وزير الأوقاف: اعتمدنا نهجا معتدلا يخدم الأمن الثقافي ويحافظ على الاستقرار الروحي

alarab
محليات 19 أبريل 2022 , 10:46ص
الدوحة- قنا

أكد سعادة السيد غانم بن شاهين بن غانم الغانم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن الوزارة اعتمدت نهجًا معتدلًا وفق منظور يخدم الأمن الثقافي الشامل، ويحافظ على الاستقرار الروحي، حيث أثمرت هذه الجهود بشكل فاعل في تعزيز التحصين والوقاية وحماية النشء والشباب والفتيات في المجتمع القطري من أفكار التشدد والغلو والتطرف.
جاء ذلك في حوار خاص لسعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية مع وكالة الأنباء القطرية "قنا"، قال فيه إن الوزارة تعتمد كذلك استراتيجية مرجعية واضحة، تُركِّز على دعم مجالات التنمية المختلفة، وفي طليعتها مجالات الحماية الاجتماعية والسكان والقوى العاملة والتنمية المستدامة، وتجديد الخطاب الديني وفق شروط تستجيب للقضايا المعاصرة، ودعم التماسك الأسري، وتحديث برامج الثقافة الإسلامية، وتعزيز العلاقات مع العالم الإسلامي والأقليات المسلمة في العالم.
وأضاف أن من سمات هذه الاستراتيجية كذلك المساهمة في مجال الحماية الاجتماعية باستثمار منضبط لموارد المصارف الوقفية والزكاة وفق مصارفها الشرعية، والعمل بشكل دؤوب على تفعيل التعاون والشراكة الاستراتيجية مع المؤسسات المجتمعية.
وقال: إن رسالة الوزارة تُعنى برعاية وتوجيه الشأن الديني الإسـلامي في المجتمع، وتعزيز دور رسالة الإسلام في ترسيخ القيم الإنسـانية والمبادئ الأخلاقية السـامية والمُثل العليا، وتأكيد أثرها الدائم في ترقية حياة المجتمع كافة، من خلال إبلاغ الدعوة ونشـر الثقافة الإسـلامية وفق منهج وسطي معتدل لمشروع حضاري يستند إلى كتاب الله وسُنة رسوله الكريم، وتعزيز دور المسجد ورسالته في المجتمع.
وحول أبرز توجّهات الوزارة وخططها لتفعيل دور المساجد، أكد سعادة السيد غانم بن شاهين بن غانم الغانم، حرص الوزارة على تفعيل رسالة المساجد ورعايتها والإشراف عليها كونها تساهم بشكل رئيس في رُقي المجتمع وتماسكه، انطلاقًا من مكانة المساجد في الدين الإسلامي، وعززت رفد المساجد بالأئمة والخطباء والمؤذنين المؤهلين بالعلم الشرعي، وواصلت البرامج والدورات التأهيلية لهم كونهم يقومون بشرف خدمة بيوت الله تعالى وإمامة المصلين، بفهم صحيح ونهج وسطي في إطار قيم الإسلام الأصيلة، وللمساهمة في إحياء دور المسجد في المجتمع، فضلًا عن جهودهم في ساحات الدعوة إلى الله عبر منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإسلامية وفق خطاب ديني متوازن.
وعن خطط وزارة الأوقاف في استقطاب الأئمة والخطباء القطريين في مساجد الدولة، أوضح أن الوزارة تبذل جهودًا مقدَّرة في استقطاب وتأهيل الأئمة والخطباء القطريين، وتخصِّص لهم الحوافز المالية وغيرها لتشجيع وتحفيز الشباب القطريين على الانخراط في برامج تأهيل الأئمة والخطباء، تحقيقًا لاستراتيجية الوزارة التي انتهجتها في الاهتمام والتطوير المستمر لأبناء الوطن، ليقوموا بواجبهم على أكمل وجه في تعريف الناس بأمور دينهم، ونشر الوسطية والاعتدال والأخلاق السمحة، والآداب السامية للدين الإسلامي الحنيف، وللقيام بمهامهم الدعوية بالشكل اللائق والمطلوب شرعًا، وللمساهمة في إحياء دور المسجد في المجتمع، حيث بلغ عدد القطريين من الأئمة والخطباء 185 إمامًا، و158 خطيبًا.
