عميل للاستخبارات العراقية يكشف أسرارا خطيرة عن البغدادي
حول العالم
18 نوفمبر 2016 , 01:26م
رويترز
كشف عميل استخباراتي للمخابرات العراقية في رسالة كتبها أوائل نوفمبر الجاري أن أبو بكر البغدادي رأس تنظيم الدولة أصبح قلقا ومشدود الأعصاب ولا ينام بدون حزامه الناسف.
وقبل بضعة أسابيع بدأ شخص داخل الموصل يبعث برسائل نصية إلى المخابرات العسكرية العراقية في بغداد قال فيها "لقد أصبح مشدود الأعصاب".
وأضافت الرسالة أن البغدادي "خفف من تنقلاته وأهمل مظهره حتى أناقة البغدادي تغيرت. كان يهتم كثيرا بمظهره لكن لم يعد كذلك".
"يعيش تحت الأرض ولديه أنفاق تمتد إلى مناطق أخرى ولا ينام من دون حزامه الناسف حتى يستطيع استخدامه لو تم اعتقاله."
كانت الرسالة النصية التي اطلعت عليها رويترز واحدة من رسائل عديدة تصف ما يحدث داخل تنظيم الدولة في الوقت الذي بدأت فيه القوات العراقية والكردية والأمريكية حملتها لاسترداد مدينة الموصل معقل التنظيم في شمال العراق.
وترسم تلك الرسائل ومقابلات مع مسؤولين أكراد كبار ومقاتلين من التنظيم وقعا في الأسر في الآونة الأخيرة صورة مفصلة على غير المعتاد للجماعة المتشددة والحالة الذهنية لزعيمها فيما قد يكون
آخر وقفة لهما في العراق.
وتصف الرسائل جماعة وزعيمها مازالا يتمتعان بالقدرة على الفتك ويتملكهما في الوقت نفسه شعور متزايد بالارتياب.
وقالت الرسائل إن إعدام من يحاولون الهرب أو المخبرين أصبح يحدث بانتظام.
وأصبح البغدادي الذي نصب نفسه خليفة على مساحة شاسعة من العراق وسوريا قبل عامين يرتاب بصفة خاصة فيمن حوله.
وجاء في إحدى الرسائل "بصراحة سلوك البغدادي بات مريبا جدا ويشك بأقرب الناس إليه. كان في السابق يمازحنا لكنه اليوم لا يمازح أحدا".
واستطاعت رويترز التحقق من هوية المخبر الذي يراسل المخابرات العسكرية العراقية لكنها لم تستطع التأكد من مصادر مستقلة من صحة المعلومات الواردة في رسائله.
لكن الصورة التي ترسمها الرسائل تتفق مع الاستخبارات التي استند إليها اثنان من المسؤولين الأكراد هما مسرور البرزاني رئيس مجلس الأمن التابع لحكومة إقليم كردستان ولاهور طالباني رئيس
عمليات مكافحة الإرهاب ومدير وكالة الاستخبارات بالإقليم.
وقال طالباني ورؤساء أجهزة استخبارات أخرى إن التحالف العسكري يحرز تقدما بطيئا وإن كان مطردا في مواجهة تنظيم الدولة.
وقالوا إن للتحالف إمكانيات هائلة داخل الموصل منها مخبرون مدربون وبعض السكان الذين ينفذون عمليات مراقبة أكثر بساطة بإرسال رسائل نصية أو عبر الهاتف من ضواحي المدينة. ولبعض المخبرين أسر في كردستان تدفع لهم حكومة الإقليم أموالا.
ويعتقد الأكراد أن الهجوم العسكري على الموصل الذي بدأ في 17 أكتوبر يغذي الشعور بالخوف والارتياب لدى التنظيم.
وقالوا إن استحواذ فكرة القضاء على كل من قد يخون الجماعة قد يسهم في الأجل القصير في حفز المقاتلين على الدفاع عن الموصل. لكن هذا الاستحواذ أيضا معناه أن الجماعة انغلقت على نفسها في وقت تواجه فيه أخطر تهديد لوجودها في العراق منذ السيطرة على نحو ثلث الأراضي العراقية في صيف 2014.
وقال كريم السنجاري وزير الداخلية القائم بأعمال وزير الدفاع في إقليم كردستان الخاضع لسيطرة الأكراد في شمال العراق إن عدد الإعدامات علامة واضحة على أن التنظيم بدأ يشعر بوطأة الضغوط.
وقال أيضا إن العديد من المقاتلين العراقيين المحليين في صفوف قوات التنظيم يعوزهم ما لدى الجهاديين من إيمان قوي بالاستشهاد.
وقال السنجاري "معظم الانتحاريين الذين يقاتلون حتى الموت هم مقاتلون أجانب لكن عددهم على الجبهات أقل من السابق لأنهم يقتلون في المعارك وفي العمليات الانتحارية."
وقال البرزاني إن الارتياب المتنامي دفع البغدادي وكبار قادته إلى كثرة التنقل الأمر الذي يؤثر تأثيرا سلبيا آخر على قدرة التنظيم على الدفاع عن المدينة.
