخول «السكوتر الذكي».. ومتاجر تبيعه بلا ضمان ولا صيانة

alarab
تحقيقات 22 ديسمبر 2015 , 01:50ص
رانيا غانم
يتزايد الطلب على شرائها من قبل الأطفال والمراهقين، وفي المقابل تتزايد التحذيرات من مخاطرها، فيما تعلن المجمعات التجارية وكثير من المحلات الحرب عليها وتعلق لافتات تمنع دخولها إليها، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي يحدث الأمر ذاته ففيما يتبادل الكبار وخاصة الأمهات رسائل تحذيرية من خطورته على الأبناء، يتسابق هؤلاء بنشر صور ومقاطع فيديو لهم وهم يلعبون بها يستعرضون مهاراتهم فيها ليقولوا بشكل عملي للكبار «اتركونا وشأننا.. نحن مستأنسون بها». إنه «السكوتر» الكهربائي أو «الهوفربورد Hoverboards» أو عجلات التوازن الذكية «Smart balance wheels»، هي أحدث الألعاب التي تنال هذه الأيام شغف الأطفال والشباب بل والكبار أيضا لهم فيها نصيب، فمنهم من يجيد استخدامها بالفعل بعد تدريبات قليلة -على يد الأبناء غالبا- وهناك من يتمنى ذلك سواء فشل في محاولات ركوبها أو ما زال يفكر في اتخاذ الخطوة.

ومع مطالبات الأبناء بشرائها وجد أولياء أمور أنفسهم في حيرة من أمرهم، فهم يرونها لعبة تشجع على الكسل ولا يستفيد الجسم منها حركيا، وهناك من يراها أشبه بكراسي المعاقين المتحركة، وهناك من يخشى من مخاطرها على الأبناء خاصة بعد تزايد التحذيرات من خطورتها وانتشار رسائل وسائل التواصل الاجتماعي التي تقدم نصيحة مختصرة للأهل «خليه يبكي.. ولا تبكي عليه» أو «اتركيه يبكي أفضل من أن تبكي أنت عليه إذا حدث له بسببها -لا قدر الله- مكروه».

أسعار متفاوتة
وتتسابق المتاجر لعرض السكوتر الذكي في واجهاتها لجذب الزبائن إليه، وتتفاوت أسعاره من محل إلى آخر حسب الموديل والصناعة -علما بأن غالبية الموجود في الأسواق يباع بلا ضمان ولا صيانة-فهناك السكوتر العادي المزود بإضاءة led، وتتراوح أسعاره من 1200 ريال إلى 1900 ريال في متاجر المستلزمات الرياضية أو المتاجر الكبرى، والسوبر ماركت والمكتبات الكبيرة، وهناك المزود بسماعات وبلوتوث لتمكن صاحبه من تشغيل الموسيقى والصوتيات بصوت عال وتتراوح أسعاره من 1650 ريالا إلى 3 آلاف ريال، وهناك المصنوع في الصين وهو الأكثر انتشارا، والصناعة الألماني وهو نادر جدا بالأسواق وأسعاره مرتفعة للغاية، كما يقوم البعض بشرائه من الخارج من بلدان أوروبية حال تواجدهم بها، أو من السعودية ودبي لانخفاض أسعاره هناك، فيما يقوم آخرون بشرائه من الإنترنت الذي قد ينخفض سعره إلى ثلث سعره في السوق المحلية وذلك خلال بعض العروض التي تقيمها المتاجر الإلكترونية، وتتنوع ألوانه لترضي جميع الأذواق، كما توجد منه موديلات وألوان تناسب البنات أكثر وهي ذات اللون الوردي أو المنقوشة بالورود. وتكون أسعارها أعلى من العادية. وله أيضا عدة أحجام مختلفة، ويتحمل وزن حتى 120 كيلوجراما، وتعمل بطاريته بعد شحنها لساعات طويلة أو عدة كيلومترات تكون موضحة على العلبة الخارجية للسكوتر. ومن الملاحظ أنه كل فترة تنخفض أسعاره مع تزايد الطلب عليه وكثرة الأماكن التي تبيعه، ويقول ولي أمر إنه اشترى لابنه سكوتر منذ شهر بمبلغ 1200 ريال من أحد محلات السوبر ماركت الكبرى، ليجده منذ أيام يباع بمبلغ 950 ريالا فقط، وهناك محال تعرضه بـ790 ريالا.

