نون النسوة: وعود أندية المرأة ذهبت مع الريح
تحقيقات
19 فبراير 2016 , 06:49ص
رانيا غانم
طالب عدد من المواطنات بإنشاء عدة صالات رياضية حكومية خاصة بالنساء، مؤكدات في تصريحات لـ«العرب» أن الكثير من الوعود بإنشاء نواد رياضية للنساء أطلقت منذ عام بمناسبة اليوم الرياضي للدولة، ولم يتم حتى الآن الإعلان عن إنشاء أي ناد أو صالة رياضية تسمح لهن بممارسة الرياضة، ونوهن إلى أن النساء في المجتمع القطري يتقن لممارسة الرياضة بشكل يومي، ولكن قلة وجود الصالات المجهزة لا تسمح بذلك، وأشرن إلى أن الحدائق والأندية العامة تسمح برياضة المشي.
منذ أيام احتفلت الدولة بيومها الرياضي، التي كانت رائدة في تدشين هذا على مستوى العالم تبعها دول عربية وغربية، إيمانا منها بأهمية الرياضة في حياة الفرد والمجتمع، وتذكيرا بأن الرياضة ليست فقط ما تمارسه الأندية والمنتخبات لكنها لا بد أن تتحول إلى أسلوب حياة لكل شخص نظرا لأهميتها وفوائدها الجمة، وبرغم مطالب المرأة بتخصيص فعاليات خاصة بها في اليوم الرياضي والتي حققتها بعض الجهات، إلا أن طموحات نون النسوة التي علقنها من قبل لم تتحقق، خاصة وأن الوعود التي تبنت مطالبهن بإنشاء أندية ومراكز رياضية نسائية ارتبط بعضها بإنجاز المهمة مع اليوم الرياضي في عام 2015م، وهو ما لم يتحقق حتى اللحظة، منها الاستراتيجية التي كانت قد أعلنت عنها اللجنة الأولمبية وتضمنت إنشاء عدد من المراكز الرياضية النسائية للقيام بالدور المنتظر لها في خدمة الرياضة المجتمعية، وأنها بصدد إنشاء أربعة مراكز اجتماعية رياضية للنساء تمهيداً لتدشينها في الربع الأول من 2015، مركزان منهما في الوكرة والخريطيات، وتضم أيضا رياضا للأطفال، وتزود بالتقنيات والمعينات بما يساعد النساء على ممارسة هواياتهن المختلفة في ظروف ملائمة، لكن حتى اللحظة لم يعلن عن افتتاح أي منها.
وبعد انتقال مطار الدوحة الدولي إلى مطار حمد الدولي واستخدام أراض ومنشآت المطار السابق لأهداف مشاريع مختلفة كانت هناك تصريحات بتحويل مساحات كبيرة منه إلى ناد متكامل للسيدات، لكن منذ ذلك الحين لم يتم الإعلان عن أي شيء وما زالت "هي" في الانتظار.
ومع الاحتفالات باليوم الرياضي الرابع للدولة أعلنت وزارة التخطيط التنموي والإحصاء نتائج استطلاع للرأي حول "ممارسة الرياضة لدى السكان في قطر" والذي أجرته بالتعاون مع اللجنة الأولمبية القطرية، يهدف إلى التعرف على حجم المشاركين في ممارسة الرياضة حسب فئات أعمارهم، والأماكن والأوقات المفضلة لديهم، ونوع المشاركة الرياضية في اليوم الرياضي للدولة.
وقد تم الاستطلاع على الموقعين الإلكترونيين للوزارة واللجنة الأولمبية حيث شارك فيه 1.749 مشاركاً من بينهم 620 قطرياً بنسبة %35 و1.129 غير قطري بنسبة %65، وبلغت نسبة ممارسي الرياضة في الاستطلاع %71 مقابل %29 أفادوا أنهم لا يمارسون الرياضة، وتساوى القطريون وغير القطريين في نسبة من يمارسون الرياضة ومن لا يمارسونها.
كما شارك في الاستطلاع ألف شخص من الذكور و749 من الإناث، أما بالنسبة لمشاركة القطريين حسب النوع فقد شكلت الإناث نسبة %61 مقابل %39 للذكور. بينما كانت نسبة مشاركة غير القطريين %67 من الذكور مقابل %33 من الإناث.
