خبير يدعو إلى حماية الخصوصية على وسائل التواصل والأجهزة

alarab
تحقيقات 22 نوفمبر 2015 , 07:58ص
رانيا غانم
حذر خبير الأمن المعلوماتي والاتصال الرقمي الدكتور عمران سليمان من تعرض الأطفال والمراهقين إلى أخطار عديدة قد تصل إلى حد الجرائم، جراء استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي دون وعي منهم وبعيدا عن رقابة الأهل، موضحا أن التكنولوجيا في حد ذاتها تعد أمرا إيجابيا، ولها العديد من الفوائد التي لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، إلا أن سوء استخدامها هو المشكلة التي يجب التصدي لها ومواجهتها بتضافر الجهود بين الأهل والمجتمع وأجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة، حتى يمكن للجميع تفادي الأخطار التكنولوجية التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال والمراهقون، لاسيَّما وأنهم أكثر المستهدفين منها، حسب الدراسات التي أثبت العديد منها ذلك.

 وبيّن خبير المعلومات الرقمية في حوار أجرته معه «العرب» أن دراسات وإحصائيات موثقة كشفت أن %80 من المستهدفين من الجرائم الإلكترونية على الإنترنت هم دون الـ18 عاما، أو طلبة من الصف التاسع إلى الثاني عشر، وأن حوالي %82 من الجرائم الإلكترونية يكونون هم ضحاياها.

 وشدد عمران على أهمية توعيتهم بالمخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها، وعلى الالتفات جيدا إلى هذه الأمور حتى ولو كان الطفل مدمنا للألعاب الإلكترونية ولم نستطع إثناءه عنها، فعلى الأقل نكون حذرين ألا يتم استغلاله ويقع ضحية للجرائم الإلكترونية أو التورط في إيذاء الآخرين، مشيراً إلى وجود الآلاف من حالات الابتزاز الإلكتروني التي يقع فيها كثير من المراهقين خاصة الفتيات. وحث الوالدين على شغل أوقات أبنائهم بما يفيد من أنشطة حياتية بدلا من تركهم فريسة سهلة للإنترنت والألعاب الإلكترونية الخطرة التي تصبهم بالكثير من الأخطار النفسية والصحية فضلا عن الأخلاقية، ودعا الوالدين إلى ترشيد استخدام الأجهزة التكنولوجية وأن يكونوا قدوة في هذا لأبنائهم، مؤكداً أن الكثير منهم لا يستطيعون السيطرة على أنفسهم، ويمضون أوقاتاً طويلة على الإنترنت، بينما الأبناء يراقبون هذا.

وأوضح أن بعض الأولاد الذين تعامل معهم في الورش والمحاضرات قالوا له إن أمهاتهم يقضين على «الشات» ساعات طويلة من اليوم، وإن آباءهم لا يتركون هواتفهم من أيديهم طوال تواجدهم في البيت وخارجه، مؤكداً أنه إذا كانت هناك إرادة لدى الوالدين أنفسهم وشعور بالمسؤولية فسيكون الحل قريبا وممكنا، أما إذا لم تكن هناك إرادة فعلينا ألا نلوم الأبناء، وعدم إنصاتهم إلى الأهل إن طالبوهم بالابتعاد عن الإنتر

¶ أصبحت التكنولوجيا الحديثة ووسائلها المختلفة اليوم لصيقة بأولادنا بصورة كبيرة، فما المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأبناء؟