ذهاب وإياب
داخل المجمعات السكنية وعلى الأرصفة وعلى بلاط الكورنيش وحتى داخل بعض المجمعات التجارية -رغم التشديدات الصارمة بعدم استعماله- نجد الأطفال والشباب يتحركون ذهابا وإيابا بعجلاتهم الذكية الجديدة، وهم غاية في الاستمتاع.

يقول عمرو عبدالحميد (12 سنة) عن تجربته مع العجلات الذكية «في البداية عندما سمعت عنها من أصدقائي لم أتحمس لها كثيرا، واعتقدت أنها تشبه لوح التزلج العادي، لكن عندما جربتها لدى أحد أصدقائي وأجدت استخدمها خلال عشر دقائق أعجبتني للغاية وألححت على والدي حتى قام بشرائها لي، والآن أنا لا أتحرك في البيت بدونها، وكذلك في المجمع الذي أسكن به، وأذهب بها إلى البقالة القريبة وغيرها، كما آخذ شقيقتي الصغرى أمامي وألاعبها عليه في البيت لأنها لا تتمكن من استخدامه، فعمرها ما زال 4 سنوات» ويتمنى عمرو لو يسمح له والداه باستخدامها خارج البيت والمجمع الذي يسكنه وأن يذهب بها إلى أصدقائه الذين يسكنون بالقرب منه أو للمحلات القريبة.

أما عمرو جمال فاشترى هو وإخوته ثلاثة من مدينة دبي حين كان في زيارة عائلية هناك قبل بدء العام الدراسي، لكن الجهاز الخاص به تلف سريعا، ليعود ويشتري واحدا جديدا من الدوحة، وقال إنه سيكون هذه المرة حذر في التعامل معه حتى لا يتلف، رغم أنه لا يعرف السبب في سرعة تلف الجهاز الآخر «أعجبنا للغاية السكوتر الكهربائي عندما شاهدنا الأولاد يستخدمونه في دبي، ومن هناك اشتريت أنا وإخوتي لكل واحد جهازا، ولكن بعد حوالي شهر تلف الجهاز الخاص بي ولا أعرف السبب، وبحث والدي عمن يمكنه تصليحه أو حتى معرفة المشكلة فلم نجد، فطلبت من والدي شراء واحد جديد لي لأنني أحببته جدا وأكون سعيدا باستخدامه حتى ولو داخل البيت».

ويقول محمد عقاب إنه يشاهد الكثير من الفيديوهات لأولاد في مثل عمره يستخدمون السكوتر بمهارة عالية، وإنه يقوم بمحاكة هذه الحركات ويجيد الكثير منها، وقال إنه كان سعيدا عندما رأى مطربي الأغنية الأجنبية التي يحبها Muslim Man يستخدمونها في الساحات خلال تصوير الأغنية».

أما مجد طالب بالصف الثالث الإعدادي فيقول إنه بعد العودة من المدرسة يخرج مع أصدقائه بالمجمع السكني ليتسابقوا ويلعبوا باستخدام السكوتر الكهربائي، موضحا أنه يجيد استخدامه، لكن لا يلعب به ألعابا خطرة لأنه يدرك أنه يمكن أن يتعرض للخطر لو فعل ذلك.

وتقول والدة محمد عبدالوهاب إن ابنها الطالب في المرحلة الثانوية لا يتوقف عن استخدامه في المجمع السكني، وإنه يهدر من خلاله الكثير من الوقت الذي كان من المفترض أن يقضيه في المذاكرة، وقالت إنها لا تخشى من أن يتعرض إلى مشكلات صحية أو حوادث لأنها ترى كيف يجيد استخدامه والتحكم فيه، كما أن والده حذره من استخدامه خارج المجمع نهائيا، لكنه تراه سببا هاما لتضيع وقته.

