السفير صالح عطية في حوار رمضاني لـ «العرب»: عادات رمضانية مشتركة تجمع قطر والجزائر

alarab
الملاحق 19 مارس 2025 , 01:22ص
هشام يس

رمضان مناسبة لتعزيز صلة الرحم بين الجزائريين وتبادل الزيارات العائلية
العائلات تحرص على أن تبرز تنوع موروثنا الثقافي على موائد الإفطار والسحور
المؤسسات القطرية على غرار نظيراتها الجزائرية لها أياد بيضاء في إغاثة غزة
الجهود القطرية مقدرة في رفع الغبن عن إخواننا في فلسطين جراء حرب الإبادة

 

أخذنا سعادة السيد صالح عطية سفير جمهورية الجزائر الشقيقة لدى الدولة، في جولة بين طقوس وعادات الشعب الجزائري خلال شهر رمضان الفضيل. وأكد سعادته في حوار رمضاني مع «العرب» وجود العديد من التقاليد المشتركة والعادات التي تميز المجتمعين الجزائري والقطري في هذا الشهر الفضيل. وأوضح أن ذلك يتضح بداية من الأجواء الروحانية، مرورا بالإقبال على الطاعات ومختلف أعمال الخير، وصولا إلى تجسيد قيم التآلف والتآزر وتبادل الزيارات العائلية وصلة الرحم.
وأشار إلى أن أيام الشهر الكريم في الجزائر تعتبر تجسيدا لقيم التكافل والتراحم والإحسان، فيقبل فيها الناس على إفطار الصائمين، وإطعام المساكين، ومضاعفة الصدقات والتبرعات للمحتاجين وكفالة الأيتام ودعم مختلف مشاريع الخير والبر. وأشاد بالأدوار الكبيرة والبالغة الأهمية التي تلعبها المؤسسات والهيئات الخيرية القطرية كالهلال الأحمر القطري، وقطر الخيرية تجاه الأسر المتعففة في قطر وفي إغاثة الناس في شتى أصقاع العالم، خاصة في أماكن النزاعات والحروب والكوارث الطبيعية. ونوه إلى أن المؤسسات القطرية - على غرار نظيراتها في الجزائر - لها أياد بيضاء في إغاثة الأشقاء في غزة وجهود مقدرة في محاولة رفع الغبن عنهم جراء ما يتعرضون لهم من حرب إبادة وعدوان إسرائيلي غاشم. وإليكم نص الحوار

◆ ما أهم العادات والتقاليد الرمضانية، وأوجه التشابه بين المجتمعين الجزائري والقطري في الشهر الفضيل؟
¶ في البداية، لا يسعني، بمناسبة حلول الشهر الفضيل، إلا أن أتقدم أصالة عن نفسي، ونيابة عن رئيس الجمهورية، السيد عبدالمجيد تبون، وعن كافة أفراد الشعب الجزائري، بأسمى عبارات التهنئة وأزكى معاني التبريكات، إلى مقام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، وإلى صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وإلى كافة أفراد الشعب القطري الشقيق، راجيا من الله عز وجل أن يعيده على بلدينا الشقيقين، وعلى كافة الأمة الإسلامية بدوام الأمن والخير والرفاه.
أما بخصوص العادات والتقاليد والأجواء الرمضانية، فإن الجزائريين يولون اهتماما بالغا ومكانة خاصة لشهر رمضان الكريم، ويحرصون على القيام بجميع الاستعدادات والتحضيرات التي تسبق قدومه، حتى يتسنى لهم التفرغ لصيام أيامه، وقيام لياليه، في أجواء روحانية مميزة، تملؤها السكينة، وتعمُّها الرحمة ويسودها الإخاء، إذ تتزين خلاله المساجد والبيوت بأبهى الحلل، وتتعطر الأوقات إبانه بعذب التلاوات القرآنية، وتتجلى قيمه في التسابق نحو أفعال الخير وإكثار الصدقات وإفطار الصائم والأخذ بيد المحتاجين، فضلا عن امتلاء المساجد بالمصلين في كل الأوقات وبصفة خاصة أثناء صلاة التراويح.
كما يشكِّل الشهر الفضيل مناسبة لتعزيز صلة الرحم، وتبادل الزيارات العائلية من خلال جلسات سمر تطبعها أجواء بهيجة، و تزينها موائد خير تحتوي على ما لذ وطاب من أشهى أصناف الحلويات الجزائرية التقليدية.
ويتجلى مما سبق أن هناك العديد من التقاليد المشتركة والعادات التي تميز المجتمع الجزائري والقطري في هذا الشهر الفضيل، بدءا من الأجواء الروحانية، مرورا بالإقبال على الطاعات ومختلف أعمال الخير، وصولا إلى تجسيد قيم التآلف والتآزر وتبادل الزيارات العائلية وصلة الرحم.

