«شرط الخبرة».. عقبة أمام الباحثين عن عمل

alarab
تحقيقات 19 أكتوبر 2021 , 12:21ص
يوسف بوزية

يواجه بعض الباحثين عن عمل من حديثي التخرج، صعوبة في تجاوز «شرط الخبرة» الذي تفرضه العديد من المؤسسات، إن لم نقل جميع المؤسسات، والهيئات والشركات والجهات الحكومية والخاصة لشغل وظيفة شاغرة لديها، والتي تعتبر الخبرة السابقة في مجال التخصص «حق طبيعي» لجهات التوظيف.
 وطالب بعض المواطنين عبر «العرب» بإعادة نظر في التمسك بشرط الخبرة السابقة في مجال التخصص، لاسيما أن كثيرا من المتقدمين للوظائف هم من الشباب حديثي التخرج من الجامعات دون أن تتاح لهم فرصة الممارسة العملية.

إعلانات الوظائف
وقال عبدالرحمن إبراهيم إن شرط الخبرة السابقة الذي تتضمنه 90 % من إعلانات الوظائف غير متوفر لدى الباحثين عن فرص عمل، لاسيما حديثي التخرج من الجامعات بتخصصات عملية تتوافق مع احتياجات سوق العمل، مطالباً بإعادة النظر في هذه الشروط؛ خصوصاً في سنوات الخبرة، لاسيما أن كثيرا من المتقدمين للوظائف هم من الشباب حديثي التخرج، وأكد أن التمسك بشرط الخبرة السابقة في مجال التخصص يمكن اعتباره حقا لجهات التوظيف ويمكن أن تطلبه من موظف استقدم من بلاد أخرى، تكون هي قد أتاحت له فرص التدريب والعمل بعد التخرج مباشرة، فاكتسب الخبرة المناسبة، وأصبح مؤهلا للعمل في دول أخرى بحكم خبرته في مجاله، أما أن نطلبها من ابن البلد فكأننا نضع أمامه شرطاً تعجيزياً.
وأشار إلى أن بعض الشركات تنظر إلى حامل شهادة بكالوريوس في الهندسة ولديه الخبرة العملية الكافية أفضل من حامل الدكتوراه في نفس الاختصاص، ذلك أنه لا يتمتع بخبرة توازي خبرة الأول، وبالتالي هذا ينعكس على أداء المهام وإتقان العمل لأن صاحب الخبرة لديه تجارب وهو أفضل وأسرع ممن يحمل الشهادة ولا يتمتع بالخبرة.

سياسة «ملء الفراغ»
في حين تساءل علي اليافعي: كيف لشاب حديث التخرج ويبحث عن عمل أن تكون لديه خبرة كافية في مجال تخصصه تؤهله لشغل الوظيفة؟ مؤكدا أن الخبرة لا تأتي إلا بمنح فرصة الممارسة العملية.
 وأشار ناصر التميمي إلى أن بعض الجهات المعنية بالتوظيف لا تشترط خبرة سابقة لشغل الوظيفة، ولا يعنيها كثيراً وضع الموظف في مكان تخصصه الدراسي، بقدر ما يعنيها ملء فراغ شاغر، بغض النظر عن خبرة أو شهادة من يملؤه، وهو ما يؤدي إلى حدوث خلل وثغرات في مجال التنمية البشرية المنشودة في الدولة التي قطعت أشواطا كبيرة في مسيرة التقدم والتنمية.
واستطرد: لكن بعض السلوكيات تساهم في عرقلة مسيرة التنمية البشرية المنشودة للأسف من خلال توزيع العديد من أصحاب الشهادات على إدارات غير معنية! فتجد المهندس المعماري يشتغل في غير مجاله، وأنا أقرب مثال على ذلك! وأعرف زملاء كثيرين يشغلون وظائف حكومية، لا تمت بصلة لتخصصهم الدراسي.
وطالب التميمي الجهات المعنية بالتوظيف بتوزيع أصحاب الشهادات على الإدارات المعنية كل حسب تخصصه، لأن العمل في غير التخصص عبارة عن هدر للطاقات والسنوات من عمر الإنسان.
وأضاف أن هناك معادلة مهمة في هذا السياق، فالعلم ليس فقط أن تحمل شهادة، ولكن أن تعمل بها وأن تتطور معها بالتدرج الوظيفي، فهذا هو معيار الاستفادة من الشهادة، أما أن تقف عند الحصول عليها أو تعمل في غير مجال التخصص هذا ما يقتل الإبداع ويعرقل التنمية. 

