%74 من المواطنين يطالبون بإقامة مؤتمرات اقتصادية متخصصة
اقتصاد
19 يونيو 2011 , 12:00ص
أجرى الاستطلاع: محمد الفاتح أحمد
هل من فائدة لتنظيم المؤتمرات المخصصة لرواد الأعمال والفعاليات الاقتصادية في قطر؟ هذا محور استطلاع توجهت به « العرب» إلى الشارع القطري، وتلقت حوله ردود أفعال متباينة. فقد تفاوتت ردود أفعال مواطنين قطريين حيال جدوى إقامة وتنظيم المؤتمرات الاقتصادية بالدولة، حيث ذهبت غالبية من تم استطلاع آرائهم حول جدوى عرض فرص المشاريع الجديدة، إلى أن مثل هذه المؤتمرات إهدار للمال والوقت، حيث إن بعض الشركات توفد كبار موظفيها لحضور تلك المؤتمرات وإلقاء ما يكتب له، أو من خلال توزيع الهدايا والمنشورات على المشاركين، أو من خلال متابعة تحمل تكاليف غداء أو عشاء المشاركين، أو غيرها من صنوف المشاركات المحيرة. فمن الضروري أن تكون هناك دراسة وطنية لعقد المؤتمرات، ومن ثم يتم اختيار الشركات والمؤسسات للاشتراك في المؤتمر من عدمه.
وفيما اعتبرت شريحة كبيرة أن هذا المنحى من شأنه «تشتيت» الأفكار وتغيير خارطة المشاريع ومواكبة التغيرات الجديدة ذات المنفعة وتقليل التكلفة المالية، يرى البعض الآخر أن هذه المؤتمرات تحتاج إلى إعادة نظر شاملة تقوم بها مؤسسة أو جهة وطنية محددة، بدلا من ابتكار الشركات الأجنبية لأفكار مثل هذه المؤتمرات.
وفي استطلاع أجرته «العرب» حول جدوى إقامة وتنظيم المؤتمرات والمعارض الاقتصادية في قطر، أظهر الاستطلاع تأييد %74 منهم للفكرة، فيما أبدى %24 ممانعتهم لذلك، واقتصر حجم رافضي الفكرة على %2 فقط.
ويرى المواطن حسن الرئيسي أن غالبية الدعوات الخاصة بتنظيم المؤتمرات تصدر من شركات مختصة بتنظيم المؤتمرات، وهي شركات إدارة وتسويق تقع مكاتبها خارج دول المنطقة، أو ربما تتخذ مكاتب في بلدان خليجية. كما أن المسؤولين عنها يستعينون في أغلب الأحيان بالمختصين في إعداد محاور تلك المؤتمرات.
الأمر الذي يطرح تساؤلات عن سر اهتمامهم بتنظيم مثل هذه المؤتمرات، وعدم تنظيمهم لمؤتمرات حول المنتجات المالية للنظام الرأسمالي الذي ينتمون إليه، مع عدم قناعتهم بمناقشة السلبيات التي تعرض لها الاقتصاد الغربي برمته، وما إذا كانت التجربة الإسلامية مفيدة ومنطقية. والملاحظ أن تنظيم مثل هذه المؤتمرات يرتكز على النواحي المادية. أما الشيء المهم فهو ارتفاع رسوم الاشتراك بهذه المؤتمرات، حيث تبلغ الرسوم 2000 دولار أميركي كحد أدنى، ولا حد أقصى لها، إذ يزيد الحد الأقصى أحيانا على ثلاثة آلاف دولار أميركي إذا عقدت في إحدى العواصم الخليجية، ويتجاوز أحيانا أخرى 1500 جنيه إسترليني.
وتقوم الشركات المنظمة للمؤتمرات، بغض النظر أكانت اقتصادية أم تجارية، بتخصيص جزء من عوائد هذه المؤتمرات لسداد تكاليف الدعاية والمراسلات التي تتم عبر البريد الإلكتروني ومواقعها على الإنترنت وتكاليف موظفيها، إضافة إلى أعباء إقامة ومكافآت بعض الشخصيات المدعوة، ويكون الباقي ربحا للشركة المنظمة.
