قطر.. والرئاسة المشتركة لمؤتمر إعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة بجنيف

alarab
قطر.. والرئاسة المشتركة لمؤتمر إعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة بجنيف
تقارير 19 يونيو 2023 , 05:59م
قنا

تمضي الأوضاع في السودان، منذ أن انطلقت الرصاصة الأولى بالعاصمة الخرطوم يوم 15 أبريل من العام الجاري، نحو تفاقم المأساة الإنسانية، وتعاظم الخسائر البشرية والمادية جراء التدمير الشامل الذي لحق بالبنية التحتية ومرافق الدولة الخدمية من مستشفيات ومقار تعليمية ومؤسسات اقتصادية ومتاحف أثرية، وذلك خلال شهرين من الاقتتال المحتدم، والذي ترتب عليه تمدد واتساع ساحة العمليات العسكرية لتشمل عددا من الولايات في غربي ووسط البلاد.
وتنقل الأرقام والإحصائيات الصادرة من المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية، حجم الدمار والخراب الذي لحلق بالبلاد في جميع مناحي الحياة جراء الحرب، مما يضع السودان ضمن أكثر الدول من حيث أعداد النازحين واللاجئين الهاربين من سعير المعارك في المدن والأرياف إلى أماكن تتوفر فيها الحدود الدنيا للأمن من الجوع والخوف.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الحرب في السودان دفعت بمئات الآلاف من الأشخاص للفرار من منازلهم إلى داخل وخارج البلاد، بينما حذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن الصراع الدائر بالسودان قد يرفع أسعار المواد الغذائية هناك بشكل كبير، وقد يضع أكثر من مليوني شخص في دائرة الجوع خلال الأشهر المقبلة، مما يرفع عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد هناك إلى 19 مليونا.
وفي المقابل، لم تستطع جميع المناشدات والمبادرات الدولية والإقليمية إقناع طرفي الصراع بضرورة تهدئة وتيرة الاقتتال وتخفيض التصعيد عبر الدخول في هدن إنسانية متعددة تسمح بمرور المساعدات والإعانات إلى مئات الآلاف من المدنيين المتضررين جراء استمرار المعارك وصولا إلى وقف دائم لإطلاق النيران، يسمح بفتح باب الحوار لإعادة مسار التوافق الوطني السوداني عبر عملية سياسية شاملة تعزز فرص نجاح الانتقال، وتسهم في ترسيخ الاستقرار.
وضمن المجهودات الدولية للحد من آثار وتداعيات الحرب المشتعلة في السودان، وإعادة إعمار ما خلفته من دمار وأزمات، أعلنت دولة قطر، أنها سترأس بشكل مشترك، اليوم في جنيف، مؤتمرا رفيع المستوى لإعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة، وذلك مع كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وجمهورية ألمانيا الاتحادية ومنظمة الأمم المتحدة، ممثلة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" والاتحاد الأوروبي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وجددت التأكيد على موقف دولة قطر الداعي لوقف القتال في السودان فورا، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس والاحتكام لصوت العقل وتغليب المصلحة العامة، وتجنيب المدنيين تبعات القتال، كما أعربت عن تطلع دولة قطر إلى أن تنتهج جميع الأطراف الحوار والطرق السلمية لتجاوز الخلافات، وأكدت دعمها الكامل لكافة الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل للأزمة.
وقال الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري مستشار رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، أن معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، سيشارك اليوم، عبر تقنية الاتصال المرئي، في المؤتمر رفيع المستوى لإعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة.
وقال الدكتور الأنصاري في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إن معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، سيعلن في كلمة أمام المؤتمر عن تعهد مالي من دولة قطر لدعم الاستجابة الإنسانية للشعب السوداني الشقيق، كما سيؤكد وقوف دولة قطر مع جمهورية السودان الشقيق لتجاوز الأزمة الحالية، وضرورة حشد الدعم لمواجهة تداعياتها على الصعيد الإنساني، ومساندة كافة الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة.
ونوه مستشار رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، بأن دولة قطر قدمت منذ بداية الاقتتال في السودان 301 طن من المساعدات الغذائية والطبية، كما أجلت 1784 من حملة الإقامة القطرية، في إطار دعمها المستمر للشعب السوداني الشقيق.
وكان مستشار رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، أكد خلال الشهر الجاري، في الإحاطة الإعلامية الأسبوعية التي تنظمها وزارة الخارجية أن الجسر الجوي القطري مستمر منذ بدء القتال في السودان لتقديم المساعدات الطبية والإغاثية والإنسانية للمتضررين، مشيرا إلى استمرار الرحلات خلال الأيام المقبلة.
وأضاف المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية أن دولة قطر تعطي الأولوية للجانب الإنساني ووقف القتال هناك، كما تدعم بشكل كامل جهود المملكة العربية السعودية في التهدئة والاتفاقات التي تم توقيعها في جدة ضمن الدور الإقليمي الأوسع لجامعة الدول العربية.

