مثقفون ومختصون: لماذا غاب معرض الدوحة للكتاب؟

alarab
تحقيقات 20 مارس 2023 , 12:30ص
الدوحة - العرب

طالب عدد من المختصين بإقامة معرض الدوحة الدولي للكتاب في موعده سنوياً، اتساقا مع الدور الذي تلعبه دولة قطر في مختلف الأنشطة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وقالوا لـ «العرب» إن عدم اعلان تأجيل المعرض أو اقامته في موعده السنوي يطرح كثيرا من التساؤلات عن أسباب غيابه، منوهين بأن إقامة معرض جامعة قطر للكتاب، أو معرض رمضان للكتاب، لا يعد بديلا عن معرض الدوحة.
وأجمع عدد من مسؤولي دور النشر على أن معرض الدوحة للكتاب يعد متنفسا للمثقفين والقراء في قطر، ويبرز اهتمام الدولة بالنواحي الفكرية والثقافية، مشيرين إلى أن دور النشر تنتظر هذا المعرض السنوي كونه يمثل لقاء مباشرا بالجمهور، وأن عدم إقامة المعرض سيكون له تأثير سلبي على دور النشر.

عائشة الكواري: نتضرر من غيابه.. ونطالب بالإسراع في تنظيمه

أكدت عائشة الكواري صاحب دار روزا للنشر، أن معرض الدوحة الدولي للكتاب يعد الرافد الرئيسي لدور النشر في الدولة من أجل الالتقاء بالجمهور والمثقفين، وأنه «لا غنى عن المعرض الرئيسي للدولة باعتباره المحطة الرئيسية والثقافية لنا». 
وقالت الكواري إن دور النشر تتضرر من غياب معرض الدوحة للكتاب لهذا العام إلا أن وزارة الثقافة أبلغت دور النشر الاستعداد لمعرض رمضان للكتاب.
وأضافت أن دور النشر ليس لديها بديل والمشاركات الخارجية تأتي في إطار الدبلوماسية الثقافية من أجل وجود بصمة وتعريف بالإصدارات القطرية في الخارج، معتبرة أنه ليس الحل أو التعويض لدور النشر.
وطالبت بضرورة تنظيم معرض الدوحة للكتاب بأسرع وقت ممكن، معتبرة أنه لا يمكن الاستغناء عن معرض الدوحة مقابل المعارض الفرعية.

د. حسن رشيد: كل الأمور في صالح الحراك الإبداعي بوطننا

قال الدكتور حسن رشيد الإعلامي والكاتب والناقد المسرحي: عدم اقامة معرض الدوحة الدولي للكتاب هذا العام، بالنسبة لنا، يترك العديد من التساؤلات، علماً بأن دولة قطر بلا شك الأبرز في النطاق الرياضي والسياسي والاقتصادي، والأنشطة الإنسانية.
وأضاف: هناك معارض في دول الخليج، بدءًا بسلطنة عُمان وبالنسبة للإمارات وبالنسبة للكويت والسعودية، واعتقد أننا في مسيس الحاجة الآن، أن يكون للفكر جانب حقيقي، خاصةً أن من أقدم معارض الكتاب، كان في وطننا الغالي قطر.
وتابع : إذا كنا فيما مضى نقول إن السبب هو جائحة كورونا، فقد باتت كل الأمور في صالح الحراك الإبداعي في وطننا الغالي، مؤكدا أن الكثيرين ما زالوا مرتبطين بالكتاب،وأردف: إن كان لدينا إشكالية تتعلق بغلاء الكتب، فلابد أن يكون هناك دعم من الدولة للكتاب، ليكون بمقدور الجميع أن يزوروا المعرض ويقتنوا الكتب.

