تُعد رحلة «مشرَّف حسين» من بيئة محرومة إلى نجاح منقطع النظير في قطاع الطاقة في بلده بنغلاديش قصة ملهمة تجسد معاني المثابرة والامتنان وقوة الدعم. لم تكن قصته مجرد انتصار شخصي، بل شهادة حيّة على الأثر العميق الذي تتركه المنظمات الإنسانية والخيرية، مثل قطر الخيرية، في حياة المحتاجين من خلال تقديم يد العون والمساعدة لهم.
طفولة محفوفة بالتحديات
وُلد «مشرَّف» عام 1988 في منطقة «راجشاهي»، حيث واجه تحديات كبيرة منذ طفولته. فقدْ توفي والده، عبد الرحمن، في حادث مأساوي عندما كان في العاشرة من عمره، مما أغرق أسرته في ضائقة مالية؛ فبذلت والدته، سونافان بيجوم، قصارى جهدها لإعالة أطفالها الستة من خلال العمل في الزراعة، واعتمدت الأسرة أيضًا على دعم الأقارب بين الحين والآخر. ومع ذلك، كانت المصاعب تفوق قدرتها على التحمل.
مسيرة تعليمية
رغم هذه التحديات، تألق «مشرَّف» في دراسته، لكن قلة الموارد كادت أن تحرمه من مواصلة تعليمه. إلا أن نقطة التحول في حياته جاءت عندما حصل على دعمٍ من قطر الخيرية، مما غيّر مجرى حياته، حيث كفلته وهو في الصف السابع، ووفرت له بيئة مشجعة ساعدته على تجاوز التوترات والضغوط النفسية.
وبفضل هذا الدعم، تفوق في دراسته واجتاز امتحانه الثانوي بامتياز من «مدرسة وكلية جوداغاري»، ثم حصل على دبلوم في الهندسة الكهربائية من «معهد راجشاهي بوليتكنك»، وبعد ذلك واصل دراسته حتى تخرج في عام 2015 من جامعة دكا للهندسة والتكنولوجيا.
يقول «مشرَّف» عن نفسه: «لولا دعم قطر الخيرية، لما تمكنت من قطع هذا المشوار الطويل.» فقد كان تعليمه، الذي مهد له الطريق نحو مسيرته المهنية، ثمرةً للكفالة التي منحته الفرصة للتركيز على دراسته وتحقيق أحلامه.
وبعد إتمام تعليمه، بدأ «مشرَّف» مسيرته المهنية في إحدى الشركات الخاصة، ويعمل حاليًا كمهندس عمليات في شركة شبكة الكهرباء في بنغلاديش (Power Grid Corporation of Bangladesh).
رد الجميل
يفهم «مشرَّف» تمامًا التحديات التي يواجهها الأيتام، ولذا يسعى جاهدًا لرد الجميل. فبعد أن حظي ببيئة داعمة خلال سنواته الصعبة، بات يُدرك أهمية توفير الدعم العاطفي والنفسي للأطفال الذين فقدوا أحد والديهم، تمامًا كما كان يحتاج إليه.
في عام 2024، أصبح عضوًا في اللجنة الإدارية لمركز رعاية الأيتام التابع لقطر الخيرية في منطقة جوداغاري، حيث يعمل على تقديم نفس نوع الإرشاد والرعاية التي تلقاها للأيتام، ليساهم في توفير بيئة داعمة ومحفزة للأطفال المحتاجين.
يقول «مشرَّف»: «من واجبي مساعدة الأيتام، لذا أسعى دائمًا إلى تقديم الدعم النفسي لهم، لأنهم بحاجة إلى تعزيز ثقتهم بقدرتهم على النجاح.»
طموحات
استلهم «مشرَّف» من جهود قطر الخيرية وكرم الشعب القطري عزمه على تكريس حياته لدعم الأيتام. فهو يحلم بإنشاء «مركز للدعم النفسي» يوفّر لهم التوجيه العاطفي اللازم ليحققوا النجاح. كما يدعو «مشرَّف» إلى دمج التدريب المهني مع التعليم العام للأيتام، إيمانًا منه بأهمية اكتساب المهارات العملية لضمان فرص عمل واعدة بعد التخرج.
ويختتم حديثه قائلاً: «أرغب في أن أكون بجانب الأطفال الأيتام طوال حياتي، وأؤمن بأن قطر الخيرية يمكن أن تؤدي دورًا مهمًا في توفير التدريب المهني، لضمان مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال.»