◆ ما خصوصية المطبخ الجزائري في رمضان؟
- يتميز المطبخ الجزائري خلال شهر رمضان الكريم بطابع خاص عما عداه من أشهر السنة، إذ تحرص العائلات الجزائرية على إبراز غنى وتنوع موروث بلادنا الثقافي، وتعدد أطباقه، على موائد الإفطار والسحور، وكذا خلال سهرات السمر العائلية، بما يعكس أصالة وعراقة عاداته وتقاليده الضاربة في أعماق التاريخ.
وتبتدئ العائلات الجزائرية إفطارها بأجود أنواع التمر الجزائري وأحلاه مذاقا ألا وهو دقلة نور، مع كوب من اللبن أو الحليب، ومن ثم القيام لأداء صلاة المغرب، ثم الاجتماع من جديد حول المائدة لتناول وجبة الإفطار في أجواء عائلية مميزة، وعادة ما يكون الطبق الأول للافطار هو «شربة الفريك» أو «الحريرة» مع البوراك والحميس، ويكون متبوعا بالطبق الرئيسي مثل طاجين الزيتون، المثوم، شطيطحه دجاج، كباب، دولمة، المشاوي وغيرها من الأطباق الأخرى، كما يحضر أيضا طبق الكسكسي بلحم الخروف والرشتة في ليلة النصف من رمضان، فيما يتواجد طبق الطاجين الحلو على المائدة الرمضانية طيلة ليالي الشهر الفضيل. وبعد العودة من صلاة التراويح في المسجد، تجتمع العائلات الجزائرية من جديد في جلسات سمر حول أشهى أطباق الحلويات الجزائرية التقليدية «كقلب اللوز أو المقروط والزلابية» التي يتم تناولها مع احتساء أكواب الشاي الجزائري بالنعناع أو القهوة العربية. وفي السحور، تداوم معظم العائلات الجزائرية على تناول طبق «المسفوف «(كسكسي مع العنب المجفف) مع اللبن أو الحليب.

◆ كيف ترون روح التضامن والتكافل الاجتماعي في قطر خلال الشهر الفضيل؟
¶ في دولة قطر كما في الجزائر، وفي عموم الدول الإسلامية، تعتبر أيام الشهر الكريم تجسيدا لقيم التكافل والتراحم والإحسان، فيقبل فيها الناس على إفطار الصائمين، وإطعام المساكين، ومضاعفة الصدقات والتبرعات للمحتاجين وكفالة الأيتام ودعم مختلف مشاريع الخير والبر، ولا يفوتني هنا أن أشيد بالأدوار الكبيرة والبالغة الأهمية التي تلعبها المؤسسات والهيئات الخيرية القطرية كالهلال الأحمر القطري، أو مؤسسة قطر الخيرية تجاه الأسر المتعففة في قطر وفي إغاثة الناس في شتى أصقاع العالم، خاصة في أماكن النزاعات والحروب والكوارث الطبيعية، عبر مشاريعهم المتنوعة، التي تقوم في مجملها على تبرعات المحسنين في دولة قطر الشقيقة. ولقد كان لهذه المؤسسات - على غرار نظيراتها في الجزائر - أياد بيضاء في إغاثة إخواننا في غزة وجهود مقدرة في محاولة رفع الغبن عنهم جراء ما يتعرضون لهم من حرب إبادة وعدوان إسرائيلي غاشم.
 
