النظام السوري فاقد للشرعية.. ونرحب بدور قطر تجاه الأزمة

alarab
حوارات 19 أبريل 2012 , 12:00ص
الدوحة - محمد الشياظمي
نوهت روزماري دايفيس المتحدثة باسم الحكومة البريطانية بالجهود التي تبذلها قطر في سياق الربيع العربي، وبشكل أخص في الملف السوري، وأشارت إلى أن الحكومة البريطانية تدعم بدورها الجهود التي تبذلها الجامعة العربية من أجل إنهاء معاناة الشعب السوري وتحقيق التغيير المطلوب في هذا البلد. وقالت روزماري في حديث لـ «العرب» إن النظام السوري فقد شرعيته ولا مستقبل له بعد اليوم، مرحبة في الوقت نفسه بتحقيق انتقال سلمي للسلطة في إطار المبعوث الأممي والعربي السيد كوفي عنان. وأشارت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية إلى أنه تجب محاسبة كل المسؤولين عن العنف في سوريا، وضرورة تحويل الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية، وقالت إن الحكومة البريطانية لديها اتصالات مستمرة مع المعارضة السوري، وتسعى إلى تقديم الدعم اللازم لها. وبشأن الملف الإيراني لم تستبعد روزماري أية عملية عسكرية ضد إيران لوقف برنامجها النووي، في ظل فشل الحلول الدبلوماسية والمحادثات من أجل وقف طموحات طهران، وقالت إن الجولة التي جرت في اسطنبول الأسبوع الماضي كانت إيجابية، وستتواصل الشهر المقبل في بغداد. وفي تعليقها على الربيع العربي بعد عام من الثورات في المنطقة، قالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية إن الثورات التي حصلت كانت ثورات شعوب ضد الظلم وغياب الديمقراطية، ورحبت بأي دور يمكن أن تلعبه في دول الربيع العربي من أجل دعم بناء المؤسسات والديمقراطية. وفيما يلي نص الحوار: ¶ نرى أن الملف السوري احتكر الساحة السياسية في سياق ثورات الربيع العربي، وفي ظل تحركات قطرية ضمن المجموعة العربية والدولية تسعى إلى إنهاء الأزمة في هذا البلد، كيف ترون الجهود التي تقوم بها قطر في هذا السياق؟ - نحن نقدر عالياً الجهود التي تقوم بها قطر في هذا السياق، كما نقدر الدور الذي تلعبه قطر في إطار الجامعة العربية ومع المجتمع الدولي في الملف السوري، ونرى أنها داعم مهم للجهد العربي من أجل إنهاء الأزمة في سوريا، وقد رحبنا في السابق كحكومة بريطانية بخطة الجامعة العربية التي سعت إلى تحقيق وقف شامل وفوري للعنف في سوريا. ¶ قبل أيام وافق مجلس الأمن بالإجماع على إيفاد لجنة مراقبين دوليين إلى سوريا، هل بإمكان هذه الخطوة التي جاءت بعد فشل لجنة المراقبين العرب أن تحقق المطلوب، وهو وقف القتل وإراقة الدماء في الشارع السوري؟ - نحن نعتقد في الحكومة البريطانية أن هذا القرار من مجلس الأمن مهم جداً في هذا الظرف، وكنا نريد في بريطانيا أن يكون هذا التحرك منذ بداية الأزمة، لكن للأسف الشديد لجأت كل من روسيا والصين إلى استعمال حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن، اعتراضاً على أي قرار من هذا القبيل، ولكن هذا القرار يبقى مهماً، ويدعم خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا السيد كوفي عنان، ونحن نريد أن نرى إرسال هؤلاء المراقبين إلى سورية عاجلاً، وتمكنهم من المساعدة لوقف إطلاق النار في سوريا، ونتوق أيضاً إلى أن يتبع طليعة المراقبين الدوليين إرسال عدد آخر منهم إذا توفرت الظروف المناسبة على الأرض، رغم أننا نرى أن الأوضاع في سوريا خطيرة جداً، وهناك أحداث تتطور في ظل هدنة هشة للغاية، ونعتقد أن هذه البعثة يمكنها الحفاظ على خطة التهدئة وتنفيذ خطة كوفي عنان كما جاءت. ¶ هل تتوقعون نجاح خطة المبعوث المشترك كوفي عنان إلى سوريا، في ظل سعي النظام السوري إلى إفراغ الخطة من مضمونها، ما دام غير آبه بوقف العنف وفرض معالجته الخاصة للأزمة؟ - نحن لا نريد أن نتحدث عن فشل خطة المبعوث الأممي والعربي المشترك في هذا الوقت بالذات، على الأقل في ظل دعم كل الدول في مجلس الأمن لهذه الخطة في إطار من الإجماع، وهذه أول مرة نشاهد فيها إجماعاً يتحقق في قضية ما داخل مجلس الأمن، إضافة إلى أن هناك تطورات على الأرض تشمل وقفاً ولو غير كامل لإطلاق النار، ونحن نرى بشكل عام أن نسبة العنف أقل بكثير من الأول، ونريد أن نعطي الفرصة لخطة عنان، وسوف نسمع من المبعوث الأممي والعربي في مجلس الأمن اليوم (الخميس) تقريراً عن الأوضاع، ونطلع على الوضع على الأرض بعد إرسال بعثة المراقبين. ¶ كثير من التحليلات ذهبت من البداية ولا تزال تؤكد أن الأوروبيين والأميركيين غير متحمسين لسقوط النظام في سوريا، نظراً لتهدئته الأوضاع مع إسرائيل منذ سنة 1973، وهذا ما جعلهم يتلكؤون في اتخاذ القرارات القاسية والأكثر نجاعة تجاه النظام في دمشق، برأيكم إلى أي حد يقترب هذا الانطباع من حقيقة ما يجري؟ - في حقيقة الأمر ليست لدي معلومات بخصوص موقف إسرائيل من التطورات في سوريا، لكننا نحن في الحكومة البريطانية نعتقد أن بشار الأسد فقد الشرعية والمصداقية، ونريد أن نرى رحيل الأسد، وحدوث عملية انتقالية إلى حكومة جديدة في سوريا، وموقفنا هذا لم يطله أي تغيير في هذا السياق. ¶ ألا ترون أن موقفكم هذا يصطدم مع رفض النظام في سوريا لأي تغيير على هذه الطريقة، وإلا لكان قبل بها من البداية وأنهى الأزمة، بمعنى أن قرار بقاء النظام من عدمه يتعدى حدود دمشق، وتتحكم فيه تقاطبات وتجاذبات إقليمية ودولية؟ - نحن نعتقد أنه لم يتبق للأسد أية شرعية أو مصداقية داخل سوريا، وهو المسؤول الأول عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في هذا البلد، ونريد أن نشاهد محاسبة المسؤولين على هذه الانتهاكات، وقد قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إننا سنعمل على إحالة ملف سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية، ونعتقد أنه بعد كل الجرائم التي اقترفت في سوريا من طرف الأسد ونظامه، لم يبق أي مستقبل لهذا النظام في سوريا. ¶ خلال الأسابيع القليلة الماضية أعلنتم في الحكومة البريطانية عن دعم أكبر سيقدم للمعارضة السورية، ماذا تريدون من هذا الدعم بالضبط؟ - لدينا اتصالات مكثفة مع المعارضة السورية، ونريد المساعدة في تقديم برنامج ورؤية سياسية للأوضاع في سوريا، ونحن على اتصال دائم معها لبحث تفاصيل هذه المساعدة، وبشكل عام نحن نؤيد المعارضة لأهمية رؤية حكومة جديدة في البلاد، وموقفنا في بريطانيا أننا نريد أن نرى تنحي بشار الأسد عن الحكم، لأنه لا مستقبل للنظام بعد اليوم، مع ضمان المحاسبة للمسؤولين عن القتل والجرائم. *قبل أيام هددت تركيا على لسان رئيس وزرائها السيد رجب طيب أردوغان بإمكانية استدعاء الناتو للمساعدة في حماية أراضيها بعد انتهاك النظام السوري لسيادتها، كيف ترون هذه الخطوة من طرفكم؟ أعتقد أنه ليس هناك أي تخطيط لدى الناتو للتدخل في الموضوع في هذا الظرف، كما لا يمكنني التعليق على تصريحات الحكومة التركية، نحن نركز في هذا الظرف على إنجاح مهمة كوفي عنان بما يحقق الحل السياسي والدبلوماسي في سوريا. ¶ كيف تقيمون الجهد العربي في الملف السوري؟ - نحن نؤيد الجهود العربية وخطة الجامعة في الأزمة السورية، فالعمل العربي بهذا الشكل غير مسبوق، ونرى أن أساس خطة الجامعة العربية تدخل ضمن خطة عنان أيضاً. ¶ قبل الإعلان عن خطة كوفي عنان دعا عدد من الدول العربية وبخاصة قطر والسعودية إلى ضرورة تسليح المعارضة السورية ليتمكن الشعب من الدفاع عن نفسه، لماذا لم يجد هذا الطرح تأييداً من قبل الغرب ما دام يصب في صالح إسقاط النظام القائم؟ - نحن نرى أن لكل دولة الحق في اتخاذ قرارها في هذا الموضوع، ونحن في الحكومة البريطانية لا نرى تسليح المعارضة خصوصاً في هذا الظرف الذي بدأ فيه كوفي عنان جهوده لإنهاء الأزمة، لأن عنوان الخطة الأول هو وقف إطلاق الطلاق النار من جميع الأطراف، وموضوع إرسال الأسلحة إلى المعارضة يتناقض مع الجهود الدولية التي ترى أهمية في إفساح المجال للحل السياسي، كما لا نريد عسكرة الأوضاع في سوريا، ونريد أن نرى الحل السلمي وبشكل عاجل. ¶ ندير الدفة نحو الملف الإيراني، قبل أيام عقدت جولة جديدة من المحادثات بين الدول الست وإيران في اسطنبول، على ماذا تراهنون في هذه الجولة الجديدة من المحادثات مع إيران بعد مسار متعثر من المحادثات مع طهران؟ - هذه الجولة من المحادثات كانت جولة استكشافية، لأنه لم يكن هناك محادثات بين إيران والمجتمع الدولي منذ مدة، وأعتقد أنه مثلما قالت كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن الأجواء كانت إيجابية وبناءة، وتمت الموافقة على جولة جديدة من هذه المحادثات الشهر المقبل في بغداد، ولا يهمنا هنا مكان انعقاد المحادثات بقدر ما يهم النتائج، ونرى أن هذه الخطوة إيجابية لأن هذه المحادثات تبقى مختلفة عن سابقاتها، ولكن هذا لا يجعلنا نغفل عن الأنشطة النووية الإيرانية الخطيرة جداً، والطريق سيكون طويلاً لإيجاد المعالجة السليمة لهذا الملف. ¶ الملاحظ في الآونة الأخيرة تبادل الأدوار والتصريحات لدى الدول الغربية بشأن الملف الإيراني، تارة يتم التلويح بالخيار العسكري لوضع حد للطموحات الإيرانية، وتارة تعطي فسحة للجهود السياسية والدبلوماسية، برأيكم لماذا يتم اللعب على ثنائية أثبتت فشلها في التعاطي مع الملف الإيراني؟ - نحن نريد الحل السياسي بشأن الملف الإيراني، وبالمقابل نرى أن الحل العسكري ليس في صالح أي طرف سواء كان إيران أو المنطقة الخليجية أو المجتمع الدولي، ونسعى إلى تجنب العمل العسكري ما أمكن، وهذا هو الذي جعلنا نعطي فرصة للمحادثات مرة أخرى، لكن هذا لا يعني أن موقفنا قد تغير، نريد الحل السلمي، ولا نستبعد الضربة العسكرية في حال ما فشلت الجهود الدبلوماسية. ¶ السياسة الإيرانية كما تلقي بظلالها على الساحة السورية، كذلك يبقى الأمر بالنسبة للبحرين، كيف تراقبون التطورات في البحرين خاصة بعد دعوة العاهل البحريني إلى فتح حوار مع المعارضة، وخلق أجواء جديدة بعد الأزمة المستمرة في البلاد؟ - نحن في الحكومة البريطانية نرحب بالتصريحات الرسمية التي تصدر عن الحكومة البحرينية بشأن الحوار السياسي مع كل الأطراف في الساحة، كما رحبنا بتشكيل لجنة تقصي الحقائق بخصوص ما جرى في السابق، ورغم أن الأزمة لا تزال قائمة، إلا أننا نعبر عن تأييدنا للحكومة البحرينية، ومستعدون لدعم هذه الجهود. ¶ ما الذي يمكن أن تقدمه الحكومة البريطانية للأطراف في هذا الظرف؟ - من خلال اتصالاتنا السياسية مع الحكومة البريطانية، يمكن أن نقدم الدعم لجهود الحوار. ¶ هل لديكم اتصالات مع المعارضة في البحرين؟ - الحكومة البريطانية لديها اتصالات مع عدد من المجموعات السياسية في البحرين، وهي لا تزال تحث الأطراف كافة على المشاركة في الحوار لتحقيق الاستقرار المستدام والازدهار طويل الأمد في البحرين. ¶ نبقى دائماً في المنطقة العربية وبشكل أخص في مصر، حيث الاستعدادات لإجراء انتخابات رئاسية حاسمة استبعد من خوض غمارها قبل أيام عدد من الرموز السياسية بمختلف تلاوينها، كيف تراقبون في الحكومة البريطانية ما يجري في مصر بعد مرور عام على الثورة في هذا البلد؟ - نحن لا نريد التعليق على تفاصيل الانتخابات في مصر، كما لا نريد التعليق على وضع متغير بشكل يومي في هذا البلد، والأجدر بالإجابة عن هذا السؤال هو الشعب المصري، بعدما حدثت العديد من التطورات السياسية في مصر في الآونة الأخيرة، وبشكل عام نحن نكرر موقفنا أننا نرحب بالتغيير الحاصل في مصر، ونريد أن نرى حكومة جديدة تعبر عن إرادة الشعب المصري، بعد إجراء انتخابات يقرر فيها الشعب المصري اختياره. ¶ هل تتخوفون من وصول الإسلاميين، أو بشكل أدق فوز حزب الحرية والعدالة في هذه الانتخابات الرئاسية؟ - أبداً، لدينا اتصالات مع حزب العدالة والحرية في مصر، وكانت هناك زيارات رسمية جرى اللقاء فيها مع أفراد من هذا الحزب، لكن مبدئياً بالنسبة للحكومة البريطانية فإن أي حكومة جديدة في أية دولة لا بد أن تمثل إرادة الشعب، وتحترم حقوق الإنسان الأساسية. ¶ هذا يعني أنكم ستتعاونون مع أية حكومة ستفرزها صناديق الانتخابات في مصر؟ - بالتأكيد، لكن هذا يبقى تابعاً للبرنامج الذي تعتمده هذه الحكومة، ومدى احترامها لحقوق الإنسان بالأساس وتعهداتها. ¶ ربما تلمحون إلى احترام الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وبالأخص معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل؟ - نعم، مهم بالنسبة لنا في الحكومة البريطانية الالتزام بهذا الاتفاق في حال فوز حزب الحرية والعدالة، وسنراقب برنامج الحكومة الجديدة. ¶ الملف الليبي يمر بمنعطف حساس في الوقت الراهن، كيف يمكن الخروج بالبلاد من نطاقات التجاذب والتشويش السياسي؟ - في ليبيا كما في مصر، المستقبل في يد الشعب والحكومة، هناك مشاكل قائمة كانت متوقعة الحصول، ولا نستطيع أن ننتقل من أكثر من أربعين سنة من الدكتاتورية إلى دول كاملة فجأة، وسوف نساعد الحكومة في ليبيا، والطريق سيكون طويلاً بالنسبة لهم أيضاً، وفي النهاية النتائج لا يحققها إلا الليبيون. ¶ نعرج على الملف السوداني الذي أخذ في الأيام الأخيرة نصيباً من الأحداث الدولية، ما تعليقكم على التطورات الميدانية في السودان، وتخييم شبح الحرب بين السودان ودولة جنوب السودان؟ - التطورات في السودان تبقى خطيرة جداً، وقد أصدر مجلس الأمن قراراً بشأن الأوضاع في السودان، بعد الاشتباكات بين الجنوب والخرطوم، ودعا الطرفين إلى تجنب الحرب وضبط النفس ومعالجة الوضع بالحوار. ¶ أنتم في الحكومة البريطانية وبعد مرور أكثر من عام على الربيع العربي، كيف ترون التغيير الحاصل في المنطقة العربي، ومساقات التغيير في الدول التي مرت منها الثورات؟ - هذه الثورات كانت ثورة شعوب، ونحن رحبنا بالتغيير بما يفسح المجال للحريات السياسية، وفي الوقت نفسه لا تزال هناك مشاكل في المنطقة، لأن الطريق يبقى طويلاً لتحقيق الأهداف التي تتوق إليها الشعوب العربية، التي لا تقل عن عشر سنوات، ونحن نؤيد تحقيق المزيد من الديمقراطية والمشاركة السياسية في المنطقة العربية والشرق الأوسط، ومستعدون لدعم هذه الثورات في المستقبل. ¶ ما طبيعة هذه المساعدات، وما الذي يمكن أن تقدموه لثورات الربيع العربي؟ - نحن لدينا برنامج جديد لمساعدة الثورات في الشرق الأوسط، وتحقيق الشراكة العربية، وهذه مساعدة من الحكومة البريطانية من أجل بناء المؤسسات الديمقراطية بما يحقق المشاركة السياسية ودعم المجتمع المدني، ولدينا خبرة في بناء هذه المؤسسات ومشاركة الخبرات.