مازال التضخم هو الشغل الشاغل للبنوك المركزية الكبرى حول العالم، ومازال رفع سعر الفائدة هو العلاج الذي يملكه رؤساء تلك البنوك، للتعامل مع التضخم بالرغم من الآثار السلبية التي يسببها هذا الإجراء على النظام المصرفي والاقتصاد بصورة عامة.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تأكيدا من جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قوله إنه من المرجح أن يرفع أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، إلا أنه قال ذلك يجب أن يكون بشكل أبطأ من السابق.
وترك مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير الأسبوع الماضي،بعد رفعها في عشرة اجتماعات متتالية،في سياسة تهدف الى مكافحة التضخم،إلا أن باول قال أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأمريكي،"إن المستثمرين والمستهلكين والمقترضين لا ينبغي أن يعتقدوا أن الأمر انتهى".
وقال باول: "بالنظر إلى المدى الذي قطعناه، قد يكون من المنطقي رفع أسعار الفائدة ولكن القيام بذلك بوتيرة أكثر اعتدالا".
وأشارت الصحيفة الى أن التضخم والنشاط الاقتصادي لم يتباطآ بالقدر الذي توقعه العديد من المسؤولين هذا العام، مما يلقي بمزيد من عدم اليقين بشأن مدى ارتفاع أسعار الفائدة هذا العام، إلا أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يرون أن ارتفاع أسعار الفائدة السابقة، إلى جانب الضغوطات الأخيرة على الصناعة المصرفية، سيؤدي في النهاية إلى تباطؤ أكثر حدة مما كان متوقعا.
وفي اجتماع الأسبوع الماضي، ترك المسؤولون سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية في نطاق يتراوح بين 5% و5.25 %. وتوقع معظمهم زيادتين أخريين هذا العام، الأمر الذي من شأنه أن يأخذها إلى أعلى مستوى لها في 22 عاما، وحينها وصف باول هذه التوقعات بأنها "تخمين جيد جدا لما سيحدث إذا كان أداء الاقتصاد كما هو متوقع".
وبعد الحفاظ على معدل الأموال الفيدرالية بالقرب من الصفر خلال جائحة كورونا "كوفيد -19"، رفع الاحتياطي الفيدرالي المعدل في كل اجتماع منذ مارس 2022 بنسبة تراكمية تبلغ 5 نقاط مئوية، وهي أسرع سلسلة من الزيادات منذ الثمانينيات. وأبطأ المسؤولون زياداتهم هذا العام، ورفعوا المعدل بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعاتهم الثلاثة الماضية، وكان آخرها في مايو.
وشبه بأول، في جلسة الاستماع أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأمريكي، الإجراء الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بالسائق الذي بعد الانسحاب من الطريق السريع، يتقدم بسرعة أبطأ لتجنب فقدان الوجهة النهائية.
ويحارب بنك الاحتياطي الفيدرالي التضخم عن طريق إبطاء الاقتصاد، من خلال رفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى تشديد الأوضاع المالية مثل ارتفاع تكاليف الاقتراض، وانخفاض أسعار الأسهم، وارتفاع الدولار.
وقبل قرار الأسبوع الماضي، ألمح باول وبعض زملائه إلى حل وسط محتمل، حيث يتخلى المسؤولون عن رفع سعر الفائدة في يونيو، بينما يتركون الباب مفتوحا أمام احتمال الزيادة في اجتماعهم يومي 25 و 26 يوليو.
وذكرت الصحيفة أن المستثمرين في أسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة يرون احتمالا بنسبة 80%، أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الشهر المقبل.
كما أشارت إلى أن بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي كانوا أكثر تشككا في مارس الماضي، بشأن الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بنسبة أعلى بعد فشل ثلاثة بنوك متوسطة الحجم، ورأوا أن ارتفاع تكاليف التمويل للعديد من البنوك الأخرى قد يتسبب في حدوث أزمة ائتمانية، خاصة إذا واجهت البنوك المزيد من الخسائر من التخلف عن سداد الرهون العقارية التجارية المدعومة بممتلكات مثل مباني المكاتب التي تراجعت قيمها مؤخرا.
وقال باول أمام لجنة الخدمات المالية "لقد رأينا آثار تشديد سياستنا على الطلب في أكثر قطاعات الاقتصاد حساسية لسعر الفائدة". "ومع ذلك، سوف يستغرق الأمر وقتا حتى تتحقق الآثار الكاملة للقيود النقدية، خاصة على التضخم".
وذكرت الصحيفة أنه قد تؤدي إخفاقات البنوك هذا العام في الولايات المتحدة إلى مشكلة بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، لأنه يوازن بين الحاجة إلى القضاء على التضخم من خلال إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة مع مخاطر زيادة تكاليف رأس المال المرتفعة على النظام المصرفي.
وفي أحدث التوقعات، خفض صانعو السياسة في الاحتياطي الفيدرالي توقعاتهم بشأن مدى سرعة تباطؤ التضخم "الأساسي" لهذا العام، حيث يتوقع معظمهم أن يتراجع إلى 3.9% فقط بنهاية العام.