لأول مرة منذ سنوات.. استقرار أسعار الأضاحي بسوق المواشي
تحقيقات
21 سبتمبر 2015 , 02:34ص
محمد سيد احمد
تشهد سوق المواشي هذه الأيام استقرارا هو الأول من نوعه منذ سنوات بحسب ما أفاد به تجار مواش في السوق الذي يعج بأنواع الأضاحي من أغنام وأبقار وإبل، وبأعداد وصفها أحد التجار بأنها ستفيض عن حاجة السوق المحلية، واعترف مواطنون ومقيمون بانخفاض الأسعار مقارنة مع الأعوام الماضية، مستغربين من الأسباب التي جعلت سعر الأضحية يستقر في هذه الأيام التي تعتبر ذروة موسم المواشي.
وأرجع التجار انخفاض الأسعار إلى أسباب من أهمها وفرة العرض واختلال ميزان العرض والطلب لصالح العرض، ودخول وزارة التجارة والصناعة على الخط بعد إعلانها عن دعم أسعار الأضاحي للمواطنين القطريين، ما جعل التجار مستعدين لبيع مواشيهم بأي ثمن حتى لا يتعرضوا لمزيد من الخسائر الناتجة عن شراء الأعلاف لأطول فترة ممكنة، وأشاروا إلى عوامل أخرى ساعدت على وفرة العرض واستقرار الأسعار من ضمنها زيادة الإنتاج المحلي من الأغنام.
وقال تجار الماشية: إن ثبات المعدل العام لأسعار الأضاحي مقارنة بالعام الماضي أو بالفترات التي تسبق دخول موسم عيد الأضحى يأتي مغايراً لما كانت عليه الحال في الأعوام الماضية، التي كانت تشهد ارتفاع الأسعار مع نمو الطلب، خصوصاً خلال الأيام الثلاثة التي تسبق العيد.
وعبر مواطنون عن سعادتهم بدعم الأضاحي الذي أعلنت عنه وزارة الاقتصاد والتجارة، مؤكدين على أن خطوة الوزارة جاءت في الوقت المناسب؛ إذ يعرف الجميع أن دعم أسعار اللحوم قبيل عيد الأضحى لا يقل أهمية عن دعم أسعارها في شهر رمضان، نظرا لإقبال المواطنين على إحياء سنة الأضحية التي اختلطت بالعادات التي تفرض على الجميع ذبح الأضحية مهما كانت ظروفهم.
«العرب» قامت بجولة على سوق المواشي، ولاحظت حركة غير طبيعية، سيارات تجوب المكان، وزبائن يتنقلون من حظيرة لأخرى للاطلاع على الأسعار قبل حلول عيد الأضحى المبارك، وتجار يسابقون الزمن ويتجمعون حول كل قادم إلى السوق بغية اقتناص فرصة للتخلص مما لديهم من المواشي.
الأسعار طبيعية
عبدالله النعيمي، مواطن يتجول في السوق للاطلاع على أسعار المواشي هذه الأيام استعدادا منه للتعاقد مع أحد تجار المواشي لتوفير الأضاحي لعائلته، مشيراً إلى أن الأسعار ما زالت طبيعية، لا بل إنها مفاجئة نظرا لدخولنا في عشر ذي الحجة التي كانت أسعار المواشي تبدأ فيها في الصعود بشكل جنوني.
وأضاف: قدمت إلى السوق اليوم للاطلاع على الأسعار قبل أن نفاجأ بها كما كان يحصل معنا كل سنة، ولا أخفي أننا وجدنا الأسعار مستقرة بشكل مفاجئ، فنحن على أعتاب حلول عيد الأضحى الذي يعتبره تجار المواشي موسمهم وفرصتهم التي لا تعوض، لكن لاحظت وفرة غير طبيعية للأضاحي بمختلف الأنواع، ففي السوق كمية كبيرة من الإبل، والأبقار، أما الأغنام فحدث ولا حرج، وأثنى النعيمي على خطة وزارة الاقتصاد والتجارة التي دعمت بموجبها أسعار الأضاحي، مؤكداً أن الوزارة بدأت في السنتين الأخيرتين تخفف الأعباء عن المواطن في المواسم التي يحتاج المواطن فيها إلى دعم.
