

توصّل باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر، إلى رؤية متعمقة غير مسبوقة عن الآليات الجزيئية التي تجعل السمنة تقود إلى شيخوخة مبكرة للخلايا الدهنية، ومن ثمّ إلى التهاب مزمن ومقاومة الإنسولين، وفي نهاية المطاف الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
طوّر فريق باحثين يقوده الدكتور نايف مظلوم، الأستاذ المساعد لعلم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة، والعميد المساعد لبحوث الطلاب في وايل كورنيل للطب - قطر، اختباراً مختبرياً جديداً باستخدام تقنيات تحليل وتعديل الجينات، لاكتشاف جزيئات رئيسية تنظّم شيخوخة وهرم الخلايا في الخلايا الدهنية.
ودرس الباحثون وظيفة جينتين مشفّرتين للبروتين، تعرفان باسم STAT1 وSTAT3، في تنظيم الالتهاب الذي يمكن أن يُفضي إلى مقاومة الإنسولين والسكري من النوع الثاني.
يُذكر أن شيخوخة الخلايا هي عملية تدهور شبيهة بالشيخوخة، إذ تفقد الخلايا بعض وظائفها، لا سيما القدرة على التكاثر من خلال انقسام الخلايا.
وتمثّل السمنة وداء السكري من النوع الثاني تحدّيين واثنتين من المشكلات الصحية الأكثر إلحاحاً في قطر، إذ تشير الإحصاءات إلى أن قرابة 41% من المواطنين القطريين البالغين يعانون السمنة، مقارنة بنسبة 13% عالمياً.
ويبلغ معدل انتشار السكري من النوع الثاني بين البالغين في العالم نحو 10%، مقارنة بقرابة 17% بين البالغين في قطر، بل من المتوقع أن يبلغ 24% بحلول عام 2050، في حال تواصلت الاتجاهات السائدة.
وقال الدكتور مظلوم: «السمنة والسكري من النوع الثاني تحدّيان صحيان بالغا الأهمية بالنسبة لقطر وعموم بلدان الخليج، وهذه الدراسة مهمة للغاية لأن الجزيئات المرتبطة بأمراض معينة التي تمكّنّا من تحديدها يمكن أن توفر أهدافاً لتوجيه عملية تطوير عقاقير دوائية جديدة لعلاج المضاعفات المترتبة على السمنة وعلاج السكري».
وأعرب عن اعتقاده بأنه لتعميق فهمنا للصلة بين السمنة والسكري على المستوى الجزيئي، تبرز أهمية استحداث علاجات أفضل لمعالجة هذه الحالة المرضية.
كما تثبّت فريق الباحثين من صحة استنباطاته في الأنسجة الدهنية المستخرجة من فئران سمينة، ومن أشخاص في قطر خاضعين لدراسات علمية إثر إجرائهم جراحة إزالة السمنة.
ونُشرت الدراسة الريادية المعنونة «عامل الانتساخ STAT3 يكبح مسارات تأشير الجينة STAT1 الإنترفيرون والالتهاب في الخلايا الدهنية الطليعية الهرمة»، في الدورية الطبية المرموقة Antioxidants، والمؤلف الأول لهذه الدراسة هي الدكتورة عائشة مدني، الحاصلة مؤخراً على درجة الدكتوراة من جامعة حمد بن خليفة، والمشاركة في الدراسة بدعم من برنامج المنح الدراسية لطلاب الدراسات العليا «المنحة GSRA4-1-0330-17010» المنبثق عن الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، وأسهمت بحوث الدكتورة مدني المنجزة في مختبر الدكتور مظلوم في وايل كورنيل للطب - قطر في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراة.
وقالت الدكتورة مدني: «أمر مثير للغاية لي كباحثة أن أدرس السمنة على المستويين الخلوي والجزيئي، وأن أتمكن في المختبر من محاكاة النشاط والتلف الخلويّين اللذين يحدثان في أجسام المصابين بالسمنة».