وحول أبرز ملامح التطوير الذي شهده الوقف في قطر خلال السنوات الماضية والخطط والآليات الراهنة لتطويره وتنميته، قال: إن ملامح التطوير الذي يشهده الوقف في الدولة عبر الإدارة العامة للأوقاف، متعددة، وتكمن أهمها في التطوير في صرف ريوع الأوقاف، وذلك بإطلاق شعار /الوقف شراكة مجتمعية/، وتوسيع قطاع الشراكة مع الجهات الحكومية والأهلية، بالإضافة إلى تنمية الأوقاف واستثمارها، انطلاقًا من شعار الإدارة /الوقف استثمار وتنمية/ حيث تم افتتاح العديد من الوقفيات الجديدة، وكذلك حوكمة العملية الوقفية، عبر إصدار قانون الوقف الجديد، وما تبعه من إصدار قرار تحقيق متطلبات الشفافية، وكلها أمور ساهمت في حوكمة الأوقاف، وتطوير أدائها الإداري.

وفي شأن المشاريع والقطاعات التي يدعمها الوقف وتشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بَيَّن سعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في حديث لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن القطاعات التي يدعمها الوقف هي القطاعات التي تندرج تحت المصارف الوقفية الستة، والتي تشمل جميع مناحي الحياة، ومن ثمَّ تمثل شمول وتنوع المشاريع والقطاعات التي يدعمها الوقف ليشمل القطاع الديني من قرآن وسُنة ومساجد ودعوة، والقطاع التعليمي من مدارس ومِنَح تعليمية ومؤتمرات وندوات، والقطاع الأسري من دورات ودعم وتكافل مجتمعي، والقطاع الصحي من علاج للمرضى ودعم فئات ذوي الإعاقة والتوحّد والسكري، بالإضافة إلى دعم البرامج التوعوية والتثقيفية. بالإضافة إلى دعم قطاع التنمية الاقتصادية بالمشاريع الوقفية التي أصبح العديد منها أيقونات.
وحول الطابع العمراني في دولة قطر الذي تميّزت مساجد الدولة مؤخرًا بتصاميم تعكسه، لفت إلى أن الوزارة دشَّنت قبل نحو عقد من الزمان العديد من النماذج الحديثة لبناء مساجد قطر، حيث شاركت لجنة من المهندسين والخبراء من عدة وزارات في تصميم مساجد قطر الحديثة، بحيث تكون تلك التصاميم بأفضل المقاييس والمواصفات الدولية، وفق منظور إسلامي يتماشى مع التراث القطري، وتراعي الوزارة في تصاميم المساجد اختلاف مساحة الأراضي التي ستُقام عليها المساجد، واشتراطات المباني الخضراء والمباني المستدامة، والتأكيد على شروط الاستدامة في استخدام الكهرباء والماء، والحفاظ على جماليات التراث في التصاميم بما يعكس أصالة التراث القطري والإسلامي وفق أرقى المعايير، ومنها -على سبيل المثال- مسجد أبو القبيب.
وعن مصحف قطر الذي دشَّنته الدولة في العام 2008 وكان مشروعًا استثنائيًّا عالميًّا في كتابته وتصميمه، قال سعادة الوزير: إن مشروع مصحف قطر الذي بدأت فكرته عام 1991 يُعَد رؤية أمير ومسيرة دولة، فهو لحظة تاريخية في مسيرة قطر لما يحمله من معانٍ عظيمة للدولة، كونه نسخًا جديدًا وكتابة جديدة للمصحف الشريف باسم دولة قطر، وعُقِدت مسابقة دولية للخط العربي، كانت الأولى من نوعها، فاجتمع لها 120 خطاطًا من أمهر الخطاطين على مستوى العالم، وأُقِيمت مسابقة مشابهة خاصة بزخارف المصحف، وتم اختيار أفضل ثلاثة من المزخرفين، حيث تشكّلت الزخارف الداخلية لمصحف قطر من جمال الطبيعة الخلابة بأبعادها وأشكالها، ومن عطاء القيم الإسلامية بصفائها وفطريتها، ومن الحضارة الإسلامية بإنسانيتها وعالميتها.
وأضاف أن عدد طبعات مصحف قطر بلغ حتى الآن أربع طبعات، ويجري العمل على إنجاز الطبعة الخامسة، وقد تم توزيع نحو 2.5 مليون نسخة من مصحف قطر منذ طباعته داخل قطر وخارجها، ويتم هذا التوزيع خارجيًّا في أكثر من 100 دولة في قارات العالم المختلفة، وذلك عبر سفارات دولة قطر في تلك الدول، وبالتنسيق مع وزارات الأوقاف والشؤون الدينية والمراكز الإسلامية والجامعات والشخصيات الإسلامية العالمية.
