%90 من العرب يؤيدون سياسات قطر والسعودية تجاه سوريا
حوارات
22 مايو 2012 , 12:00ص
أجرى الحوار: عبدالله العذبة - إياد الدليمي
قال الباحث والمفكر اللبناني رضوان السيد إن %90 من العرب يؤيدون سياسات قطر والسعودية تجاه سوريا، مؤكداً أن ما يجري في طرابلس اللبنانية حاليا يعود لأسباب بعضها حالي وآخر قديم.
وأوضح السيد في حوار مع «العرب» أن مدينة طرابلس اللبنانية تعيش صراعا قديما مع النظام السوري، مبينا أن ما قيل عن عناصر تابعة للقاعدة تم إلقاء القبض عليهم في المدينة، لا يعدو أن يكون إعلاما مضللا. وأكد السيد أن ما يجري في طرابلس لن يكون بداية لحرب أهلية جديدة في لبنان «لأن السنة لا يملكون أكثر من 200 قطعة سلاح في كل لبنان». وتوقع السيد أن يسقط النظام السوري نهاية العام، إما بحل سياسي على شاكلة الحل اليمني أو بذات الطريقة التي سقط بها نظام القذافي في ليبيا.
وفي أدناه نص الحوار:
¶ كيف تنظر لما يجري حاليا في طرابلس اللبنانية، وهل للنظامين السوري والإيراني يد في تلك الأحداث؟
- هناك حقيقة أن هذه المدينة طرابلس في صراع مع النظام السوري منذ منتصف الستينيات من القرن الماضي عندما كانت وقتها مدينة قومية، وكانوا من أنصار الوحدة بين لبنان وسوريا فقام البعثيون بعملية انفصالية مع مصر وقاموا بالتظاهر ضدهم تأييدا لجمال عبدالناصر، كنا نتظاهر وقتها ورئيستنا طرابلس، منذ ذلك الحين (1963) لم يمر عام إلا وهناك مشكلات بين البعثيين السوريين واللبنانيين وطرابلس من جهة أخرى, ثم صارت طرابلس إسلامية، بعد أن ظهر بها مئات من الشبان تابعين لتنظيمات إسلامية مختلفة, وظلت طرابلس ضد النظام السوري، الذي صار باسم القومية يقمع هذه المدينة, مع أنه جاء إلى لبنان مع بداية الحرب الأهلية للقضاء على المقاومة الفلسطينية وتكريس الانفصال.
الذي حصل أن عدة ناس عرب معتقلين في إيران ومتهمين بالانتماء إلى القاعدة قبل أسبوعين قد أطلق سراحهم من إيران, وأتوا إلى لبنان عبر سوريا من طرف المخابرات هناك، جاؤوا إلى الشبان في طرابلس وتحديدا للداعمين للثورة، وقالوا لهم نريد إنشاء تنظيم مسلح ونعطيكم فلوسا لدعم الثورة السورية وتحرير فلسطين، فعدد من الشبان دخلوا معهم، بعد ذلك قام هؤلاء المخترقون بالذهاب إلى المطار ليعودا إلى بلادهم فقبض عليهم الأمن اللبناني، وأكثر من ذلك، أنه ومنذ الإفراج عنهم من إيران، سوريا وإيران أبلغوا الأميركيين بأن عناصر القاعدة تتحرك بسوريا, وستتحرك في لبنان لشيطنة الثورة السورية وطرابلس، النتيجة أن شادي المولوي وأربعة آخرين بعد أن قبضوا أموالا من هؤلاء القاعدين قاموا بشراء أربعة رشاشات وقيل إنهم حاولوا تهريبها إلى سوريا، هذه هي التهمة، إنشاء تنظيم مسلح في لبنان وسوريا وربما أبعد من ذلك.
¶ لماذا كثر الحديث عن تنظيم القاعدة في لبنان وسوريا بعد انطلاق الثورة السورية؟
- الأميركيون جزء منهم ما زال يصدق النظام السوري، وفي ويكيليكس أن علي مملوك مدير المخابرات السورية اجتمع بمسؤول أميركي قبل نحو عام ونصف العام، وقال له إننا ساعدناكم دائما ضد الإرهاب ومستعدون لمساعدتكم دائما لماذا أنتم تقفون ضدنا.
