أجور المطربين في حفلات الزواج تتجاوز 700 ألف ريال
تحقيقات
20 أكتوبر 2015 , 01:43ص
حامد سليمان
مئات الآلاف من الريالات يدفعها البعض لقاء ساعتين لمطرب أو مطربة في عرسه، تكلفة جديدة على الشباب المقبلين على الزواج الذين اتسعت بهم دائرة المباهاة والمغالاة في حفلات الزفاف لتصل درجة عالية تكبل المتزوجين حديثاً بديون لا طاقة لهم بها، فتكلفة حضور بعض كبار الفنانين وفق مختصين تصل أحياناً لأكثر من 700 ألف ريال، وهو مبلغ كبير على شاب في مقتبل حياته الزوجية، والكارثة الأكبر أنه فتح الباب لكهف المباهاة التي يدخلها الكثير من شباب قطر فلا يخرجون منها إلا وعلى أكتافهم قروض تحتاج لسنين طويلة لسدادها.
ويؤكد دعاة في حديثهم لـ«العرب» أن من منكرات الزواج التي طرأت على المجتمعات الإسلامية حضور المطربين لحفل الزفاف، فالتكلفة تكون في بعض الأحيان أكبر من المهر الذي يشتكي منه الكثير من الشباب، في حين يوضح مختصون في تجهيز الأعراس أن التكلفة الإجمالية لحفلات الخطوبة والحنة والزفاف تصل إلى مبالغ ضخمة، مشددين على أنها باتت أحد أبواب المشكلات التي تتحول في بعض الأحيان لطلاق.
وأشاروا إلى أن البعض يكتفي بـ»دي.جي» فقط ومطرب يغني معه يكلفه قرابة 10 آلاف، في حين أن آخرين في المستوى المتوسط يكلفون الفرقة والعازفين قرابة 60 ألف ريال، أما المطربون في بداية سلم الشهرة تصل أجورهم من 80 إلى 120 ألف ريال، وكبار المطربين يمكن أن تزيد أجورهم فتتراوح بين 150 ألف وصولاً لـ600 أو 700 ألف ريال، على حسب شهرة المطرب، لافتين إلى أن كبار المطربين دائمو الحضور إلى الدوحة.
ضوابط للزواج
في البداية قال الداعية الدكتور عايش القحطاني: وضع الإسلام ضوابط للزواج في شتى نواحيه فكان على صورته المثلى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه تحول شيئاً فشيئاً فأصبح في عصرنا هذا الزفاف والزواج بهما الكثير من المنكرات والبدع، فيقع فيها الكثير من الشباب سواء عن غير قصد أو متعمداً ومتهاوناً في اتباع هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وأضاف: المنكرات تقع في كل مراحل الزواج فمنها ما يقع في فترة الخطبة ومنها ما يقع في عقد النكاح ومنها ما هو في حفل الزفاف، فمن الشباب من يسأل المشعوذين قبل الخطبة، وكذلك الفتيات، وهذا محرم، فالنبي شرع أن يراها وتراه حتى وإن كان دون علم أهلها، أما الوضع الحالي فهناك من يفتح الباب على مصرعيه في تعامل الشاب مع الفتاة ومن يغلق كافة الأبواب أمامهما، فإن كان قبولا بعد الرؤية، فلا بد أن يعجل عقد النكاح، ومن البدع أيضاً لبس الدبلة، وهي من العادات الغربية الغريبة على ثقافتنا الإسلامية.
وتابع القحطاني: من منكرات التجهيز للزواج أن تبدأ المرأة في رحلة من المغالاة، فبعض الفتيات لا تكتفي بشراء ما تحتاجه من دولتها بل تطلب بعض الطلبات التي يؤتى بها من بلاد الغرب حتى تكون مميزة عن غيرها، فتنفق بعضهن مبالغ كبيرة في فستان الزفاف الذي ترتديه لمرة واحدة، ثم يلقى في الخزانة، فستُسأل وتحاسب عن هذا الإسراف.
وأشار إلى أن ثمة مغالاة لدى الكثير من الفتيات في شراء ما لا تحتاجه، ما يثقل كاهل الزوج أو الخاطب، وهي من أكثر المصائب التي ابتلت بها المجتمعات الإسلامية والأمر يمتد إلى الأقارب ممن تصر نسائهن على شراء فستان خاصة بهذه المناسبة ولا يلبس في مناسبة أخرى فيشترى غيره.
