«الدِّين: بحوث ممهدة لتاريخ الأديان»

alarab
الصفحات المتخصصة 20 نوفمبر 2015 , 07:36ص
تأليف: د.محمد عبدالله دراز - عرض وتلخيص: غادة غزال

 

نبذة عن الكاتب

"ابن الأزهر، وابن السوربون" هكذا كنّاه العلامة القرضاوي. ولد العلامة
الدكتور محمد عبدالله دراز عام 1894، بمحافظة (كفر الشيخ) المصرية. وهو ينحدر من أسرة
معروفة بالعلم والتقوى. كان والده الشيخ عبدالله دراز من علماء الأزهر، وهو شارح كتاب
"الموافقات" للإمام الشاطبي. أكمل دراز حفظ القرآن الكريم وهو فتى يافع،
وعمل مدرساً بجامعة الأزهر عام 1928. وفي عام 1936 حصل على منحة دراسية بجامعة السوربون
. فأقام في فرنسا اثنتي عشرة سنة كتب فيها أطروحته "أخلاق القرآن"
La Morale Du Koran التي نال عليها الدكتوراه عام 1947. وبعد عودته أصبح عضوا
في هيئة كبار العلماء عام 1949، وعمل محاضراً بعدد من الجامعات المصرية في تاريخ الأديان
والتفسير وفلسفة الأخلاق. وتوفي عام 1958 أثناء مشاركته في مؤتمر الثقافة الإسلامية
في مدينة لاهور الباكستانية.

 

نبذة عن الكتاب

 

صدر كتاب "الدِّين: بحوث ممهدة لتاريخ الأديان" عام 1952م، ويُعد
أول كتاب يُوضع لطلبة كلية (علم الاجتماع) لمادة (تاريخ الأديان) بجامعة فؤاد الأول
(القاهرة حالياً)، كما ورد في مقدمة الكاتب المؤرخة عام 1952..

ينقسم كتاب "الدين" إلى مقدمة وأربعة بحوث، ففي المقدمة يبدأ
المؤلف بعرض سريع لتاريخ الأديان مستعرضا أبرز الحضارات والنشأة الدينية ابتداء من
العصر الفرعوني، والإغريقي، والروماني، والمسيحي، والإسلامي، والعصر الحديث. ثم يبدأ
البحث الأول، وهو خاص بكلمة "الدِّين"، فيطوف على سائر المعاني التي
وردت للدِّين سواء على المستوى الإسلامي أو المستوى الغربي مناقشاً ومفنِّداً لينتهي
إلى أصالة الكلمة في معاجمنا العربية.

وفي البحث الثاني الذي خُصِّص لـ "بيان علاقة الدِّين بأنواع الثقافة
والتهذيب"، يتناول علاقة الفلسفة بالدِّين، مبيناً أن غاية الفلسفة المعرفة، وغاية
الدين الإيمان، ومطلب الفلسفة فكرة جافة ترتسِمُ في صورة جامدةٍ، ومطلب الدِّين روحٌ
وثَّابة وقوة محرِّكة. ثمَّ يعرِّج دراز على موضوع العلاقة بين الدِّين
والعلم، ملخصاً العلاقة بينهما بقوله: "إنَّه إذا كان واجبُ الأديان أن تُهادِنَ
العلوم ولا تنابذها، وكان من الخير لها أن تستثمرَ المعارف البشرية كافة وتتسلَّحَ
بنتائجها، فإنَّ من الخير للعلوم كذلك أن تدعَ الأديان تكمل ما فيها من نقصٍ، وتملأ
ما تتركه في النفوس من فراغ بما يملؤها من الحقائق الرُّوحية، فإنْ لم تفعل فلا أقلَّ
من أن تلتزمَ شقة حياد، فلا تعادي الأديان ولا تنكرها جملة".

أما المبحث الثالث، فهو خاص بـ "نزعة التدين ومدى أصالتها في الفطرة".
والمؤلف هنا يرجع نزعة التَّشْكيك التي سادت في القرن الثامن عشر في أوروبا إلى ذوي
"السفسطة" من اليونانيين القدماء، ثمَّ يعرض بعد ذلك الآراء والمذاهب المختلفة
حول نشأةِ العقيدة الدِّينية، فيسردُ لنا آراء الطبيعيين والروحانيين والنفسانيين والأخلاقيين
والاجتماعيين، وما إن ينتهي من هذا التَّطواف الشاسع والشَّامل لمختلف الاتجاهات والأفكار
حتى يعود للقرآن الكريم، الذي يتَّسِع لهذه المعاني كلها؛ ليخرجَ بنتيجة مفادها:
"أنَّه لن يسع الباحث المنصف متى تحققت هذه الإحاطةُ العلمية الشاملة إلا أنْ
يرى فيها آيةً جديدة على أنَّ القرآن المجيد ليس صورةً لنفسيةِ فردٍ، ولا مرآة لعقلية
شعب، ولا سجلاً لتاريخ عصر؛ وإنما هو كتابُ الإنسانية المفتوح، ومنهلها المورود".


وأخيرا في البحث الرابع المعنون "في نشأة العقيدة الإلهية" يحاول
دراز أن يُلقي بنظرة جامعة على النظريات والمذاهب المفسرة لنشأة العقيدة الإلهية ويعرض
ما فيها من إيجابي (وهو تأكيد أصحاب هذه المذاهب على صحة نظرياتهم)، وسلبي (وهو إنكار
أصحاب كل مذهب لمسلك المذاهب الأخرى)، ومن ثم يعرض الأدلة والآيات من القرآن الكريم
التي تبرهن على عالمية كتاب الله عز وجل باحتوائه على كل المناهج التي يتبعها البشر
باختلاف ميولهم وطبائعهم للوصول إلى الحقيقة.

*في نهاية الكتاب بحث منفصل بعنوان "موقف الإسلام من الديانات الأخرى
من الوجهة العملية"، مفاده أن الإسلام -في نظر معظم الكتاب الغربيين- يريد أن
يفرض نفسه بحد السيف، ويريد أن يكون الديانة العالمية الوحيدة. ولو نظرنا في القرآن
لوجدنا أن قاعدة حرية العقيدة "لا إكراه في الدين" هي أصل فيه، ومنهج الدعوة
هو "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، كما أنه يرسم لنا منهج تعاملنا
مع الديانات الأخرى. إن الإسلام هو الدين الذي يدعو إلى تحقيق السلام الدولي والتعايش
السلمي بين الأمم، وإنه يمد يده لمصافحة أتباع كل ملة في سبيل التعاون
على إقامة العدل وخلافة الأرض.

ghada.ghazal2012@hotmail.com