وفيما يتعلّق بعمل صندوق الزكاة ومدى تعاون الشركات والمؤسسات الوطنية في أداء زكواتها له، قال: إن إدارة صندوق الزكاة بوزارة الأوقاف تُعَد الجهة الحكومية التي أسند إليها القانون الاختصاص بجمع أموال الزكاة، وإخراجها إلى مستحقيها ممن تنطبق عليهم شروط المصارف الشرعية، وتساهم مساعدات الصندوق للأسر المستحقة في تعزيز منظومة التكافل المجتمعي، والمساهمة في التنمية المستدامة، حيث ترتبط جهود صندوق الزكاة ارتباطًا مباشرًا بأهداف التنمية المستدامة، مشيرًا إلى تعاون دائم وتنسيق مستمر مع الشركات والمؤسسات الوطنية، حيث يستقبل الصندوق ميزانيات الشركات العاملة في الدولة وحساب مبلغ الزكاة الواجبة عليها، وحثها على إخراج الزكاة، كما يتم من خلال البرنامج الوطني لاعتماد وتصنيف الشركات المزكية بالشراكة والتعاون مع "غرفة قطر"، تكريم الشركات التي تدفع زكاتها للصندوق.

وحول دور وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تجاه العديد من المراكز الإسلامية التي أقامتها دولة قطر في الخارج، أوضح أن وزارة الأوقاف -ممثلة في إدارة الشؤون الإسلامية- نفذت العديد من المشاريع الدعوية والتعليمية والثقافية في عدد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية، وكذلك في الأمريكيتين، اشتملت على إنشاء مساجد ومدارس ومجمعات خدمات ودور للقرآن الكريم ومراكز إسلامية وثقافية، وتساهم هذه المشاريع في تعزيز عمليات اندماج المسلمين في تلك المجتمعات، وفي التعريف بالوجه المشرق للإسلام في التعايش والاندماج الحضاري، وتتعاون الوزارة بشكل متواصل مع وزارة الخارجية وسفارات قطر في دول العالم، للاسترشاد بمقترحاتها في تقييم المشاريع قبل دعمها، وهذا الأمر من شأنه تذليل الصعوبات والمعوقات، فضلًا عن ثقل وزن دولة قطر وسمعتها الحسنة في الجوانب الإنسانية، وعلاقاتها الخارجية القوية.
وعن أبرز التطورات التي شهدتها الشبكة الإسلامية /إسلام ويب/ خلال السنوات الماضية بوصفها نافذة إسلامية عالمية تخدم ملايين المسلمين حول العالم.. وخطط الوزارة لتعزيز هذا الدور عالميًّا، أكد أن موقع الشبكة الإسلامية التابع لإدارة الدعوة والإرشاد الديني، والذي أُنشئ تحت مظلة المصرف الوقفي للتنمية العلمية والثقافية، استطاع أن يُجسّد المعنى الحقيقي لمواكبة متطلبات واحتياجات العصر الحديث، وأن يكون حلقة وصل بين المسلمين في أرجاء العالم، ولتكون شبكة الإنترنت إطلالة للمسلمين في أرجاء المعمورة على موقع إسلامي متميّز، يوفر لهم الأطر الشرعية والمفاهيم الإسلامية وفق المنهج الوسطي، الذي يُبيِّن سماحة الإسلام وعدله، وبُعده عن مفاهيم التطرف والعنف، إضافة إلى ترسيخ الحقائق الإسلامية، والدعوة إلى التمسك بالقرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة.
وفي شأن أبرز إنجازات مركز الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود الثقافي الإسلامي الذي يُعَد قِبلة للكثير من زوار البلاد، ويضطلع بدور مهم في نشر الثقافة الإسلامية والتعريف بالإسلام، أوضح سعادة الوزير أن المركز هو مشروع وقفي، تتلخص مهمته في إبلاغ رسالة الإسلام إلى غير المسلمين، بكافة الوسائل العصرية المتاحة، ونشر الثقافة الإسلامية عقيدة وسلوكًا وحضارة، فضلًا عن توعيته بعادات وتقاليد وثقافة المجتمع القطري.
وأضاف أن رؤية المركز تنطلق من مفهوم حضاري يقدم الإسلام منهجًا للحياة إلى الناس كافة، ويخاطب الأفراد والمجتمعات حسب حاجتهم وتطلعاتهم، معتمدًا في تواصله على أساس بث القيم الإنسانية المشتركة، وعلى مكارم الأخلاق واحترام الآخر بقناعة وإيمان عميق برسالة الإسلام، ليكون بذلك أكثر قربًا وتعاونًا مع كل من يسعى للخير.
وذكر أن المركز يُعنى بالتعامل مع القطاع الأكبر في دولة قطر من غير العرب وغير المسلمين، مراعيًا تنوعهم الجغرافي والثقافي والحضاري والعقدي والسلوكي، ومن ثم يفتح بابًا واسعًا للاستقرار، ويفتح نوافذ للآخرين من أهل الأديان والثقافات الأخرى على هويتنا وتراثنا وديننا وقيمنا.
