«سوق الأواني» تشهد إقبالاً نسائياً استعداداً لموائد رمضان

alarab
تحقيقات 21 يوليو 2011 , 12:00ص
الدوحة – هدى منير العمر
يقال إن «العين التي تأكل» أو في تعبير آخر «الشبع بالعين»، وبهذا يسبق منظر عرض الطعام وشكله طعمه ولذة مذاقه، فتحرص كل سيدة على إعداد الولائم وتحضيرها بأجود الأواني وأحسنها وتقديمها على أفخم قالب، لاسيَّما في الولائم التي يدعى لها الأهل والأقارب والأصدقاء في الشهر الكريم، ومن هنا تزداد زيارة السيدات وربات البيوت لمتاجر الأواني وأدوات المطبخ والطعام قبيل شهر البركات، وكأن أواني الشهر السابق ما عادت تستطيع الوفاء بغرضها أو بالفعل شبعت منها العين قبل أن تستغل ثانية. يتضح لنا من خلال قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربّه»، أن الصائم في شهر رمضان ينال أجر صومه بالسعادة الغامرة واللهفة البالغة عند لقاء رب العالمين بكثرة التعبد، وكف النفس عن الأخطاء والمحرمات من ناحية، وبسعادة أخرى تتجلى على وجه الصائم وأهله حول مائدة الإفطار بحلول وقت كسر الجوع والصوم بعد غروب الشمس، ومن هنا تتبين أهمية ترتيب المائدة وشكل أوانيها التي تنهمك في إعداد وجباتها الشهية سيدة البيت. أواني السيراميك والحلويات أكثر طلباً سرعان ما بدأ الناس بالتحضير لاستقبال شهر رمضان بعد تمضية الإجازة الصيفية، فازدحمت المجمعات التجارية والجمعيات التموينية ومنها محلات الأواني وأدوات المنزل بالزبائن. ويؤكد عادل الشاعر مدير مبيعات أشهر وأقدم مجمع لبيع الأواني في قطر لــ «العرب»، أن الإقبال على شراء الأواني وأدوات المطبخ واضح وفي تزايد مستمر قبل شهر رمضان كل عام، ومن أكثر الأنواع بيعاً: أواني السيراميك الأبيض، للونها المرغوب فيه، وإمكانية استخدامها داخل الفرن والميكروويف، ومنها أشكال وأحجام متنوعة لمختلف أصناف الطعام كالخبز والسلطة والشوربة والولائم الرئيسية.. بالإضافة إلى الدلال والفناجين، لكثرة استخدامها في رمضان والعيد. وينوه الشاعر إلى أهم الأواني المتوفرة في جميع المحلات، والتي تستخدم لحفظ الأطعمة كالهريس والثريد، ومن ثم إرسالها للأهل والأقارب في رمضان، كما يحدث عند أكثر العائلات القطرية، ومنها في محله «أواني حفظ الحرارة» البلاستيكية من الخارج والمبطنة «بالستانلستيل» من الداخل، وبالتالي تحتفظ بحرارتها لفترات طويلة تساعد على نقل المأكولات فيها لمسافات بعيدة، وتأتي منها أطقم وقطع فرادية، وأسعارها مناسبة للجميع حسب قوله. وأشار قائد أحمد سعيد نائب المدير العام لمحل أوانٍ آخر، إلى الإقبال الكبير على شراء الفخاريات وماكينة «اللقيمات» –لقمة القاضي- و «الزبديات» و «استكانات» الشاي والترامس بأنواعها والملاعق. أوانٍ تستخدم في المطبخ القطري من خلال جولتنا في بعض محلات الأواني، تؤكد بعض السيدات رغبتهن في تجديد الأواني وتغييرها في شهر رمضان كسبب من أسباب زيادة ارتيادهن لمحلات الأواني هذه الفترة، وتفيد مريم الصالح: «صحيح أننا لا نحتاج لكمّ هائل من الأواني الجديدة فوق ما عندنا في المطبخ، ولكن فرحتنا بقدوم رمضان تجعلنا نستعد له بكل ما هو جديد كما نفعل في التحضير للأعياد بشراء الملابس الجديدة والحلويات، فضلاً عن كثرة الولائم