أحمد النعيمي: «التستر» أول الأسباب.. والاستعانة باستشارة الخبراء قبل القرار
صالح العجي: تراكم الالتزامات المالية لا يرجع إلى شراء العقارات بالخارج
دعا خبراء مختصون ومواطنون إلى تضافر جهود الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني لمعالجة ظاهرة الغارمين خلال شهر رمضان المبارك، من خلال دعم المبادرات الخيرية المساهمة في سداد ديون الغارمين خاصة الفئات الأكثر احتياجاً. ونوهوا بضرورة وضع معالجات منظمة ودائمة لجبر ضرر الجميع من استمرار ظاهرة الغارمين، والتي أصبحت تُؤرِّق العديد من الأسر في المجتمع، بما فيها دراسة حجم الدعاوى المنظورة في المحاكم القطرية بشأن هذه القضية وإيجاد مخارج وحلول تشريعية وقانونية تعالج أسباب هذه الظاهرة من جذورها، لا من خلال تجزئة إغلاق هذا الملف بشكل موسمي أو من باب الهبات والعطايا والفزعة.
وأكدوا لـ «العرب» أن معالجة ظاهرة تعثر سداد الديون، تتطلب توحيد جهود الجهات المعنية وإعداد حملات توعية لتعزيز ثقافة القروض، والتوعية من أضرار اللجوء إلى السلف غير المبرر، وعدم التوقيع على شيكات أو إيصالات على بياض، مشيرين إلى تصدر قضايا الشيكات والقروض الشخصية المشهد القضائي في العديد من المحاكم القطرية بامتياز.
وأشاروا إلى ضرورة عدم الانصياع للتسهيلات التي تقدمها البنوك من حيث الفائدة والقيمة، حيث الحصول على القرض الشخصي بات «أسرع مما تتخيل»، في حين التعثر في سداده قد يخلف وراءه مشاكل «أبعد مما تتخيل».
وأكدوا أن إصدار البنك المركزي قانوناً لجميع البنوك العاملة في الدولة بعدم إعادة جدولة أي قرض، مهما كانت الأسباب، من شأنه أن يساهم في نشر ثقافة «ترشيد القروض» الشخصية وتشجيع الادخار.
نموذج قطري
وأوضح السيد صالح بن محسن العجي أن تزايد حالات الغارمين وتراكم الالتزامات المالية لا يرجع إلى شراء العقارات خارج قطر، كما يرى البعض، مشيراً إلى أن «من يملكون العقارات في الخارج هم الأغنياء والميسورون من الشعب، بينما العديد من المواطنين في الداخل هم ضحايا قانون الإسكان، الذي يمنحهم قرضا دون أرض، مشيراً إلى عدم كفاية القرض لشراء منزل هو ما يستدعي السكن بالإيجار أو في ملاحق.
وأكد العجي أن استمرار ظاهرة الغارمين وتسجيل حالات إضافية بهذه الكثرة في الآونة الأخيرة، يستدعي من الجهات المعنية في الدولة، القيام بدراسة حجم الدعاوى المنظورة في المحاكم، ووضع معالجات منظمة ودائمة لتفادي الأضرار الواقعة من استمرار هذه الظاهرة، والتي أصبحت تُؤرِّق العديد من الأسر في المجتمع.
ونوه العجي بضرورة توعية الشباب من مخاطر اللجوء إلى السلف غير المبرر، وترشيد ثقافة الاقتراض وكذلك إيجاد نموذج قطري في التصدي لظاهرة الغارمين لتحويلهم لطاقات منتجة، مشيرا إلى أن وضع مخارج وحلول ناجعة يحفظ للأسر كرامتها وللمجتمع ترابطه.
استشارة الخبراء
وقال أحمد حمد النعيمي، خبير اقتصادي مشارك في إعداد برامج وخطط التنمية الاقتصادية والإستراتيجية، إن العديد من حالات الغارمين سببها الوقوع ضحية ثقة في غير محلها بما فيها شراء مشروع خاسر أو شركة مثقلة بالديون، وأشار إلى أن هناك الكثير من الحالات التي تعاني من نتائج مثل هذه الممارسات المبنية على الغش والتدليس والخداع والمحاكم القطرية تشهد على ذلك.
وأكد النعيمي أن أول أسباب تزايد هذه القضايا هو التستر وكذلك عدم الاستعانة باستشارة الخبراء قبل اتخاذ القرار مشيرا إلى أن بعض المواطنين لهم دور في ذلك للأسف.