ومن أهم النتائج التي توصل إليها المسح أن أهم أسباب عدم ممارسة القطريين للرياضة هو عدم وجود أوقات فراغ لديهم بنسبة %43 بينما %18 أجابوا أنهم لا يمارسون لعدم وجود مرافق رياضية قريبة من مساكنهم، أما سبب عدم تشجيعهم على ممارسة الرياضة وعدم اهتمامهم بها فقد تساويا بنسبة %16 لكل منهما، وأجاب %6 من الذين لا يمارسون أن أسباباً صحية تمنعهم من ذلك.
وعند مقارنة أسباب عدم المشاركة لدى الرجال والنساء، أظهرت البيانات داخل كل فئة أن النساء أكثر تأثراً من الرجال لعدم تشجيعهن على ممارسة الرياضة %77 مقابل %23 على التوالي، وأن النساء أكثر انشغالاً من الرجال %71 مقابل %29 من الرجال، وأن النساء غير الممارسات للرياضة أقل اهتماماً بالرياضة من الرجال %61 مقابل %39 على التوالي. كما يبدو أن النساء أقل ممارسة للرياضة لعدم وجود مرافق رياضية قرب مساكنهن %69 مقابل %31 للذكور.
ويبين المسح بوضوح أن ثلاثة أرباع النساء المشاركات في الاستطلاع يرجعن ضعف ممارستهن للرياضة لندرة وجود مرافق رياضية بالقرب من مساكنهن.. وفي استطلاع أجرته "العرب" لآراء عدد من السيدات والفتيات طالبن بتوفير أندية نسائية على غرار نادي سيدات "أسباير" الذي يعد مثاليا من جهة المنشآت والتجهيزات ومستوى المدربات وتكامل الخدمات الرياضية المقدمة لجمهوره، فضلا عن أسعاره الرمزية مقارنة بالأندية الخاصة التي لا ترقى إلى مستواه، لكنها تحصل من أعضائها أضعاف مبالغ الاشتراكات، مما يجعل رغبة المرأة في ممارسة الرياضة لصحتها ولياقتها يحتاج إلى ميزانية خاصة قد لا تتوافر للكثيرات.
صالات خاصة
تقول ريم البنداري (موظفة) إنها ترددت على عدد من الصالات الرياضية الخاصة، لكنها لم تجد فيها المستوى المطلوب، فبعضها أجهزته ليست حديثة، وأخرى مستوى المدربات بها دون المستوى، كما أن كل تلك المراكز كانت تحصل اشتراكات كبيرة، أو تقدم عروضا لجذب الزبائن سرعان ما يكتشفون أنها غير حقيقية "اشتركت في ناد للسيدات لمدة شهر واحد، وذلك قبل خمس سنوات، لكن لم أكمل به لأنه بعيد عن بيتي كثيرا، كما كنت على وشك وضع ابنتي الأولى، وبعد الولادة وتغير ملامح جسمي كنت حريصة على ممارسة الرياضة، فتوجهت إلى أحد المراكز الخاصة القريبة من بيتي، لكن مكثت فقط لمدة أسبوع فلم أجد به العناية الكافية، فتوجهت إلى آخر وبعد دفع رسومه العالية فوجئت أنهم يوفرون لي فقط الأجهزة ولا يوجد أي توجيه أو إرشادات لمساعدتي للوصول إلى ما أريده، أو أحد يراعي ظروفي الصحية وجرح الولادة القيصرية وأيضا الخشونة الموجودة في إحدى ركبتي، وكانت تؤلمني للغاية عند استخدام الأجهزة، وعندما طلبت الاستعانة بمدربات قالوا إن هذا له رسوم أخرى يتم احتسابها بالساعة تضاف على اشتراكي بالصالة، هذا فضلا عن عروض كاذبة بشهور مجانية عند الاشتراك لمدة معينة وغيرها، وعندما قررت الابتعاد عن كل هذا والعودة مجددا إلى النادي ووجدت أن الأمر أصبح مشكلة، فمنذ أكثر من ستة أشهر تقدمت بطلب الاشتراك وحتى الآن لم يحن دوري، لذا نتمنى لو أصبح منه أربعة أو خمسة أندية للسيدات في أماكن متفرقة في الدولة، لأننا بالفعل في حاجة إليه، ولم يعد الأمر ترفيها أو كماليات".
