قالت الأستاذة هادية بكر - استشاري أسري وزوجي - إن الفحص النفسي للمقبلين على الزواج هام، ليس فقط بالنسبة لتقليل معدلات الطلاق، ولكن أيضاً في تحسين جودة الحياة الأسرية، وأن هناك بعض الأسر يعاني فيها أحد الطرفين من اضطرابات نفسية يصل ضررها إلى الأبناء. وأضافت في تصريحات لـ «أفراح ومناسبات»: في بعض الأحيان، يحث الوالدين أبناءهم المتزوجين حديثاً على الاستمرار على الرغم من المشكلات النفسية التي قد يلاحظونها على الطرف الاخر، ودفع الطرفين على الصبر والاستمرار، وأن هذا الأمر قد يكون في بعض الأحيان أسوأ من الطلاق، فالبقاء في الحياة الأسرية مع شخصية نرجسية أو عدائية أو غيرها من الحالات، يكون مؤذيا بصورة أكبر من الطلاق.
وأشارت إلى أن علم كلا الطرفين عن بعضهما أمر مهم، وأن الاختبارات النفسية والفحوص النفسية لها بروتوكولات واستراتيجيات معينة، ولها أطباء مختصون قادرون على التشخيص السليم، إذا كان هناك أية مؤشرات على بعض الاضطرابات، موضحة أن الاختبارات النفسية ليست لبيان القدرة على الاستمرار في الحياة الزوجية فحسب، بل لاستكشاف ما كانت هناك اضطرابات قد تؤدي إلى مساوئ ومضار كبيرة، بأن يتم رصدها من خلال الاختبارات والمقابلات الشخصية والتشخيصية التي يمكن أن يتم اجراؤها.
إنكار المشكلات النفسية
ونوهت بأن بعض أولياء الأمور يكونون على علم بالمشكلات النفسية لدى الأبناء، ولكن منهم من ينكرها في بداية رحلة الزواج، موضحة أن هذا نوع من التضليل والغش والخداع، ويجب أن تكون هناك مصارحة من الطرفين، وأن بعض الاضطرابات قد تتعدل مع الحياة الزوجية.
وأكدت على أهمية الإفصاح عن المشكلات النفسية التي قد يعاني منها الأبناء، كالغضب السريع لدى بعض الأبناء، فيجب أن يتعرف الطرف الاخر على هذه المشكلة، وإن كانت قادرة على التعامل مع هذه المشكلة من عدمه، وأن الإفصاح أمر ضروري حتى وإن نتج عنه رفض الطرف الاخر للارتباط، مع أهمية الفهم العميق للحالات النفسية المختلفة.
ولفتت إلى ضرورة إيصال هذه المعلومات إلى الأبناء، وأن يكون لديهم معرفة بمشكلات الصحة النفسية وإمكانية علاجها، حرصاً على التخلص من الوصمة المتعلقة بالمشكلات النفسية، وأن يتعرف الطلاب في المدارس على الفارق بين المشكلات النفسية والاضطرابات النفسية، وكيفية التفريق بين هذه الأمور.
تقييم العلاقات الزوجية
وكان معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، أطلق مؤخرا بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، قطاع الشؤون الاجتماعية، مؤخراً، الدراسة الاستطلاعية حول تقييم العلاقات الزوجية للمتزوجين حديثا في العالم العربي.
وذكرت مؤسسة قطر، أن هذه الدراسة التي جاءت بعنوان «تقييم العلاقات الزوجية خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج في العالم العربي»، تقدم أحدث التحليلات والأدلة العلمية المتعلقة بعوامل نجاح الزواج، والتحديات والمشاكل التي تواجه المتزوجين، وعوامل الاستقرار الأسري، والتدخلات والبرامج والسياسات العامة التي من شأنها أن تسهم في معالجة المشاكل الزوجية المحتملة وتعزيز التماسك الأسري.
وأظهرت معطيات الدراسة التي أطلقت في فعالية عقدت بالقاهرة، خروجا عن نمطية النتائج التي تواترت في الدراسات السابقة، حيث وصف ثلثا المشاركين في الدراسة أن تجارب الزواج ممتعة ومرضية، بينما أشار بقية المشاركين إلى أنها متعبة ولا تخلو من المسؤوليات والتوترات، وبشكل بارز خلال السنوات الأولى من الزواج. كما توصلت الدراسة إلى أن الخلافات بين الزوجين ترجع لمجموعة من الأسباب من بينها سوء التوافق، والتباين في المواقف والتصورات.
أما عن دوافع الزواج بحسب أفراد العينة، فقد جاء الاستقرار الأسري والإنجاب بنسبة 72.5 بالمائة، يليه الحصول على رفقة عمر بنسبة 39.2 بالمائة، والبحث عن الأمان المادي والاجتماعي بنسبة 11.2 بالمائة.
وعلى ضوء ذلك، كشفت الدراسة عن مجموعة من المؤشرات التي يمكن إدراجها كعوامل لتحقيق التناغم الأسري بين المتزوجين حديثا، من بين هذه المؤثرات، التواصل الفعال بين الزوجين، والمصارحة في كل الأوقات، والقناعة بأهمية الأسرة واستمراريتها، والتوازن بين العمل والأسرة، وعدم التسرع في اتخاذ القرارات، والتخطيط للمستقبل، بالإضافة إلى غير ذلك من العوامل.
العوامل المطلوبة
وعرضت الدراسة العوامل المطلوبة لتحقيق استقرار الحياة الزوجية، فأتى مؤشر الاهتمام والعشرة بالمعروف بنسبة 72 بالمائة، يليه الاحترام المتبادل بنسبة 70 بالمائة، أما عامل تحمل المسؤوليات بنسبة 62 بالمائة، والحب بنسبة 51 بالمائة، والشراكة في أعمال المنزل والمصاريف بنسبة 31 بالمائة، وقدمت مجموعة من التدخلات والتوصيات الخاصة بالسياسات الأسرية، من بينها أنه يتعين على المؤسسات الحكومية تطوير سياسات وبرامج للتمكين الاقتصادي للشباب المقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثا، ويشمل ذلك تبني مجموعة من التدخلات التي تهدف إلى تأمين السكن وفرص العمل واستحداث صناديق الزواج لتمويل الراغبين بالزواج أيضاً.
كما أوصت الدراسة، بضرورة قيام الجهات الحكومية بالتشديد على إجراء فحوصات طبية للمقبلين على الزواج، بمراعاة أن تشمل اختبارات الصحة النفسية، وعلى هذا النحو، ينبغي على مؤسسات القطاع العام والخاص تبني سياسات صديقة للأسرة وتدعم التوازن بين العمل والأسرة، ويتضمن ذلك تقديم إجازات الأمومة والأبوة، وتوفير حضانات في أماكن العمل، وتطبيق أوقات عمل مرنة خاصة للأمهات والمتزوجات حديثا. وتضمنت التوصيات أيضا طرح برنامج استرشادي للمقبلين على الزواج قائم على الأدلة العلمية.