روسيا تخطب ودَّ مستثمري النفط بالتحذير بشأن «أوبك»
اقتصاد
20 يونيو 2011 , 12:00ص
سان بطرسبرغ (روسيا) - رويترز
أبلغت روسيا -التي تسعى لاستغلال مكانتها كأكبر بلد منتج للنفط في العالم وضخ استثمارات جديدة في ثرواتها من النفط البحري- المستثمرين أن الضمان الأفضل للإمدادات هو التعاون في تطوير حقول جديدة.
وعقب إخفاق محادثات أوبك بشأن زيادة محتملة في الإمدادات لمساعدة الاقتصادات المستهلكة التي تواجه صعوبات حذر إيجور سيتشين نائب رئيس الوزراء الروسي من الاعتماد على الطاقة الإنتاجية لمنظمة أوبك لزيادة الإنتاج وقت الحاجة.
وقال سيتشين بعد كلمة لجمهور ضم ممثلين عن شركات نفطية كبرى ورئيس وكالة الطاقة الدولية ووزير النفط العراقي عبدالكريم اللعيبي الذي عارض مسعى السعودية لرفع الإنتاج «نتمنى لأوبك نجاحا كبيرا».
وأضاف: «ليس لدى أوبك هذا الفائض الكبير في الطاقة الإنتاجية, ليس بهذه الضخامة, ونحن بحاجة لافتتاح حقول جديدة وللتعاون في هذا الشأن».
وألقى سيتشين مزحة ردا على احتجاج عبدالله البدري الأمين العام لأوبك على تلويح وكالة الطاقة الدولية «بسلاح» ضد أوبك, من خلال التعهد بحماية الدول المستهلكة من ارتفاع الأسعار إذا مكنتها الدول من الوصول لاحتياطياتها النفطية.
وقال سيتشين للصحافيين على هامش منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي وهو المقابل الروسي للمنتدى الاقتصادي العالمي: «ربما يتيح لنا المستهلكون الوصول (لاحتياطياتهم)».
ورغم محاولات روسيا في أوقات انخفاض الأسعار لخطب ود أوبك بالتلميح إلى أنها قد تتماشى مع تخفيضات الإنتاج فإن الواقع الذي تواجهه صناعة النفط الروسية على النقيض تماما مع الوضع في السعودية التي تنافسها على لقب أكبر منتج في العالم.
وبينما يدور الجدل بشأن السعودية حول الحجم الحقيقي للفائض في طاقتها الإنتاجية تواجه روسيا أسئلة صعبة عن الطريقة التي يمكنها بها وقف التراجع في إنتاج النفط من قلب صناعة النفط خلال الحقبة السوفيتية في سيبيريا, وبدء الإنتاج من حقول جديدة تحتاج لاستثمارات كبيرة.
وقال دانييل يرجين رئيس آي.أتش.أس سيرا: تطوير الجيل التالي من الموارد في روسيا مهم ليس لروسيا فحسب. هذا مهم لإمدادات الطاقة العالمية، لكن ليس هذا فحسب إن لذلك أهمية كبيرة لأمن الطاقة العالمي ولذلك فهو مهم لأمن جميع دول العالم.
وستعتمد قدرة روسيا على تطوير موارد جديدة واقعة في مناطق نائية, ولا تتوفر بها مقومات الحياة, وكثير منها موارد بحرية, وعلى قدرتها على تدبير مئات المليارات من الدولارات لتمويل عمليات الحفر ذات التكلفة المتزايدة.
وهذه مهمة صعبة في ضوء عدم وجود سابقة لتمويل مشروعات بمثل هذا المدى والمستوى في اقتصاد ناشئ ليس له سجل كبير فيما يتعلق بحقوق المستثمرين.
غير أن الصدمات التي تعرضت لها صناعة الطاقة في الآونة الأخيرة جعلت روسيا تبدو رهانا آمنا.
وقال يرجين: «عدم التيقن في الشرق الأوسط صرف الانتباه مجددا إلى دور روسيا كأكبر منتج وثاني أكبر مصدر إلى جانب كونها مصدرا لكميات ضخمة من الغاز الطبيعي. هذا دور حيوي في منظومة أمن الطاقة العالمية».