وحول أبرز استعدادات الوزارة لموسم الحج هذا العام وملامح التطوير في إدارة وتنسيق شؤون الحج والعمرة، قال: إن هناك تواصلًا وتنسيقًا مستمرين بين وزارة الأوقاف -ممثلة في إدارة شؤون الحج والعمرة- وبين وزارة الحج السعودية، حيث قام مؤخرًا وفد من إدارة شؤون الحج والعمرة بزيارة إلى المملكة العربية السعودية للقاء المسؤولين بوزارة الحج السعودية للاطلاع والوقوف على آخر المستجدات فيما يتعلق بالإجراءات والتحديثات الخاصة بموسم الحج لعام 1443هـ، والتنسيق بخصوص حصة دولة قطر من الحجاج لهذا العام بعد انقطاع استمر لعدة سنوات.
وأشار سعادة السيد غانم بن شاهين الغانم وزير الأوقاف الشؤون الإسلامية، إلى مشاركته قبل أسابيع قليلة في أعمال مؤتمر ومعرض خدمات الحج والعمرة /التحول نحو الابتكار/، الذي أُقِيم في جدة بالمملكة العربية السعودية، خلال الفترة من 21 - 23 مارس الماضي، حيث استهدف المؤتمر التعريف ببرنامج التحول نحو الابتكار، الذي يُعَد منصة للمفكرين والمبدعين ورواد الأعمال، لاستقبال الأفكار والرؤى الإبداعية لبرامج الحج والعمرة، من خلال منصة إلكترونية حاضنة، تساهم في تيسير أمور حجاج بيت الله الحرام عبر استخدام وسائل تقنية مبتكرة، كما صاحبه معرض لخدمات الحج والعمرة.
وعن كيفية استعادة مراكز تحفيظ القرآن الكريم نشاطها بعد تخفيف الإجراءات الاحترازية والوقائية التي فرضتها الدولة بعد أزمة كورونا /كوفيد - 19/، أكد سعادة الوزير حرص وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بإداراتها المختلفة منذ بدء الجائحة على اتخاذ التدابير الوقائية كافة تماشيًا مع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار الفيروس، حيث أقامت جميع الإدارات فعالياتها وأنشطتها المختلفة عن بُعد، مستفيدة في ذلك من التقنية الإلكترونية الحديثة.
كما قامت إدارة الدعوة والإرشاد الديني منذ بدء الجائحة في عام 2020 بإطلاق برنامج /تعاهد/ لتعليم القرآن الكريم عبر منصة الوزارة التعليمية على برنامج /Microsoft Teams/ لتعلن وزارة الأوقاف في الأول من نوفمبر الماضي عن استئناف عودة الطلاب إلى مقرات (61) مركزًا لتعليم القرآن الكريم للبنين في المساجد بمناطق متفرقة في الدولة، تماشيًا مع خطة الدولة الخاصة بالرفع التدريجي للإجراءات الاحترازية حينئذ، حيث سبقها بنحو شهرين افتتاح (6) مراكز في المباني الوقفية التي تكون مقراتها منفصلة بذاتها بعيدًا عن المساجد. وتعمل الوزارة بالتنسيق مع الجهات المختصة بالدولة لافتتاح جميع المراكز القرآنية بالدولة خلال الفترة المقبلة.
ودعا جميع فئات المجتمع من الرجال والنساء والشباب والفتيات، وكذلك الأبناء الصغار من البراعم إلى الاستفادة من البرامج القرآنية والدعوية التي تقدمها الوزارة بمساجد الدولة والمراكز الدعوية والقرآنية، وعبر حسابات الوزارة بمنصات وسائل التواصل الاجتماعي، وموقع الوزارة و"إسلام ويب".
وفي شأن خطة وزارة الأوقاف للتعامل مع استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، قال: إن الوزارة تعمل وفق سياسة دولة قطر في تعزيز السلام والتفاهم من خلال ترسيخ مفهوم الحوار البنَّاء بين الحضارات، والترويج لقيم وثوابت الدين الإسلامي للتسامح والتعاون ما بين الأديان والثقافات، وإظهار رسالة الإسلام دين السلام والرحمة والهداية لجميع البشرية، وبيان الصورة الحضارية للدين الإسلامي في إطار منهج وسطي صحيح، يحافظ على ثوابت ديننا الحنيف، وإيصال رسالته السمحة الناصعة، وإبراز حقيقة هذا الدين الذي يدعو إلى السلام والتعايش بين البشر أجمعين.