وقال البرزاني إن البغدادي "يستخدم كل الأساليب المختلفة للاختباء وحماية نفسه فيغير مواقعه ويستخدم وسائل مختلفة للتنقل ويعيش في مواقع مختلفة ويستخدم وسائل اتصال مختلفة."
وقال المسؤولون الأكراد إنه إذا أخرج التحالف العسكري تنظيم الدولة من الموصل فمن المرجح أن تلجأ الجماعة إلى سوريا حيث ستشكل تهديدا مستمرا للعراق من خلال الهجمات الانتحارية المتكررة
وغيرها من أساليب حرب العصابات.
كان الارتياب دائما سمة من سمات تنظيم الدولة . وقد اعتمد حكم التنظيم في سوريا والعراق في جانب كبير منه على شبكة واسعة من الاستخبارات التي تستخدم الجميع من الأطفال إلى الضباط البعثيين السابقين ممن اكتسبوا خبرات قتالية للتجسس على رعايا التنظيم ومسؤوليه.
ويبدو أن هذا الارتياب بلغ مستويات جديدة مع تقدم أعداء التنظيم. فقد تنامى الشعور بالارتياب قبل أن تبدأ القوات الحكومية محاصرة الموصل في منتصف أكتوبر.
وقال سكان في الموصل ومسؤولون أمنيون عراقيون إن قيادات التنظيم كشفت في أوائل الشهر الماضي مؤامرة داخلية على البغدادي. وتم إحباط المؤامرة التي دبرها أحد القادة البارزين في تنظيم الدولة
عندما عثر مسؤول أمني بالتنظيم على شريحة هاتف تضمنت أسماء المتآمرين وأوضحت صلاتهم بضباط في الاستخبارات الأمريكية والكردية.
وقال السكان والمسؤولون العراقيون إن العقاب كان وحشيا إذ أعدم التنظيم 58 شخصا دارت الشبهات حول مشاركتهم في المؤامرة وذلك بوضعهم في أقفاص وإغراقهم.
وقال ضباط في الاستخبارات العراقية إن التنظيم أعدم منذ ذلك الحين 42 شخصا آخرين من عشائر محلية بعد أن ضبطوا ومعهم شرائح هواتف.
وقال سكان في مناطق خاضعة لسيطرة التنظيم إن امتلاك شريحة هاتف الآن أو أي وسيلة اتصال إلكتروني أخرى معناه حكم تلقائي بالإعدام.
وقد أقام التنظيم حواجز أمنية يفتش المسلحون فيها الناس ويداهمون بانتظام المناطق التي قصفتها الضربات الجوية الأمريكية لأن مسؤولي التنظيم يفترضون أن السكان المحليين ساعدوا في تحديد الأهداف.
ويدرك المخبر الذي بعث بالرسائل النصية من الموصل تلك الأخطار. فقد بدأ إحدى الرسائل مؤخرا بقوله "أنا أتكلم معك من على السطح الآن الطائرات في السماء .. ما أن أنزل حتى ألغي الرسائل النصية
وأخفي شريحة الهاتف."
يعتمد تنظيم الدولة على شبكة من المخبرين الأطفال الذين يطلق عليهم لقب "أشبال الخلافة".
قال هشام الهاشمي مستشار الحكومة العراقية والخبير في شؤون التنظيم "هؤلاء الصبية أشبال الخلافة يتنصتون ويجمعون معلومات من أولاد آخرين عن آبائهم وإخوتهم وتحركاتهم. في كل شارع هناك واحد أو اثنان من هؤلاء الذين يتجسسون على الكبار."
ويقول لاهور طالباني الذي يتولى قيادة مكافحة الإرهاب في حكومة إقليم كردستان إن الشبكة الهائلة من المخبرين تضر أيضا بتنظيم الدولة. ولضخامة حجم المعلومات الواردة تخصص الجماعة جانبا كبيرا من طاقتها لمن يخضعون لحكمها بدلا من أعدائها. وهذا ما يغذي الشعور بالارتياب بدوره.
وقال طالباني لرويترز "المؤامرات (الداخلية) على البغدادي متكررة. ونحن نشهد أحداثا من هذا النوع أسبوعيا تقريبا وهم يقضون على رجالهم."
وأضاف أنه حتى بضعة أشهر مضت كان له عميل سري في الدائرة المقربة من البغدادي عمل قائدا في التنظيم وكان ينتمي من قبل لتنظيم القاعدة. وتابع مستخدما الاسم الشائع للتنظيم "كان كرديا
ولد في الحويجة وكان واحدا من المعتقلين لدي. أفرجت عنه قبل عام من وصول التنظيم.
وبعد سقوط الموصل في أيدي التنظيم تسلل القائد الذي أصبح عميلا في صفوفه وأصبح ضابطا عسكريا. وبدأ من موقعه يغذي الأكراد "بمعلومات يومية قيمة".
م.ب