إنهيار الأمن الغذائي في اليمن على الطاولة الأممية في جنيف
حول العالم
19 أبريل 2017 , 12:56م
الدوحة - قنا
دفعت الظروف الإنسانية الصعبة التي تشهدها اليمن الأمم المتحدة إلى الإعلان عن استضافتها لمؤتمر على المستوى الوزاري بمشاركة من الحكومة السويسرية وحكومة السويد وذلك بمقر الأمم المتحدة في جنيف في 25 أبريل الجاري، وذلك للإعلان عن التبرعات لمواجهة الأزمة الإنسانية، وللحالة الإنسانية المتدهورة بسرعة في اليمن والحاجة للموارد للعمل الإنساني هناك.
وأكدت المنظمة، في بيان لها أهمية المؤتمر خاصة مع وجود ما يقرب من 19 مليون شخص في اليمن بحاجة للمساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك أكثر من 10 ملايين شخص بحاجة للمساعدة الفورية، وأن النساء والأطفال هم من أكثر الفئات ضعفا في الوضع المعقد هناك.
وقالت " إن الصراع في اليمن أدى إلى "أكبر حالة طوارىء في مجال الأمن الغذائي في العالم"، مشيرة إلى الحاجة لتمويل يبلغ 2.1 مليار دولار خلال العام الجاري، حتى يواصل أكثر من 106 من الشركاء في المجال الإنساني تقديم المساعدات الغذائية والصحية وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة لملايين الأشخاص في جميع أنحاء اليمن.
وكشفت آخر الأرقام بشأن الوضع الغذائي في اليمن إلى المزيد من التدهور، حيث يعاني ما يقدّر بنحو 17 مليون شخص يعيشون في المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الأزمة) وفي المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الطوارئ) وهذا يعني أن مايعادل 60% من إجمالي عدد سكان اليمن على الأقل لا يملكون ما يكفي من الغذاء لتناولهِ، ويحتاجون إلى مساعدة إنسانية عاجلة لإنقاذ الأرواح وحماية سُبل كسب العيش، ويعود السبب إلى الصراع وإنعدام الأمن المدني مما تسبب في حالة نزوح أكثر من مليونيّ شخص في 21 محافظة حتى نهاية شهر يناير الماضي.
ووفقاً لتقرير فريق العمل المعني بحركة السكان فإن غالبية النازحين داخلياً هم من تعز بحوالي مليون شخص من تعز والحجة ومن مدينة صنعاء وصعدة حوالي 750.000 نازح، ومحافظة صنعاء وهي الأقل في أعداد النازحين بحوالي تقريباً 100.000 نازح، كما يشير التقرير إلى أنَّ نصف النازحين داخلياً مستضافين داخل المجتمعات المحلية، بينما 20% من النازحين في مراكز التجميع أو في مستوطنات عشوائية، مما أنتج عبئاً إضافياً على الموارد وخيارات سُبل كسب العيش المستنفدة أصلاً، وهذا يعني بأن حالة الأمن الغذائي والتغذية للنازحين أسوأ مقارنةً بغير النازحين.
وذكر تقريرٍ صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن انعدام الأمن المدني كان له أثره على سبل كسب العيش مما أدى إلى التدهور الممتد والمستمر لحالة الأمن الغذائي، وفرض القيود والعراقيل أمام الواردات التجارية والإنسانية، وحالة النزوح الجماعي وفقدان الدخل وندرة توفر الوقود، وارتفاع الأسعار وتعطل منظومات الأسواق وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانهيار الخدمات العامة كلها أمور أدت إلى تفاقم السياق الاجتماعي والاقتصادي الهشّ أصلاً في اليمن، كما أن البنى التحتية للموانئ لضمان وصول واردات الغذاء والمساعدات الإنسانية تواجه تهديداً خطيراً بسبب الصراع المتفاقم وحالات الحصار .
وأشار التقرير إلى انخفاض المساحات المزروعة والإنتاج في عام 2016 بنسبة 38% مقارنة مع فترة ما قبل الأزمة مما أثر على توافر المواد الغذائية ومخزون الأسر، كما فقد معظم الصيادين قوارب الصيد الخاصة بهم كما تضررت البنية التحتية الأساسية للاصطياد بحيث تشكل الزراعة والصيد في اليمن نسبة 50% من مصدر دخل الأسر اليمنية وفقاً للتقييم الطارئ للأمن الغذائي والتغذية .
أما بالنسبة للوضع الاقتصادي، فقد بين التقرير أن 78% من الأسر في اليمن تعيش حالة أسوأ مما كانت عليه قبل الأزمة، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى عجز الموازنة العامة الأمر الذي أدى إلى خفض في النفقات الحكومية، وتأخر رواتب موظفي الحكومة أو عدم توافرها تماماً منذ شهر سبتمبر الماضي التي تعتمد عليها الأسر اليمنية بنسبة 40%.
كما لفت التقرير إلى أن انهيار نظام الحماية الاجتماعية وأزمة السيولة من العملة المحلية التي انخفضت أمام الدولار الأمريكي ونفاد احتياطيات البنك المركزي، أثر على الأمن الغذائي، موضحا أن سوء التغذية بلغ مستويات تثير القلق.
وأضاف أن سوء التغذية يمثل مشكلة خطيرة في اليمن لفترة طويلة وخاصة سوء التغذية المزمن (التقزم) ، حيث أن من بين 22 محافظة يمنية فإن أربع محافظات (أبين، تعز، الحديدة، حضرموت) تعاني وبشكلٍ كبير من انتشار سوء التغذية الحاد الشامل الذي يتجاوز عتبة الطوارئ المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية، فيما تعاني سبع محافظات من انتشار سوء التغذية الحاد الشامل عند مستويات الشدة.
ولفت التقرير إلى أن المساعدات الإنسانية المقدمة للمحافظات الأكثر تضرراً لم تغط بشكل كامل المستفيدين المستهدفين في عام 2016م بسبب الصراع والحصار وتقييد تحركات عمال الإغاثة الإنسانية وشراء ونقل الإمدادات المنقذة للأرواح.
وركز التقرير على محافظتي الحديدة وتعز بحيث أنهما أكثر المحافظات تضرراً ، وتعتبر محافظة الحديدة هي ثاني أكبر المحافظات في اليمن من حيث عدد السكان بحيث بلغ 3.19 مليون نسمة وهو ما يُمثل 11.5% من إجمالي عدد سكان اليمن، كما تعرضت بسبب ممارسات الحوثي وقوات صالح إلى إلحاق الأضرار بالبنية التحتية بما في ذلك الميناء الأكبر للسلع الغذائية وغير الغذائية في البلاد، والتي أثرّت بشكل خاص على إمدادات وواردات الغذاء.
أما محافظة تعز فتعد واحدة من المحافظات الأكثر اكتظاظا بالسكان في اليمن ويبلغ عدد سكانها حوالي 3.18 مليون نسمة وهو ما يمثل أيضاً 11% من إجمالي عدد السكان وتعتبر واحدة من تلك المحافظات التي تعاني من الصراع القائم والقتال الأطول منذ 2015م، ومازالت تحت الحصار منذ حوالي سنتين.
وتوقع التقرير خلال الأشهر الثلاثة المقبلة استمرار تدهور حالة الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بسبب استمرار الصراع القائم والحصار، كما توقع أيضاً استمرار حالة النزوح وزيادة انتشار الأمراض، وانعدام المساعدات للسكان المتضررين، وتدهور الوضع الاقتصادي .
م . م