إننا في قطر بحاجة لعقد مؤتمرات من جميع النواحي، شريطة أن تعمل تلك المؤتمرات كسوق لعرض الفرص المتاحة، وتكون الاستفادة مناصفة للجانبين. لكن غالبا ما يُلاحظ أن هناك ارتفاعا في ربحية إقامة المؤتمرات من خلال تعدد الجهات المنظمة، حيث نجد بعض من كان يعمل في إحدى هذه الجهات قد استقل وأنشأ شركة لتنظيم المؤتمرات خاصة به، ليشترك مع شركته الأم في اقتسام المزيد من الأرباح. ولعل من أشهر المدن الخليجية التي تعقد فيها هذه المؤتمرات: إمارة دبي والبحرين والدوحة والكويت وجدة. وأشهرها إمارة دبي.
ولماذا تتكرر عادة أسماء المؤسسات الداعمة لعقد المؤتمرات وتتسابق لتكون راعيا ماسيا أو ذهبيا أو فضيا، أو سمها ما شاءت من التصنيفات التي لا تغني من جوع، بل الأدهى هو أن غالبية الشركات تحتفظ بحق الرعاية الرئيسية للمؤتمر ذاته لدورات متعددة.
ويرى المواطن سالم الجحلان أن هدف المؤتمرات تثقيف عامة الجمهور وأصحاب الاهتمامات بالنواحي الإجرائية، وأن عقد المؤتمرات أمر مثمر من نواحي متعددة، إذ يهدف الكثير من المؤتمرات إلى الإفصاح عن الإنجازات وعرض الفرص الاستثمارية وطرح المشكلات أمام ذوي الخبرة للإدلاء بتجاربهم وآرائهم بغية التوصل إلى حلول مثلى. لكن ما لا أحبذه في جانب عقد المؤتمرات هو مجاراة الآخرين في إقامة المؤتمرات التقليدية والاهتمام بكيفية التغطية الإعلامية لإثبات الوجود المظهري، لكن الشيء المحزن هو تكرار أسماء بعض المتحدثين في كثير من المؤتمرات حتى يكاد الإنسان يعتقد أن العلم انحصر فيهم دون سواهم. كما ألاحظ في عدد من المؤتمرات التي تعقد أن من يحضر موفدا من جهة عمله ربما لا يكون له أي إسهام في المؤتمر، إلا ليقال إنه حضر هذا المؤتمر إلى جانب فلان وفلان من الشخصيات العامة المشهورة.
وهناك مؤتمرات مهمة يقدم فيها خبراء عصارة جهدهم، غير أن بعضها يكاد يكون بلا جدوى لكون المتحدثين من غير المختصين غالبا، فضلا عن أن الأوراق المقدمة غير خاضعة للتحكيم العلمي من قبل المختصين، الأمر الذي يفقد المؤتمر مصداقيته العلمية، ويجعله مصدرا غير علمي وغير موثوق به.
من جانبه يقول المواطن علي سالم المري: إن أهمية المؤتمرات الاقتصادية تنبع من خلال الحرص على تحديث الثقافة الاستثمارية والتجارية واكتساب الجديد من الجوانب الاقتصادية. فضلا عن إيجاد حلقة وصل في التبادل الفكري بين كل العاملين في المجال الاقتصادي والتعرف على طرق جديدة ومهارات وخبرات الآخرين من جميع الدول المشاركة، بالإضافة إلى سماع آراء خبراء دوليين والاستفادة من تجاربهم.