كسل وبدانة
وتؤكد أم عبدالعزيز أن ابنها ألح عليها في طلبه وكانت ستستجيب له بعدما أقنعها بأنه لن يستخدمه إلا داخل المنزل وحديقته، لكنها عادت وغيرت رأيها «جاءتني العديد من الرسائل على الواتس آب تحذر من خطورة السكوتر، ومنها ما تؤكد أن أطباء يحذرون من إمكانية تعرض الطفل لكسور ورضوض عديدة بسبب السقوط من عليه، فوجدتني خائفة للغاية، وقلت لابني إنني لن أشتريه نهائيا وطلبت منه أن يختار لعبة أخرى أشتريها بدلا عن هذا، حتى لا يعتقد أنني أرفض شراءه بسبب سعره العالي، وفي البداية رفض، لكن بعد ذلك طلب مني شراء لعبة أخرى إلكترونية، وأحضرتها له على الفور لإرضائه، لكنه سرعان ما عاد ليلح علي في شراء السكوتر له، وأنا ما زلت أرفض، فإلى جانب إمكانية تعرضه للحوادث فأنا أرى بعض الأولاد يستخدمونه في كل تحركاتهم داخل المنزل وخارجه في المجمع أو الفريج وبالتالي زيادة الكسل، وألا أريد هذا لابني فهو يجلس لساعات طويلة على الأجهزة والألعاب الإلكترونية، فهل سيمضي الوقت الذي يترك فيه هذه الألعاب في اللعب على جهاز يشجع على الكسل لا الحركة -خاصة وأن ابني بدين- فتزيد المشكلة». وتابعت «عندما يعتاد الطفل على هذا الجهاز في حركته يصبح كالشخص المشلول والذي يكون مضطرا لاستخدام العجلات لحركته، ويتمنى لو أن لديه أرجلا سليمة يتحرك عليها مثل الآخرين، أما من حباه الله بنعمة الحركة والمشي على أقدامه فيستبدله بالعجلات!».

ويتفق معها ولي أمر يرفض هو الآخر شراء عجلات التوازن لأولاده قائلا «لسنا في حاجة إلى ألعاب تقلل من الحركة خاصة أنهم يمضون غالبية أوقاتهم على الألعاب الإلكترونية ولا يتحركون إلا قليلا، ثم يكون وقت اللعب على مثل هذا الجهاز الذي لا يفيد من ناحية الحركة فماذا استفاد الأولاد؟ هو ليس كالدراجات أو حتى السكوتر العادي يحرك جسم الطفل ويفيده صحيا، لكنه جهاز يشجع على المزيد من الكسل والمزيد من البدانة التي تصيب الكثير من الأطفال في مجتمعنا لأسباب عديدة لا ينقصها إضافة السكوتر الكهربائي».

بلا ضمان
ويشير محمد عبدالهادي وهو أب لثلاثة أبناء إلى نقطة أخرى وهي وجود الكثير من الأنواع الرديئة أو المغشوشة أو التي جودتها ليست عالية بما يكفي لحماية من يستخدمها، ولذلك يمكنها أن تسبب الكثير من الأضرار للأبناء، كما أنها سرعان ما تتلف وتضيع أموال المشترين بلا فائدة «المحلات غالبا لا تعطي ضمان على الجهاز عند شرائه، ولا يوجد من يجيد إصلاحه بالتالي يكون شرائه بمثابة أموال مهدرة، خاصة أنه تنتشر الآن أنواع رديئة وهناك إقبال عليها بسبب رخص أسعارها، علما بأن السعر الرخيص هذا ليس بقليل فهو يزيد عن الألف ريال، ويصل إلى ألفين وربما أكثر».

وتقول إحدى الأمهات إنها تشعر بالقلق طوال استخدام ابنها له وتطلب منه قراءة دعاء الركوب، بينما تقرأ هي له دعاء الاستيداع «استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه» ولا ترتاح إلا بعد أن ينزل ابنها من فوقه «صمدت طويلا أمام إلحاح ابني أن أشتريه له، لكن في النهاية رضخت له بعد أن قال: إن كل زملائه لديهم الجهاز باستثنائه، فاضطررت للموافقة على شرائه لكنني ما زلت خائفة عليه منه، رغم أنه يجيد استخدامه، حيث نسمع عن الكثير من الحوادث التي وقعت بسببه، واسأل الله أن يحفظه ويحفظ جميع أولادنا».

الحذر واجب
ويحذر أطباء العظام من أجهزة التوازن الذاتي موضحين أنها «تشكل خطورة كبيرة على حياة الأطفال والشباب لأنها تقوم أساساً على التوازن والسيطرة وفي حال تم فقدهما يمكن أن يؤدي ذلك إلى وقوع الطفل وبالتالي تعرضه للكسر أو على أقل تقدير إلى رضوض وآلام مبرحة». موضحين أن «عملية الاندفاع السريع جدا نتيجة الشحن الكهربائي للسكوتر قد تؤدي إلى وقوع الطفل، وإصابته إصابات بليغة وقد يصل الأمر إلى الوفاة في حال وقع الطفل على الرأس وإصابته بكسور أو نزيف في المخ، فضلا عن احتمالية إصدار أشعة كهربائية من محرك الجهاز قد تؤذي الطفل».