جدير بالذكر أن مجهودات دولة قطر لتوفير المساعدة والعون للمتضررين من الحرب في السودان لم تقتصر على دعمها المباشر، فقد ترأست قطر أعمال الدورة غير العادية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب على المستوى الوزاري، التي عقدت لمناقشة الوضع الإنساني في السودان، وذلك عبر تقنية الاتصال المرئي.
وفي كلمتها خلال الاجتماع، أكدت سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند وزير التنمية الاجتماعية والأسرة، رئيس الدورة (42) لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، على ضرورة أن تقوم كل دولة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بإرسال فريق إغاثي لتوزيع المساعدات على الفئات المعوزة في السودان، سواء للنازحين في الداخل، أو اللاجئين إلى الدول المجاورة عبر القنوات الدولية الرسمية.
وشددت سعادتها على موقف دولة قطر الداعي إلى وقف القتال فورا وممارسة أقصى درجات ضبط النفس والاحتكام لصوت العقل، وتغليب المصلحة العامة، وتجنيب المدنيين من النساء والأطفال وكبار السن والأشخاص من ذوي الإعاقة تبعات القتال، وذلك بالتوازي مع انتهاج جميع الأطراف الحوار والطرق السلمية لتجاوز الخلافات.
بدوره، ثمن السفير معاوية التوم الأمين نائب المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة بنيويورك، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، الجهود الكبيرة التي تبذلها دولة قطر في الإعداد والترتيب لمؤتمر إعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان، وذلك بحكم العلاقات الوطيدة التي تربطها بالسودان، منوها بأن العلاقات السودانية القطرية عميقة ومتجذرة في الماضي والحاضر.
وأشار إلى مجهودات قطر المخلصة في سلام دارفور عبر اتفاقية الدوحة للسلام في العام 2011، فضلا عن عقدها مؤتمر المانحين بالدوحة لإعمار دارفور والذي نجح في جمع مبالغ طائلة لإعمار الإقليم، معبرا عن شكر وتقدير السودان حكومة وشعبا للدور الذي تقوم به حاليا المؤسسات القطرية الإنسانية (الهلال الأحمر القطري وجمعية قطر الخيرية وصندوق قطر للتنمية)، إلى جانب الجمعيات الأهلية القطرية في إغاثة وعون المتضررين من الحرب، وتمنى السفير أن ينجح المؤتمر في مخاطبة الاحتياجات الضرورية التي خلفتها الحرب الشاملة على بلاده وإعادة الحياة إلى مسارها الطبيعي.
ومن جانبه، أشاد الدكتور التجاني سيسي الرئيس السابق للسلطة الإقليمية لدارفور، رئيس حزب التحرير والعدالة القومي ورئيس تحالف قوى الحراك الوطني، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ بالدور الرائد لدولة قطر في دعم الشعب السوداني في كافة الأزمات والمحن التي مرت به خلال الحقب الماضية، مؤكدا على أهمية مشاركة قطر في مؤتمر إعلان التعهدات الدولية لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان.
وقال : إن دولة قطر لها تجربة رائدة وخبرة واسعة في إنجاح مؤتمرات المانحين، مشيرا إلى مؤتمر مانحي دارفور الذي عقد بالدوحة في عام 2013 وما حققه من نجاح عبر مشروعات العودة الطوعية وعون النازحين وتشييد القرى النموذجية، مضيفا أن قطر ظلت تدعم السودان بدون أجندة غير تحقيق مصلحة أهله فقط، مشيدا في هذا الصدد بمواقفها المتوازنة، ووقوفها على مسافة واحدة من كل القوى السياسية السودانية.
وكانت قطر قد حملت على كاهلها، بعد أن أرست أسس السلام في دارفور، إعادة إعمار هذا الإقليم من بعد ما دمرته الحرب الطويلة وأثرت بالسلب على بنيته التحتية ومرافقه العامة ومنشآته التعليمية والطبية والخدمية، واستضافت مؤتمر المانحين لإعادة الإعمار والتنمية في دارفور بالدوحة في أبريل من عام 2013، بمشاركة وفود من 36 دولة و22 وكالة من وكالات الأمم المتحدة و60 منظمة دولية ووطنية.
ونجح المؤتمر في جمع تمويل لمشروعات التنمية في الإقليم تجاوز 3 مليارات ونصف المليار دولار تغطي فترة أربع سنوات من استراتيجية تنمية دارفور التي تمتد على مدى ستة أعوام، كما تعهدت وأوفت دولة قطر بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي كمنح ومساهمات لإعادة الإعمار.