- هذه حقيقة لا أحد ينكرها، بل تحذر منها الدراسات التي أثبتت أن أكثر المستهدفين من الاختراق هم الأطفال أقل من 18 عاما أو المراهقين وبنسبة لا تقل عن %80، لذا فعندما نهتم بتوعية هذه الفئة فإننا بذلك نقلل من نسبة الأخطار والجرائم التي يمكن أن يتعرضوا لها، وإلى جانب التوعية لا بد من إعطاء بدائل، فهم يرتبطون بالتكنولوجيا والألعاب الموجودة من خلالها لأنهم لا يملكون البدائل المناسبة التي تشغل أوقاتهم، فلو تناولنا الألعاب وحدها سنجد إلى جانب تأثيرها السلبي على السمع والبصر، فإنها تؤدي إلى إدمانها، فضلا عن تأثيرها السيئ على الجهاز العصبي للطفل، التي تنعكس لاحقا على تصرفاته مع والدته وإخوته وأصدقائه والمحيطين به،  فأحيانا عندما تأخذ الأم من الطفل الجهاز يتعصب، وربما يلقيه بالأرض أو يكسره، وأيضا إذا خسر في لعبة فإنه يكون عصبيا للغاية وهائجا، فضلا عن العنف في التعامل اليومي الذي يبدو بشكل واضح، إلى جانب عدم التركيز والتأخر الدراسي وغيرها، وهذه الأعراض لا تأتي بين يوم وليلة، فهذا الطفل له أسابيع أو شهور أو عام وربما أكثر متروك هكذا دون تدخل حتى أصبح هذا حاله، فالآثار بطيئة، والعلاج أيضاً لا بد أن يكون بطيئا، فالمريض لا يأخذ العلاج في جرعة واحدة حتى يشفى سريعا، لكن حسب الجدول الموضوع له حتى يتعافى، وحتى ولو بدا أنه تعافى من اليوم التالي فعليه أن يستكمل جرعة المضاد الحيوي مثلا حتى انتهاء الفترة المقررة ولا يتوقف، فلو شعرت الأم أن ابنها تحسن عندما تبدأ بعلاجه، فعليها ألا تتوقف عما تقوم به، لكن لا بد أن تكمل مهمتها حتى التعافي الكامل وعدم العودة إلى ما كان فيه مجددا، والعلاج يكون بشغل أوقات الطفل بأنشطة رياضية ومجتمعية بعيدة عن التكنولوجيا، فضلا عن توعيته بمخاطرها، والرقابة الصارمة على ما يقوم به، واختيار الألعاب المناسبة له ولعمره، ولأننا لا يمكننا منع الأطفال نهائيا من اللعب بالألعاب الإلكترونية، فيمكن أن نختار منها الألعاب المفيدة البعيدة عن العنف والأخلاقيات السيئة، أو تلك الألعاب المفيدة التي تحرك العقل وتنمي الذكاء، كما أنها لا يوجد فيها إدمان ولا شد أعصاب كما نرى في الألعاب الأخرى المعتادة، لكن أيضاً علينا ألا نتركهم يجلسون عليها كثيرا لأنها هي الأخرى لها ما للتعرض من الوسائل التكنولوجية من مخاطر صحية ونفسية واجتماعية.

¶ لكن من وصلوا إلى مرحلة الإدمان بالفعل، هل يصلح لهم علاج بخلاف المنع الإجباري؟

- بالطبع كل شيء يمكن تداركه وله علاج، والمنع والحرمان ليس الوسيلة الناجعة، فإذا منعته في البيت سيذهب إلى السايبر أو إلى أصدقائه، أو إلى أي مكان متاح له هذا والبدائل كثيرة، لو أغلقنا الإنترنت في البيت يمكن أن يحصل عليه من الجيران أو الزملاء، فالبدائل لا تحصى، ولا بد أن نكون حذرين في التعامل مع الطفل أو المراهق نفسيا، ولا نقطع عنه كل شيء مرة واحدة، ونبعده عنها بالأمر، فالألعاب تشدهم بطريقة غير طبيعية وهم معذورون، وقد قمت باللعب على ألعاب إلكترونية من التي يلعبها الأطفال حتى أصير قريبا منهم وأعرف لماذا يحبونها ويقبلون عليها بهذا الشكل، ومنها إحدى الألعاب التي يحبها ابني كثيرا وكنت أمنعه منها، فاستغرب ابني لماذا أمنعه من لعبها، وطلب مني أن ألعبها معه لمرة واحدة، وعندما نفذت رغبته أدركت لماذا يدمنها الأطفال ويحبونها إلى هذه الدرجة، فهي مشوقة بصورة غير طبيعية، وقمت بعدها بعمل بحث على الإنترنت على الألعاب التي تسبب الإدمان، فوجدت بحثا في جامعة كامبردج يوضح صاحبه لماذا تشدنا الألعاب بهذا الشكل، وأوضح أن لعبة مثل «كاندي كراش» -والتي ذكرها تحديدا- تعمل بفكرة ألعاب القمار، بحيث تصل بالشخص إلى مرحلة الإدمان بالتدرج من خلال حالة النشوة بالانتصار والإنجاز والتنافس والانتقال من مستوى إلى آخر، وخلال اللعبة تبدأ في شراء وسائل مساعدة فيها فيحققون هم مكاسب كبيرة، وهناك إحصائية مالية توضح كم الملايين التي كسبتها الشركة المنتجة للعبة من خلال قيام اللاعبين بالشراء منها لتحسين ظروف لعبهم أو أدوات جديدة أو أرواح أخرى لمواصلة اللعب بمبالغ يرونها بسيطة، كدولار أو اثنين فقط، لكنها في النهاية تجمع مبالغ طائلة. فالبحث الذي كان في 2014، كشف أن الشركة المنتجة للعبة حققت 590 مليون دولار خلال ربع عام فقط منا ومن أبنائنا، فالألعاب كلها مصممة كي يدمن عليها الطفل بعد فترة، ونحن نساعد الشركات كي تخدع أبناءنا وتربح من ورائهم.

