قرّر مصرف قطر المركزي إلزام البنوك العاملة في قطر بمنع استخدام الحسابات المصرفية والبنكية للعملاء لديها في التعامل والتداول بالأصول والعملات الافتراضية -المشفّرة- خاصة «البيتكوين».
كما قرّر مصرف قطر المركزي منع استخدام الحسابات البنكية والمصرفية في إرسال أو استقبال أي حوالات مالية بغرض شراء أو بيع أو تبديل هذه الأصول الافتراضية.
ويأتي قرار مصرف قطر المركزي بعد أن شهدت الأسواق العالمية اضطرابات حادة خلال الشهر الحالي، بعد التذبذب الكبير الذي شهدته أسعار العملات الافتراضية والمشفرة، وحماية للحسابات المصرفية وأموال المودعين في قطر، وذلك بعد زيادة الرسائل النصية الخاصة بالإعلانات المضللة التي ترد يومياً لأصحاب الحسابات المصرفية في قطر، وتغريهم بتحقيق ثروات طائلة في حالة الاستثمار في هذه العملات، وتطالبهم بالتسجيل على مواقع المنصات الإلكترونية التي تتعامل في العملات الافتراضية.
تعزيز الاستقرار المالي
ويؤكد مصرف قطر المركزي أنه يسعى نحو تعزيز الاستقرار المالي والحفاظ عليه في قطر، من خلال تبني سياسة ذات محورين: المحور الأول يتمثل في الحيلولة دون تعرض النظام لمستوى غير مقبول من المخاطر، وتؤكد الإجراءات الوقائية على ضرورة إجراء الرقابة والإشراف على كافة البنوك والمؤسسات المالية بصورة منتظمة، وذلك لسرعة الكشف المبكر عن نقاط الضعف في النظام المالي.
وعلى الرغم من تطبيق الإشراف والتحوط، فإنه يستحيل حماية النظام المالي تماماً ضد كافة أنواع المخاطر؛ لذا فإن المحور الثاني يرتكز على سياسات علاجية تسعى إلى احتواء الأزمة بأسرع وقت ممكن ومنع انتشارها.
من ناحية أخرى، فإن مصرف قطر المركزي يقوم بتحقيق الاستقرار المالي من خلال تهيئة البيئة المالية المناسبة، فضلاً عن قيامه بإعداد ومراقبة مؤشرات الملاءة والسلامة المالية بصورة منتظمة.
ويؤكد «المركزي» أن توفير الاستقرار الاقتصادي يُعد شرطاً أساسياً لحثّ المستثمرين على القيام بالتزامات طويلة الأمد لتوسيع القاعدة الإنتاجية.
ومع أن أي اقتصاد معرض للوقوع في الأزمات، فإن التقلبات المزمنة أو طويلة الأجل مثل الاضطرابات المالية العنيفة من شأنها أن تؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي، ولعل قطر من الدول القليلة التي لم تؤدِّ موجات التقلبات فيها إلى نتائج غير محمودة العواقب، كما حدث في بعض الاقتصادات المرتبطة أساساً بصادرات الموارد الطبيعية.
مغامرة محفوفة بالمخاطر
وأشاد خبراء المال والاقتصاد بقرار مصرف قطر المركزي، وأكدوا أنه يحمي النظام المصرفي وأموال المودعين من الشركات والأفراد ضد أي ممارسات ضارة، تؤدي إلى الإضرار بهذا النظام، وتوفير الحماية الكاملة للحسابات المصرفية.
وشدد الخبراء على أن الاستثمار في العملات المشفرة لا يزال يمثل مغامرة محفوفة بالمخاطر، لا يمكن ضمانها أو التأكد من الاستثمار فيها، محذّرين من التعامل على العملات المشفرة وفي مقدمتها «البيتكوين»، بعد أن شهدت تعاملات هذه العملات اضطرابات حادة في الأسواق العالمية، أدت إلى خسارة البيتكوين حوالي 70 مليار دولار خلال يومين، حيث ارتفعت إلى أرقام خيالية، وسرعان ما هبطت بشدة، وخلّفت خسائر وصفها المسؤولون في تلك الأسواق بالمدمّرة التي دمرت ثروات المستثمرين، وسط توقعات باستمرار الهبوط الحاد خلال الفترة المقبلة.
