عودة مسؤولين بنظام بن علي تثير مخاوف حرية التعبير في تونس

alarab
حول العالم 19 نوفمبر 2014 , 12:10م
تونس - ا ف ب
يخشى فنانون وصحافيون في تونس من عودة القيود على حرية التعبير الوليدة في البلاد، بعدما فاز بالانتخابات التشريعية الاخيرة حزب يضم انصار سابقين لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي اطاحت به الثورة في 14 يناير 2011.

وفاز حزب "نداء تونس" (يمين وسط) الذي أسسه في 2012 رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي، في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 26 أكتوبر الماضي متقدما على حركة النهضة الاسلامية الثانية التي حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014.

ووفق استطلاعات رأي محلية أجريت في وقت سابق، فإن قائد السبسي (87 عاما) هو المرشح الاوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية المقررة الأحد القادم والتي ترشح اليها ستة مسؤولين سابقين في نظام بن علي.

وكان قائد السبسي تولى حقائب وزارية مهمة مثل الداخلية والخارجية في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. كما عينه بن علي رئيسا للبرلمان بين 1990 و1991. 

وبعد الثورة تولى هذا السياسي المخضرم رئاسة الحكومة التي قادت تونس حتى اجراء انتخابات "المجلس الوطني التاسيسي" يوم 23 اكتوبر 2011 والتي كانت أول انتخابات حرة في تاريخ تونس. 

ويضم هذا الحزب "نداء تونس" يساريين ونقابيين ومنتمين سابقين لحزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" الحاكم في عهد بن علي الذي كانت منظمات حقوقية دولية تعتبره من "أعداء" حرية التعبير والصحافة في العالم.

ويجمع التونسيون ان "حرية التعبير" هي حتى الآن "المكسب الوحيد للثورة".

ومؤخرا، أعربت أحزاب معارضة عن مخاوف مما اسمته "تغوّل" (تعاظم نفوذ) "نداء تونس" في حال فاز قائد السبسي بالانتخابات الرئاسية، ومن "عودة الدكتاتورية" لان المنتمين السابقين لحزب التجمع يتمتعون بنفوذ كبير داخل نداء تونس.

وأصدر مغني الراب الشهير في تونس حمادة بن عمر المعروف باسم "الجنرال" أغنية جديدة بعنوان "رجوعكم على جثتنا" ندد فيها بالعودة القوية لمسؤولين من نظام بن علي الى الحياة السياسية.

وكان "الجنرال" اكتسب شهرة واسعة بعدما اصدر قبل الاطاحة بالرئيس المخلوع أغنية راب سياسية بعنوان "رئيس البلاد" احتج فيها على فساد الرئيس السابق ونظامه وعلى تردي الاوضاع في تونس. وقد اعتقلته الشرطة مباشرة بعد صدور اغنيته التي نشرها على الانترنت.

ويقول "الجنرال" في اغنيته الجديدة مخاطبا المنتمين السابقين لحزب التجمع "انتم لا تستحون على أنفسكم (..) اعتقدنا أننا تخلصنا منكم، لكنكم تعودون الان بكل وقاحة (..) التجمّع..اِرْحَل".

من ناحيته يتوقع مغني الراب علاء اليعقوبي المعروف باسم "ولد الكانز" أن "يفتح (حزب نداء تونس) الابواب أمام أزلام بن علي، والخبراء في فن الرقابة والقمع".

وأفاد المغني الذي تم ايقافه في 2013 بسبب اغنية اُعتُبرت "مهينة" للشرطة التونسية "يجب أن نتوقع فرض قيود كثيرة على الحريات بذريعة إعادة هيبة الدولة".

وأعلن الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس ان "إعادة هيبة الدولة" ستكون من أولويات عمل الحكومة القادمة التي يُفترَض أن يشكلها حزبه.

وقال علاء اليعقوبي ان "حرية التعبير هي المكسب الرئيسي للثورة ولن نسمح لأي كان بأن يأخذها منا".

بدَوْرِه، أفاد الممثل الكوميدي لطفي العبدلي المعروف بعروضه المسرحية المنتقدة والساخرة من اسلاميي حركة النهضة انه اصبح يتعرض لانتقادات منذ ان اصبح يتطرق في عروضه لحزب نداء تونس.

وقال العبدلي "خلال ثلاث سنوات (بعد الثورة) يقول لي الناس امض الى الامام، أنت قوي وأنت فناننا الفكاهي، لأني كنت انتقد (حركة) النهضة. لكن بعدما شرعت في التطرق الى نداء تونس، أصبحت (في نظرهم) غير مثقف، ولست صاحب نكتة، وغير محترم".

وأضاف متهكما "(قائد) السبسي العجوز (..) بإمكانه الذهاب الى اجتماعين اثنين في آن واحد: هو يذهب إلى اجتماع، ويرسل طاقم أسنانه الى الاجتماع الآخر".

في المقابل قال رجل الاعمال فوزي اللومي وهو أحد مؤسسي حزب نداء تونس ان "الحديث عن +تغوّل+ نداء تونس على الساحة السياسية هو ديماغوجيا خالصة بهدف تخويف الناخبين".

وأضاف "استطيع أن أتفهم مخاوف الناس لكنها (المخاوف) لا اساس لها. هناك اشخاص يحاولون تضليلهم. التونسيون يعرفون انه لا وجود لأي خطر للانزلاق" نحو "القمع" من جديد.

واعتبر ان "وجود مجتمع مدني ومعارضة قويّيْن جدا في تونس (..) هو حصن منيع ضد العودة لأي فكرة قمع".

ولا يملك حزب نداء تونس الذي حصل على 86 من اجمالي 217 مقعدا في البرلمان، اغلبية المقاعد (109) التي تمكنه من تشكيل الحكومة القادم بمفرده، وبالتالي يتعين عليه نظريا التحالف مع احزاب اخرى لبلوغ الاغلبية.

ورغم تطمينات فوزي اللومي فإن الحذر لا يزال سيد الموقف سواء لدى صحافيين أو نقابيين يرون ان الخطر لا يتأتى فقط من نداء تونس ويذكرون بان حركة النهضة الاسلامية وأحزابا أخرى أرادت الحد من بعض المبادئ الديمقراطية.

وقال ناجي البغوري رئيس نقابة الصحافيين التونسيين ان "المعركة من أجل حرية التعبير (في تونس) لم تنته بعد. لقد تعلمنا من التجربة ان كل حكومة جديدة تحاول الحد من هذه الحرية".

واضاف "لدينا مخاوف مستمرة لاننا مقتنعون بأن الطبقة السياسية بشكل عام ليست ديمقراطية إلا في خطابها".