إضاءة في كتاب.. مدرسة الأشاعرة وسيرة الإمام أبي الحسن الأشعري

alarab
الملاحق 21 يونيو 2024 , 01:11ص
د. علي محمد الصَّلابي

من الحقائق الثابتة أنَّ الناس يختلفون في تفكيرهم، وإذا كان العلماء يقولون: إنَّ الإنسان من وقت نشأته أخذ ينظر نظراتٍ فلسفية إلى الكون، فلا بد أن نقول إن التصورات والأخيلة التي تثيرها تلك النظرات تختلف في الناس باختلاف ما تقع عليه أنظارهم وما يثيرُ إعجابهم، وكلما خطا الإنسان خطواتٍ في سبيل المدنية والحضارات اتسعت فرجات الخلاف حتى تولّدت من هذا الخلاف المذاهب الكلامية، والاجتماعية، والاقتصادية المختلفة.
وقد اختلف المسلمون إلى مذاهب في الاعتقاد والسياسة والفقه، ولكن يجب علينا - ونحن نخوض في هذا الكلام - اعتبارُ أمرين هما غاية في الأهمية:
الأول: إن هذا الاختلاف لم يتناول لبَّ الدين، فلم يكن الاختلاف في وحدانية الله تعالى، وشهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في أن القرآن نزل من عند الله العلي القدير، وأنه معجزة النبي الكبرى، ولا في أنه يروى بطريق متواتر نقلته الأجيال الإسلامية كلها جيلاً بعد جيل، ولا في أصول الفرائض كالصلوات الخمس، والزكاة، والحج والصوم، ولا في طريق أداء هذه التكليفات؛ فلم يكن الخلاف في ركن من أركان الإسلام ولا في أمرٍ عُلم من الدين بالضرورة، وإنما الخلاف وقع في أمور لا تمس الأركان، ولا الأصول العامة.
الثاني: إنَّ الاختلاف ليس على سوية واحدة، بل هو درجات، ومنه ما يعد من السائغ في الدين الاختلافُ فيه، ومنه ما ليس كذلك، كما بينت النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة.
وجاء كلامنا في هذا البحث حول مدرسة من المدارس الإسلامية الكلامية الكبيرة، التي لها اتجاه، وفهم خاص في تناول بعض فروع العقيدة، وهي المدرسة الأشعرية، التي تنتسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري – رحمه الله - وقد أثير قديماً وحديثاً حول هذه المدرسة كثيرٌ من الانتقادات والجدل، لا سيّما في عصرنا هذا، الذي زادت فيه بعض المفاهيم غموضاً والتباساً، فجاء هذا الكتاب – بمنهج وسطي بعيدٍ عن التعصب الأعمى والميولِ الذي لا ينبني على الحقائق العلمية الثابتة – متحدثاً عن أبي الحسن الأشعري، وأكبرِ أعلام مدرسته من بعده، على المنهج الآتي:
تَرجمت للإمام أبي الحسن الأشعري (رحمه الله)، وهو الذي ساهم بتراثه، وأفكاره التي وضعها في كتبه في تطوير منهج المدارس النظامية؛ التي اعتمدت ما وصل إليهِ من بحوث في عقائد أهل السنة، والردود على المعتزلة، والمخالفين لأصول أهل السنة والجماعة.
وقد بينت المراحل التي مرّ بها، وكيف استقر في المرحلة الثالثة على أصول منهج أهل السنة والجماعة، وتحدثت عن سرّ عظمة الأشعري في التاريخ، ووضحت عقيدته التي يدينُ بها، وآخر ما مات عليه من معتقد، وأثر تراثه في المدارس النظامية، وكيفَ امتد ذلكَ التأثير في عهد الأيوبيين، والمماليك، والعثمانيين.
وتحدثت عن إنصاف ابن تيمية لأعلام الأشاعرة، وثنائه على أبي الحسن الأشعري، وموقفه من الباقلاني، والجويني، والغزالي.
انتهيت من إعداد هذا الكتاب في 22 ربيع الأول 1443هـ الموافق لــ 28 أكتوبر 2021م.
كتاب مدرسة الأشاعرة وسيرة الإمام أبو الحسن الأشعري (رحمه الله)، متوفر على الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي على الرابط التالي:
http:/‏/‏www.alsalabi.com/‏salabibooksOnePage/‏658