وأكد الدكتور عايش القحطاني أن من أبرز منكرات الأفراح التي ابتلي بها المجتمع الإسلامي جلب المطربين والمطربات بأغلى الأثمان والتي تفوق في بعض الأحيان ما يدفعه الشخص في المهر، محذراً الشباب من هذا التصرف لأنه سيُسألون عنه أمام الله سبحانه وتعالى، فالنبي شرَّع للمسلمين ما يفعل في الزفاف، وعلى المسلمين أن يقتفوا بسنته صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى الكثير من الأقاويل التي تحرم الغناء من الأساس.
ودعا إلى الامتناع عن الذهاب للأعراس التي يحضرها المطربون، مشيراً إلى أن رب الأسرة يأثم إن سمح بذلك خاصة أن غالبية النساء يلبسن ملابس تصف وتشف في مثل هذه المناسبات، مشيراً إلى أنه وقف على إحدى حالات الطلاق التي كانت بسبب ملابس زوجة في أحد الأعراس.
ولفت القحطاني إلى أن المبالغة في الأعراس بلغت درجة بعيدة فدخول العروس إلى القاعة يكون مع دخان يخرج أثناء حركتها، لافتاً إلى أن هذا الدخان تصل تكلفته في بعض الأحيان لأكثر من 10 آلاف ريال، وهذا حرام شرعاً فربنا عز وجل يقول {إِنَّ الْمـُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}. وقال الداعية القطري: ومن مظاهر التبذير في الأعراس ما يلقى في القمامة من طعام فائض حتى بلغ الأمر إلقاء ذبائح كاملة لم تمس، ويتفاخر البعض بعدد الذبائح التي قدمها في عرسه، وهذا لا يرضى الله سبحانه وتعالى.
تكاليف باهظة
وقال الخبير الفندقي فؤاد بري: بعض الأعراس تعتمد في المقام الأول على «الدي جي» أو فرقة غنائية، لأن المطربين يكلفون المعرس مبلغاً كبيراً جداً، والفرقة تأخذ قرابة 30 ألف ريال ، وإذا ما أضفنا إليها باقي المصروفات نجد أنفسنا أمام مبلغ كبير جداً يكبل المعرس.
وأضاف: الفرق الغنائية أغلبها خليجي أما الفرق العربية من خارج الخليج فتكلفتها تكون أقل، ولكن الإقبال عليها مقتصر على المقيمين من نفس الجنسية فحسب، وكل معرس يفضل الفرقة الغنائية من نفس جنسيته وبعضها لا تزيد تكلفته عن 5 آلاف ريال.
وتابع بري: قاعة السيدات للزفاف إضافة إلى تكلفة الفرقة الغنائية لا تقل بالنسبة للكثير من القطريين عن 100 ألف ريال، وفي بعض الحالات إن زاد عدد المدعوين فقط تزيد التكلفة عن 200 ألف ريال، والمجال هنا للحديث عمن لا يود زيادة كلفة الزواج على نفسه.
وأشار إلى أن تكلفة حفلات الزفاف في قطر مفتوحة بصورة كبيرة جداً حيث تصل إلى مبالغ عالية ترهق الكثير من الشباب، بل إن بعضهم يضطر للاقتراض لتغطية هذه التكاليف الباهظة وتكلفة القاعة وبعض المصاريف الجانبية يمكن أن تصل لأكثر من مليون ريال، بعيداً عن رغبة البعض في استقطاب مطربين كبار فنجد أنفسنا أمام تكلفة خيالية للزفاف.
ولفت بري إلى أن مشاهير المطربين لا يقبلون بأقل من 50 ألف دولار أميركي (قرابة 182 ألف ريال )، أما كبار مطربي الوطن العربي كعمرو دياب وغيره من الجنسين فلا تقل أجورهم في الحفل الواحد عن 150 ألف دولار (قرابة 550 ألف ريال)، وهذا أجر المطرب فحسب، إن أضفنا له أجر الفرقة الموسيقية ونظام الصوت وغيرها من التكاليف تصل إلى مبالغ ضخمة. ونوه الخبير الفندقي إلى أن ثمة مبالغة واضحة في تكاليف الأعراس في قطر، مشيراً إلى أن الكثير من الشباب يجدوا أنفسهم مكبلين بقروض ضخمة بعد الزفاف، وهو ما يتسبب في الكثير من المشكلات التي تنتهي في بعض الأحيان بالطلاق.