¶ كيف تفسر التقارب العراقي السوري بعد أن كانت حكومة المالكي تدعي أن دمشق وراء التفجيرات التي تحصل في بغداد؟
- هم يقولون إن هذا محور إيراني، العراق وإيران وسوريا ولبنان، حكومة حزب الله في لبنان، وهم يواجهون الربيع العربي ويواجهون دول الخليج ويقفون مع النظام السوري الممانع، الذي أرضه محتلة منذ 1967، ولم يفعلوا شيئا لتحريرها، ويقولون إنهم ساعدونا في تحرير الأرض اللبنانية، إذن حزب الله متكفل بتحرير الأرض، أنت حرر الأرض التي أضعتها أنت، النظام السوري له ركائز خارج سوريا، عنده ركيزة في لبنان وأخرى في العراق وفي إيران وفي أميركا وإسرائيل, وهذه الأوتاد لسوء الحظ الشعب السوري بدمه يقطع هذه الأوتاد منذ عام وثلاثة أشهر, ومع ذلك يبقى النظام الروسي والعراقي والإيراني, والآن الأجهزة اللبنانية تدعم هذا النظام، وزير داخلية لبنان، مدير أمنه العام يقول إنه يأتمر بأوامر النظام الروسي، وليس بأمر رئيس الحكومة أو الجمهورية، مدير الأمن العام اللبناني قال إنه كان في الأسبوع الماضي في سوريا, وكنا نعمل تنسيقا أمنيا لمصلحة البلدين، وزير الداخلية يقول إنه لا يعرف أنه كان في سوريا، الأجهزة الأمنية في لبنان تأتمر بأمر نصرالله وليس بأمر الحكومة اللبنانية.
الذي أراه أن هذه البؤرة الجريحة في طرابلس لم نفعل لها شيئا في تيار المستقبل، هذا الأمر منذ 20 عاما، هذه المسألة كان ينبغي أن نحلها بالقوة وتولينا حكومات بعد 2005 وتركنا هذا الجرح النازف يستغله كل إنسان، هؤلاء الشبان طيبون وقوميون وإسلاميون, ولكن يعانون من فقر وبؤس واختراق من المخابرات السورية وحزب الله والمخابرات الإيرانية واللبنانية التابعة الآن لحزب الله.
اليوم ليس هناك دولة أو جيش في لبنان، نحن قلنا لا نريد تهريب السلاح إلى سوريا، أين هو الجيش ليمنع التهريب، كيف يقتل كل يوم من النازحين السوريين إلى لبنان؟ هناك تآمر على هذه المدينة لتظل جرحا نازفا في خاصرة السنة، وهناك أيضاً تقصير لدى المسلمين السنة لإنقاذ هذه المدينة.
¶ برأيك كيف يمكن إنقاذ المدينة؟
- ليس بالسلاح، السلاح علتنا، يتبين دائما عندما تنشب المعارض أن الذي بدأها هو الطرف الآخر، بل إن بعضا ممن يردون عليه هم عملاء له، المقصود هو إرهاب المدينة وإرعابها، ويقولون إن هذا دليل على أن قيادة تيار المستقبل أصولية، فترد قيادتنا بالتبرؤ من هؤلاء الفقراء والمتعبين والمهمشين. حتى الآن هناك ما لا يقل عن 500 معتقل من مدينة طرابلس منذ عام 2005 وحتى الآن، ولم توجه لهم أية تهمة أو تجرى لهم أية محاكمة.
¶ هل تعتقد أن ما يجري في طرابلس يمكن أن يكون بداية لحرب أهلية جديدة في لبنان؟
- لا، تعرف لماذا؟ لأنه ليس لدى شباننا سلاح، يعني كل ما يملكه السنة في كل لبنان 200 رشاشة.
