البوعينين: القرآن حبل الله المدود بينه وبين خلقه

alarab
محليات 20 مايو 2016 , 05:55م
الدوحة - العرب
تناول الداعية الشيخ أحمد البوعينين " فضائل القرآن الكريم" مبينا ما لصاحبه من منزلة عند الله إن هو أحل حلاله وحرم حرامه، وإن هو لم يهجره، محذرا من هجر القرآن العظيم، ضاربا أمثلة كثيرة لحالة معظم الناس اليوم الذين لا يتعاهدون القرآن إلا من رمضان لرمضان.

جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع صهيب الرومي بالوكرة، مضيافا إن نصيب الإنسان من الدنيا عمره، فإن أحسن الاستفادة منه فيما ينفعه في دار الخلود فقد ربحت تجارته، وإن استغله في المعاصي والسيئات حتى لقي الله على تلك الخاتمة السيئة فيا خسارته وندامته، والعاقل من حاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله، وخاف من ذنوبه قبل أن تكون سببا في هلاكه، والسعيد من وفقه الله إلى عمل صالح ثم يقبضه عليه، والشقي من حرم ذلك، ومن هؤلاء الأشقياء من هجر القرآن وعرض عنه.

وتابع قائلا : أن القرآن الكريم هو كلام الله، أشرف الكلام وأفضله، ومن شرفه لكونه أنزل على أشرف الانبياء، ومن شرفه أنه كلف به أشرف أمة وهي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي لا يتطرق إليه شيء من الشك والريب، قال تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75) وإنه لقسم لو تعلمون عظيم (76) إنه لقرآن كريم (77) في كتاب مكنون (78) لا يمسه إلا المطهرون (79) تنزيل من رب العالمين} منوها الي تمسك السلف الصالح بالقرآن الكريم وحولوا تلك الآيات إلى منهج حياة متكامل، يأتمرون بأوامره وينتهون بنواهيه، يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، ومن فضائل القرآن الكريم: تحصيل الأجر، ونزول البركة والسكينة على من تلاه، وكرامة لقارئ القرآن في الدنيا والآخرة، وكرامة قارئه في قبره، ففي صحيح مسلم عن النواس بن سمعان قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل عمران"، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال: "كأنهما غمامتان تحاجان عن صاحبهما".


أنواع كثيرة لهجر القرآن 

وذكّر فضيلته بيوم القيامة في ذل الخلائق وانكسارهم واستكانتهم، انتظارا لما يقضى عليهم من سعادة أو شقاوة، والجميع في انتظار وترقب وهناك الأرض تبدلت غير الأرض والسماوات وطمس الشمس والقمر، وأظلمت الأرض واشتبك الناس حفاة عراة، وكل يترقب في هذا اليوم العظيم، قال تعالى: {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}، وفي هذا المشهد المفزع تأتي سورتا البقرة وآل عمران في صورة سحابة عظيمة تظلان صاحبها، ويأتي القرآن الكريم كالرجل الشاحب يأتي وقد أخذ بيد صاحبه ليشفع له عند الله، يقول: "يا رب إني أشهد لهذا الرجل بالصلاح والتقى، فقد كان في الدنيا لا يشغله شيء عن ذكرك وتلاوة كتابك يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، كما أنه في يوم القيامة يأتي القرآن الكريم ليقول يا رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، وعندها يأذن الله ليشفع القرآن لصاحبه، وفي تلك اللحظات يتخلى عنك أقرب الناس، قال تعالى: {يوم يفر المرء من أخيه (34) وأمه وأبيه (35) وصاحبته وبنيه (36) لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}، فيا حسرة على هؤلاء المحرومين الذين حرموا شفاعة القرآن لهم لأنهم حرموا أنفسهم من تلاوته في الدنيا، واللبيب من استعد لهذا اليوم العظيم لكي يشفع له القرآن، واليوم نشهد يا معاشر المسلمين هجر للقرآن بشتى الأشكال هجر التلاوة، هجر الاستماع، هجر التدبر، هجر العمل والتحاكم به، هجر التداوي والاستشفاء به حتى صدق رسول الله في قوله تعالى: {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا}، لقد هجر الناس القرآن استماعا وأقبل الناس على سماع اللهو والغناء حتى أصبح الناس لا تتأثر بالقرآن ولا بالآيات الوعد والوعيد، أصبحت القلوب قاسية، ولو أنزلت الآيات على الجبال لتأثرت، والسبب اللهو وسماع الغناء، ولقد هجر الناس القرآن استشفاء، ولجأ الكثير إلا من رحم الله إلى السحرة والمشعوذين والعرافين والدجالين يطلبون منهم الشفاء والدواء لأمراضهم.