ويضيف: إن الأصل في المؤتمرات الاقتصادية أن تكون متخصصة في طرح نقاط محددة يركز عليها المؤتمرون للخروج بنتائج وتوصيات علمية مفيدة. ولذلك أرى أن طرح المؤتمرات لعدد من الموضوعات الواسعة التي تستوعب كل شيء ستخرج دون نتيجة محددة، وهنا أطالب المختصين أنه يتوجب على المنظمين للمؤتمرات مراعاة هذا جيدا، والتركيز على اختيار موضوعات دقيقة يقدم الباحثون فيها خلاصة علمية تضيف جديدا للبرنامج الاقتصادي المطروح من خلال المؤتمر، وتكون منطلقا لمؤتمرات أخرى متتابعة تقود إلى مزيد من النتائج الواقعية، لكنني أرى أن غالبية المؤتمرات بشكلها الحالي مضيعة للجهد والوقت والمال.
وفي رأيه أن المؤتمرات الاقتصادية ينبغي أن تكون منتقاة بشكل علمي دقيق، بحيث يكون المؤتمر بمثابة سوق واسعة لعرض التجارب والفرص المتاحة، وبالتالي تتخير الجهات كيفية الاستفادة منذ ذلك، ولكن ما أراه هو أن معظم المؤتمرات الاقتصادية يغلب عليها الجانب التخصصي والبحث الأكاديمي، وليس هناك التزام واضح بالمنهج العلمي في الطرح الاقتصادي، وفوق كل ذلك نرى أن بعض المشاركين يتخلون عن المنهج البحثي، ويستبدلون ذلك بخطبة عصماء يتم إلقاؤها على الحضور ثم يقول: إن تجربته قائمة ومن يرغب يتصل به عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، وهذا يعني أن تجربته خاضعة لمبدأ الشراء، ومن يدفع أكثر حتى يعرض تجربته التي غالبا قد لا تفيد في نهاية الأمر. غير أنه لفت النظر إلى أن عقد المؤتمرات الاقتصادية، بمثابة تكرار لبعض السلبيات، إذ تقوم بعض الجهات بعرض ذات المشاريع التي قامت بعرضها في مؤتمر أو مشاركة سابقة بالداخل أو الخارج، وهذا إنفاق أو إهدار صريح للمال، خاصة أنه عادة ما تنفق على مثل هذه المؤتمرات مبالغ مالية كبيرة، فحبذا لو تم استثمارها بشكل صحيح.
كما يلاحظ أن بعض الأفكار التي تطرح في أوراق المؤتمرات الاقتصادية جيدة، غير أن صاحب الفكرة لا يقوم بالتركيز على إعطاء حلول حقيقية، بل يركز في تنميق الكلام وإضفاء صبغة «التعقيد» في فهم الفكرة، حيث الأولى شرح جميع مضامين طرحه وصيغ معالجته للقضية المطروحة.
أما المواطن أحمد المالكي، فيرى أن عقد المؤتمرات أمر إيجابي، وأن انتشار المؤتمرات الخاصة برواد الأعمال أمر إيجابي جدا في قطر، طالما أنها تستند إلى فرضية الترويج لموضوع اقتصادي وطرح موسع لسلسلة من المشاريع المستقبلية، وبالتالي إيجاد الفرص الحقيقية لرواد الأعمال.
لكنه يقول: إن المؤتمرات الاقتصادية عادة ما يفسدها استخدام اللغة الإنجليزية بشكل رئيسي في إعداد أوراق المؤتمر وفي إلقائها، علما بأن هذه المؤتمرات يحضرها بشكل لافت المتحدثين باللغة العربية، ومعد الورقة أو المتحدث عربي أيضا في الغالب.
ويرى أنه بسبب استخدام لغة غير اللغة العربية قد تضيع بعض التفاصيل أو يتجنب بعض المختصين الدخول في جزئية ما، وبالتالي يمكن القول: إن الجهات المنظمة للمؤتمرات عادة ما تستخدم أسلوبا تسويقيا واحدا، طالما أنها تستهدف شرائح معينة من المجتمع، وخاصة أنه تهدف في نهاية المطاف إلى تحقيق أقصى عائد مادي ممكن لها.