¶ هل تعتقد أن النظام السوري يمكن أن يحرك أنصاره ومواليه في لبنان ليفجر الوضع في لحظة ما، عندما يعتقد أنه بات قاب قوسين أو أدنى من السقوط؟
- أنا كنت أظن أن حزب الله ما دام مسيطرا على الحكومة الآن ويفعل ما يشاء، ليس من مصلحته الاضطراب الآن، فهو مسيطر على كل شيء، تبين أن رأيي غلط، لأنه حتى لو كان ذلك الاضطراب ليس من مصلحة حزب الله، إلا أن النظام السوري على ما يبدو تضايق، لسببين، الأول تأديب أهل طرابلس الذين يقفون ضده، وثانيا اختراقهم لصالح الولايات المتحدة، ليقولوا إن هناك إرهابا عند السنة في لبنان وسوريا، وبالتالي ينبغي الوقوف مع النظام السوري وليس ضده.
¶ النظام السوري منذ أكثر من عام وهو يواجه الثورة الشعبية العارمة بالرصاص، مقابل ذلك هناك تقاعس دولي ولامبالاة جراء ما يجري في سوريا، لماذا برأيك؟
- هناك عدة أسباب، أولها وأهمها أن سوريا على حدود إسرائيل، ورغم أن الثورة المصرية لم تعتبر أن موضوع إسرائيل موضوعا رئيسيا فقد صارت حدود إسرائيل مع مصر أقل أمنا، رغم معاهدة السلام، هم متوقعون في إسرائيل أنهم لم يكونوا آمنين كما هم آمنون الآن إلى جانب النظام السوري الحالي، ومنذ خمسين عاما تقريبا ولهذا أثروا على الولايات المتحدة وعدلت موقفها، فكانت مع الثورات العربية كلها إلا الثورة السورية.
¶ إذن المفتاح في تل أبيب..؟
- المفتاح في تل أبيب، السبب الثاني أن الروس وجدوا أنهم يستطيعون من خلال سوريا تصفية مشاكلهم مع الولايات المتحدة ليحصلوا على صفقة في النهاية على حساب الثوار، الأمر الثالث أن إيران ربت مناطق نفوذ في هذه المنطقة العربية بمساعدة الولايات المتحدة منذ احتلال العراق، ثم جاءت قصة النووي، ظن الإيرانيون أن الأميركيين بما أنهم يعاوننهم في الشرق الأوسط ضد الإرهاب العربي وللسيطرة على العراق وأفغانستان من جهة أخرى، ظنوا أنهم سيسمحون لهم بإنتاج قنبلة نووية كما سمحوا لباكستان بعد أن ساعدتهم ضد الروس، إسرائيل خافت جدا من القصة وصارت تقول منذ خمسة أعوام إنه ليس هناك شيء أخطر علينا من خطر النووي الإيراني، فرفعت ثمن النووي الإيراني الذي قد يكون وهما، صار الجميع يسعى لإزالة الخطر عن إسرائيل عن طريق إعطاء إيران ثمنا غاليا، ما هذا الثمن؟ إيران ماذا تقول الآن، أنا أتنازل عن النووي مقابل مناطق نفوذ في العالم العربي، وهم يريدون شيئا في الخليج، ولكن الأميركيين لا يستطيعون إعطاءهم شيئا في الخليج بسبب مصادر الطاقة هناك، فهناك مساومة على العراق وسوريا ولبنان.