مبادرة تُذكر فتُشكر
جديع المري يرى أن مبادرة وزارة الاقتصاد والتجارة لدعم الأضاحي بالنسبة للمواطنين خطوة تذكر فتشكر، واعترف هو الآخر بثبات أسعار الأضاحي مقارنة مع السنوات الماضية، ويضيف: السوق ضمّت هذا العام معروضاً كبيراً ومتنوعا من الأغنام التي كانت أعدادها أقل بكثير من العام الحالي، فالأغنام الأسترالية والإيرانية والسودانية، والسورية والأردنية، والسعودية متوفرة بشكل أتاح خيارات الشراء أمام المستهلكين وأسهم في ثبات الأسعار، وهذا ما نأمل في أن يتواصل حتى انتهاء العيد، لأن التجار غالبا ما يتفقون على رفع الأسعار في اليومين اللذين يسبقان عيد الأضحى، وكمواطن أعتقد أن وزارة الاقتصاد قد طمأنت المواطنين هذا العام بعد إعلانها عن دعمها لأسعار الأضاحي، وتحديدها الأسعار المناسبة لكل نوع، وهي خطوة تذكر فتشكر لوزارة الاقتصاد وعلى رأسها سعادة الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني.
أسعار تخدم الجميع
من جهته قال عبدالصمد ممدوح: إن الأسعار الحالية تخدم مختلف الشرائح بعد استقرارها، خلافاً لما اعتاد عليه التجار من فرض زيادات في أسعار الأضاحي كل عيد، والمبالغة في الأسعار خلال الأيام الثلاثة التي تسبق عيد الأضحى في سوق المواشي.
وأردف: الأسعار الحالية مفاجئة وتخدم غالبية فئات المجتمع الذي ظل العديد منها يعاني من عدم القدرة على مسايرة ارتفاع أسعار الأضاحي في السنوات الماضية التي وصلت فيها أسعار الأضاحي إلى مستوى جعل شخصين يشتركان في أضحية واحدة لعدم قدرة ذوي الدخل المحدود على تأمين سعر الأضاحي منفردين.
وبحسب ما أفادنا به التجار في السوق نأمل أن تبقى أسعار المواشي مستقرة، فهم يرون أن أسعارها لن تتغير، بل ستنخفض في اليومين الأخيرين قبل عيد الأضحى إذا لم يسجل نفاد لكمية المواشي المعروضة حاليا، والتي دفعت بالتجار إلى خفض الأسعار نظرا لزيادة العرض الحالي مقارنة مع الطلب.
هدوء يسبق العاصفة
أما خليفة عبدالله اليافعي فيخشى من أن يكون استقرار السوق الحالي مجرد هدوء يسبق العاصفة؛ إذ عودنا تجار المواشي على أن رفع أسعار الأضاحي في الأيام الثلاثة قبيل عيد الأضحى بشكل يجعل المستهلك يعود أدراجه دون القدرة على شراء أضحية، بسبب الارتفاع الجنوني في الأضاحي، وهذا ما أخشى من أن يحصل في الأسبوع المقبل، لافتا إلى أنه مضطر لعدم شراء أضحيته الآن بسعر مناسب لعجزه عن تأمين مكان لها طوال هذه الأيام التي تسبق العيد، مؤكداً أن هذه هي المشكلة، فكثير من المستهلكين مستعدون لشراء أضاحيهم الآن والاستفادة من الأسعار الحالية، لكن أين سيضعونها؟، هذا هو السؤال، أما كلام الباعة من أن الأسعار ستبقى على حالها، فهي -بالنسبة لليافعي- أسطوانة مشروخة دأب تجار المواشي على ترديدها في مثل هذه الأيام، لكنهم عندما يقترب العيد تتحول هذه الأسعار إلى أخرى مغايرة تماما.