انفتاح سوق العمل
ويرى إبراهيم علي الخاجة، مدرب تنمية المهارات أن التطور التكنولوجي والانفتاح الذي يشهده سوق العمل أعاد صياغة متطلبات الوظائف ومؤهلات الموظفين، من حيث تركيز العديد من الشركات على جانب المهارات التي يمتلكها المتقدم للوظيفة على حساب الشهادات الجامعية عند اختيار الموظفين.
وأوضح الخاجة أن هذه المستجدات لا تنطبق فقط على الشركات الغربية، بل شملت العديد من الشركات في قطاعات مختلفة بما فيها الإعلام والدعاية والنشر والفنون والحاسوب والبرمجة، وأعرف أحد الإخوة من باكستان حظي بفرصة عمل في قناة الجزيرة دون أن يمتلك شهادة جامعية، لكن مهارته في مجال البرمجة كانت جواز مرور إلى سوق العمل وكانت هي المسوِّغ الأساسي للحصول على وظيفة في تلك القناة.
وقال نزار راضي إن ذوي الخبرة في بعض الوظائف لهم الأولوية في التوظيف من حملة الشهادة الجامعية، ممن لم يمارسوا العمل ضمن اختصاصهم بعد التخرج، وبالتالي لا يملكون الخبرة، مشيرا إلى أن المنافسة في سوق العمل تستدعي من طلبة الجامعات الاجتهاد في تأمين الوظيفة قبل التخرج من الجامعة، أما الخبرات فيمكن أن تكتسب من خلال الدورات المكثفة للموظفين، خاصة الجدد منهم، فتختصر الوقت والجهد على الموظف، ويقترب بالتدريج من مرحلة الإجادة، والتميز في العمل والإنتاج، وخلق ظروف مواتية أكثر لأداء المطلوب وظيفياً بحالة من الإبداع والتفوق.

بين المصلحتين الفردية والعامة
من جانبه، قال المحامي عدنان الخايلي إن الدستور القطري اعتبر في مادته 54 أن التعيين في الوظائف العمومية خدمة وطنية تستهدف المصلحة العامة، على أساس ضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين المنصوص عليه في المادة 19 من الدستور.
وأضاف أن قانون الموارد البشرية المدنية رقم 15 لسنة 2016 نظم كيفية الولوج إلى الوظائف العمومية في قطر، وربط التعيين في الهيكل الوظيفي بالاحتياجات الفعلية والاختصاصات المناسبة، مع الأولوية في التوظيف للباحثين عن عمل المقيدة أسماؤهم بوزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية من بين المواطنين القطريين أولا ثم الباحثين من جنسيات أخرى، شريطة الاختيار على أساس الجدارة فقط. ويستفاد من النصوص القانونية المذكورة أن المشرع القطري جعل من التعيين في الوظائف العمومية حقا مشتركا بين الراغب في العمل وبين الجهة الحكومية، الغاية منه تحقيق التوازن بين المصلحتين، فمن زاوية يحق للمواطن استثمار معارفه وقدراته في الوظائف العامة بما يخدم صالح البلاد، ومن زاوية أخرى تفترض المصلحة العامة التوظيف في حدود الاحتياج الفعلي للجهة الحكومية وفق الشروط والخصائص التي تناسب طبيعة سير العمل فيها.

حديثو التخرج
وأشار الخايلي إلى أسباب الإكراه الذي يواجه أغلب الباحثين عن عمل خاصة حديثي التخرج والمتمثل في اشتراط الخبرة، فكثيرا ما تتوفر في الراغب في العمل جميع الشروط اللازمة لكن ينقصه شرط الخبرة، والذي يكون غالبا عبارة عن ضرورة استيفاء عدد من السنوات في العمل بنفس المجال أو نفس المهام المطلوبة لشغل الوظيفة، فالباحث عن عمل يرى هذا الشرط مجحفا في حقه ويعيق من فرصه، في حين تعتبر الجهة الحكومية أن الذين راكموا تجارب سنوات طويلة هم الأجدر بالتعيين في الوظائف تطبيقا للنصوص القانونية التي تستلزم التوظيف بالاعتماد على الكفاءة والاختصاصات المتناسبة.
ورأى الخايلي أن كلا التوجهين صائبان، والمطلوب تحقيق التوازن والمرونة بين المصلحتين، فالخبرة شرط أساسي للتعيين في بعض الوظائف التي تقتضي طبيعتها توفر الموظف على تجارب مهنية ولا تسعف الكفاءة العلمية وحدها في إنجازها، وفي وظائف أخرى يكون حديث التخرج أكثر عطاء وقدرة على تطوير العمل والابتكار، ولا يحتاج الأمر سوى تأطير الإدارة بما يضمن بيئة عمل محفزة على الإبداع والتعاون بين جميع المكونات.