¶ لكن الأهل يجدون في الأجهزة وسيلة لإشغال أطفالهم كما يعتقدون أنها تزيد من معدلات ذكائهم وتفوقهم؟

- يفرح الأهل ويعتقدون أن أطفالهم الصغار أذكياء لأنهم يجيدون التعامل مع التكنولوجيا الحديثة ويتركونهم أمامهم بالساعات، لكن في الحقيقة هذه ليست علامة ذكاء من الأطفال، لكن الأجهزة هي التي أصبحت سهلة الاستخدام وتتنافس الشركات في هذا، فلا يفرح الأهل لذلك ويتركون الأجهزة لأطفالهم على أنها ستنمي الذكاء لديهم، ومن الأصل يجب ألا يستخدم الأطفال تحت خمس سنوات الأجهزة الإلكترونية، ففضلا عن مخاطرها الصحية والعصبية والنفسية، قد يحدث لهم نوع من عدم التفريق بين الافتراضي والواقعي، فيذهب إلى الثلاجة مثلا ويعمل لها touch متوقعا أنها ستفتح هكذا، أو عندما يلعب لعبة الطبخ يمكن أن يذهب إلى موقد الغاز معتقدا أنه آمن كما هو على جهازه ويضع يده عليه فيؤدي إلى احتراقه، فهو يتعامل مع شيء وهمي، وهذا يجعل حياته كلها في هذا الإطار، مما يمكن أن يعرضه لمخاطر جسمانية وعقلية عديدة.

والحل الحقيقي هو أن نشغل وقته بالكامل فلن يكون أمامه وقت فراغ يقضيه على الأجهزة والألعاب المدمرة، وذلك بممارسة الرياضة والأنشطة الترفيهية في الأندية ومراكز الشباب وغيرها، فلن يجد وقتا للأجهزة، ولن يشعر باحتياجه إليها، كما هي الحال عندما لا يجد أمامه سواها لا بد أن يتفاعل مع البيئة، ومع أصدقائه وقرنائه والمجتمع حوله، يلعب في الحديقة والنادي مع الأصدقاء بالألعاب الرياضية المختلفة ويدخل منافسات حقيقية، وهنا لن يجد الوقت لهذه الأشياء وإن وجد فسيكون متعبا ومجهدا.. فعلى الأهل بذل المزيد من الجهد مع أبنائهم لإبعادهم عن هذا الخطر وشغل أوقاتهم، فالأمر بالفعل يستحق.

 أيضا أنصح بعدم اصطحاب الأجهزة إلى السيارة كما نرى الآن، وكذلك عند النوم، ولا يجب أن تدخل الأجهزة غرف النوم أصلا، وأعود لأقول إن هذا أيضاً يجب أن يطبقه الوالدان على نفسيهما أولا، لأننا قدوة لأبنائنا، فلو تحسن تعاملنا مع الأجهزة والتكنولوجيا أستطيع أن أؤكد أن الأمور سوف تتحسن، لا أقول ستصبح مثالية، لكن على الأقل ستكون أفضل بكثير. ولي أكثر من عامين وأنا أطرق هذه القضية تحديدا في الأردن والسعودية ومصر وليبيا، وشاركت في الكثير من الدورات والمحاضرات والمؤتمرات، من أجل توعية الآباء، ففي بريطانيا على سبيل المثال هناك اهتمام كبير بالطفل في هذا الجانب، هناك أنظمة التعليم الإلكتروني لديهم مقيدة، ومشروطة، وفيها توجيه للآباء، ويطلبون من الأب أن يحضر إلى المدرسة ويعرف أكثر عن أبنائه واهتماماتهم، ويشارك في محاضرات عن الأمن الإلكتروني وكيفية حماية أبنائهم من الجرائم الإلكترونية، فالأب لا بد أن يكون لديه «حذر» وهي حالة نفسية من القلق الإيجابي، وأتمنى أن يكون في كل بلد عربي من يتبنى مثل هذا المشروع بشكل حقيقي ومؤثر.