وفرة في العرض
ويقول بائع المواشي أبوبشار الرشيدي: إن السوق تشهد تنوعاً أكبر هذه الأيام وتنوعا في المعروض والأسعار، التي تتباين من تاجر لآخر، وإن كانت معدلاتها العامة مستقرة عند حدود لم نشهدها من قبل بسبب وفرة المعروض من كل الأصناف، فسعر الخروف السوري يتراوح ما بين 1150 إلى 1300، يليه السعودي والبلدي الذين وصل سعرهما إلى 1200 ريال، وهناك الخروف الإيراني الذي يبدأ سعره من 850 إلى 1000 ريال.
ولفت إلى أن سعر الأضحية من الجاموس تصل إلى 9 آلاف كأعلى حد بحسب سن وحجم الأضحية، وهذا يعكس تنوع المعروض من الأضاحي، وعزى استقرار الأسعار إلى كثرة العرض وتنوعه، واستقرار أسعار الأعلاف التي تلعب أسعارها دورا كبيرا في تحديد أسعار الأضاحي، وبحسب خبرتي في هذه السوق فإن أسعار الأضاحي منذ فترة ظلَّت في متناول الجميع ولم تكن كالأعوام السابقة التي تصل الأسعار فيها إلى أرقام قياسية، وهذا يرجع لكثرة المعروض من المواشي.
وفيما يتعلق بوسائل نقل هذه المواشي إلى قطر، أشار الرشيدي إلى أن معظم هذه الأضاحي يأتي عبر البحر، باستثناء ما يتم استيراده من السعودية وسلطنة عمان اللتين تدخل منهما يوميا عشرات السيارات محملة بالأغنام، لكن يبقى الشحن البحري هو الوسيلة الأولى لقدرة السفن على حمل كميات كبيرة من المواشي.
الأسعار حسب الطلب
من جهته قال التاجر محمد عثمان: إن الأسعار ترتفع وتنخفض بحسب الطلب، لكن سقفها مستقر، ففي مثل هذه الأيام من كل سنة كانت أسعار الأضاحي ترتفع لتصل إلى 1800 ريال للخروف السوري، أو الخروف السعودي، والبلدي، وهذا ما لم يحصل هذا العام، لعدة أسباب منها تدخل الحكومة لدعم أسعار الأضاحي، ووفرة المواشي بشكل لم يسبق له مثيل، ما يدفع التاجر إلى بيع مواشيه بمجرد حصوله على ربح مهما كان مستواه، علما أن كميات أخرى من المواشي في طريقها إلى السوق، وبعد دخولها للبلاد ستبدأ المنافسة بين التجار، وذلك ما سيترك أثرا على الأسعار بشكل يجعل أسعار المواشي هي الأرخص من نوعها منذ سنوات.
توسع السوق
التاجر عبدالرحمن محمد علي يؤكد على ما قاله محمد عثمان، مضيفا أن سوق المواشي في قطر توسعت في السنتين الأخيرتين بعد دخول تجار مواشي كثر إلى القائمة، وهو ما عزز فرص بقاء كميات كبيرة من المواشي في السوق طوال الوقت، الأمر الذي يميل لصالح استقرار الأسعار وإيجاد منافسة حقيقية بين التجار ستعود بالنفع على الزبون دون شك، لكن لا بد من توقع ارتفاع الأسعار قبيل عيد الأضحى بيومين، عندما يبدأ المحسنون في قطر إيفاد سياراتهم لشراء كميات كبيرة من الأضاحي للتبرع بها على الفقراء، وعندما تبدأ المطاعم والفنادق تطلب كميات من المواشي لإعداد ولائم الأعراس التي تتصادف مع حلول عيد الأضحى الذي ظل موسما ترتفع فيه الأسعار بشكل جنوني، لكنها ستبقى هذا العام في حدود المعقول إذا ما بقي ميزان العرض والطلب على هذا النحو الذي جعل أي تاجر يبيع ماشيته بأسعار لم يكن يرضى أن يبيع بها في الأيام العادية، ناهيك عن أيام تعتبر موسما للمواشي.
الأسعار غير مشجعة
عيد الرشيدي هو الآخر تاجر إبل في سوق المواشي يؤكد صحة ما ذهب إليه مَن قبله، موضحا أن أسعار الأضاحي من الإبل تتراوح ما بين 6 آلاف ريال و7 آلاف كسعر أعلى للأضحية.