ويمضي في حديثه قائلا: رغم أنني أؤمن بجدوى غالبية المؤتمرات التي تعقد في قطر، فإن تنظيم المؤتمرات في المنطقة العربية عموما أصبح جزءا مهما من موضة العصر الحالي.
وبالتطرق إلى المؤتمرات الاقتصادية، يعتقد جازما أن غالبيتها ذات جدوى، وإن كانت متفاوتة، فيقول: إن كثرة المؤتمرات وتكرارها في أنحاء العالم العربي، يحتاج إلى إعادة تقييم حقيقي. ويؤكد أن بعض الدول تحرص على استضافة المؤتمرات الاقتصادية كتعبير عن التواصل الحضاري، وتحسين صورة الدولة أمام الآخرين.
ويضيف: بعض المؤتمرات تقدم أوراق عمل لا علاقة لها بالمحور الذي قام المؤتمر من أجله، والسؤال هنا: ألا توجد لجان فنية لفحص المواضيع قبل طرحها في المؤتمر؟ وأذكر هنا أن أحد المشاركين في أحد المؤتمرات، وينتمي إلى شركة راعية رئيسية للمؤتمر، تقدم بورقة عمل لا علاقة لها بالمؤتمر، وتفاجأ المنظمون بالورقة المطروحة، لكنهم ما كان منهم إلا أن أجازوها، بحجة ضيق الوقت. لكن الشيء المؤسف أن تلك الشركة المنظمة للمؤتمر «خافت» من إلغاء الورقة، وبالتالي إمكانية انسحاب الشركة التي ينتمي إليها ذلك الشخص طلبوا منه المشاركة، كيلا يفقدوا المال الذي من أجله نظم المؤتمر. وهذه هي السلبية التي تعاني منها غالبية المؤتمرات التي تقام بالدول العربية. كما يحتاج عرض البحوث في المؤتمرات إلى عدد من المهارات التي ينبغي على الباحث تعلمها والتدرب عليها وإعطاؤها حقها من العناية والاهتمام. وينقص بعض المشاركين في المؤتمرات، ولا سيما الاقتصادية، كيفية القراءة والتدرب على المهارات التي يحتاجها في الإلقاء والعرض، والكيفية المناسبة للإقناع بما يقدمه من مادة علمية. وإن كان لي أن أقترح على المنظمين للمؤتمرات، فيجب مراعاة إتاحة وقت واسع للمداخلات والتعقيبات والتقليل من عقد الجلسات.
ذلك، ويقول المواطن فضل العامري: في البداية، أرى أن عقد المؤتمرات الاقتصادية ذات فائدة محدودة جدا، لأن المشاريع في الدولة تخضع لخطط مرسومة من قبل الدولة لنحو 30 سنة قادمة، وفق رؤية قطر الوطنية 2030. ولكن المؤتمرات تأتي أحيانا بمثابة محفز لعرض فرص استكمال تلك المشاريع.
لكن صناعة المؤتمرات تعتمد على مجموعة من الشركات تتولى الترويج لدولة معينة، كما تشرف على تنظيم وتوفير أبحاث ودراسات متخصصة، مما يؤهلها للترويج لأي مؤتمر قبل وأثناء وبعد انتهائه. وحتى تستطيع دولة ما إحراز تقدم في هذه الصناعة فإنها تلجأ إلى شركات متخصصة في هذا المجال. وهنا لا بد من إتاحة الفرصة في هذا المجال بتشجيع الشركات والمؤسسات الوطنية على التعاون فيما بينها لإنشاء شركة مؤتمرات تتولى تنظيم المؤتمرات الخاصة بهم وتستثمر أيضا في هذا المجال بتنظيم المؤتمرات للغير، سواء خارج حدود الدولة أو داخلها.
