فنزويلا في عزلة بعد التقارب الكوبي الأميركي
حول العالم
21 ديسمبر 2014 , 02:44م
كراكاس - ا.ف.ب
بعد إعلان التقارب بين هافانا وواشنطن تجد فنزويلا الحليف الرئيسي للنظام الكوبي، نفسها معزولة ما قد يرغم رئيسها نيكولاس مادورو الى التخفيف من لهجة خطابه الناري تجاه الولايات المتحدة على خلفية أزمة إقتصادية خطيرة.
وقال المحلل السياسي نيكمر إيفانز وهو من تيار ينتقد السياسة التي أرساها تشافيز "إن هذا الإعلان فزع حكومة مادورو بجصوص سياستها تجاه الولايات المتحدة، بما في ذلك الخطاب السياسي المعتمد في الداخل الذي كان يرتكز الى حد كبير على النضال ضد الإمبريالية وإدانة الحظر الأميركي على كوبا".
ومنذ الأربعاء الماضي بدأ المعارض البارز إنريكي كابريلس يشدد الضغوط على مادورو.
وقال كابريلس "بينما تسعى كوبا الى تحسين علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع الولايات المتحدة، تسعى حكومة مادورو لزيادة علاقاتها سوءا، لإستخدامها كحاجب دخان وتحويل الإنتباه عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي نعيشها".
فمع تضخم سنوي بنسبة تزيد عن 60% ونقص خطير يشمل 40% من السلع الأساسية، تقترب فنزويلا من حافة التوقف عن السداد برأي العديد من المحللين.
ويزداد الوضع سوءا يوما بعد يوما مع تدهور أسعار النفط في هذا البلد الذي يملك أكبر إحتياطي للخام في العالم والذي يعد أيضا أبرز داعم إقتصادي لكوبا.
ويرجح أن يكون هذا الجانب لعب دورا أساسيا في المصالحة التاريخية بين الولايات المتحدة وكوبا المعلنة الأربعاء الماضي، إذ تخشى كوبا أن يؤثر الوضع الاقتصادي لفنزويلا على المساعدة التي تقدمها الى الجزيرة.
وتزود فنزويلا حليفتها بـ60% من إحتياجاتها النفطية مع تسهيلات في الدفع وتشتري منها خدمات حوالى 40 ألف مهني بينهم 30 ألف طبيب وممرض.
ويعتبر الخبير الاقتصادي بافل فيدال من جامعة كالي الكولومبية أن التقارب "هو جهد إضافي تقوم به الحكومة الكوبية لتنويع إقتصادها وتقليص تبعيتها لفنزويلا".
ويتوقع في حال توقف التجارة بين كراكاس وهافانا أن تغرق كوبا في 4 سنوات من الإنكماش".
ولفت ميلوس الكالاي الدبلوماسي الفنزويلي الذي كان نائبا لوزير الخارجية الى أن "كوبا عاشت تجربة الفترة الاستثنائية في التسعينيات عندما سقط الدعم الاقتصادي لميثاق وارسو فجأة".
وأضاف ميلوس أن "الأزمة الاقتصادية البنيوية في فنزويلا دفعت الرئيس الكوبي راؤول كاسترو الى البحث عن بديل لئلا يؤخذ على حين غرة".
وتابع الدبلوماسي الفنزويلي أن المفاجأة كانت لفنزويلا لأنه فيما كان يتفاوض سرا مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق تقارب قام كاسترو بالخطوة نفسها "كل شيء يدل على أن راؤول كاسترو لم يتحدث مع مادورو في هذا الشأن".
وكانت كراكاس تجد في هافانا رفيقا في الخطاب الناري ضد الولايات المتحدة.
لكن ميلوس الكالاي رأى "أنه أمر ذو مغزى أن تتبنى كوبا هذا الموقف البناء في وقت تتصاعد فيه المواجهة الكلامية لفنزويلا تجاه الولايات المتحدة" مضيفا "أن نهج مادورو الراديكالي تجاه الولايات المتحدة يتباين مع طريق الحوار الذي سلكته كوبا، لكن ذلك قد يتغير".
فمادورو الذي يواصل سياسة سلفه ومرشده الروحي هوغو تشافيز الذي توفي في 2013 إعتاد على إعتماد خطاب حاد تجاه الولايات المتحدة، فيما لم يعد للبلدين أي تمثيل على مستوى سفير في عاصمتيهما منذ العام 2010.
والإعلان الأخير عن عقوبات يتوقع أن يقرها الكونغرس الأميركي ضد الفنزويليين المتورطين في قمع التظاهرات ما كان من شأنه سوى أن يزيد الطين بلة.
وقبل بضعة أيام فقط وصف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو العقوبات الأميركية بأنها "حمقاء".
وقبل الإعلان التاريخي لراؤول كاسترو وباراك أوباما المصالحة، حاول مادورو إقناع البرازيل والأرجنتين والأوروغواي وباراغوي المجتمعة معه في إطار قمة مركوسور بدعم إعلان ضد الولايات المتحدة بسبب هذه العقوبات وبعد بضع ساعات تغيرت اللهجة بشكل ملحوظ فقال مادورو "إن بادرة أوباما شجاعة وضرورية للتاريخ".
ورأى مكتب الاستشارات الأميركي ستراتفور "أن الصعوبات الاقتصادية المتزايدة التي تمر بها فنزويلا والاضطرابات المحتملة قد تحثه الى إعتبار تحسن العلاقات هذا تهديدا ممكنا على المدى الطويل ولمعالجة هذا الوضع قد يسعى الى الاقتداء براؤول كاسترو".
واضاف المكتب الأميركي "مادورو قد يكون لديه دافع إضافي للسعي الى تحقيق تقاربه الخاص مع الولايات المتحدة" مذكرا بأن محادثات قد جرت في الأشهر الأخيرة لكنها لم تفض الى أي نتيجة حتى الآن.