

عتيق السليطي: عرس الرجل بقي محافظاً على أغلب مكوناته حتى اليوم
النساء كن يتكاتفن لتزويد غرفة المعاريس بما يلزم من احتياجات «الخلّة»
دعوات عبر المنابر إلى التخفيف من مظاهر العرس
أكد السيد عتيق محمد السليطي، باحث مهتم بتوثيق التراث الشعبي، أن مظاهر العرس قديما والتي استمرت حتى الثمانينيات من القرن الماضي اتسمت بالبساطة وعدم التكلف، وفي نفس الوقت التكاتف المجتمعي الذي يضمن نجاح الأعراس في تحقيق أهدافها النبيلة في نشأة الأسرة القطرية كلبنة أساسية في بناء المجتمع المتماسك. واستعرض السليطي في حواره مع «أفراح ومناسبات» أهم التفاصيل في العادات والتقاليد القطرية التي ارتبطت بالأعراس. وإلى التفاصيل:
• نود أن نتعرف على العادات والتقاليد الاجتماعية التي ارتبطت بالأفراح قديما في قطر؟
يمكن اختصار العرس في قطر قديماً وحتى الثمانينيات، في كلمتين، البساطة والتكاتف وتشملان كل مظاهر العرس القطري، حيث يتكاتف الرجال من اجل إنجاحه عبر عون المعرس على مؤنة العرس التي تشمل تزكيته والثناء على اخلاقه وكفاءته بقولهم «كفو»، إلى عونه على تدبير المهر ومتطلبات الزواج، والكل يركض له من الاخوان والرفاق ليظهر العرس على احسن ما يكون، وتأتي الفرقة الرجالية بطبولها ودفوفها لإحياء العرس وينتظم الرجال في حلقة الرزيف يرزقون بسيوفهم وبنادقهم من العصر إلى العشاء في براحة الفريج (الحي) حيث يزفون المعرس إلى بيت العروس مشيا على الأقدام بدون مقابل يكفيهم وجبة الغداء التي تسمى (الجرا) من قرى الضيف كما يبدو لي، في ضحى اليوم التالي للعرس وحيث يجري اقامة (عرضة) امام بيت والد العروس.
دور النساء
• وماذا عن دور النساء في التجهيز للأفراح والاستعدادات لهذه المناسبة؟
ومن ناحية النساء يبدأن التكاتف في تزويد غرفة المعاريس بما يلزم من احتياجات ما يسمى بالخلّة، وفرش الغرفة بالسجاد والمساند والمطارح وتزيينها بالمناظر التي تحمل صورة الطواويس وبالكرات الملونة التي تُعرف بالرمامين، وتغطية سقف الخلة بالقماش الأخضر، وتوضع في الفرشة الروائح العطرة مثل البخور والعود والخلطات الخاصّة في صينية أو طبق كبير فيه مشموم ودهن العود والياسمين حيث يتم توزيع المشموم المعطر في أنحاء الحجرة وتحت الفراش.
• وماذا كان يحدث في ليلة العرس قديما؟
عند زفاف المعرس يدخل في ( الخلة) لبعض الوقت إخوانه ورفاقه يتقهوون ويتطيبون ويخرجون، وقد ينصحه بعضهم بـ (الركادة) اي بضبط نفسه فلا يسبب لعروسه ذعرا يجعلها تنفر منه.
ليلة الحناء
• وهل هناك دور مجتمعي ملحوظ في هذه المناسبة خاصة الجيران ؟
كما تساهم الجارات في الطبخ وجلب الأواني لذلك، كما يفرش الحوش والليوان بالسجاجيد والمساند استعداداً لعرض (الدزة) حال وصولها، و اجتماع النساء لرؤيتها وتباهي والدة العروس بما قدم لابنتها من ذهب مكوّن من عدد من المضاعد (الأساور) وقلادة وشغاب (حلق الأذن) وأقمشة ومشوط وعطور ومستلزمات المطبخ من أرز وخلافه، والذي يسمى (السُوق) ايضاً، ويحدث ان تكون احوال اهل العروس ضعيفة فيحصل ان تتبرع بعض الجارات بمصاغهن للفرجة عليها فقط ليلة الدزة، جبراً لخاطر العروس وأمها، كما تشهد النساء والفتيات ليلة الحناء حيث يتخضبن مع العروس به التي ترتدي زياً أخضراً وتحضر لها (العجافة) التي هي بمثابة الكوافيرة اليوم وتتولى امر شعرها وتجميلها، وفي الحوش تجري مراسم الزواج على جانب النساء حيث تحظر فرقة الطقاقات النسائية لإحياء ليلة العرس، وحيث يتم نثر النقوط، وهن من يقمن بزفاف العروس في سجادة إلى داخل ( الخلة)، ويقال انه في بعض الأحوال ان كانت العروس صغيرة تمكث معها امرأة عجوز لبعض الوقت وربما اطول من ذلك.
• وماذا عن صبيحة يوم العرس؟
في صبيحة ليلة الزفاف يقدم المعرس لعروسه في يدها هدية عبارة عن قطعة ذهبية تعبيراً عن رضاه وتقديره لها، ويمكث المعرس عند اهل العروس أسبوعاً، معززاً مكرماً، بعده تنتقل العروس إلى عش الزوجية الجديد لدى اهل المعرس، في معية والدتها وأخواتها وصديقاتها في تظاهرة تسمى يوم او ليلة الهدية حيث يتم إكرامهن بإقامة مأدبة عشاء تحضرها الجارات.
تحولات كبرى
• وماذا تبقى من العادات والتقاليد القطرية في الأعراس اليوم؟
لقد تبقى من عادات العرس القطري القليل، منها الفصل بين الجنسين فيه وحصلت تحولات كبرى كما يقول علماء الاجتماع، شملت اختيار العروس ومهرها ودزتها التي باتت تتكوّن من أرطال من الذهب المشغول والمجوهرات والهدايا وفستان فرحها وحفل زفافها الباهظ وشهر عسلها المكلف!، الذي بات يكلف مئات الألوف من الريالات القطرية، ففي الماضي كان الزواج يتم بين الاقارب بنات العم والخالة والجيران، بمهر قليل وكلفة اقل، لينتقل إلى دائرة أوسع في قطر ومن خارجها، مع دخول ما يسمى بـ (الخطَابة) على خط الزواج وترتيبه للراغبين والراغبات فيه، مع ملاحظة ان عرس الرجل بقي محافظاً على اغلب مكوناته العقد، وحفل الزواج البسيط غير المختلط الذي يشمل استقبال المهنئين وإكرامهم والعرضة والعشاء، في مقابل عرس الفتاة الذي يتسم اليوم بالبذخ والمباهاة والتنافس، ويشتمل على استحضار فرقة ومغنية مشهورة في فندق مشهور والمبالغة في النقوط والأكل والهدايا والتوزيعات وشكل دعوات (بطاقات) العرس العجيبة والمبتكرة ! كما صار العرس رهيناً بموافقة الفتاة في كل خطواته وليس كما كان بالسابق.
وقد صدرت دعوات عبر المنابر إلى التخفيف من مظاهر العرس وخفض متطلباته خاصة المهور، وأعباء الزواج الباهظة وقام مجلس الشورى القطري بمناقشتها وتشكيل لجنة خاصة بها تدرسها وترفع توصيات بشأنها وهي أمور بالفعل تحتاج وقفة من الجميع حفاظا على قيم المجتمع.