صناعة المؤتمرات الاقتصادية تعمل على تنشيط السياحة بالنسبة للدولة أو للدول التي تملك أدوات سياحية. وقد استطاعت قطر إطلاق عدد من مجالات السياحة التخصصية، مثل المتحف الإسلامي وغير ذلك. وهذه المؤتمرات تعمل على التعريف بأهمية قطر ولفت انتباه الناس حول العالم للقدوم إليها والتعرف عليها، وبالتالي تحقيق عائد يعود على الدولة من خلال الصفقات والتعاقدات التي قد تتم خلال بعض المؤتمرات. ويستفيد رجال الأعمال أو غيرهم من المتخصصين من قواعد المعلومات المتوفرة، وهو ما يساعدهم على اتخاذ القرار المناسب الذي يضع في حساباته الوضع الحالي والمستقبلي للقضية.
ويعتقد أن دولة مثل قطر تحتاج إلى تنظيم المعارض أكثر من المؤتمرات الاقتصادية، وهذا بالطبع يحتاج إلى التخطيط السليم والأهداف الموضوعة من كل معرض، ما يمكن أن يؤدي إلى تطوير الاقتصاد الوطني. ويمثل المعرض فرصة حقيقية للشركات والمؤسسات المحلية والعربية والعالمية للمشاركة في المعارض الاختصاصية أو الشاملة لعرض منتجاتها، فضلا عن التعريف بالمنتجين والتقاء المستثمرين، كما تمثل المعارض دخلا سياحيا وفرص عمل دائمة ومؤقتة بالإضافة إلى الإيرادات المرتفعة للمنظمين والدولة.
ويؤكد المواطن علي الخاطر أن تنظيم المؤتمرات الاقتصادية هو السبيل الأمثل للحصول على مردود من المشاريع التنموية المطروحة، وتلافي السلبيات التي ينصح بها الخبراء أو تقدمها بيوت الخبرة المشاركة في المؤتمر. كما تتيح المؤتمرات، ولا سيما الاقتصادية، فرصة لتبادل الآراء حول وجهات النظر في أهم القضايا الرئيسية المطروحة. وفضلا عن ذلك، يتيح المؤتمر الاقتصادي أيضا تبادل الفرص وبحث التحديات وإيجاد الحلول للقضايا المعقدة والتي يمكن استخلاصها من مثل هذه المؤتمرات.
ويرى أن فوائد المؤتمرات الاقتصادية يمكن تلمسها في شتى ميادين الحياة، في وقت يسعى فيه الخبراء إلى تحسين المعايير الاقتصادية وطرح أخرى بديلة. ولعل المؤتمرات فرصة مميزة لتقديم قراءات ودراسات للحالة الاقتصادية سواء لمشروع أو لمشاريع ذات جدوى اقتصادية، إضافة إلى طرح نماذج الأعمال واستراتيجيات التنويع المطلوبة. ويوفر المؤتمر الاقتصادي كذلك فرص المنافسة التي تقود إلى تنمية القطاعات، والتوصل إلى الحلول للنكسات التي تواجهها حاليا القطاعات الاقتصادية، وإنشاء آلية التبادل المعلوماتية والتحديات التي تقدمها. وتمهد المؤتمرات الاقتصادية الطريق للتعلم ولتبادل وجهات النظر مع عدد من الخبراء والمختصين من جميع أنحاء العالم.