لا أحد يتحدى إيران اليوم غير دول الخليج، ولذلك هي في الوقت الذي تحرك عناصر في الجزيرة العربية للضغط على دول الخليج، في الوقت نفسه هي تعتقد أن العراق ملكها وأنها ينبغي أن تكون صاحبة اليد العليا في سوريا ولبنان، هذا الكلام لم يعد ممكنا، الشعوب العربية قامت بثوراتها ولهذا هناك أزمة مستشرية يمثل العرب فيها دول الخليج ومصالحهم، ومن جهة أخرى هناك عناصر كبرى متحركة ليست دولية فقط, بل الإقليميون مثل إيران وتركيا، هناك صراع رهيب، الذي غير الموقف لغير صالح إيران، هو الثورات العربية وصمود دول الخليج، التحدي كبير سابقا, كان يبدو أن الأمر محسوم ما دامت الولايات المتحدة مع إيران, ويحتلان معا العراق وأفغانستان، وأن هذه نقاط نفوذ ثابتة لإيران بشراكة الولايات المتحدة، على اعتبار أنها مناطق لمصارعة الإرهاب، الإرهاب ذهب ومات بن لادن ولم يهتم لموته أحد، والشعوب العربية هبت تريد حريتها بنفسها لا عن طريق حكامها ولا عن طريق المحاور، غير أن الصراع لم يحسم بعد، الثورة السورية ما زالت تنزف، ودول الخليج تخوض صراعا لمجابهة النفوذ الإيراني.
¶ كيف تنظر لحملة شيطنة قطر والسعودية التي تقودها دوائر إعلامية؟
- %90 من العرب يؤيدون ويدعمون موقف قطر والسعودية، فلا يهمني ماذا يقول هذا التلفزيون وهذه الإذاعة، كل من لا يدعم الثورة السورية هو عميل إيراني سواء تحرك بدوافع سياسية أو طائفية.
قطر والسعودية اليوم تخدم الأمة العربية واستقرارها، هذا الدعم القطري على سبيل المثال للثورات العربية، يخدم هذه الأمة، يخدم وجودنا، نحن مررنا بحالة لم نمر بها منذ الحروب الصليبية، نحن منذ عام 1963 ومرض البعث يفتت جسد الأمة، عندما حول الجمهوريات إلى ملكيات وشرذم العرب واضطهد الأكثريات وألغى الانتخابات وعمل ما لا يعمل، لا يشبه هؤلاء الناس إلا المغول.
¶ هل هناك خشية اليوم من تغلغل إيراني في بلدان الربيع العربي؟
- هذه الظاهرة ليست جديدة، هي قديمة، كان الإيرانيون والشيعة مرحبا بهم، باعتبار أنهم كانوا معارضين للحكام العرب الذين يتخاذلون في قصة فلسطين، الأمر الآن اختلف، فما يفعله الإيرانيون الآن أنهم يسارعون إلى افتتاح حسينية أو افتتاح جمعية شيعية وما إلى ذلك، هذه محاولات لذر الرماد في العيون، انتهى الأمر بالنسبة لإيران في العالم العربي، خذ مثلا، ماذا فعل أهل درعا، قاموا بحرق مجمع آل البيت الذي أنشأته إيران في المحافظة بعد أسبوع من انطلاق الثورة، علينا ألا نشطين التشيع، فإن إيران تستخدمه لتحقيق أهدافها، الشيعة جزء منا ولسنا جزءا منهم، استطاعوا عندما كان العالم كله يقف ضد السنة بحجة الإرهاب، الآن لن يستطيعوا فعل ذلك، المهم اليوم ألا نخضع للابتزاز ونعتبر الشيعة أعداء وخصوما، هذه سياسة إيرانية، لو ذهب الخامنئي وبنظام ولاية الفقيه مؤكد ستقوم علاقات جديدة بين إيران والعالم العربي.
¶ متى تتوقع أن يسقط النظام السوري؟
- هناك من يحدد الانتخابات الأميركية تاريخا لذلك، أي في نهاية العام، بعد الاتفاق مع الروس, وأيضا الاتفاق مع إيران لتأجيل النووي، الرأي السائد الآن أنه في أواخر هذا العام سيتغير النظام السوري إما بالسقوط المريع وإما بالتنحي والحل السياسي على شاكلة الحل اليمني، وأنا أرجح هذا الرأي، إيران الآن وأنصارها يدفعون مليار دولار للنظام السوري، إلى متى سيبقون يدفعون هذه الأموال؟ وهل يتحمل العالم ثلاثين أو أربعين ألف قتيل في سوريا؟ أنا أرجح أنه في نهاية هذا العام سيحصل شيء ما, إما بتنحي الأسد أو بسقوطه سقوطا مريعا.