وقال: إن أسعار السوق هذا العام غير مشجعة؛ حيث كانت الأسعار تصل إلى حدها الأعلى في مثل هذه الأيام، الأمر الذي يزيح هماً كبيراً عن تجار المواشي، ويريحهم من شراء الأعلاف بشكل يومي، وهو ما كان يدخل في رفع الأسعار كل عام، فالتاجر يورد كمية كبيرة من المواشي إلى السوق، وتبقى معه لأسابيع مع ما يعنيه ذلك من خسارة بسبب شراء الأعلاف، خصوصا الإبل والبقر اللذين يستهلكان كميات كبيرة من الأعلاف، الأمر الذي يدفع التاجر إلى إضافة هذه الخسائر اليومية إلى أسعار المواشي، ومن ثَمَّ يبدأ المستهلك في الشكوى من ارتفاع الأسعار، لكن لا شك أن الأسعار هذا العام تعد الأرخص منذ سنوات عدة.
سألنا أبووليد تاجر الأغنام السوري عن الطريقة التي يستورد بها الأغنام من سوريا في ظل هذه الظروف التي تعيشها سوريا، فرد بقوله: إن التجار لديهم طرقهم الخاصة لنقل بضائعهم، لكن الريف السوري وملاك المواشي يحاولون ألا يكونوا طرفا في الصراع لأنهم أناس بسطاء لا يعرفون السياسة ولا يهتمون إلا بمواشيهم والأماكن التي يمكن أن يجدوا فيها الكلأ؛ لذا ما زالت الأغنام السورية تجد طريقها إلى التصدير وإن بوتيرة أقل من الماضي وأكثر كلفة.
وكانت وزارة الاقتصاد القطرية قد أعلنت عن مبادرة لدعم أسعار الأضاحي بمناسبة عيد الأضحى المبارك، بحيث يتم توفير الأضاحي للمواطنين بأسعار مدعومة على أن يبدأ البيع لهم من يوم الأحد القادم الموافق 20 سبتمبر 2015، حتى ثالث أيام العيد.
وقالت الوزارة في بيان صحافي الاثنين: إنها «قامت بتحديد سعر بيع الأضحية حية بسعر 1150 ريالاً قطرياً للخروف السوري و1050 ريالاً قطرياً للخروف الأردني».
وتأتي مبادرة دعم الأضاحي في قطر ضمن عدة مبادرات تقدمها الوزارة لخلق توازن في السوق بما يساهم في الحد من ارتفاع الأسعار وتوفير الأصناف المرغوبة للمواطنين في هذا الموسم.
وأوضح البيان أن شركة «ودام» الغذائية ستقوم بتخصيص منافذ للبيع المباشر للمواطنين في مقصب الأهالي بالسوق المركزي بالدوحة، بالإضافة للمقاصب التابعة للشركة بمنطقة الخور ومنطقة الشمال والمزروعة.
وتقضي شروط الانتفاع بهذه المبادرة، بأن يكون المشتري قطري الجنسية وأن يبرز البطاقة الشخصية الأصلية إلى أي من مراكز البيع المذكورة، وأن يكون بلغ من العمر20 عاماً أو من مواليد 1995 فما فوق، وأن يحصل كل مشترٍ على أضحية واحدة؛ وذلك بهدف وصول السلعة إلى الفئة المستهدفة.
وطالبت الوزارة في بيانها شركة «ودام» الغذائية بضرورة الالتزام بعدم بيع أي خراف هزيلة أو غير مطابقة لمواصفات وشروط الأضاحي الشرعية، بالإضافة إلى توفير حظائر مناسبة لها وعدم بيع أي خراف غير مطابقة للأوزان والأحجام المذكورة، مؤكدة أنها ستقوم بمتابعة عملية الالتزام بالأسعار المدعومة بهذه المبادرة وستكثف حملاتها التفتيشية للتأكد من سلامة الإجراءات الخاصة بتنفيذها.
ج.ا