الانسحاب الروسي من اتفاقية تصدير الحبوب.. ضربة مؤلمة لأسواق الغذاء العالمية

alarab
الانسحاب الروسي من اتفاقية تصدير الحبوب.. ضربة مؤلمة لأسواق الغذاء العالمية
تقارير 19 يوليو 2023 , 03:14م
قنا

في ضربة مؤلمة لإمدادات الغذاء العالمية، انسحبت روسيا من اتفاقية البحر الأسود الخاصة بتصدير الحبوب، ورفضت تمديدها عقب انتهاء صلاحية العمل بها عند منتصف الليلة قبل الماضية، والتي سمحت لأوكرانيا بتصدير 33 مليون طن من الحبوب في عام واحد.
وتمسكت روسيا برفض تمديد الاتفاقية الرباعية الموقعة في 22 يوليو 2022 مع أوكرانيا برعاية الأمم المتحدة وتركيا، منددة بالعقبات التي تعترض تجارة منتجاتها الزراعية.
في المقابل، عبرت أوكرانيا عن عزمها على الاستمرار في تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، سواء أعطت موسكو ضمانات أمنية لسفن التصدير أو لم تعطها، وقال رئيسها فولوديمير زيلينسكي إنه بعث برسالتين إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يقترح عليهما مواصلة الصادرات، معتبرا أنه يمكن للأطراف الثلاثة (أوكرانيا والأمم المتحدة وتركيا) ضمان، بشكل مشترك، تشغيل ممر الغذاء وتفتيش السفن.
وعقب موقف كييف من الخطوة الروسية، رفضت موسكو الدعوات الأوكرانية باستئناف الشحن دون مشاركتها، حيث قال "الكرملين" صراحة، إن السفن التي تدخل المنطقة دون ضماناتها ستكون في خطر، وأبلغت المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة بأن انسحابها من الاتفاق يعني إلغاء ضمانات سلامة الملاحة التي أصدرها الجانب الروسي في وقت سابق.
وفي خطوة قد تجعل موضوع التصدير أكثر تعقيدا، ضربت روسيا موانئ أوكرانية صباح اليوم وذلك غداة انسحابها من اتفاق تصدير الحبوب، وقالت إنها قصفت مستودع وقود في /أوديسا/ ومصنعا لإنتاج طائرات مسيرة محمولة بحرا، في إطار ما أسمته "ضربات انتقامية هائلة"، ردا على هجمات أوكرانية دمرت أجزاء من جسرها البري المؤدي إلى شبه جزيرة القرم أمس الأول.
في الوقت نفسه، تركت موسكو الباب مفتوحا أمام إمكانية تمديد الصفقة، وقالت إنها ستمدد على الفور في حال تنفيذ الجزء الروسي منها، مشددة على أن هناك خمس مسائل مبدئية يجب حلها تشمل إعادة ربط البنك الزراعي الروسي بنظام سويفت، وعدم عرقلة لوجستيات النقل والتأمين، وترميم أنبوب تولياتي - أوديسا في جزئه الأوكراني لتصدير الأمونيا الروسية، وتحرير أصول الشركات الزراعية الروسية المجمدة.
واشتكت روسيا في السابق من أن القيود والعقوبات المفروضة عليها على خلفية الحرب الدائرة مع أوكرانيا، أعاقت صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة أيضا، وهي منتجات تعتبرها موسكو مهمة أيضا لسلسلة الغذاء العالمية، غير أن الولايات المتحدة ودول أوروبية رفضت شكاوى موسكو، ووصفتها بأنه "لا أساس لها"، قائلة إن عقوباتها لا تستهدف الحبوب والأسمدة الروسية.
وفي تعليقه على القرار الروسي، قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة "إن اتفاقية الحبوب كانت شريان حياة للأمن الغذائي العالمي، ومنارة للأمل في عالم مضطرب"، محذرا من تداعياته الخطيرة على مئات الملايين في العالم، لاسيما أن أسعار القمح قد تعرف ارتفاعا ملحوظا في الأسواق العالمية.
بدوره، وصف أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي قرار الانسحاب الروسي بـ"غير المقبول"، مؤكدا أنه سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، وسيجعل وصول الغذاء إلى المناطق التي هي في حاجة ماسة إليه "أكثر صعوبة".
كما انتقدت عدة دول غربية الخطوة الروسية، داعية موسكو للعودة إلى مائدة التفاوض لتمديد العمل بالاتفاقية، مؤكدة أهميتها للأمن الغذائي العالمي، فيما أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، راعي الاتفاقية، إلى اعتقاده أنه بوسعه إقناع موسكو بالعودة للاتفاق، والعدول على وقف التعامل به.
وكانت اتفاقية الحبوب قد مددت ثلاث مرات، حيث سهلت نقل ملايين الأطنان من الحبوب والمواد الغذائية في إطار محاولات معالجة أزمة الغذاء العالمية التي تصاعدت إلى مستويات قياسية بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، وتعتبر النجاح الدبلوماسي الوحيد الذي تحقق خلال هذه الحرب، لأنها رفعت حصارا عن الموانئ الأوكرانية، وسمحت بتفادي حالة طوارئ غذائية عالمية.
ومنذ تنفيذها قبل عام، سمحت الاتفاقية بتصدير ما يقرب من 33 مليون طن متري من المواد الغذائية من أوكرانيا، وقام برنامج الأغذية العالمي بشحن أكثر من 725 ألف طن لدعم العمليات الإنسانية، الأمر الذي ساعد على تخفيف الجوع في بعض أكثر مناطق العالم تضررا، بما في ذلك أفغانستان وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن.
وتعتبر أوكرانيا وروسيا من أكبر مصدري الحبوب في العالم، إلى جانب مواد غذائية أخرى. ويقول المحللون إنه مالم تتدفق الحبوب الأوكرانية مرة أخرى إلى الأسواق الدولية، فقد ترتفع الأسعار في جميع أنحاء العالم، مما يضر بأشد البلدان فقرا.
ووفقا للمفوضية الأوروبية، تمثل أوكرانيا 10 % من سوق القمح العالمية، و15% من سوق الذرة، و13 % من سوق الشعير، كما أنها لاعب عالمي رئيسي في سوق زيت دوار الشمس.
ويجمع المراقبون على أن توقف العمل باتفاقية تصدير الحبوب سيعرض للخطر طريقا تجاريا رئيسيا من أوكرانيا، أحد أكبر مصادر شحن الحبوب والزيوت النباتية في العالم، وسيزيد من الاعتماد على طرق التجارة البديلة عبر نهر الدانوب وعن طريق السكك الحديدية عبر أوروبا الشرقية، لكنها لا تستطيع بسهولة التعامل مع الحجم الذي تريد أوكرانيا تصديره.