لاجئو سوريا بلبنان.. لا راحة في الحياة و الممات
حول العالم
20 مايو 2016 , 06:41ص
ا ف ب
تخطت لوعة اللاجئ السوري أحمد يوسف المصطفى فقدانه ثلاثة من أطفاله الرضع خلال ثلاث سنوات متتالية، إلى معاناة من نوع آخر جراء عدم إيجاده مقبرة لدفنهم، شأنه شأن العديد من العائلات السورية التي تفقد أحد أفرادها في لبنان.
ويروي أحمد (29 عاما) -وهو عامل بناء نزح قبل خمس سنوات من مدينة حلب في شمال سوريا إلى مخيم عشوائي للاجئين في بلدة بر الياس في منطقة البقاع (شرق)- معاناته بعدما رزق وزوجته بثلاثة أطفال توفوا الواحد تلو الآخر لأسباب صحية.
ويقول بحسرة وهو يقف أمام خيمته التي باتت منزله لوكالة فرانس برس: «في كل سنة كلما ولد طفل توفي، والمشكلة تكمن في إيجاد مكان لدفنهم»، موضحا أنه بعد وفاة طفله الأول عن عمر ناهز ثلاثة أشهر، لجأ إلى أحد معارفه في بلدة مجاورة، فقدم له هذا الأخير المساعدة وسمح له بدفن الطفل في مدفن العائلة.
ومع وفاة الطفل الثاني وهو بعمر خمسة أيام يقول: «اضطررنا إلى فتح القبر القديم لدفنهما معا». ولم يجد خيارا عند وفاة الطفل الثالث عن عمر ساعتين إلا دفنه في بلدة الفاعور المجاورة بعد وساطة من رجل دين.
ويدعو أحمد «الدولة والجهات الإسلامية إلى أن تخصص لنا قطعة أرض غير صالحة للزراعة لدفن موتانا فيها».
ويقيم أحمد وزوجته مع ولديه في خيمة متواضعة في «بر الياس» التي يقول مسؤولون محليون فيها إن عدد سكانها البالغ أساسا خمسين ألفا تضاعف منذ بدء تدفق اللاجئين السوريين بعد اندلاع النزاع المستمر في سوريا منذ مارس 2011.
لم نعد نتحمل
ويوضح مسؤولون محليون أن مدافن البلدة كانت ممتلئة حتى قبل بدء موجة اللجوء إلى لبنان الذي بات يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، أي ربع سكانه، وهي أعلى نسبة لاجئين في العالم بالمقارنة مع عدد السكان.
ويقول رئيس البلدية السابق سعد ميتا لفرانس برس «لم يعد للمدفن القديم قدرة استيعاب لا للبنانيين ولا للسوريين».
وتقع مقبرة البلدة على تلة صغيرة وتضيق بالمدافن المتراصة التي تحيط بها الأعشاب البرية والزهور من كل ناحية وصوب، حتى إنه بات على زائري المقبرة السير بحذر داخلها لعدم الدوس بالخطأ على أي مدفن.
الدفن سراً
وقد يتمكن بعض السوريين من إيجاد مكان لدفن موتاهم بتكلفة قد تصل أحيانا إلى 250 دولارا أو أكثر، وهو مبلغ لا تملكه غالبية اللاجئين السوريين.
وفي مخيم للاجئين خارج البلدة بين حقلين مزروعين بالبطاطس والكوسة، تقول لاجئة سورية شابة رفضت الكشف عن اسمها، إنها اضطرت إلى دفن جنينها الذي ولد ميتا بالسر.
وتروي كيف أن حارس إحدى المقابر في قرية قريبة رفض السماح لزوجها بدفن الجنين، وقال له «لا يسمح للسوريين بدفن أطفالهم هنا».
وافتتحت بر الياس الشهر الحالي مقبرة جديدة للبنانيين على أن يخصص جزء صغير منها للسوريين.
ويقول مدير هيئة إغاثة اللاجئين السوريين التابعة لدار الفتوى في البقاع الشيخ وسام محمد عنوز، إن المقبرة الجديدة ستتضمن بين عشر إلى عشرين «حفرة مزدوجة (مدفن) لإخواننا السوريين».