مراكز بالمؤسسات
وتقترح أم حامد افتتاح مراكز رياضية نسائية في بعض المؤسسات والجهات التي تتعامل معها النساء مثل مركز تحفيظ القرآن، وتلفت إلى تجربة مركز موزة بنت محمد التي تتوجه إليها لممارسة التدريبات الرياضية والسباحة في جو آمن ومناسب لخصوصية المرآة، "عادة ما أتردد على مركز موزة بنت محمد لحفظ القرآن أو تعلم التجويد وحضور بعض الندوات والفعاليات المختلفة التي يقيمها المركز، وعلمت منذ فترة أن المركز افتتح به ناد رياضي للسيدات، وكنت من قبل أبحث عن مكان موثوق فيه لممارسة الرياضة بعد أن بلغ وزني رقما مخيفا، ونصحني الأطباء بضرورة ممارسة الرياضة إلى جانب النظام الغذائي، وعندما توجهت إلى نادي المركز الرياضي وجدت جديد نظامه رائعا وأجهزته حديثة، كما أن به التزاما وقواعد صارمة فيما يتعلق بالملابس، وهذه من أفضل الأمور لأننا في مراكز خاصة اشتركت بها من قبل ولم أكمل بها غير أيام قليلة، رأيت ملابس عارية للغاية وغير محتشمة، أما هناك فكل شيء مناسب لنا ولعاداتنا وتقاليدنا، كما أن الاشتراك به مفتوح في أي وقت ولأي عدد من الحصص، فهناك اشتراكات شهرية وهناك بالحصة الواحدة للياقة البدنية والتدريب الدائري باستخدام الأجهزة، والأيروبيكس المائي والسباحة التدريبية والسباحة الحرة، والمسبح لديهم نظيف وممتاز، كما أن الأجهزة حديثة للغاية والمدربات على مستوى جيد، وأعتقد أنه يمكن تكرار مثل هذه التجربة في أماكن مختلفة، حيث تكون المرافق متاحة بها وبتزويدها بالأجهزة أو إجراء بعض التعديلات على مبانيها، وكذا إمدادها بالمدربات المتخصصات، على أن تكون بأجر رمزي يمكن من خلال الإنفاق عليها، وفي كل الأحوال ستكون أفضل من المراكز الصحية والصالات الخاصة، لأنها ستكون آمنة وتحت إشراف الجهات المختصة تلتزم بتعليماتها ولوائحها، كما أن أسعارها ستكون معقولة بدلا من الاستغلال الكبير الذي نراه في الصالات الرياضية الخاصة.
أسعار مرتفعة
وتتفق معها في الرأي دانة السعدي التي تؤكد أن الصالات الخاصة تستغل احتياج النساء لممارسة الرياضة والتدريبات وترفع من رسوم الالتحاق بها، أو تجبرهن على الاشتراك السنوي أو النصف والربع سنوي، أما الرسوم الشهرية فتكون أكبر بكثير، مما يدفع النساء إلى اشتراكات طويلة ربما لا تستكمل منها إلا أسابيع قليلة وربما أياما، وحينها ترفض هذه الصالات إعادة الأموال للمشتركات، وتقترح هي الأخرى استغلال بعض المنشآت القائمة بالفعل كالمدارس وساحاتها الرياضية وملاعبها لتكون أندية مسائية للسيدات، "معروف أن البناء والإنشاء والتجهيزات تستغرق وقتا طويلا، فحتى لو كان هناك مشروعات قائمة لن تكون جاهزة قبل سنوات، لذا أعتقد أنه يمكن استغلال صالات المدارس ومرافقها الرياضية لتمارس فيها المرأة الرياضة مقابل اشتراكات محددة يمكن من خلال توظيف مدربات وعاملات وإدارة للصالات، وهذه ستتيح للمرأة صالات وملاعب في كل المناطق خلال الفترة المسائية التي لا تعمل فيها المدارس، كما أن أسعارها ستكون مناسبة، ولدينا تجربة مشابهة تثبت نجاح هذه الفكرة، وهي برنامج اللياقة البدنية للسيدات الذي تقيمه اللجنة الأولمبية القطرية كل عام، حيث يقام بإحدى المدارس التي يتم الاستفادة من مرافقها وصالاتها، وتوفر اللجنة المدربات والمشرفات والعاملات، وتقوم بالتنسيق مع المدارس للحفاظ على منشآتها، وهي تجربة ممتازة، علما بأن اللجنة الأولمبية تقيم هذا بشكل مجاني تماما لكنه يكون لمدة محدودة (شهران تقريبا)، لكننا نريده أن يكون مستمرا وباشتراكات شهرية أو يومية رمزية لتوظيف الكادر النسائي المطلوب، وبذلك نوفر للنساء صالات في كل مكان ومقابل مبالغ رمزية مما يشجع النساء على ممارسة الرياضة لأنه سيحل لهن مشكلة عدم توفر مكان قريب من بيتها، ومشكلة المبالغ الطائلة التي كان عليهن دفعها للصالات الخاصة".