عبد الله العبد الرحمن: ميزة المحافظة على الهوية

قال الكاتب عبد الله العبد الرحمن: اعتبر أن ما حدث تجاهل، خاصةً إن قارناه بالفعاليات غير الثقافية التي تشهد اهتماما كبيرا، فعدم إقامة معرض الدوحة الدولي للكتاب كان أمراً مفاجئاً بالنسبة لي، خاصةً مع عدم صدور أي خبر يتعلق بالمعرض، حول تنظيمه في رمضان على سبيل المثال أو بعد عيد الفطر، أو صدور قرار بتأجيله أو إلغائه.
وأضاف: المسؤولية كاملة يتحملها المجتمع،  إن كانت مؤسسات تعليمية أو غير تعليمية والمعنية بهذا الأمر، حتى وإن كان المعرض مؤجل، فحتى التأجيل يضر بمسار الثقافة.
وأردف العبد الرحمن: تولي القيادة الحكيمة أولوية كبيرة بالثقافة في قطر، والحماية الاجتماعية، والتي من ضمنها المحافظة على الثقافة والعادات والتقاليد، وكذلك الاهتمام بالأدب بشكل عام، ومنه معرض الكتاب والحث على القراءة، والعودة إلى الكتاب وإلى المصادر.
ونوه بأن معرض الكتاب يعطي ميزة معنوية بالمحافظة على الهوية، فالمعرض ليس لمجرد الزينة ولا «الشو»، فهو محافظة على الإرث الذي اخذناه ممن قبلنا.
وأشار إلى أنه لا يمكن تجاهل معرض الكتاب، خاصةً إن وضع في المقارنة مع معارض أخرى أقل أهمية، والتي باتت مجدولة بصورة دائمة ضمن الفعاليات، خاصةً المعارض الاستهلاكية إن قورنت بالاستثمار في العقول واكتشاف المواهب الأدبية والمتتبعين للحركة الأدبية.
ولفت إلى أن معرض الكتاب يمثل تشجيعا للمتخصصين في الأدب، ممن تصدر لهم الروايات، بغض النظر عن عدد من يشترون هذه الروايات، لأن المعرض يمثل اكتشافا للمواهب الثقافية والمتخصصين.
وأوضح أن الكثير من الفعاليات والندوات أيضاً تقام على هامش معرض الكتاب في كل نسخة، وتطرح الكثير من القضايا سواء الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية.
وقال العبد الرحمن: أنجزت قطر في كأس العالم فيفا قطر 2022 ما لا تنجزه بلدان في عشرات السنين، وكان من الممكن أن يكون معرض الكتاب مواكباً له، ليشهد مشاركة من المؤثرين أو من يتأثرون بما في الكتب وتتنقل لهم ثقافتنا.

راضي الهاجري: تاريخ طويل في القائمة الدولية

أكد راضي الهاجري – الرئيس التنفيذي لدار زكريت للنشر أن معرض الدوحة الدولي للكتاب له تاريخ في قائمة المعارض الدولية، وضرورة استمراره مهمة على إبقاء اسم هذا المعرض على الخارطة، وليحمل دلالات كبيرة.
وقال الهاجري: ندرك ازدحام الأجندة، خاصةً بعد إقامة فعاليات ضخمة بالدولة بكأس العالم فيفا قطر 2022، بنسخته التاريخية، وما أعقبه من فعاليات اليوم الوطني، وما يتركه من عذر من الناحية التنظيمية، ولكن كنت أرى أن عملية تأجيله أو إقامته في موعد قريب أمر مهم جداً. وأوضح أن القطاعات الثقافية في الدولة كانت مرتبطة بتنظيم فعاليات كأس العالم وفعاليات اليوم الوطني، التي أقيمت في فترة زمنية قريبة من بعضها.
وأضاف: بالنسبة لعملية التأجيل، أرى أنه كان هناك خطوات بديلة ومعوضة لهذا الأمر، مثل إقامة معارض مصغرة وتوزيعها على خارطة العام التنظيمية، بآليات جديدة تخدم نفس القطاع، وليس عدم إقامة المعرض أو اقتراح موعد بديل كما حدث.
وأردف الهاجري: كواحد من جمهور معرض الكتاب، وليس دار نشر، أتمنى أن تكون هناك فعاليات معوضة بنسب متفاوتة، لتلبية احتياجات هذه الشريحة المهتمة بالكتاب على مدار العام، وندرك أن هناك الكثير من الاستحقاقات ودولة قطر متصدرة لمشاهد مختلفة على الصعيد الدولي والإقليمي والعربي، كالفعاليات الرياضية والثقافية والاجتماعية، ونتمنى أن يكون البديل لعدم إقامة هذا المعرض هو وجود خطة بديلة لتلبية هذه الاحتياجات بطريقة إستراتيجية مختلفة.
وأعرب عن أمله في أن يستمر معرض الدوحة الدولي للكتاب بمسماه ودوراته المتعاقبة، ليظل على الخارطة بشكل قوي، وليظل وجهة لصناع محتوى الكتاب في العالم ككل، حتى لا ينجم عن هذا الانقطاع عدم بقاء المعرض كوجهة ثابتة، فكثرة تغيير المواعيد قد يكون له مردود سلبي من ناحية عدم إدراجه في الخطط الأساسية لكثير من دور النشر العالمية والعربية على حد سواء.
وحول إقامة معرض الكتاب بعد فعاليات كأس العالم وما حققه من نجاح، قال الهاجري: هذا ما يسمى عملية البناء على النجاحات، ونرى أنه قد يكون الاستغلال الأمثل للنجاح غير المسبوق والتنظيم الرائع لكأس العالم، ولكن أتفهم أن الجهد التنظيمي للفرق العاملة في القطاع الثقافي والمنظم لهذه الفعالية، الحاجة إلى بعض من الراحة بعد كأس العالم وفعاليات اليوم الوطني.