ويدعو الأطباء إلى الحذر في استخدام الجهاز، والتأكد من إجادة استخدامه تماما، فضلا عن استخدام خوذات حماية الرأس وأطقم حماية الركبة والذراعين، لتجنب الكثير من الأضرار عند السقوط من عليه. كما يوجهون الوالدين إلى متابعة أبنائهم وتوجيه النصائح إليهم في هذا الشأن، وعدم السماح لهم باستخدامه خارج البيت إلا بعد التأكد من إجادتهم استخدامه والتحكم فيه، لكن على أن يكون الاستخدام الخارجي في أماكن يمكن أن تعرضهم للخطر كالطرقات العامة وأماكن سير السيارات، أو أماكن تعرض غيرهم للخطر كمناطق المشاة المزدحمة.

حوادث وتحذيرات
وتنقل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عددا من الحوادث التي وقعت في بلدان مختلفة بسبب السكوتر الكهربائي أو تحذيرات واحتياطات لاستخدامه، كما لا يخلو الأمر من الطرائف كان أبرزها طواف أحد المعتمرين حول الكعبة باستخدامه، وظهر هذا من خلال مقاطع فيديو، وهو الأمر الذي تمنعه السلطات حفاظاً على سلامة مرتادي المسجد الحرام وتوفيراً للأجواء الإيمانية لهم، بينما تسمح السلطات هناك باستخدام العربات عادية التي يقوم أحد بتحريكها أو الكهربائية خلال الطواف والسعي بين الصفا والمروة وللتنقل في ساحة الحرم وداخله، وذلك تسهيلا على المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.

وفي السعودية أيضاً نشر رجل الأعمال سالم عيد تغريدة عبر صفحته الشخصية على «تويتر» قال فيها الحمد الله، تعرضت البارح لحريق بسبب ما يسمى سكوتر وذلك عند وضعها على الشاحن لمدة ساعتين، أرجو الحذر» موضحا أن جميع التوصيلات الكهربائية «للسكوتر» كانت سليمة، وأن الذي انفجر وسبب الحريق هي البطاريات الداخلية.

وقال إن أسرته نجت بفضل الله من الحريق، وإنه أراد توعية الناس من مخاطرها المحتملة كالتي تعرض لها، نشر مع التغريدة صور تظهر آثار الحريق. وحظيت التغريدة بمشاهدة وردود إعادة إرسال كبيرة، لدرجة أن الدفاع المدني بالمملكة قام بمشاركتها عبر صفحته لاستخدامها في توعية المواطنين وتحذيرهم من خطورة مثل هذه الأجهزة. وفي السعودية أيضاً سقطت فتاة من فوقه وتعرضت لكسر أنفها مما عرضها لإجراء عدة عمليات، وقال الأطباء حينها إن أنفها لن تعود كما كانت.

وفي الإمارات العربية المتحدة حذرت مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي أولياء الأمور والأسر من مخاطر لعب الأطفال بألواح العجلات المتحركة التي انتشرت أخيراً في دولة الإمارات، على الرغم من خطورتها، والسير بها بين المركبات والقيام بحركات خطرة، مما يؤدي إلى تعرضهم إلى حوادث الدهس، بحسب رئيس قسم العلاقات العامة في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي العقيد جمال سالم العامري.

كما نظمت القيادة العامة لشرطة عجمان حملة توعوية للتحذير من مخاطر الاستخدام الخاطئ لأجهزة التوازن الذاتي.

وبعيدا عن منطقتنا العربية، نقلت صحيفة «الجارديان» تحذيرات الشرطة البريطانية في لندن من ركوب ألواح العجلات Hoverboards على الأرصفة والطرقات «كونه أمرا غير قانوني على الطرقات العامة حفاظا على سلامة الآخرين».

وأشارت تغريدة لمكتب المدعي العام في بريطانيا إلى أن استخدام هذه الآلة ممنوع في الشوارع العامة وفي الأبنية ما لم يوافق صاحب البناء أو صاحب العقار. وتأتي التشريعات الجديدة في محاولة للحفاظ على سلامة مستخدميها، وعدم إشاعة الفوضى عبر استخدام وسائل تنقل حديثة غير مناسبة لمدن مزدحمة كالعاصمة لندن حسب صحيفة تصدر من العاصمة البريطانية لندن.