قطر وإيطاليا.. تاريخ من التعاون الإستراتيجي

alarab
محليات 20 أكتوبر 2024 , 01:19ص
الدوحة- قنا

لطالما تميزت علاقات دولة قطر وجمهورية إيطاليا بأنها واحدة من أقوى العلاقات وأكثرها عمقا، بالنظر إلى ما يجمع البلدين من تعاون استراتيجي وثيق في مختلف القطاعات الاقتصادية ومشاريع البنية التحتية والطاقة وغيرها.
وقامت دولة قطر خلال العقود الماضية ببناء علاقات دبلوماسية قوية مع العديد من دول العالم، إيمانا من الدوحة بموقعها الاستراتيجي في الخليج العربي والمنطقة وأدائها لدور محوري إقليميا ودوليا.. وتعد جمهورية إيطاليا من أبرز الدول الأوروبية التي تبني مع قطر جسورا استراتيجية وروابط وثيقة في مجالات متعددة ومصالح.
وامتدادا لهذه الجسور الإستراتيجية، يبدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، اليوم الأحد، زيارة دولة للجمهورية الإيطالية، يبحث خلالها مع فخامة الرئيس سيرجيو ماتاريلا رئيس الجمهورية الإيطالية، ورئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، آفاق تطوير العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، ضمن فضاء الشراكة المتميزة والتعاون المثمر في مجالات الطاقة والاقتصاد والتعليم والصحة والثقافة.
ومن المنتظر أن تسهم الزيارة في تطوير علاقات التعاون بين البلدين الصديقين، والانتقال بها إلى آفاق أرحب وأرقى، وأن تؤسس لمرحلة متقدمة من التعاون الاقتصادي بما يشمل زيادة حجم التبادل التجاري وقطاعات حيوية مهمة بين البلدين اللذين تجمعهما مصالح مشتركة في مجالات مختلفة، وعلى جميع الأصعدة ومنها السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية، وهي تعتمد في أساسها على الاحترام والثقة المتبادلة والمصالح المشتركة.
وتشهد العلاقات القطرية - الإيطالية زيارات متبادلة ومستمرة على أعلى المستويات بهدف تدعيم هذه العلاقات وتطويرها، ومن أبرزها، زيارة الدولة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى إيطاليا في نوفمبر 2018، وزيارة سموه الرسمية خلال يناير 2016، وزيارة الدولة التي قام بها فخامة الرئيس سيرجيو ماتاريلا رئيس جمهورية إيطاليا للدوحة في يناير 2020.
وقد تأسست العلاقات القطرية - الإيطالية منذ عام 1992، عندما اتفق البلدان على تبادل افتتاح سفارتي البلدين، وهي تشهد منذ ذلك الوقت تطورا سريعا ومتينا في كافة المجالات، خاصة في القطاعين الاقتصادي والتجاري.
وفي مرحلة فارقة في العلاقات الدبلوماسية الوثيقة بين دولة قطر والجمهورية الإيطالية، عقدت جولة الحوار الاستراتيجي الأولى بين البلدين في روما خلال فبراير عام 2022، برئاسة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وسعادة السيد لويجي دي مايو وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالجمهورية الإيطالية، في ذكرى مرور 30 عاما على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين.
وتواصلت اللقاءات القطرية الإيطالية بزيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى إلى روما في فبراير 2023، حيث عقد مباحثات رسمية مع فخامة الرئيس سيرجيو ماتاريلا، تناولت بحث العلاقات الثنائية الوطيدة بين البلدين الصديقين وسبل دعمها وتطويرها في مختلف المجالات.
وفي سبتمبر من العام الماضي، زارت دولة السيدة جورجيا ميلوني الدوحة والتقت مع سمو الأمير المفدى في جلسة مباحثات رسمية تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، لاسيما في الاقتصاد والاستثمار والطاقة والدفاع.
وخلال الجلسة، أكد سمو الأمير، حرص دولة قطر على الارتقاء بالعلاقات المتميزة بين البلدين إلى آفاق أرحب، وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات وبما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الصديقين، فيما أعربت رئيسة وزراء الجمهورية الإيطالية عن تطلعها إلى توطيد العلاقات المتنامية بين البلدين، وجددت شكر بلادها لدولة قطر على مساعداتها الطبية إبان جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» وجهودها في تسهيل إجلاء المواطنين الإيطاليين من أفغانستان.
