أكثر من 1000 طالب بالنسخة الافتتاحية.. المؤتمر يمنح الشباب مواصفات القائد الناجح

alarab
محليات 21 سبتمبر 2025 , 01:24ص
حامد سليمان

اختتم مؤتمر «قيادة» الذي تعقده مؤسسة قطر أعماله امس، بالتأكيد على أهمية تبنّي مفهوم القيادة الذي يتمحور حول الإنسان، والارتكاز على القيم المستمدة من الثقافة الإسلامية، وإحداث التأثير الإيجابي في حياة الأفراد وبناء المجتمعات. 
شهدت النسخة الأولى من المؤتمر، التي نظمها قطاع التعليم العالي في مؤسسة قطر على مدار يومين في «ملتقى» (مركز طلاب المدينة التعليمية)، برعاية الدولي الإسلامي، مشاركة أكثر من 1000 طالب وطالبة من مختلف أنحاء مدارس قطر وجامعاتها، الذين توافدوا إلى مكان انعقاد المؤتمر، وحضروا الجلسات التفاعلية والنقاشية، حيث تناولوا سُبل معالجة التحديات في عالمنا المعاصر، واستمعوا إلى نخبة من العلماء والمفكرين والمؤثرين الذين أكدوا بدورهم على أهمية ترسيخ الهوية الإسلامية وتعزيزها بالاستناد إلى الإيمان والمعرفة.
خلال الجلسة الافتتاحية من اليوم الثاني للمؤتمر، قدّمت سعادة الشيخة الدكتورة حصة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس ومؤسس مركز الحياة الطيبة للتنمية المهنية والتدريب في الدوحة، وأستاذ مساعد في قسم العلوم التربوية بجامعة قطر، نموذجًا للقيادة من منظور «الحياة الطيبة»، يقوم على خمس ركائز أساسية تُشكّل شخصية القائد المسلم وهي: القيادة الروحية، النفسية، الفكرية، البدنية، والاجتماعية.
وقالت سعادتها: «يتمحور موضوع نقاشنا اليوم حول القيادة، والمقصود بها القيادة الفاعلة المتجذرة في الإرادة التي يحملها الفرد لخدمة الناس والمجتمع»، مشيرة إلى أن «القادة الحقيقيون يُطلقون قدرات الآخرين ويعززونها، ليس من خلال القوة أو الهيمنة، بل بالإنسانية والرؤية الواضحة والرحمة».
أضافت سعادتها: «قد توحي كلمة قيادة بالسيطرة أو القدرة على التحكّم بشؤون الآخرين، لكن القيادة الحقيقية ليست امتيازًا للأقوياء، بل مسؤولية فردية وجماعية مُشتركة لتقديم إسهامات إيجابية تُحقق التقدم الاجتماعي وتنمية الإنسان أينما وُجد. من هذا المنطلق، يحمل مفهوم القيادة في الإسلام معاني عميقة تنعكس في النموذج النبوي للقيادة، الذي يحث على اتباع طريق الحق والاستقامة».
كذلك دعت سعادة الشيخة الدكتورة حصة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، الشباب المشاركين في «قيادة» إلى أن يكونوا كـ»النحل»، أي «لا يتناولون إلا خيراً ولا يعطون إلا خيرًا»، مؤكدة أهمية اقتران العلم بالعمل. وختمت بالقول: «العلم ينادي بالعمل، فإما أن تجيبه أو يرحل عنك».
من جهته، رأى الدكتور مُطلق الجاسر، واعظ وباحث في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت، أن مناقشة قيادة الأُمة نحو التطور والتقدم والنهضة، هو موضوع جوهري يُحدث أثراً في النفس، داعيًا إلى الإجابة عن تساؤلات رئيسية وهي: قيادة نحو ماذا؟ ونهضة عن ماذا إلى ماذا؟ وتقدّم إلى ماذا؟ وذلك من أجل التوجه نحو الطريق الصحيح، مُشيرًا إلى أن تحقيق التقدم يقوم على كلمة الله العليا. كما ركّز الدكتور مُطلق في كلمته على غَلبة الجانب المادي في عصرنا الحالي على الجانب الأخلاقي، قائلًا: «قبل أن نتحدث عن القيادة والنهضة يجب أن نعرف نقود إلى ماذا؟ وكيف نتجه». 