أيضا لا بد أن يكون هناك بديل لألعاب العنف والسباقات والدم التي تؤثر على جهازهم العصبي الذي لا يتلاءم مع اللعبة، فالجهاز العصبي يكون مشدودا إلى أقصى درجة بينما الطفل جالس مكانه ولا توافق حركته هذا الشد فيحدث له اضطراب، هناك ألعاب بديلة ممتعة يمكن أن نبحث عنها ونوجه أطفالنا لها، مع تحديد الوقت لأنه أهم شيء، فلا يجب أن نتركه كثيرا أمام الأجهزة.

مشكلة أخرى تتعلق باستخدام الأجهزة أحذر منها الناس بشكل مستمر وهي ضرورة عدم التعرض للأجهزة قبل النوم، فهناك أمهات يشتكين من أن أبنائهن ينامون مثل المعتاد حوالي عشر ساعات، لكنهن لاحظن أن هناك صعوبة في إيقاظهم، كما أنهم يكونون متعبين للغاية ويريدون المزيد من النوم رغم أنهم حصلوا على قسط وافر منه، وتفسير هذا أنهم بالفعل لم يناموا جيدا رغم نومهم الظاهري ولساعات كافية، فالعقل ينام بعد الجسم، لأنه يقوم بترتيب الأفكار والمعلومات التي تدخل إليه طوال اليوم عن طريق البصر والسمع والكلام، منها ما يتخلص منه ومنها ما يذهب به إلى العقل الباطن وهكذا، وعندما يتعرض الطفل كثيرا للتكنولوجيا -أو الإنسان عموما خاصة مدمني ألعابها- فإذا كان آخر شيء تعرض له قبل نومه هو الأجهزة التكنولوجية فإن عقله سيستغرق قرابة أربع ساعات حتى ينام هو أيضا، وبالتالي فإن وقت نومه منقوص منه هذه الساعات الأربع، فطبيعي ألا يستيقظ مرتاحا، لأن العقل عبارة عن إشارات كهربائية وشبكات عصبية وهذه تتفاعل مع اللعبة، والإضاءة، والتفكير، والحماس والإنجاز، فينام الطفل لكن لا يتوقف تفكيره، ماذا سيفعل بعد هذا فيها.. كيف يفوز.. ماذا يحكي لأصحابه عما أنجز فيها.. وهكذا، فعينه تغمض لكن العقل مستيقظ، ولم يفرز بعدُ المواد الكيماوية التي تريح الجسم.

وهذا الأمر ينطبق على الكبار أيضا، فقبل النوم بساعتين يجب عدم التعرض للجوالات والأجهزة، وإخراجها جميعا من الغرفة، وألا ننام أبداً وهي موجودة معنا، وحتى من يستخدمون جوالاتهم كمنبهات فيمكنهم إغلاقها.

وكثير من الأمهات اتصلن بي وأكدن أنهن شعرن بالنوم العميق والارتياح الكامل بعد الاستيقاظ بعدما بدأن إخراج جوالاتهن والأجهزة التكنولوجية الأخرى من غرف النوم، ولم يتعرضن لها قبل النوم مباشرة.

فهناك للأسف من ينامون وبالحجرة عدة أجهزة تعمل، وهناك أطفال يتركون بغرفهم أجهزتهم لتحميل بعض البرامج والألعاب التي تستغرق وقتا طويلا خلال فترة نومهم، وكل هذه تنبعث منها الأشعة والموجات وتؤثر عليهم بشكل كبير، وأدعو كل أم أن تجرب هذا لمدة شهر وسوف تجد نتائج مذهلة وستختفي معارك إيقاظ الأطفال الصباحية اليومية، لأن أجسامهم قد نالت القسط اللازم من الراحة، وستشعر براحة نفسية عند الأولاد، وهذا كله كلام علمي مثبت بالأبحاث والدراسات لجامعات عالمية وباحثين مشهورين.

