

في قلب الصراع الذي لا ينتهي، تعاني غزة من واقع اقتصادي قاسٍ، يتجلى في النقص الحاد في السيولة النقدية، فالبنوك التي كانت تعتبر شريان الحياة للسكان، وملاذاً للأمان المالي، أصبحت هدفاً للتدمير من قبل الاحتلال.
وعن الواقع الاقتصادي لقطاع غزة، قال خالد عامر، خبير اقتصادي فلسطيني لـ "موقع العرب"، إنه منذ السابع من أكتوبر، تعيش غزة تحت وطأة حصار مشدد، فرضه الاحتلال الإسرائيلي، مما أدي إلي تدهور جميع القطاعات الاقتصادية والتشغيلية، منها قطاعات التجارة والخدمات والصناعة، وتأثر بشكل خاص قطاع الصادرات والذي يعد المصدر الرئيسي للسيولة النقدية، والعمود الفقري لاقتصاد أي مجتمع.
كما أن تعرض المصارف في غزة للقصف المتكرر والممنهج من قبل الاحتلال يعكس استراتيجية الاحتلال لإضعاف الاقتصاد في غزة، ويزيد من الصعوبات التي يواجهها السكان في ظل الحصار، فهذا الوضع المتأزم أثر بشكل كبير على حياة السكان، حيث يواجهون تحديات في تلبية احتياجاتهم الأساسية والحفاظ على معيشتهم، وفقا لما كشفه عامر.
وعدد الأزمات الاقتصادية التي يعانيها القطاع منذ بداية الحرب الإسرائيلية، موضحا إن المعابر التجارية شهدت إغلاقاً متكرراً نتيجة للتوترات السياسية والأمنية، مما أدي إلي تراجع حركة الشراء وفقدان جزء من الأموال لحقيقتها الأصلية، كما أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين وانخفضت إمكانية الوصول إلى السلع والمنتجات الأساسية.
وبحسب عامر ، فمنذ سبعة أشهر مع بداية العدوان لم يتلق موظفو غزة والذي يبلغ عددهم نحو 50 ألف موظف، سوي راتبين فقط خلال هذه الفترة، حيث لم تتجاوز قيمة كل راتب 200 دولار.
كما أن موظفو السلطة الفلسطينية، البالغ عددهم حوالي 40 ألف موظف، يقول الخبير الاقتصادي، تم خصم العديد من القروض المستحقة عليهم، مما أضاف الضغط على حياتهم اليومية، وهذا يعكس الواقع الاقتصادي القاسي الذي يعيشه الموظفون في ظل الأوضاع الحالية.
وسلط عامر الضوء في حديثه لـ "موقع العرب" على قضية هامة وغائبة عن أذهان الكثيرين، وهي أن غزة تعتبر سوقاً صغيراً لا يوجد به اي مقومات اقتصادية أو تجارية، بل يعتمد بشكل كبير على القطاع الخاص والمشاريع المنزلية والصناعية، بأجور لا تتعدى الـ 300 دولار شهرياً وهو ما يمثل جزءاً من العمود الفقري لاقتصاد غزة.
وبالحديث عن الحوالات المالية التي يرسلها المغتربون إلى أهلهم في غزة، أكد عامر على أنها تعد أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد، حيث تشكل جزءاً كبيراً من الدخل القومي للقطاع، مشيراً إلي أن في الوقت الذي يعتبر فيه الكثيرون هذه الحوالات مصدراً مهماً للدعم المالي، يُعرض الاحتلال الإسرائيلي هذه العمليات إلي التهديد، من خلال تشديد الرقابة علي هذه الحوالات وفرض القيود علي تحويلها، اعتقاداً من الاحتلال بأن تلك الأموال تدعم حركة حماس.
الوضع الاقتصادي الراهن في قطاع غزة يضع السكان في مواجهة تحديات إضافية، بجانب تحديات الحرب والفقر، والحديث لازال على لسان الخبير الاقتصادي، مناشداً الحكومات والمنظمات الدولية بالتحرك الفوري لإنقاذ غزة من هذه الأزمة وتقديم الدعم الاقتصادي والمساعدات الإنسانية.