وقال بري: التكلفة لا تقف عند حفل الزفاف للعروس في فندق فحسب، بل إننا أمام مجموعة من الحفلات التي تحتاج إلى مبالغ طائلة، تبدأ بحفل الخطوبة، ثم حفلة الحنة التي تسبق العرس بيومين تقريباً، ثم حفل العرس الذي ينقسم إلى قسمين، فالمعرس يحتفل في فندق والعروس في فندق آخر، ما يعني أن التكلفة كبيرة في هذا الحفل. وأضاف: رغم أن البعض لا يقوم بعمل حفل للخطوبة ولكن لا مهرب من حفل الحنة، والمعرس يحجز لحفل الحنة في فندق والعرس في فندق آخر بالنسبة للعروس، أما العريس فحفله في مكان منفصل مع الرجال، فالتكلفة مضاعفة والزفاف في قطر يكبد الشباب مبالغ كبيرة، والمشكلة تكمن في مباهاة البعض على حساب صالح العروسين، فيتكبد المعرس فوق طاقته.
تكلفة الحفل
ومن جانبه قال ناصر صالح مسؤول شركة أدينسا لتجهيز الحفلات: ثمة تفاوت واضح في تنظيم حفلات الزفاف، فالأمر مفتوح وفق رغبة العروسين ويمكن أن يبدأ من 20 ألف ريال فقط لبعض المقيمين الذين يقيمون زفافهم في قطر وصولاً لملايين الريالات، والأمر كله يعتمد على قدرة المعرس.
وأضاف: من يكلف زفافه 20 ألف ريال يمكن أن يكون من دون بوفيه، وكلما زادت الامتيازات في الزفاف كلما ارتفعت التكلفة، وإن افترضنا عمل بوفيه وفي حضور 200 شخص فقط فالتكلفة لن تقل عن 50 ألف ريال لأن البوفيه وحده لن يقل عن 30 ألف ريال قطري، وإن أضفنا له الكوشة و»الدي جي» وغيرها من الأمور نصل لهذه التكلفة.
وتابع صالح: أقل زفاف بالنسبة للقطريين لا يقل عن 300 شخص، وكل شخص 200 ريال وفق حساب الحد الأدنى الفنادق، فالمجمل يكون 60 ألف ريال، أضف إليها 25 ألفاً لبعض التجهيزات الصوتية والكوشة، وحفل الرجال يتكلف قرابة 25 ألف ريال، والتكلفة تتصاعد في حال وجود فرقة غنائية فلا تقل تكلفتها عن 30 ألف ريال، وإن كان الحفل به مطرب فالتكلفة تزيد بصورة كبيرة، ولكن الحد الأدنى في زفاف القطريين من 100 إلى 150 ألف ريال قطري.
وأوضح مسؤول شركة أدينسا لتجهيز الحفلات أن أجور المطربين لا تقل عن 20 ألف ريال، وهم المطربون ذوو الشعبية المتدنية، والرقم يتصاعد من مطرب لآخر وصولاً لأكثر من ربع مليون ريال مع بعض مشاهير المطربين، والأمر يعتمد على اسم المطرب وسمعته، وهذا كله في إطار الشريحة المتوسطة من حفلات الزفاف، وهناك من يتخطى هذه الأرقام بالنسبة لأجر المطرب فيصل بعضها لأكثر من 100 ألف دولار.
ولفت ناصر صالح إلى أن من يستقطب مطرباً بتكلفة تتجاوز 100 ألف دولار لا يقل زفافه بأي حال من الأحوال عن المليون ريال، فالزفاف يكون في أفضل الفنادق وكبرى القاعات وبحضور عدد كبير من المدعوين.
وأشار إلى أن الزفاف يسبقه الاحتفال بالحنة، وحفل الزفاف نفسه ينقسم إلى احتفال نسائي وآخر رجالي، ما يعني أن المعرس يدفع التكلفة لـ3 احتفالات، فالكلفة الإجمالية في حدها الأدنى تتراوح بين 300 إلى 500 ألف ريال.