صالح غريب: معرضا جامعة قطر ورمضان ليسا بديلين

قال الكاتب والإعلامي صالح غريب، إن تأثيرات عدم إقامة معرض الدوحة الدولي للكتاب حتى الآن ستكون كبيرة على الساحتين الأدبية والثقافية، خاصة مع الاعتياد على إقامته ممكن يعيشون في قطر أو خارجها وتحديدا من دول الخليج.
وأضاف غريب، أن الدوحة فقدت الجمهور المحب للمعرض والأنشطة الثقافية المقامة على هامشه، معتبرا أن هذا الأمر خسارة للمهتمين بالعمل الثقافي.
واعتبر أن معرضي مسقط بعمان والمنطقة الشرقية بالسعودية استفادا من عدم إقامة معرض الدوحة في تقديم دورة مختلفة عما كانت عليه في السابق، بالإضافة إلى أن دور النشر ستكون الخاسر الأكبر من إقامة المعرض لعدم الاحتفاء الإصدارات الجديدة التي تساعد في الترويج لها.
ورأى أنه لا توجد جهة ستستطيع تعويض دور النشر عن خسارتهم، معتبرا أن إقامة معرض جامعة قطر للكتاب ولا معرض رمضان للكتاب لن يكون بديلا عن معرض الدوحة.
وأضاف أن معرض جامعة قطر استهدف الطلبة من أجل توفير لهم الكتب التي يبحثوا عنها من أجل أبحاثهم الأكاديمية، مبديا آماله بعودة المعرض في العام المقبل الذي ضحي به من أجل إنجاح بطولة كأس العالم قطر 2022.

أسماء الكواري: الدولة تسعى لاستمراريته في كل الظروف

اعتبرت الأستاذة أسماء الكواري صاحب دار نشر «نبجة»، أن معرض الدوحة للكتاب يعد متنفسا للمثقفين والقراء ويبرز اهتمام الدولة بالنواحي الفكرية والثقافية.
وأكدت أن الدولة دائما تسعى لاستمرارية إقامة معرض الدوحة للكتاب حتى لو كانت الظروف مزدحمة، فالمعرض له مكانته.
وأضافت أن دور النشر تنتظر هذا المعرض السنوي لأنه يكون اللقاء بالجمهور ونعمل على الاستعداد والتفكير بشكل ترويجي للإصدارات الجديدة من خلاله.ورأت أن عدم إقامة المعرض سيكون له تأثير كبير على دور النشر خاصة وأنها تتكلف الكثير من الأموال لإصدار الكتب سواء من ناحية الرسامين أو الطباعة أو التدقيق.
واستبعدت الكواري، أن يكون معرض جامعة قطر للكتاب بديلا لمعرض الدوحة للكتاب خاصة أن الأخير حدث دولي يمثل قطر ولا يمكن مقارنته بأي معرض آخر.
ودعت إلى استمرارية إقامة معرض جامعة قطر ولكن بالتوازي مع إقامة معرض الدوحة للكتاب، مبدية آمالها بتنظيم المعرض لهذا العام خاصة مع وجود متسع خلال العام الحالي، إلا أنها في الوقت نفسه تدعم عدم إقامته إذا كانت ظروف عدم تنظيم المعرض لهذا العام تصب في مصلحة الدولة.