هجرالمسلم لكتاب الله لظلم للنفس 

وحذر الشيخ البوعينين من هجر القرآن قائلا: "قد ظلم نفسه من هجر القرآن، ومن يفعل ذلك لا يهتدي من ضلالة ولا يفيق من عمى، قال تعالى: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا}، كذلك يعرض نفسه لانتقام الله، قال تعالى: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون)، فالله سبحانه وتعالى قد أنذر من هجر القرآن وتوعده بصاعقة مثل صاعت عاد وثمود، قال تعالى: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود)".

ولفت الخطيب إلى انشغال الناس بوسائل الاتصال وهجران القرآن فقال: "أخذت وسائل الاتصال النصيب الأكبر في الاطلاع والمتابعة، وأصبح القرآن الكريم في هذا الزمان مهجورا، حتى صار البعض لا يقرأ القرآن إلا من رمضان إلى رمضان، حتى إن سورة الكهف يوم الجمعة لا يقرؤها إلا قلة من الناس، لذا نريد من اليوم أن نفتح صفحة جديدة مع كتاب الله، وأن لا يمر يوم إلا وقد قرأنا فيه جزءا واحدا، حتى نختم كل شهر ختمة".

أطالب أولياء الأمور بتهيئة الأجواء لأبنائهم ليتجاوزا لاختبارات 

وركز البوعينين خطبته الثانية على الامتحانات، مطالبا أولياء الأمور بتهيئة الأجواء لأبنائهم حتى يتجاوزا الامتحانات بنجاح، وأضاف: "لم يبق إلا أيام وينتهي العام الدراسي، وعلى الآباء تهيئة الأجواء لأبنائهم، خصوصا أن الامتحانات هذا العام ستكون خلال شهر رمضان، من هنا أحذر أبنائي وبناتي الطلبة والطالبات من الآفة التي ابتلى بها كثير من الطلبة وهي: آفة الغش، فالآيات والأحاديث تحذر من الغش بشكل عام قال تعالى: {ويل للمطففين (1) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون (2) وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون"، هذا في الغش وتطفيف المكيال، وعيد شديد للذين يبخسون أو ينقضون المكيال والميزان، فكيف بحال من يسرقها ويختلسها ويبخس الناس أشياءهم، فهذا أولى بالوعيد، لأنه من مطففي المكيال والميزان.

وعدّد الشيخ صورا ونماذج من الغش في الامتحانات مثل: استعمال بعض قصاصات الورق الصغيرة، والكتابة على المقعد، وإدخال الهواتف الجوالة، لذا عليكم أن تعلموا أن الغش في الامتحانات كبيرة من الكبائر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من غشنا فليس منا".

وقال لنا في قصة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عبرة، فقد كان رضي الله عنه في ليلة من الليالي يتفقد الرعية فمر على امرأة ومعها ابنتها وهم يخضون اللبن، فلما أرادت الأم أن تضع الماء على اللبن من أجل أن تزيد الكمية وتباع، قالت الابنة: لا تفعلي يا أمي، فقالت لم؟ فقالت الابنة: أما سمعت أمير المؤمنين قد نادى في الناس ألا يخلط اللبن بالماء، قالت المرأة: وأين أمير المؤمنين؟ قالت: إذا كان أمير المؤمنين لا يراك فإن الله يراك. وسمع الكلام عمر بن الخطاب فزوج الفتاة من ابنه عاصم، فهي جدة الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز.

أ.س/س.س