◆ كيف يتم الاحتفال بليلة القدر والعشر الأواخر من رمضان في الجزائر؟
¶ يفرد الجزائريون لليالي العشر الأواخر من رمضان مكانة خاصة، فيضاعفون فيها الطاعات ويكثرون من تلاوة القرآن وبذل الصدقات وأعمال الخير، ومنهم من يعتكف في المساجد تفرغا للعبادة، وطلبا للثواب والمغفرة والعتق من النار، ويتحرى المسلمون في هذه الليالي المباركات ليلة القدر، وأجرها العظيم، فيكثرون من صلاة القيام والتهجد والدعاء، وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان، تحتفي العائلات الجزائرية بأطفالهم الصغار الصائمين في هذا اليوم بأطباق خاصة تشجيعا لهم على الصيام، و تُنَظَّمُ حملات ختان للأطفال في هذا اليوم، وتولي السلطات العليا في الجزائر عناية خاصة بهذه المناسبة، حيث تقام احتفالية خاصة بجامع الجزائر الأعظم برعاية رئيس الجمهورية، السيد عبدالمجيد تبون، يكرَّم فيها حفظة القرآن، وكذا الفائزون في مختلف المسابقات الدينية المقامة خلال الشهر الفضيل، واحتفاليات مميزة بالمساجد في كافة ربوع الوطن.

◆ كيف تعكس دولتكم قيم رمضان في المبادرات الإنسانية والدبلوماسية خلال هذا الشهر الفضيل؟
¶ استشعارا لقيم الشهر الفضيل، وسعيا لتعزيز أسس الترابط الاجتماعي بين أفراد الشعب الجزائري بكافة فئاتهم المهنية ومستوياتهم الاجتماعية، تضاعف جمعيات المجتمع المدني بكافة تفرعاتها من مبادراتها التضامنية خلال شهر رمضان الكريم، حيث تتصدر موائد الإفطار الرمضانية الجماعية لفائدة المحتاجين وعابري السبيل، قائمة هذه المبادرات التي تمول عن طريق تبرعات المحسنين، وإسهامات مختلف الشركات والمؤسسات الوطنية العمومية والخاصة، ويتواصل العطاء من خلال الطرود الغذائية وكسوة العيد للأطفال التي تسلم إلى الأسر المتعففة قبل حلول الشهر المبارك، بالإضافة إلى العديد من المبادرات الإنسانية الأخرى على غرار كفالة الأيتام، عيادة المرضى في المستشفيات، وزيارة المسنين بدور العجزة وكسوتهم.
وتحرص الدولة عبر مؤسساتها المختلفة على تقديم كافة سبل الدعم و كل التسهيلات لجمعيات المجتمع المدني للقيام بهذا الدور الهام في أحسن الظروف، كما تتظافر جهود قطاعات وزارية متعددة من أجل تهيئة الظروف الكفيلة بإنجاح موسم الخير، بجميع أبعادها.
وعلى الصعيد الدولي، تواصل الدولة الجزائرية جهودها الإغاثية عبر الهلال الأحمر الجزائري، أو من خلال بعض الجمعيات الخيرية الوطنية ذات التجربة والحضور، تقديم واجب المساعدة الإنسانية لأهلنا في غزة عبر قوافل تحمل خياما ومستلزمات صحية عاجلة، بالإضافة إلى توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون بالتكفل بعلاج مجموعة من الأطفال الجرحى جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم وبذويهم في المستشفيات الجزائرية، بالإضافة إلى إرسال شحنات من المساعدات الإنسانية إلى عدد من الدول الإفريقية الشقيقة.

◆ ما الرسالة التي تودون توجيهها إلى الجالية الجزائرية في دولة قطر والعالم الإسلامي بمناسبة الشهر الفضيل؟
¶ بمناسبة حلول الشهر الفضيل، أتقدم أصالة عن نفسي، و نيابة عن كل طاقم السفارة، بأحرِّ عبارات التهاني وأخلص التبريكات، لكافة أبناء وبنات جاليتنا الوطنية الكرام، المقيمين في دولة قطر الشقيقة، ولكافة أسرهم وذويهم، سائلا الله العلي القدير أن يتقبل منا ومنهم فيه الصيام والقيام وصالح الأعمال، وأن يفيض علينا من بركاته ويديم علينا بفضله موفور الصحة والعافية، وأن يحفظ وطننا والوطن المضياف الذي يحتضننا – دولة قطر الشقيقة – وأن يديم فيهما الاستقرار والعزة والازدهار.