واعتبر معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن الحوار الاستراتيجي فرصة سانحة لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصا في الأمور المتعلقة بالدفاع والأمن والاقتصاد، وأكد معاليه أن التجارة البينية زادت أكثر من 3 أضعاف على مدى العشر سنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن التبادل التجاري نما خلال الشهور العشرة الأولى من عام 2022 بنسبة 56 في المائة، ووصل إلى مراحل ما قبل جائحة كورونا «كوفيد - 19»، بجانب الاهتمام المتزايد من الشركات الإيطالية بالسوق القطرية.
على صعيد متصل، قدم سعادة السيد لويجي دي مايو وزير الخارجية الإيطالي خلال اللقاء الامتنان لدولة قطر على إجلاء أكثر من ألف مواطن إيطالي خلال أحداث عام 2021 في العاصمة الأفغانية كابول، وأعرب عن شكره لقطر لموافقتها على نقل السفارة الإيطالية في أفغانستان إلى الدوحة، وفضلا عن ذلك، فقد أعلن سعادة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي عن إيفاد ملحق ثقافي إيطالي للعمل في الدوحة.
وقد تبع ذلك جولات من الحوار والأنشطة وتبادل الزيارات، ففي السادس عشر من مايو 2024 استضافت غرفة قطر لقاء الأعمال القطري - الإيطالي، الذي نظمته وزارة التجارة والصناعة، وعقد في مقر الغرفة بحضور سعادة السيد فالنتينو فالنتيني نائب وزير الشركات والصناعة الإيطالية، وسعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس غرفة قطر.
وخلال اللقاء، دعا سعادة السيد فالنتينو فالنتيني رجال الأعمال القطريين للاستثمار في بلاده، مشيدا بالتطور الكبير الذي تشهده قطر وأنها أصبحت مركزا مهما للأعمال والاستثمار، وأشار إلى مرافقة وفد يضم عددا من كبرى الشركات الإيطالية في قطاعات متنوعة والجهات ذات الصلة بالاستثمار، للتباحث حول سبل إقامة علاقات تعاون تجارية واقتصادية بين البلدين، موضحا أن بلاده أجرت العديد من الإصلاحات التشريعية لتسهيل بيئة الأعمال، ضمن سعيها إلى أن تكون مركزا للأعمال.
من جانبه، قال سعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس غرفة قطر: إن إيطاليا تعتبر شريكا تجاريا واقتصاديا مهما وواعدا بالنسبة لدولة قطر، وإن البلدين تربطهما علاقات تعاون وثيقة وسريعة النمو تغطى أغلب القطاعات والمجالات، وأن التبادل التجاري قد شهد نموا ملحوظا خلال السنوات الخمس الماضية، حيث بلغ في عام 2023 ما قيمته 20 مليار ريال، مقارنة بـ11.1 مليار ريال عام 2018، محققا نموا قدره 80 بالمائة.
ويعد الاستثمار القطري في محطة أدرياتيك للغاز الطبيعي المسال في عرض بحر مدينة روفيغو الساحلية الإيطالية، التي افتتحت في أكتوبر 2009، من أهم ثمرات العلاقة المتميزة بين البلدين، وتستقبل المحطة الغاز القطري المسال بمعدل 8 مليارات متر مكعب سنويا، وهو ما يعادل 10 بالمائة من احتياجات إيطاليا.
وتربط العلاقات القطرية - الإيطالية مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تغطي التعاون في القطاعات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والدفاعية والاستثمارية، والعلمية والتعليمية والصحية والشبابية والرياضية والفنية والثقافية والسياحية، وفي مجالات الطاقة والزراعة والمشاريع الاستراتيجية الخاصة بالأمن الغذائي، بالإضافة إلى إنشاء مجلس رجال أعمال مشترك قطري - إيطالي، لتعزيز العلاقات الاقتصادية واستكشاف مجالات التعاون الثنائي.
وتعد الجمهورية الإيطالية ثامن أكبر شريك تجاري لدولة قطر، وسابع مورد لها، وإحدى أهم وجهات الاستثمارات القطرية التي دخلت في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية هناك، وتتركز الاستثمارات القطرية في إيطاليا في قطاع العقارات والفنادق وتطوير بعض المناطق السكنية، بالإضافة إلى استثمارات الخطوط الجوية القطرية.
وتبلغ مساحة إيطاليا 300 ألف كيلو متر مربع، ويزيد عدد سكانها عن 60 مليونا، حيث كانت إيطاليا عام 2008 سابع أكبر اقتصاد في العالم ورابع أكبر اقتصاد في أوروبا، وفقا لصندوق النقد الدولي، وهي عضو في مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.