كيف تتغلب على شرط الخبرة في العمل؟ 

إذا كنت من حديثي التخرج فقد حان الوقت لإيجاد عمل، ولتحقيق ذلك عليك البدء بعمل سيرة ذاتية، وهذه السيرة الذاتية ستكون خالية من شرط الخبرة في العمل، وللتغلب على هذا الشرط، إليك هذه النصائح:
أظهِر إمكانياتك: ربّ العمل لا يبحث فقط عما فعلته سابقًا، بل على ما يمكنك فعله، لذا يجب عليك إقناعه أنك تستحق استلام هذه الوظيفة وقادر على تلبية احتياجات العمل، من خلال ذكرك للتجارب التي مررت بها وأهلتك لتكون مناسبًا لتلك الوظيفة. 
كن صادقًا بشأن مهاراتك: تحدث عن مهاراتك بصدق وتذكر أن صاحب العمل لا يتوقع منك في هذه المرحلة أن تكون على دراية بكل شيء، اكتب قائمة بأهم وأفضل المهارات التي تمتلكها، واذكر الدورات التدريبية التي اجتزتها والتي زادت من مؤهلاتك. 
افهم مؤهلاتك: غالبًا ما يفشل الخريجون في ربط مؤهلاتهم ومهاراتهم بطريقة ذات معنى لجهة التوظيف، لذا حاول فهم مؤهلاتك وسد الفجوة بين مهاراتك وكيف ترتبط بهذا العمل. 
أبرز إنجازاتك: تحدث عن إنجازاتك في مجالات مختلفة سواء كان في الدراسة أو في عمل سابق حتى لو كان مختلفًا عن العمل الذي تقدمت إليه. 
حدد هدفك: فمن المهم أن يكون هدفك واضحًا بالنسبة لرب العمل، إذ يقدر أصحاب العمل الموظفين أصحاب الأهداف وذلك لأنهم على استعداد كامل للسعي نحو أهدافهم وتحقيقها. 
اعمل في مشاريع مستقلة: فخلال فترة وجودك في الجامعة، اعمل على مشاريع مستقلة خاصة بك، الأمر الذي سيطور من مهارات باتخاذ القرار وحل المشكلات لديك، مما يمكنك من إظهار قدراتك أمام رب العمل الذي لا بد من أن يعجب بمهاراتك التي اكتسبتها من خلال مشاريعك الخاصة. 

لماذا يختار أرباب العمل موظفين دون خبرة؟ 

إنّ اختيار أصحاب العمل لموظفين يمتلكون خبرة يُعد من الأمور التي قد يبحث عنها صاحب العمل، أحيانًا من الممكن أن يفتقر الموظف إلى الخبرة ولكنه يمتلك القدرة على الأداء الجيد، وفي العديد من الأحيان يفضل رب العمل الخبرة على الأداء الجيد، لكن أيضًا من الحكمة أن يوظف الأشخاص من ذوي الإمكانيات وليس الخبرات، كما أن توظيف مرشحين دون خبرة من الممكن أن يعود على مؤسستك بالعديد من الفوائد، مثل: 
الحصول على موظفين أوفياء: الأشخاص ذوو الخبرة عادةً ما يكون لديهم متطلبات عالية ومن السهل عليهم أن يستقيلوا في حال وجود فرصة عمل أفضل، بينما من الصعب على الموظفين دون خبرة إيجاد عمل بسهولة وفرصهم قليلة لذا فهم دائمًا يبحثون عن عمل دائم، لذلك سيكونون أوفياء لمؤسستك وسوف يُقدرون الفرصة التي قُدّمت لهم. 
الحصول على موظفين على استعداد للتعلم والتكيف: الموظفون الجدد الذين لا يمتلكون خبرة مستعدون دائمًا للتعلم والعمل بجهد لإثبات أنهم يستحقون الوظيفة، لذلك فهم يتسمون بالمرونة والتكيف مع ثقافة الشركة، وهم حريصون على تعلم مهارات جديدة ويتقبلون النصائح من أرباب العمل بصدرٍ رحب.