ويقول مواطن قطري، فضل عدم ذكر اسمه: إنه ليس مع الاتجاه لعقد المؤتمرات الاقتصادية، ولكني مع التوجه الذي يرمي إلى عقد مؤتمرات تخصصية في مجال سياحة المعارض، مما له أثر كبير على النواحي الاقتصادية وتنشيط التجارة. وقد أضحت صناعة السياحة عملاق الاقتصادات في القرن الحالي، بفضل الخدمات المتنوعة التي تقدمها. وتعتبر سياحة المعارض هي أحد الأنماط الحديثة من السياحة التي تتميز عن غيرها من الأنماط السياحية التقليدية. وأعتقد أن سياحة المعارض ذات تأثير كبير على ميزان المدفوعات وحركة رأس المال. فالدخل السياحي يؤثر على الميزان التجاري. وفي هذا النوع من المؤتمرات أو المعارض يلجأ السائحون والزائرون لهذا المعرض لإنفاق جزء مقدر من الأموال على المشتريات والمنتجات الوطنية. كما تحقق المعارض عادة رواجا اقتصاديا وإعلاميا يفوق تأثيره ما قد ينفق للإعلانات المباشرة عن مدى ما حققته الدولة من تقدم في المجالات المختلفة. ومن خلال المؤتمرات عامة، يمكن استخدام منهج التحليل المقارن لواقع التجارة الخارجية للدول العربية من جهة الصادرات والواردات، وأهم الشركاء التجاريين بالإضافة إلى أهم السلع المصدرة والمستوردة، واعتماد أسلوب التحليل الإحصائي للبيانات المتاحة وغير المتاحة لاحقا. وما ينقص المؤتمرات الاقتصادية هو عدم استضافة المؤتمرات الطلاب للمشاركة فيها بالبحوث أو التعقيبات أو غير ذلك من صور المشاركة، وهذه الفكرة تساعد على صقل التجارب العلمية، ومعرفة ما لدى الآخرين حول العالم من العلم والفهم الجديد، والتعرف على طبائع الناس والبلدان، وغير ذلك من الفوائد التي تحصل في تلك المؤتمرات إذا أعطيت حقها من الرعاية والصيانة من جميع أطراف المؤتمر. ومؤخرا عمد الكثير من الجامعات في قطر إلى تشجيع منسوبيها على حضور مثل هذه المؤتمرات، وتحمل دفع رسوم الحضور والمشاركة. ويمثل الحضور فقط بالنسبة للطلاب صقلا للجانب المعرفي واكتسابا للتجارب، وللقاء الباحثين والعلماء من أنحاء العالم، وهذه مكاسب لا يمكن أن تتاح إلا في مثل هذه المناسبات.
من جهته يقول المواطن محمد المعاضيد: إن لتنظيم المؤتمرات المختلفة في قطر صدى في كل أوجه الاقتصاد بشكل عام. ويتساءل: هل يتم تنفيذ الآليات التي يخرج بها مؤتمر ما من توصيات وإخضاعها لتطبيق عملي ومتابعة كل التوصيات المرتبطة به بدقة؟ ويرى أنه حتى لو لم يتم تنفيذ تلك التوصيات في ذلك المؤتمر أو المؤتمرات من ناحية عامة، فالمؤتمر بحد ذاته يعتبر حملة ترويج مجانية ومفيدة جدا لمشاريع الدولة وتعزيز رغبة الشركات الخارجية للاستفادة من الفرص المطروحة في الدولة.
ويرى أن التجمعات الاقتصادية تحقق نتائج إيجابية بغض النظر عن الأهداف والتوصيات، وهو أن يجتمع الاقتصاديون مع بعضهم البعض ويلتقون فيما بينهم ويتبادلون الأفكار والرؤى، فهذا يكفي دون الرجوع إلى الأهداف والتوصيات التي تخرج بها هذه التجمعات.
ويقول الفنان القطري طلال القاسمي: إن إقامة أية مؤتمرات في قطر مؤكد أنها تحمل عدة فوائد اقتصادية واجتماعية وسياسية وغيرها من العناصر الأخرى. ويؤكد أنها تعزز من فكرة التعاون والتواصل بين الشركات بالداخل والخارج. ويرى أن المؤتمرات تتطور من فترة لأخرى، وبالتالي تتيح فرصة ثمينة لتفادي الثغرات ومعالجتها وتحسين الأمور المستقبلية. ويضيف: المؤتمرات مهمة سواء كانت في مجال الاقتصاد أو التجارة، حتى نضمن وجود ترابط بين كل العناصر في المستقبل. وفوق كل ذلك، فإنه يجب أن تخرج المؤتمرات بأهداف واضحة وتوصيات تحقق ما يحتاجه المؤتمرون ولإلقاء النظر على بعض القضايا الساخنة التي تحتمل الكثير من الآراء والعديد من الاتجاهات والاحتياجات التي من المفترض أن تناقشها مثل هذه المؤتمرات حتى تحل بعض المعضلات في الوسط الاقتصادي في قطر. وطالب أن تقوم هذه المؤتمرات بتسليط الضوء على بعض القضايا التي تستحق الدراسة والبحث.