ونحن نوجه الناس وواجبنا أن نبلغهم عن الأخطار والمشاكل، لكننا لا نملك أن نلزمهم بالتغيير، فالشخص الإيجابي الذي يريد التغير سوف يسعى لذلك ويبذل الجهد، أم من لا يريد فهذا شأنه.

¶ من خلال خبراتك في العامل مع الأطفال والآباء، هل يمكن إقناع الأطفال أنفسهم بهذه المخاطر، أم إن المنع والإجبار من جانب الوالدين هو فقط الحل الممكن؟

- اعتدت أن أقيم ورشة للآباء ثم ورشة أخرى منفصلة للأبناء، وبعد أسبوع من إحدى الورش التي أقمتها اتصل بي أحد الآباء وقال لي «أريد أن أشكرك بشدة، فأنا لأول مرة أشعر بتغيير في بيتي، الولد أصبح متفهما ماذا أريد، وأنا أفهم ماذا يريد، فوازنا الأمور وأصبحنا نطفئ الإنترنت مبكرا ونترك الأجهزة تماما قبل النوم بوقت كاف، ومن جانبي لم أحرمه من اللعب بل تركته يلعب لكن بأوقات محددة اتفقنا عليها سويا، واكتشفت أنني تغيرت وأبنائي تغيروا وأصبحنا نتعامل مع بعض بشكل أفضل كأسرة واحدة»، وهذا الأمر مهم للغاية في علاج المشكلة.

¶ تجربة اختراق الهواتف ووسائل التواصل التي قمت بإجرائها أمام الحاضرين في مؤتمر الطفولة كانت صادمة للحاضرين، فما الوسيلة التي نحمي بها خصوصياتنا ومعلوماتنا؟

- الحل هو ألا نترك لأي أحد جوالاتنا، وأجهزتنا، وألا نقوم بتنزيل أي برامج غريبة، أيضاً الدخول على الشبكات المجانية في المولات أو المطاعم والمقاهي مثلا أو أي جهة فيه خطورة، فالربط مع الشبكات المفتوحة تلك يُمَكِّن أي شخص مرتبط بالشبكة من اختراق أجهزة باقي المشاركين له فيها من خلال أدوات معينة، فيراقب كلمات السر أو الرسائل الموجودة على هواتفهم وغيرها من الأشياء التي تنتهك خصوصياتهم.

إذن، ما النصائح العامة التي تقدمها للمستخدمين لحفظ خصوصياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى أجهزتهم الشخصية؟

- هناك العديد من الأمور التي يجب الانتباه لها جيدا، منها عدم ترك جوالاتنا لأحد غريب أو لا نثق فيه ولو لثوان قليلة، فخلالها يمكنه وضع أدوات تسهل له اختراق هاتفك وهو في يدك واستخدام بريدك وحساباتك على مواقع التواصل والاطلاع على كافة محتوياتها وقتها، وكأنه يمسك بجوالك بين يديه، أيضا ضرورة وضع كلمات سر للجوالات حتى إذا فقدناها فلا يمكن الاطلاع على محتوياتها، كذلك عدم إضافة غرباء على مواقع التواصل، فقبول الصداقات بشكل عشوائي أمر خطير للغاية، لأن هؤلاء ممن لا نعرفهم قد يجمعون معلومات عنا وعن أولادنا، أو يقيمون صداقات مع الأبناء بأسماء وشخصيات وهمية، وبشكل عام مواقع التواصل ومنها الفيس بوك على سبيل المثال، عليها العديد من الحسابات الوهمية حيث لا توجد رقابة حقيقية عليه، فهو مكان ليس للثقة أبداً ولا توجد آلية لتصديق الناس بشكل عام باستثناء آلية توثيق المشاهير وغيرهم بالعلامة الزرقاء، ويمكن لأي شخص فتح حساب باسم طبيب مثلا ومخاطبة الناس وتشخيص الأمراض ووصف العلاج، وما يمكن أن يسببه هذا من مخاطر قد تودي بحياة البعض، وأعرف الكثير من هذه القصص الحقيقية، حيث يتحدث الشخص المدعي ببعض الألفاظ الطبية المتخصصة، ويصف أسماء أدوية وغيرها والتي يأتي بها بسهولة أيضاً من الإنترنت، ونجد له جمهورا ومتابعين ومرضى يستشيرونه ويجربون العلاج.