وعلّق الدكتور الجاسر على ما تمر به الأمة من تحديات في وقتنا الحالي، وأضاف: «لن تنصلح أحوال الأمة وتنهض ما لم تُعد ترتيب أولوياتها. إني لا أقول ألا يعتني الإنسان بحياته، لكن لابُد لنا من ترتيب الأولويات وإصلاح الخلل في نظرتنا إلى الحياة، ونظرتنا أيضًا إلى مفهوم النجاح. إذا أصلحنا هذا الخلل، وعَرفنا من هو الناجح حقًا، ومن هو الفائز صدقًا، تأتي مسألة التقدم إلى الاتجاه الصحيح».
وختم: «يُعتبر مفهوم الحرية من أقوى المفاهيم السائدة في هذا العصر، لأن المعايير التي يُريد الفرد التحرر منها غير واضحة. وبالتالي، لن تجد حرية في غير عبادة الله سبحانه وتعالى. فمن كانت بوصلة حياته المادة، فهو عبد لها. ومن كانت بوصلته الهوى، فهو منقاد لها. إذا أردتَ أن تكون مُتحررًا من كل القيود المادية عليك أن تكون عبدًا لله. لذا، ينبغي علينا تصحيح معيار النجاح في الحياة وأن نتوجه إلى هذه المعايير ونجعلها بوصلة لنا. إذا تحقق ذلك، تنطلق مسألة القيادة والتقدم». 
بدوره، تحدث الشيخ سالم الأحبابي، مدير مركز ابن الزبير العلمي، في الجلسة الختامية للمؤتمر، عن ثلاث ركائز أساسية تُشكّل هويتنا، مؤكدًا على ضرورة عودة الشباب إليها وهي: الدين، واللغة، والتاريخ.
قال الأحبابي: «لاحظنا من خلال جلوسنا مع عدد من الشباب، سواء في الخليج أو خارجه، وجود نقص كبير في المعلومات الأساسية المتعلقة بالثقافة الإسلامية. ومع ذلك، فإن سد هذا النقص لا يحتاج إلى جهد كبير ولا إلى سنوات طويلة من الدراسة، فالإنسان لا يحتاج أن يقرأ عشرات المجلدات أو يلتحق ببرامج معقدة. بل يكفي أن يخصص وقتًا يسيرًا ليكمل هذا النقص في أساسيات الدين، ويحسّن لغته العربية، ويأخذ فكرة عامة عن تاريخه».
وأضاف: «هناك فكرة مغلوطة شائعة، وهي أن الدين أو اللغة أو التاريخ أمور خاصة بفئة معينة من المجتمع: العلماء، أو الأكاديميون، أو المتخصصون. بينما الحقيقة أن هذه الأمور واجبة على كل مسلم. فالقرآن والسنة موجهان لجميع الناس، وليس لفئة بعينها. وينطبق ذلك على اللغة العربية أيضًا. فغير العرب عندما يدخلون الإسلام يُقبلون على تعلم العربية بشغف، ويشعرون بجمالها لأنها لغة القرآن، بينما أبناء العربية أنفسهم يتخلون عنها».
وختم الأحبابي: «أما الركيزة الثالثة فهي التاريخ. وبالتالي تفتخر الأمم المتقدمة بتاريخها، بل تبحث عن أي أثر في باطن الأرض لتبني منه مجدًا حضاريًا. بينما نحن نملك تاريخًا عظيمًا ممتدًا. لذا لابُد أن نتعامل مع التاريخ بإنصاف، وأن نستفيد من جوانبه المضيئة، ونتعلم من أخطائه».
في الجلسة الختامية أيضًا، أوضح الدكتور عمر سليمان، مؤسس ورئيس معهد يقين للبحوث الإسلامية، ماهية التميز، قائلًا «إن التميز أسلوب حياة، فالأعمال الصالحة لا تُعزل، لأن كل عمل صالح يقود إلى أعمال صالحة أخرى ترافقها، كذلك فإن أن كل عمل سيئ يشير إلى غيره من السيئات.
وختم: «عندما ترى شخصًا يسعى نحو التميز في جانب من جوانب الحياة، فاعلم أنه يحمل عقلية التميز التي تمتد إلى الجوانب الأخرى من حياته. إن التميز يتطلب التوازن، كما يتطلب الانضباط، وهذا يعني التعامل مع كل جانب من جوانب الحياة بالعقلية نفسها من الدقة والالتزام».