التدابير الاحترازية لا تمنع القيام بنشاطات مفيدة.. خبراء يطرحون: خارطة طريق لجعل الإجازة الصيفية «صفقة رابحة» لعيالنا

alarab
محليات 21 مايو 2021 , 12:13ص
حنان غربي

خالد أبو موزة: يمكن تنمية المهارات وتعزيز المستوى الإبداعي رياضياً وفكرياً

محمد الشاعر: الاستيقاظ مبكراً والنظام الغذائي يسهمان في قضاء عطلة جيدة

أيام وتبدأ الإجازة الصيفية التي ينتظرها الجميع، سواء من الطلاب بعد عام دراسي شاق وعمل مضنٍ، أو حتى من الموظفين حتى يستريحوا قليلاً من عناء العمل، وهناك نقطة مهمة تكمن في كيفية استغلال هذه الإجازة بطريقة مثلى في ظل الإجراءات الاحترازية المتعلقة بفيروس كورونا «كوفيد - 19»، خاصة أن الهدف من الإجازة تغيير جو العمل والتسلية، لكن ربما طول وقت الإجازة قد يجعل وقت الفراغ كبيراً، وربما تضيع أوقات كثيرة دون فائدة تذكر أو عمل مفيد، خصوصاً للأبناء عندما لا نفكر لهم في نشاطات أو فعاليات يستفيدون منها.

وأكد خبراء لـ «العرب» أن غياب التخطيط الفعلي المسبق للعطلة الصيفية، يشكل فجوة كبيرة بين الآباء والأبناء، بسبب عوامل عديدة، أبرزها إدمان الأبناء على الألعاب الإلكترونية، وقضاء أوقات طويلة في تصفح تطبيقات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، الذي أصبح الهاجس اليومي والشغل الشاغل لهم، الأمر الذي يؤدي إلى عزوفهم عن المشاركة الأسرية.
وقد وضع الخبراء خارطة طريق لجعل الإجازة الصيفية التي تبدأ خلال أيام «صفقة رابحة للأبناء»، وقالوا: «إن الأجيال الجديدة «ضحايا التكنولوجيا» لكونهم يهدرون طاقاتهم وانفعالاتهم وقدراتهم خارج المنزل، دون استثمارها بشكل أمثل في تنمية مواهبهم وإطلاق العنان لإبداعاتهم وتطويرها»، لافتين إلى أهمية دور الأبوين في احتواء أبنائهم، وتوجيههم نحو برامج وأنشطة ترتقي بوعيهم، وتساهم في تحقيق مناخ تعليمي وتثقيفي وترفيهي متكامل.
وفيما يتعلق بكيفية قضاء عطلة إيجابية في ظل التدابير الوقائية من فيروس كورونا، أشار الخبراء إلى إمكانية تعليمهم رياضات مفيدة وإكسابهم خبرات معرفية ومهارات لغوية.

فرص ملهمة
مسؤولية تخطيط العطلة الصيفية تقع على أولياء الأمو، لكونهم القدوة لأبنائهم، ووفق خالد محمد أبو موزة مدرب التنمية البشرية، يجب على الآباء خلق الفرص وتحديد التجارب الملائمة لتنمية مهارات أبنائهم، وتعزيز مستواهم الإبداعي بما يضمن اكتسابهم معارف وخبرات جديدة، ترتقي بالوعي وتنشط الذهن وتحفز مداركهم على التخيل والتعلم والتفكير، مشدداً على وضع خطة ورؤية هادفة لعطلة الصيف، لتحقيق «صفقة رابحة» للأبناء، سواء من خلال تعلم لغة جديدة، أو صقل مهارات التفكير وإطلاق عنان الإبداع وتطوير القدرات وترقية المواهب وشحذ القوى الذاتية.
وأوضح أن مهمة الآباء تكمن في جدولة أوقات فراغ أبنائهم لتحصينهم من التعرض لسلوكيات خاطئة، مع ضرورة التنبيه بأن فترة الإجازة ينبغي ألا تمر دون استثمارها بالشكل الأمثل.

مسؤولية تربوية
إلى ذلك أضاف أبو موزة أن استثمار العطلة يمثل تحدياً أمام الآباء ومسؤولية تربوية وأهمية اجتماعية، حيث اعتبر أن استثمار أوقات الفراغ في الإجازة الصيفية يُعد من أهم التحديات التي يعاني منها الأطفال والآباء على حد سواء، وتتمثل المعاناة في عدم وجود خطط أو برامج تشغل أوقاتهم، حيث ينتظر الأطفال الإجازة السنوية بعد طول عناء من الالتزام والاستذكار والاستيقاظ مبكراً طيلة العام.
وأوضح أن أبرز السلبيات التي يشكو منها الآباء هي حرص أبنائهم على ممارسة الأنشطة التي يحبونها مثل الألعاب الإلكترونية، والدردشة على وسائل التواصل أغلب الوقت، حتى تضطرب أوقات نومهم، وتقل الحركة مع الجلوس لفترات طويلة على الإنترنت، مما يزيد من شهيتهم للأكل والمعاناة من مخاطر السمنة.