والبنات بشكل خاص يفضل بعضهن الاستشارة الصحية في بعض الأمور خارج نطاق الأسرة بسبب الخجل، ويعتبرن وجود طبيبة على الإنترنت لا تعرفهن شخصيا فرصة أمامهن للتوجه إليها والسؤال عما يردن من استفسارات، وهنا قد يتعرضن لأحد الأطباء المزيفين ممن نتحدث عنهم، وحتى لو كانت الطبيبة التي يلجأن لها ليست مدعية، فهي قد لا تتمكن من توصيف حالتها وتقيمها، فموضوع التشخيص ووصف الحالة لا يمكن أن يتم هكذا عبر الإنترنت، لكن هناك إجراءات متبعة من فحوصات وأشعة وتحاليل وكشف وغيرها، هذا لا يمكن عمله عبر الإنترنت.

¶ كيف يحمي الأهل أولادهم من الدخول إلى المواقع غير المرغوبة أو الخطرة أو التي يمكن أن تهددهم، وكيف تحمي البنات خصوصياتهن على الإنترنت لأنهن الأكثر تعرضا للابتزاز والوقوع في المشكلات بسبب الصور الخاصة الموجودة على جوالاتهن وغيرها؟

- في قطر تقوم الشركة المزودة لخدمة الإنترنت فعليا بعملية فلترة لمواقع الإنترنت وتحجب الكثير من غير اللائقة منها، وهذا مهم للغاية، لكن هذا وحده لا يمنع تماما المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأبناء، وعلى الأسرة القيام بواجبها تجاه هذا، وهناك عدد من الخطوط العامة، منها أن يكون جهاز الكمبيوتر أو التابليت في مكان مفتوح بالمنزل كالصالة وليس داخل الغرف المغلقة، وعدم تزويد الأطفال بإنترنت على جوالاتهم حتى لا يكون متاحا لهم في كل وقت بعيدا عن أعين الأهل -وهنا أنصح بعدم ممارسة الألعاب على الجوالات، والأفضل أن يكون هذا على شاشات التلفزيون والبلاي ستيشن لأن شاشة الجوالات الصغيرة مؤذية للغاية للعين، وتسبب الإرهاق وتؤثر على الراحة النفسية والتركيز، فلا بد أن نعيد الهاتف لوظيفته الأساسية وهي الاتصال وليس لممارسة الألعاب ومشاهدة الأفلام الطويلة وغيرها مما يؤذي الإنسان ويدمر صحته تدريجيا. من الأمور الهامة أيضاً وضع برامج حماية على الجوالات، بالإضافة إلى عدم وضع الصور الخاصة أو التي لا نرغب أن يراها أحد على الجوالات، خاصة بدون وضع كلمات السر أو الحماية، لأن الهواتف قابلة للفقدان أو التلف أو تركها لدى الفنيين لإصلاحها وصيانتها، فلا نضمن أمانة من تقع في يده، وحتى عند حذف الصور من الجوال عند الرغبة في بيعه أو تصليحه أو إعطائه لآخرين، فهناك برامج يمكنها أن تستعيد كل الصور المحذوفة، وهناك أنظمة مثل الأندرويد تقوم بعمل نسخ خفية، فتكون الصور موجودة حتى لو تم إلغاؤها، وعندما تقع هذه الصور والفيديوهات في يد غير الأمناء يمكن أن يتم نشرها على الإنترنت أو ابتزاز أصحابها بها. فلماذا نضع صور الأعراس والمناسبات والصور الخاصة على الجوالات، ونعرض أنفسنا لما لا تحمد عقباه. للأسف نحن مستهلكون للتكنولوجيا لكننا في الواقع لا نعرف كيف نتعامل معها بشكل جيد، وأنا أحاول في محاضراتي حصر غالبية الأخطاء التي يمكن أن تحدث وأحذر منها وأشرح كيفية التصرف حيالها، حتى يكون لدى المستخدم إجراء جديد في حياته، وكل هذا سأضمنه كتابا أستعد لإصداره قريبا.