الأول خليجياً.. والرابع عربياً

يعتبر معرض الدوحة الدولي للكتاب من أقدم وأكبر معارض الكتب الدولية التي تقام في المنطقة ويحظى بسمعة طيبة نظراً للإقبال الكبير من الدول الخليجية والعربية والأجنبية للمشاركة فيه.
وكانت الانطلاقة الأولى للمعرض عام 1972 تحت إشراف دار الكتب القطرية، وكان يقام كل عامين، ومنذ عام 2002 أصبح يقام كل عام. وقد اكتسب المعرض الصبغة الدولية بعد نجاحه في استقطاب أكبر وأهم دور النشر في العالم حيث بلغ عددها في أول معرض 20 داراً للنشر ليصل في آخر نسخه الى مئات الناشرين يمثلون عشرات الدول.
وفي يناير 2022 أقيمت الدورة الحادية والثلاثون للمعرض، بتنظيم وزارة الثقافة ممثلة في مركز قطر للفعاليات الثقافية والتراثية، في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات تحت شعار «العلم نور».
وتميزت هذه الدورة بنوعية الكتب والمعروضات ومختلف الأنشطة والفعاليات الثقافية والتي زادت عن 400 فعالية، إلى جانب جمال التصميم لمختلف الأجنحة والتي عكست رؤية فنية في التصميم والإبداع.
وواكبت النسخة معرض الدوحة الدولي للكتاب مرور خمسين سنة على انطلاقه للمرة الأولى عام 1972، كأول معرض خليجي ورابع معرض عربي، وهو ما عكس ريادة دولة قطر الثقافية واستمرار عطائها في نشر الثقافة والمعرفة ليتطور المعرض عاما بعد عام ففي النسخة الأولى شاركت 20 دار نشر، لترتفع في النسخة الحادية والثلاثين إلى 430 دار نشر، بالإضافة إلى 90 توكيلا بشكل غير مباشر لناشرين عرب وأجانب، يمثلون 37 دولة عربية وأجنبية ما جعل هذه النسخة هي الأكبر والأضخم في تاريخ معرض الدوحة الدولي للكتاب حتى الآن.
وحلت الولايات المتحدة الأمريكية ضيف شرف هذه الدورة، في إطار العام الثقافي قطر-أمريكا 2021، حيث أتاحت هذه الاستضافة إطلاع رواد المعرض على جوانب مختلفة من الثقافة الأمريكية، والإنتاج الفكري الأمريكي المتنوع حيث أتاحت السفارة الأمريكية 7 آلاف كتاب في مختلف المجالات فضلا عن أنشطتها الثقافية بالمعرض.
وتضمن المعرض الحادي والثلاثين أكثر من 400 فعالية بين ندوات فكرية وأمسيات أدبية على المسرح الرئيسي، وبين ندوات ومحاضرات في الصالون الثقافي إلى جانب ورش تدريبية تنوعت مجالاتها على مدار اليوم في قاعتي النور والمعرفة، فضلا عن أجنحة الجهات المشاركة، فضلا عن تخصيص حديقة المبدعين لنشاط وفعاليات الأطفال الفنية والثقافية.
وقد شارك في الفعاليات الثقافية المصاحبة المختلفة، نخبة متميزة من الباحثين والخبراء والأكاديميين والمثقفين من قطر والدول العربية، فيما أقيمت بعض الندوات عبر تقنية الاتصال المرئي.
وشهد المعرض حفلات تدشين للعديد من الكتب الجديدة ما يعد تتويجاً لدعم وزارة الثقافة لهذه الحركة.