لا جديد
عقب انتقال مطار الدوحة إلى مقره الجديد كانت هناك تصريحات عن تحويل جزء من المطار إلى ناد للسيدات، حيث وعد مسؤولون باللجنة الأولمبية القطرية بتحويل جزء من مطار الدوحة إلى ناد لسيدات منطقة المطار والهلال وكل المناطق والأحياء السكنية المحيطة بالمطار، فور الانتقال إلى مطار حمد الدولي الجديد، لكن حتى اللحظة لم يستجد أي شيء بهذا الخصوص، وأكدت السيدة شيخة الجفيري نائب المجلس البلدي عن الدائرة الثامنة لـ "العرب" أنه لا يوجد أي جديد يتعلق بهذا الأمر منذ طرحه عام 2013 "في الحقيقة لا توجد أي أخبار جديدة فيما يتعلق بهذه الوعود، وأعتقد أنه ربما تكون هناك اعتبارات أمنية أو مشروعات مختلفة ستقام على أرض مطار الدوحة هي السبب في عدم إتمامه، لكنني أدعو المسؤولين إلى المضي قدما في تنفيذ الفكرة حتى ولو كانت في مكان آخر يمكنه أن يخدم سيدات منطقتنا، وهناك أراض حكومية كثيرة فيما بين الدوحة والوكرة يمكن إقامة النادي على أي منها لخدمة سيدات المنطقة الوسطى التي تضم الدوائر الثامنة والتاسعة والعاشرة، لأنها بالفعل في حاجة إلى هذا الأمر وهو مطلب ملح للغاية، ونتمنى أن نراه قريبا على أرض الواقع"، وتابعت: "كان إنشاء مراكز وأندية نسائية للسيدات ضمن برنامجي الانتخابي، لأن نساءنا وبناتنا في حاجة كبيرة إلى هذا، وطالبت بإنشاء مركز للفتيات في المطار الغربي ونعيجة، وتلقيت بالفعل وعودا بهذا من وزارة الشباب والرياضة، وهو مركز يهتم بكل مواهب وهوايات الفتيات والتي ستكون الرياضة بالطبع منها، ونتمنى أن يرى النور قريبا".
صالات للأمهات
فريال الشمري عبرت عن رغبتها بإنشاء الأندية الرياضية النسائية في كل مناطق قطر بحيث تكون مدعومة من الدولة بمبالغ عينية، واقترحت أن يكون ضمن المخطط صالات رياضية للأمهات مع أطفالهن، مشيرة إلى أن ذلك سينعكس على صحة الأمهات والأطفال، وأن يكون توجه المؤسسات الرسمية نحو ممارسة الرياضة جزءا مهما من برامجها، بحيث تصبح الرياضة جزءا من حياة الناس وخصوصا النساء.
أما هديل عطايا فتقول إنها تطالب بإنشاء نواد رياضية نسائية غير أكاديمية أسباير، مشيرة إلى أن نادي أسباير للرياضة النسائية يعاني من ضغط الأعداد الكبيرة الراغبة بالتسجيل، وهناك قائمة طويلة على الانتظار مما يترتب عليه عزوف الفتيات عن النوادي الرياضية، وانتشار السمنة بين فتيات في مقتبل العمر، حتى إن السمنة أصبحت منتشرة بين الأطفال.
وتقول بخيتة حسين (طالبة بكلية المجتمع) إنها تفضل إنشاء عدة نواد رياضية غير أسباير، ويجب أن تكون شاملة لجميع الأقسام من رياضة وسباحة وغير ذلك.. مع تواجد مدربات معتمدات دولياً، لأن ذلك سيشجع المرأة القطرية على ممارسة الرياضة وينعكس ذلك على اللياقة البدنية والذهنية للنساء والأطفال، كما أن وجود النوادي الرياضية الخاصة بالنساء يسمح للمرأة المحجبة بأخذ راحتها بعيداً عن الضغوطات اليومية التي من الممكن أن تواجهها.