زيادة الأعباء
من جانبه، دعا عبدالله محمد إلى توعية الشباب بمخاطر الاقتراض، حتى لا يقعوا في دائرة تراكم الديون وتعثر السداد خاصة أن قضايا الغارمين تملأ ساحات المحاكم مشيرا إلى أن عدداً كبيراً من الأفراد يتجهون إلى القروض للاستفادة منها في مشاريع وخطط بعينها، بعضها ضروري، لكنها بعضها الآخر قد يكون حاجات كمالية وترفيهية، حيث تقف إمكانات الشخص المادية المتواضعة دون تنفيذها.. مشيرا إلى توسع البنوك في منح القروض الاستهلاكية للأفراد بتسهيلات كبيرة، للتغلب على فائض السيولة لديها.
ونوه بضرورة الموازنة بين الدخل الشهري للفرد مع احتياجاته الحقيقية لتفادي أعباء المشاكل المادية، خاصة وأن جزءا كبيرا من التمويلات المالية تكون بغرض الاستهلاك، أكثر منها بغرض الاستثمار.. وشدد على ضرورة زيادة الوعي العام بمخاطر القروض وتعزيز ثقافة الاستثمار والادخار لدى الفئات الشبابية، إلى جانب التخطيط المالي السليم لتجنب اللجوء للمصارف والدخول في غياهب التعثر والالتزامات المالية التي تفوق طاقاتهم، نتيجة اهتمامهم بعدد من المظاهر واستنزاف أكثر من نصف الدخل في القروض الاستهلاكية.
وأكد عبدالرحمن البلوشي أن ظاهرة القروض الشخصية التي تزايدت في أوساط الشباب لتجربة مشاريع جديدة تمثل جانباً مهماً من حياة الأفراد ورواد الأعمال في مجتمعنا.. حيث لا يخلو العديد من البيوت منها، خصوصا مع لجوء المؤسسات المصرفية إلى فنون «الإغراء الحديثة» من خلال التسهيلات البنكية والعروض التي يسيل لها اللعاب من حيث الفائدة والقيمة، حيث الحصول على القرض الشخصي بات هو السمة البارزة في العديد من المشاريع سواء الصغيرة والمشاريع الاستثمارية الكبرى.
3 حالات غارمين
العديد من حالات الغارمين في الدولة ناتجة من التزامات مالية تفوق طاقاتهم، وبالتالي تعثر بعض الغارمين المحكوم عليهم في سداد وتسوية هذه المطالبات المالية، وتستقبل قطر الخيرية عددا كبيرا من الطلبات حيث تم اعتماد لجنتين فرعية ورئيسية مخصصة لدراسة الحالات وتقديم المساعدة لهم وفق الضوابط الصادرة من قبل هيئة تنظيم الأعمال الخيرية، والتي بدورها تشرف وتراقب على جميع أعمال الجمعية من جمع وصرف لكافة التبرعات داخليًا وخارجيا،
ويبلغ مجموع المبالغ المتبقية لسداد ديون الغارمين نحو 106,021,641 ريالا من أصل
134,462,571 ريالا.
فيما يلي 3 حالات غارمين داخل قطر:
1- رقم الحالة 206728
المبلغ: QAR8,325,421
ترخيص: / PFL/QCTH/2024/38
غارم وعليه التزامات مالية، أنشأ والده المتوفى قبل عدة سنوات بمعية أفراد الأسرة وهم سبعة مشروعا تجاريا لتحسين وضعهم المالي، ولكن نظراً لتعرضه لوعكة صحية ووفاته بعد ذلك لم يتمكن من مواصلة العمل في المشروع فطالبته الجهة التمويلية بالسداد ولكن لم يستطع فتراكم عليه الدين وصدر فيه حكم قضائي تنفيذي يلزمه بالسداد، لذا يلتمس مد يد العون له وتفريج كربته بسداد دينه.
2- رقم الحالة 190265
المبلغ: QAR 5,850,187
ترخيص: / PFL/QCTH/2024/38422,372
غارم يعول أسرة كبيرة مكونة من أحد عشر فرداً وعليه التزامات مالية تستقطع أغلب راتبه كان لديه شركة ذات أنشطة متعددة تعرض لخسارة بسبب ظروف التجارة العامة وتراكمت عليه ديون كثيرة سُجن بسببها وتم الإفراج عنه بدفع الكفالة وما زال مُلزما بتسديد كل الديون فيلتمس مساعدته بسداد ديونه حتى لا يعود للسجن وتفقده أســرته.
3- رقم الحالة 201066
المبلغ: QAR4,559,755
ترخيص: PFL/QCTH/2024/38690,244
غارم صاحب أسرة من 4 أفراد وهو مريض بالصرع والاكتئاب ومتقاعد بدخل محدود، عليه ديون والتزامات مالية كثيرة لبعض البنوك وشركات التمويل بسبب مشروع تجاري تم الاحتيال عليه فيه من قبل الشركاء وصدرت بحقه أحكام قضائية نافذة وأصبح هو المسؤول أمام القانون، فيلتمس من أهل الخير مساعدته في تسديد هذه الديون لتستقر حياته وحتى لا يسجن ويتمكن من إكمال علاجه.