تدفق الفلسطينيون إلى شوارع قطاع غزة للاحتفال والعودة إلى أنقاض منازلهم المدمرة أمس الأحد، بينما سلمت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) أول ثلاث رهينات للصليب الأحمر بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وسط حشود من سكان القطاع الذين التفوا حول مقاتلي المقاومة أثناء عملية التسليم، في إشارة تعكس خزيا وفشلا إسرائيليا في القضاء على المقاومة الفلسطينية وشعبيتها بعد 15 شهرا من الإبادة الجماعية والمجازر.
وسار مقاتلو حركة حماس بسياراتهم في مدينة خان يونس بجنوب القطاع وسط حشود تهتف وتغني. وفي شمال القطاع، الذي دمره القصف تماما، سلك الناس طرقا ضيقة وسط الأنقاض والكتل الخرسانية المدمرة.
وقالت آية، وهي نازحة من مدينة غزة لجأت إلى دير البلح في وسط القطاع لأكثر من عام، لرويترز عبر تطبيق للتراسل «أشعر أخيرا وكأنني وجدت بعض الماء لأشربه بعد أن تهت في الصحراء لمدة 15 شهرا. أشعر بالحياة مرة أخرى».
وأعلن جيش الاحتلال أن رومي جونين ودورون شطنبر خير وإميلي داماري قد عُدن إلى امهاتهن داخل إسرائيل، بالقرب من مستوطنة ومقر مهرجان موسيقى حيث خطفتهم حماس في هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 الذي أشعل الحرب.
وفي الضفة الغربية المحتلة، وقفت حافلات انتظارا لإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين. وقالت حماس إن المجموعة الأولى التي سيتم إطلاق سراحها في مقابل الأسرى الإسرائيليين تضم 69 امرأة و21 فتى.
ودخلت المرحلة الأولى من الهدنة في الحرب المستمرة منذ 15 شهرا بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ بعد تأخير لثلاث ساعات قصفت خلالها الطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية قطاع غزة. وقالت السلطات الصحية الفلسطينية إن 13 شخصا استشهدوا في القصف الإسرائيلي. واتهمت إسرائيل حماس بالتأخر في تسليم أسماء الأسرى الإسرائيليين الذين تنوي إطلاق سراحهم، وقالت إنها ضربت «مسلحين». أما حماس فقالت إن التأخير في تسليم القائمة كان بسبب خلل فني.
وبالنسبة لحماس، قد توفر الهدنة فرصة لمقاتليها للظهور بعد تواريهم عن الأنظار طوال 15 شهرا. وسرعان ما انتشر رجال شرطة تابعون للحركة بأزيائهم الزرقاء في بعض المناطق. وهتف حشد للمقاتلين قائلا «تحية لكتائب القسام»، في إشارة إلى الجناح المسلح لحركة حماس.
وقال أحد المقاتلين لرويترز «جميع فصائل المقاومة باقية رغم أنف (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو. هذا وقف إطلاق نار كامل وشامل بإذن الله، ولن يكون هناك عودة للحرب على الرغم منه».
ولا توجد خطة مفصلة لإدارة غزة بعد الحرب، ولا حتى لإعادة إعمارها. وأي عودة لحماس للسيطرة على غزة ستختبر التزام إسرائيل بالهدنة، إذ قالت إنها ستستأنف الحرب ما لم يتم تفكيك الحركة التي تدير القطاع منذ 2007 بالكامل.
عجت شوارع مدينة غزة المحطمة في شمال القطاع بمجموعات من الناس يلوحون بالعلم الفلسطيني ويصورون المشاهد على هواتفهم المحمولة. ونقلت عدة عربات أغراض منزلية على طول شارع تتناثر فيه الأنقاض والحطام.
وقال أحد سكان مدينة غزة يدعى أحمد أبو أيهم (40 عاما) لجأ مع عائلته إلى خان يونس إن مشهد الدمار في مدينته كان «مفزعا»، مضيفا أنه في حين أن وقف إطلاق النار ربما أنقذ أرواحا، فإنه ليس وقتا للاحتفالات.
وأضاف «نحن في ألم.. ألم عميق وحان الوقت لنعانق بعضنا البعض ونبكي».
واصطفت طوابير طويلة من الشاحنات التي تحمل الوقود وإمدادات المساعدات عند المعابر الحدودية في الساعات التي سبقت سريان وقف إطلاق النار. وقال برنامج الأغذية العالمي إنها بدأت في العبور صباح أمس.