والزيارات، فتتجمع العائلة غالباً في بيت الجدة في رمضان، وبسبب عدد أفراد العائلة الكبير نحتاج لكم من الأواني والصحون والأكواب».. أما أم محمد فتقول: «مع اقتراب حلول شهر الخير والبركة، أحب تغيير «المواعين» والأواني القديمة بأخرى جديدة، لأنه في رمضان تزداد السهرات وتجمعات الأهل والأصدقاء، وأكثر ما أحرص على تجديده «الملال» التي تستخدم للهريس و «جدور الحرارة» لمختلف الأكلات، والصحون بأشكالها المختلفة، ودلات القهوة والشاي. من جانبها تذكر أم جاسم هي الأخرى -والتي تختص ببيع الأكلات الشعبية القطرية في سوق واقف- أهم أسماء الأواني والأدوات المستخدمة في المجتمع القطري: «كالجدور» للطبخ، و «الملال» التي تستخدم للكاسترد والجلي والكرامل، بالإضافة إلى «البوادي» لأكلة الثريد، والصواني.. وغيرها. تبادل المأكولات الرمضانية «تبادل المأكولات بين الناس في رمضان عادة موروثة من آبائنا وأجدادنا، لذا نهتم بالتأكيد بنوعية الأواني التي نقدم فيها الطعام للجيران أو الأقارب أو الأصدقاء، وأكثر الأكلات المتبادلة: الهريس والمضروبة والبلاليط واللقيمات.. وغيرها، ومن الأصول المتعارف عليها أن ترجع الأواني لأصحابها وهي مملوءة بالطعام كذلك». هكذا أكدت لنا أم عبدالعزيز أهمية تجديد الأواني واقتناء أفضلها، كتكريم للناس داخل البيت وخارجه. أسعار الأواني في رمضان لا يمكن الشك أن هناك سياسة تجارية تستغل احتياجات الناس ومتطلباتهم المتعددة استعداداً لرمضان المقبل، كحال استغلال أي موسم شرائي لتحقيق الربح والفائدة لصاحبها بارتفاع الأسعار. فقد أكدت بعض السيدات على ارتفاع أسعار محلات الأواني دائماً قبيل شهر رمضان، وفي هذا الصدد تضيف أم محمد في نهاية حديثها «اختلفت الأسعار حالياً وهذا طبيعي قبل رمضان، فارتفعت الأسعار عن السابق، حيث كان بالإمكان شراء أشياء بقيمة 150 ريالا من محلات الأواني، بينما الآن تصل أقل قيمة إلى 300 ريال كحد أدنى». ومن جانبها تقول أم طارق -وهي من أكثر السيدات اهتماماً بأدوات المطبخ والأواني كما أشارت-: «على سبيل المثال لا الحصر، كان بالإمكان شراء طقم دلتين من الشاي والقهوة بحدود 120 ريالا، بينما يصل سعر الطقم العادي الآن بين 250 و300 ريال..»، وتتابع: «قد نجد أشياء رخيصة كالبلاستيكية، ولكن الأواني الجميلة في مجملها غالية، وكل شيء بثمنه، وعموماً صحيح أن الأسعار الحالية غالية جداً، لكنها ليست بجديدة على محلات الأواني، ففي الفترة السابقة لاحظتها كذلك، مع فرق بسيط جداً في أسعار بعض الأشياء». أسباب رفع الأسعار وعن أسباب رفع الأسعار، يختم مدير المبيعات حديثه قائلاً: «بعض الشركات الموزعة كالألمانية والإيطالية وحتى الصينية تزيد الأسعار على المحلات في مواسم البيع هنا لتزيد من أرباحها، وفي المقابل يوجد إقبال كبير من الزبائن هذه الفترة، وأنا كمدير محل لم أسمع شكاوى كثيرة من رفع الأسعار، ويكتفي بعض الزبائن بطلب خصومات على ما يشترونه». ارتفعت أم لم ترتفع، فالإقبال واضح على شراء الأواني ومستلزمات الطعام استعداداً لشهر رمضان كما هو الحال في الأعوام السابقة، وما زالت المرأة العربية وتحديداً الخليجية الأكثر حرصاً على تقديم أشهى أطباقها بأحلى حلة لزوجها وعائلتها وضيوفها.