ويؤكد الخبراء أن التعامل على العملات المشفرة حالياً يهدد بضياع الأموال والاستثمارات؛ لأنها عملات وهمية غير حقيقية، مشيرين إلى تحذير السلطات الأميركية من الخسائر الكبيرة والعميقة جراء التداول غير المحمي في العملات المشفرة.
الخبير المصرفي عبد الله الرئيسي يؤكد أن هذه العملات ليس لها غطاء نقدي، أو سلطة يمكن الرجوع إليها مثل المصارف المركزية وغيرها، ولكنها مجرد أرقام على أجهزة الكمبيوتر لا نعرف من يديرها، أو من وراءها، أو المسؤول عنها، لذلك فهي أموال تدار بطريقة وهمية ليست استثماراً على الإطلاق؛ لأن الاستثمار يكون من خلال خدمة أو منتج يتم الاستثمار فيه، ويكون له وجود على أرض الواقع، حيث يمكن تتبعه ومراقبته وتقييمه، من خلال الأصول والقواعد المحاسبية المعروفة، ولكن ما يتم حالياً هو عمليات نصب دولية واسعة النطاق، يقع ضحيتها أصحاب النفوس الضعيفة الذين يبحثون عن الفرص وخطفها دون أي عمليات حقيقية، وما يتم حالياً فهو مضاربة خطيرة في عالم وهمي وخفي لا تحكمه قوانين أو تشريعات أو سلطة دول أو مصارف وبنوك مركزية، ولكن تحكمه عصابات خفية تحتال على أصحاب الأموال الذين يبحثون عن خطف الأرباح.
دخول العالم الوهمي
من جانبه، يؤكد الخبير المالي عبد الله الخاطر أن العملات المشفرة هي عملات وهمية وأرقام يتم تداولها على أجهزة الكمبيوتر والجوال بدون مرجعية أو بدون مصدر لها أو رقابة عليها، وتمثل عمليات مضاربة أقرب ما تكون إلى المقامرة غير محسوبة العقبات، وتديرها عصابات خفية لن تظهر إلى النور أبداً، ولا يعرف أين مكانها أو المسؤول عنها، ولكنها شبكة تدير المليارات بدون رقيب أو حسيب أو مرجعية.
ويضيف: لذلك لا ننصح إطلاقاً بدخول هذا العالم الوهمي، فليس هناك سلعة يتم تداولها، وليس هناك أصول تضمن التعاملات، وليس هناك سلطة رقابية تتابع هذه العمليات، وإنما هي أرقام مشفرة يتم تداولها بين أصحابها، وإذا كانت قد حققت بعض الأرباح، لكن التوقعات بأنها فقاعة سرعان ما ستنفجر مع الأموال التي سحبتها من الأفراد، فليس هناك استثمار يقوم على عمليات وهمية تحمل خطورة كبيرة على أصحابها.
ويحذّر الخاطر الأفراد في قطر من التعامل على هذه العملات الوهمية، رغم ارتفاع أسعارها خلال الفترة الماضية، ولكن في يومين فقط خسرت 21 % من قيمتها، وعلى الأفراد تجاهل هذه الإعلانات التي تكذب وتوهم الأفراد بقدرتها على تحقيق الثروات والأحلام، ولكنها أحلام وثروات أقل ما توصف به أنها وهمية، تخضع للأهواء الشخصية من تفاؤل وتشاؤم وأخبار، وكلها عوامل تتحكم بها، وليس اقتصاداً حقيقياً أو استثماراً قائماً على التقييم والمراجعة والدراسات.