ويمضي قائلا: إن هناك ثمة فائدة أخرى تتمثل في تعزيز المكانة الاجتماعية للدولة نتيجة ما تعبر عنه المؤتمرات لكونها تعكس مدى ثقافة الشعب وتمدنه وإدراكه لأهمية مثل هذه الملتقيات المحلية والدولية. وما يهم هو أن المؤتمرات تبين تتعدد وسائل تنمية التبادل التجاري بين الدول، وقد أثبتت المؤتمرات جدواها، فدافع بعضها اقتصادي من خلال الاتفاقيات الثنائية، والبعض الآخر يستند إلى تحفيز الطلب من خلال إقامة المؤتمرات وعرض السلع على المستهلك النهائي، وبالتالي يدعم ويحفز قطاع الصادرات من خلال ضمان عمليات التبادل التجاري والاستثمارات، ويتيح المؤتمر الاقتصادي فرصة التواصل على مستوى رجال الأعمال والأفراد بعيدا عن الشكليات التي تفرضها الخيارات الأخرى المطروحة.
أما «أبوناصر» الذي رفض التعريف بنفسه أو اسمه الحقيقي! باعتبار أنه يعمل في مؤسسة عسكرية، فيرى أن هناك اتجاها في الدوحة لعقد مؤتمر لكل شيء صغيرا أو كبيرا، وأعتقد أنه بالتركيز والانتقائية يمكن أن تكون هناك فوائد متعددة من الناحية الترويجية للدولة أو لمشاريعها من استضافة قطر لبعض المؤتمرات الكبيرة حتى الصغيرة ذات الجدوى. ولكن مؤخرا -حسب نظرتي- فإن كل شيء في قطر يعقد له مؤتمر وتصرف فيه الأموال الكثيرة، كل شيء يعقد له مؤتمر، وذلك غير مفيد، فيجب أن يكون هناك نوع من الانتقائية. ففي حال تم اختيار موضوع المؤتمر وجدواه من كل النواحي فإن الفوائد ستكون متعددة.
وقال: إن إقامة المؤتمرات تنظم وفق أسس علم التسويق وهي من أفضل الوسائل لتغطية الخلل الذي ربما يحدث في المستقبل. ولفت إلى أن كثيرا من الدول تلجأ إلى تنظيم المعارض الدائمة والمؤقتة لتدعيم الطلب على منتجاتها. منوها إلى أنه لو نظرنا إلى الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا أو بعض دول جنوب شرق آسيا مثل هونغ كونغ لوجدنا أنها تحتضن سنويا كثيرا من المعارض العالمية في شتى المنتجات العسكرية والصناعية والزراعية، وقد دفع نجاح هذه الدول بعض الدول الأخرى في المنطقة إلى أن تحذو حذوها في سبيل جني الفوائد المترتبة على استضافة مثل هذه المؤتمرات.
أما المواطن علي خميس راشد المنصوري فيقول: إن عقد أو استضافة المؤتمرات الاقتصادية في قطر مهم جدا، ومفيد للدولة وللتجار حتى الشركات الأجنبية بالخارج أو داخل الدولة. وتتيح المؤتمرات والمعارض المصاحبة لها فرصة نادرة للأفراد والمؤسسات للتعرف على السوق القطرية، كما تصب الفائدة القصوى في ازدهار الدولة أولا وأخيرا، وتعزز من فرص تبادل الخبرات، كما يستفيد الناس من الطفرة السائدة في العالم.