في الضفة الغربية ... فلسطينيون يتأهبون ليوم هدم قريتهم
حول العالم
20 يوليو 2015 , 08:23م
رويترز
جلس جهاد نواجعة تحت شجرة تين؛ هرباً من الحر القائظ، يتطلع إلى الأرض الوحيدة التي عرفها في حياته، على امتداد تلال الخليل القاحلة في جنوب الضفة الغربية. ففي خلال أيام من المنتظر هدم بيته وطرده هو وزوجته وأولادهما العشرة.
وقال الرجل البالغ عمره 47 عاما، وهو يمسك بثمرة تين من الشجرة المحملة بالثمار ليختبر مدى نضجها: "يبدو أنها النهاية. سيأتون ويهدمون بيوتنا، ولن يكون لنا مكان نذهب إليه. في الأيام التالية سأشاهد تشريد 100 طفل".
وأسرة نواجعة بين عدد محدود من الأسر تعيش في خيام وهياكل من ألواح سابقة التجهيز في قرية سوسيا الفلسطينية، تمتد على جوانب عدة تلال صخرية بين مستوطنة يهودية إلى الجنوب، وموقع أثري يهودي إلى الشمال، على أرض تحتلها إسرائيل منذ حرب 1967.
وترجع حكاية سوسيا لعشرات السنين، لكنها بلغت ذروتها في مايو؛ عندما رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية طلبا لوقف هدم القرية. ومع استنفاد سبل الطعن في القرار وانتهاء شهر رمضان من المتوقع أن يبدأ الهدم في أي يوم.
بل إن الجنرال الإسرائيلي المكلف بتنفيذ عملية الهدم أبلغ سكان القرية بذلك، الأسبوع الماضي.
وقد نشأت نزاعات عدة مثل هذا النزاع عن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، على مدى 48 عاما، إذ توسعت المستوطنات اليهودية بسرعة. وتعد أغلب القوى العالمية المستوطنات غير قانونية.
غير أن سوسيا لها وضع فريد بسبب مدى الظلم الواقع على أهلها، فيما يبدو.
ويعتقد كثير من الإسرائيليين من مسؤولين سابقين بوزارة الدفاع، إلى نشطاء المستوطنات، وجماعة حاخامات من أجل حقوق الإنسان، أن الحكومة الإسرائيلية ترتكب خطأ، ويشيرون إلى وثائق توضح ملكية الفلسطينيين للأرض، وأنهم زرعوها وسكنوها منذ نحو عام 1830.
وفي الماضي كان الفلسطينيون يعيشون في كهوف، لكنهم طردوا من مساكنهم الأصلية عام 1986، بعد اكتشاف الموقع الأثري، وتم تدمير الكهوف في موقعها الحالي في التسعينيات وأوائل الألفية الثالثة، بعد سلسلة من المواجهات، بما في ذلك مقتل أحد المستوطنين.
ونتيجة لذلك أصبحوا يعيشون في خيام ومبان سابقة التجهيز، غير أن إسرائيل لم تمنحهم أي تصاريح لبناء هذه الهياكل، لذلك فقد حكمت المحكمة العليا أن من الممكن هدمها.
معارضة أمريكية:
في الأيام الأخيرة زار دبلوماسيون أمريكيون وأوروبيون سوسيا؛ لإبداء تضامنهم مع سكان القرية الذين يبلغ عددهم إجمالا نحو 350 فردا، يعيشون في حوالي 80 خيمة وهيكل. ولم يكن هناك من يستخدم في حر النهار معدات لساحة لعب أطفال زاهية الألوان، تبرعت بها وكالات مساعدات إغاثة عالمية، لكن الإقبال عليها يشتد في المساء.
وقال جون كيربي - المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية - يوم الخميس، في تصريح نادر عن هذه القضية: "نحن نتابع التطورات عن كثب ... ونحث السلطات الإسرائيلية بقوة على الامتناع عن تنفيذ أي من عمليات الهدم في القرية".
وأضاف أن "هدم هذه القرية الفلسطينية أو أجزاء منها وطرد الفلسطينيين من بيوتهم، سيكون أمرا ضارا واستفزازيا".
وتطالب حركة المستوطنين - التي لها نفوذ كبير في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية - بالمضي قدما على الفور في عملية الهدم، وتقول إنه لا توجد عراقيل قانونية أخرى، ويشير يوشاي دامري الزعيم المحلي للمستوطنين إلى الموقع الأثري وأدلة على وجود معبد قديم؛ للإصرار على أن اليهود كانوا موجودين في المنطقة أولا.
وقال سيلفان شالوم - نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي - لرويترز، إن الحكومة تبنت قرار المحكمة تماما مثلما حدث حين أمر القضاء بإجلاء مستوطنين يهود.
وأضاف: "إذا أقرت المحكمة العليا القرار بإجلاء الناس فسيصبح أمرا يتوجب علينا تنفيذه. يجب إجلاء "المستوطنين" الإسرائيليين، كذلك الفلسطينيين الذين يسكنون أرضا لا يملكونها، هذا شيء لا نقوم به مع الفلسطينيين وحدهم".
وخوفا من رد الفعل الدولي قال الميجر جنرال يواف مودخاي، المسؤول عن الهدم، إنه يدرس "الحلول البديلة".
لكن سكان سوسيا يقولون إنهم لم يتسلموا أي شيء، ويخشون أن يكون الأمر مسألة وقت. وقال جهاد نواجعة - المولود في سوسيا عام 1967 - ولم يبتعد عن التلال: "نحن ننتظر فقط البلدوزرات". وهو يعيش على رعي الغنم ومحصول التين والزيتون وبيع عسل النحل.
وأضاف: "الحياة في الكهوف والخيام ليست مريحة. لكن الشعور بعدم الراحة سيتفاقم".