تطوير المهارات 
وأكد أبو موزة مجدداً أنه ينبغي على الآباء الحرص على تنمية مهارات أبنائهم، وتعزيز مستواهم الإبداعي بالمهارات المختلفة التي تعمل على اكتساب مهارات التفكير التحليلي والنقدي، وحل المشكلات ابتكارياً، وتوسيع مداركهم، وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة الحركية، مما يؤثر بالإيجاب على بناء الجسم بشكل سليم، فضلاً عن تشجيعهم على القراءة وإثراء عقولهم وتنمية ثقافتهم من خلال الوسائل التي يقبلون عليها بشغف.
ونوه أبو موزة بأن التخطيط للعطل والإجازات ليس مهمة الأسرة بمفردها، بل كثيراً ما يكون واجباً على الجهات الحكومية أو المنظمات غير الحكومية التي تُعنى بالطفولة، والتي من واجباتها أن تقوم بتسطير برامج صيفية للأطفال يقومون خلالها بتعلم مهارات تكون غير ممكنة خلال العام الدراسي، نظراً لضغط الدروس وعدم توفر أوقات الفراغ.

قيود الوباء 
وفيما يتعلق بأزمة كورونا وعدم القدرة على ممارسة النشاطات في ظل القيود والإجراءات الاحترازية، ذكر أبو موزة أنه يجب تعويض الأطفال عن انقطاعهم عن السفر، وعن عدم قدرتهم على ممارسة أنشطتهم الاعتيادية من خلال تعليمهم السباحة مثلاً، التي تناسب فترة الصيف الحارة في الدوحة، أو بعض الألعاب الفكرية.
وقال في هذا السياق: من الحيوي جداً أن يتوصل الناس إلى الأمور التي تلائمهم، فيجب على الناس ألا يعتقدوا بأن الأمور الملائمة للجميع ستلائمهم أيضاً.
وأضاف موجهاً حديثه لأولياء الأمور: إذا كنتم سوف تظلون في منازلكم في موسم الإجازات هذا العام، لا يعني أن تتأثر سلباً، بل بالعكس، قد يؤدي هذا إلى حصولكم على المزيد من الراحة.

تحديات وحلول
واعتبر محمد الشاعر، باحث سلوكي ومدرب في توجيه الذات، أنه عادة ما تبدأ الإجازة أو ما يسمى بالعطلة الصيفية وكلنا حماس وتشوق للبدء بالاستيقاظ متأخرين، وأخذ قسط من الراحة من الروتين الصباحي السريع.
وأضاف: تتمحور اهتمامات أطفالنا حول قضاء أيام مليئة باللعب ومشاهدة التلفاز فقط، ولكن إمضاء شهرين من الإجازة مليئين بالتكاسل حتى وقت الظهيرة والبقاء في المنزل ليس فكرة جيدة، ويجعل العودة إلى الروتين المدرسي صعباً جداً، لافتاً إلى أنه من الجيد أن نقوم باستغلال وقت العطلة الصيفية لإنجاز الكثير من الأمور المعلّقة التي لطالما تمنينا لو نجد الوقت لها، وبما أنه من السهل الانجراف مع الحماس في العطلة الصيفية بسبب قلة المسؤوليات عن ذي قبل.

قائمة عمل ملائمة 
ونصح الشاعر بالمحافظة على روتين معين من أجل الاستفادة من أوقات الفراغ، وذكر بعض الخطوات التي يجب اتباعها خلال العطلة الصيفية ومن بينها:
عمل قائمة مهام لأسبوع كامل بداية كل أسبوع، من زيارات اجتماعية أو عمل أو نشاطات مع مراعاة التدابير الوقائية، والاستيقاظ مبكراً فلا شيء يضيع وقت العطلة الصيفية بدون فائدة أكثر من النوم، لافتاً إلى ضرورة الحفاظ على نظام غذائي جيد، وممارسة الرياضة بشكل دائم، وتشجيع الأطفال على القراءة، والانضمام لجمعيات العمل التطوعي، والذهاب إلى نادي صيفي وتعلم شيء جديد لتنمية المهارات والهوايات.
وذكر الشاعر أن التحدي الصعب أمام الآباء في تخطيط الإجازة الصيفية يكمن في تحديد وإيجاد ما هو مناسب للأبناء من أنشطة وبرامج للاستفادة منها، خاصة أن بعض الأسر تستغل هذه الإجازة في سفر وتجوال وسياحة، والأخرى تقضيها في ربوع الدولة، ومع ذلك تبقى بعض الصعوبات المتعلقة بالأبناء، فإن لم يجدوا ما يملأ فراغهم، قد يبحثون عن حلول أخرى تكون مضيعة للوقت، مثل الاتجاه إلى الألعاب الإلكترونية وغيرها.
وأضاف الشاعر: «على الآباء قبل التخطيط للسفر والعطلات الصيفية الخاصة بهم، أن يركزوا على التخطيط لوقت أبنائهم بما يفيدهم، بحيث تكون هذه الإجازة فرصة لتنمية مهاراتهم وقدراتهم».