ولم تتأثر شهية المستثمرين للاحتياطيات الروسية بأحدث فشل استثماري في البلاد, حيث أخفقت بي.بي في إتمام صفقة للحفر في منطقة القطب الشمالي مع شركة النفط الحكومية روسنفت بعد معارضة شركاء محليين قدامى لشركة «بي.بي».
وقالت روسنفت: إن من الممكن إحياء الصفقة التي كانت بوساطة سيتشين نفسه من خلال منصبه السابق كرئيس مجلس إدارة الشركة إذا حل منافس لشركة بي.بي محل الشركة البريطانية وقدم ما يلزم من تقنية وخبرة لتطوير ثلاث مناطق امتياز رئيسية في المنطقة القطبية.
واصطف مسؤولون تنفيذيون من شركات نفط عالمية حول جناح روسنفت.
وفي الداخل يعقد إدوارد خودايناتوف الرئيس التنفيذي لروسنفت والمدير المالي للشركة اجتماعات موجزة مع مسؤولي الشركات الواحد تلو الآخر.
وكان ممن يقفون بالخارج يتجاذبون أطراف الحديث مع الحاضرين الرجل الذي تحمل القدر الأكبر من اللوم في فشل الصفقة, وهو بوب دادلي الرئيس التنفيذي لشركة بي.بي.
وقال دادلي للصحافيين على هامش المنتدى في وقت سابق: «أعتقد أنه كان مفهوما غير معتاد وفي مصلحة روسيا وجميع الشركات المشاركة... هكذا الأعمال بعض الأمور تنجح والبعض الآخر لا».
وقد دعت وكالة الطاقة الدولية المتحدثة باسم الدول المستهلكة، روسيا ودولا أخرى منتجة للانضمام إلى المنظمة، كما أعلن مديرها العام نابوو تاناكا في حديث لصحيفة أوبزرفر البريطانية الصادرة أمس الأحد.
وقال تاناكا للصحيفة إن منتجي ومستهلكي الطاقة «لديهم جميعا مصلحة مشتركة»، مضيفا «لا يمكن النظر إلى النفط بطريقة منعزلة عن أمن الغاز وفعالية الطاقة والطاقة المتجددة».
وأكد: «علينا جميعا التصدي لمشكلات أمن الطاقة والتغير المناخي بصورة جماعية, ونعتقد أن بإمكان روسيا ودول أخرى من المنتجين الأساسيين الاستفادة كثيرا من تجربة» وكالة الطاقة الدولية.
وقد أنشئت وكالة الطاقة الدولية إثر الصدمة النفطية في 1973-1974 بهدف تمثيل مصالح الدول الصناعية والمستهلكة أمام منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) النافذة.
لكن المنظمة تواجه صعوبات في التأثير على إنتاج الطاقة، وبالأخص على أسعار النفط. ودعواتها المتكررة إلى زيادة الإنتاج بغية وقف ارتفاع أسعار الذهب الأسود بقيت حبرا على ورق لدى أوبك.
وسلم تاناكا الدعوة إلى روسيا عبر نائب رئيس الوزراء الروسي إيغور سيتشين, معتبرا أن هذا الأخير قد يتوجه إلى الاجتماع الوزاري المقبل لوكالة الطاقة الدولة في أكتوبر.
وتعتبر وكالة الطاقة الدولية روسيا وكذلك الصين والهند من الدول «الأساسية غير الأعضاء» في المنظمة, لكن تاناكا يأمل أن تصبح روسيا عضوا كاملا, مؤكداً أن دولا مثل إندونيسيا والمكسيك تسعى أيضاً إلى دخول المنظمة التي يوجد مقرها في باريس.
وأعضاء وكالة الطاقة الدولية هم جميعا أعضاء أيضاً في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وعندما سألته الأوبزرفر حول موعد انضمام موسكو، أجاب تاناكا: «لا أعلم متى سيتم ذلك. فقد يتم في يوم وقد يتطلب سنوات لكن بإمكان روسيا أن تستفيد أكثر من تجربتنا».