وبيَّن أن قاعات الرفاع عليها إقبال كبير من المواطنين، ولكن مواعيد الزفاف في بعض الأحيان لا تناسب بعض الشباب، حيث يحرص الكثير منهم على أن يكون زفافه في عطلة نهاية الأسبوع، وهذا يعني أنه لا مجال للكثيرين في قاعات الرفاع ويضطرون إلى عمل زفافهم في الفنادق، ولكنها في المجمل خففت قاعات الرفاع الكثير من الأعباء على الشباب، فهي قاعات 5 نجوم بأجر رمزي بسيط.
وأكد أن غالبية حفلات الزفاف بها مبالغة في التكاليف، لافتاً إلى أن الكثير من المشكلات رصدها من خلال معارفه وزبائنه، والتي تعد التكلفة الباهظة سبباً رئيسياً فيها، فإرهاق المعرس في بداية حياته الزوجية بالكثير من التكاليف يعني خلق مساحة خلاف بين الزوجين قبل أن يشرعا في حياتهما سوياً.
أجور الفنانين متفاوتة
وقال عارف أبو زيد مسؤول ومتعهد ومهندس صوت بشركة اللؤلؤة لتجهيز الأفراح: نوع الفرقة ودرجة شهرة المطرب تحدد التكلفة الإجمالية لحفل الزفاف، وفي حدها الأدنى لا تقل عن 45 ألف ريال قطري، صعوداً إلى 70 ألف و150 ألف و250 ألف، وصولاً إلى قرابة نصف مليون ريال كأجر للمطرب.
وأضاف: غالبية المطربين يكونون من الخليج وأجورهم في الحفل يمكن أن تصل 160 ألف دولار أميركي لبعضهم، ثم تأتي هندسة الصوت، وأجور العاملين في هذا المجال، والأمر يعود في النهاية إلى رغبة المعرس فيمكن أن تنهي العرس بأقل تكلفة ويمكن أن تكلفه أكثر من مليون ريال قطري.
وتابع عارف أبو زيد: يمكن أن يكتفي المعرس بـ»دي جي» فقط ومطرب يغني معه يكلفه قرابة 10 آلاف فقط، في حين أن معرس آخر يكلف الفرقة والعازفين قرابة 60 ألف ريال، أما المطربون في بداية سلم الشهرة يكلفون من 80 إلى 120 ألف ريال، وكبار المطربين يمكن أن تزيد أجورهم فتتراوح بين 150 ألف وصولاً لـ600 أو 700 ألف ريال، على حسب شهرة المطرب ورغبة المعرس. وأشار إلى أنظمة الصوت بالحفل تتراوح بين 5 آلاف ريال وصولاً إلى 50 ألف ريال، وهذا يعتمد على أنظمة الصوت المرغوب فيها، وحجم الفرقة التي ستعمل على هذه الأنظمة، فالأمر كله احترافي يعتمد على عدة معطيات يحددها مهندس الصوت والمطرب والزفاف وغيرها من الأمور، فبعض المطربين من خارج الخليج يطلبون تجهيزات أخرى، كون غالبية التجهيزات المعتمدة في دول مجلس التعاون متقاربة.
ولفت إلى أن كبار المطربين يأخذون أجورهم شاملة انتقالهم وانتقال الفرقة الموسيقية المرافقة لهم، وغيرها من النقاط التي يحددونها وفق اتفاقهم مع المعرس، وهو اتفاق يكون أفضل للطرفين، وهذا بالنسبة لكافة المتعاملين جيد جداً، موضحاً أن أجر الفنان يمكن أن يرتفع إن كان لديه ارتباطات فنية أخرى واضطر لإلغائها، فالأجر ليس ثابتاً بصورة كبيرة.
وأكد أن الكثير من الشباب والفتيات يصرون على حضور فنانين كبار في أفراحهم، فالأمر بالنسبة لهم «فرحة العمر» ويودون أن يخرج بأبهى صورة، منوهاً إلى أن كبار المطربين يحضرون إلى قطر وكلهم يحبون القدوم إليها، فالدوحة باتت ساحة فنية مفتوحة أمام الجميع، موضحاً أن الشباب في دول الخليج بصورة عامة يحرصون على إقامة أفضل حفلات الزفاف.