باهر محمد لـ«العرب»: حرية الصحافة قضية عالمية
حوارات
18 أكتوبر 2015 , 01:21ص
الحسن آيت بيهي
حل يوم الأربعاء الماضي بالدوحة الصحافي المصري العامل بقناة الجزيرة الإنجليزية باهر محمد والذي تعرض لاعتقال ظالم من طرف النظام المصري بتاريخ 29 ديسمبر 2013 رفقة زميليه الصحافي الأسترالي بيتر جريستي والمصري الحامل للجنسية الكندية محمد فهمي، بتهم دعم جماعات إرهابية خلال قيام بعملهم بالقاهرة لصالح «الجزيرة الإنجليزية» حيث قضى باهر حوالي 20 شهرا رهن الاعتقال قبل إطلاق سراحه بعفو رئاسي بعد أن صدر في حقه حكم بالسجن لمدة 10 سنوات..
وأقامت «الجزيرة الإنجليزية» حفلا للاحتفاء بعودة باهر محمد بعد هذه المعاناة، حيث كانت «العرب» حاضرة لتجري لقاء مع الزميل العائد تحدث فيه حول الحفل وحول معاناته وكذا طموحاته المستقبلية،
فكان هذا الحوار...
¶ بعد معاناة استمرت 20 شهرا بالسجون المصرية، تم استقبالك من طرف غرفة أخبار القناة الإنجليزية بالدوحة عقب الإفراج عنك من السجون المصرية، كيف تلقيت هذه الحفاوة من طرف زملائك بالشبكة ككل؟
فعلا شعرت أنني داخل أسرتي الكبيرة وهذا اليوم سيبقى خالدا في ذهني وشعرت بالكم الكبير من المشاعر الطيبة وكان هناك إحساس رائع إلى درجة عجزت عن أن أعبر عن كل ما يختلج في صدري.
¶ الشريط الذي عرض في الاحتفال حمل عبارات الترحيب من طرف الزملاء، فما الأثر الذي تركه لديك؟
كلماتهم أشعرتني أنهم كانوا معي قلبا وقالبا سواء فريق القانون أو العلاقات الدولية وكان هناك دعم كبير من طرف شبكة الجزيرة انطلاقا من الدعم الكبير لسعادة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني رئيس مجلس إدارة الشبكة، وحتى آخر موظف ومنذ حلولي بالدوحة شعرت أن كل أسرة الجزيرة تريد أن تقدم لي أية خدمة وأنا متأكد أن هذا دافعه هو حرية الصحافة والدفاع عن الإعلاميين التي تحمل الجزيرة لواء الدفاع عنها في كل مكان وكذا اهتمامها بكل من يعمل لديها والذي كان له الأثر الإيجابي في صمودنا طوال فترة الاعتقال.
¶ ماذا بعد العودة؟ وهل ستتابع قضيتك؟
طبعا حلولي بالدوحة سيمكنني من متابعة قضيتي وأنا سأكمل وهناك زملاء محكوم عليهم غيابيا وهناك صحافيون مصريون وغير مصريين محبوسون في كل العالم ويجب ألا تقف القضية عند باهر محمد ومحمد فهمي وبيتر جريستي ولكن سأواصل المشوار وسأعمل على استغلال الدعم الكبير الذي حصلنا عليه من طرف أعظم مؤسسات الصحافة في العالم من أجل تحرير كل الصحافيين الموجودين خلف القضبان.
¶ طيب.. لنعد إلى يوم 29 ديسمبر 2013 يوم توقيفكم، كيف عشت هذه اللحظة وكيف كان تعامل الأمن المصري معكم؟
أنا تم القبض علي من البيت فيما تم توقيف محمد فهمي وبيتر جريستي في الفندق الذي يقيمان فيه.. عندما جاء أفراد الأمن إلى البيت قاموا بتكسير عدة أشياء كما أطلقوا النار على كلبي الذي أحبه ولحسن الحظ أنه بقي على قيد الحياة كما قاموا بتشتيت الأثاث ونهب الكثير من مقتنيات البيت قبل أن يتم أخذي معهم.
¶ وهل تعرضت للتعذيب خلال فترة اعتقالك؟
بصراحة طوال فترة اعتقالي لم أتعرض يوما للتعذيب حتى أكون صادقا، لكن كانت هناك أشياء أخرى تم من خلالها السعي إلى كسر معنوياتي وكان لها أثر على نفسيتي التي كانت عليها الضغوط أقوى.
¶ هل تتذكر بعضا منها؟
أذكر مرة أن ابني كان أمامي ويريد أن يقبلني ومنعه أحد رجال الأمن، كما أذكر مرة أن زوجتي جاءت لزيارتي وكان بيننا حاجز زجاجي ولم أستطع أن أتحدث معها بكل حرية لأن المكان كله كان مراقبا. كما أن من بين أهم وسائل التعذيب النفسي الإهمال الطبي حيث أنه عندما كنت تطلب رؤية الطبيب يقولون لك اكتف بأخذ حقنة وهو إهمال متعمد من طرف القائمين على السجن الذي أقمنا فيه.
¶ أين تم احتجازك طوال مدة الاعتقال؟
في البداية تم أخذنا إلى معسكر الأمن المركزي في طريق الإسكندرية الصحراوي ثم تم أخذنا إلى سجن العقرب الذي قضينا فيه شهرا ونيفا ليتم بعدها ترحيلنا إلى سجن ملحق المزرعة الذي قضينا فيه مدة المحاكمة كلها وبعد ذلك تم ترحيلنا بعد الحكم علينا بسنوات السجن تم نقلنا إلى سجن المزرعة حتى خروجنا وبعد أن تم إعادة اعتقالنا في 29 أغسطس الماضي تمت إعادتنا إلى سجن المزرعة مرة أخرى أنا ومحمد فهمي فيما كان بيتر جريستي قد رحل إلى بلده أستراليا.
¶ طيب بعد الحكم عليكم بعشر سنوات رفقة فهمي وجريستي، كيف شعرت وأنت ترى بيتر يرحل إلى بلده فيما فهمي لديه جنسية كندية، هل تمنيت وقتها لو كانت لديك جنسية أخرى بإمكانها أن تنتشلك مما كنت فيه؟
أبدا.. وأنا لا ألوم الزميل محمد فهمي على أنه يحمل جنسية أخرى لأنها أسهمت في التعريف بقضيتنا وأنا أعتقد أنه عندما تدافع عن مبدأ أو قضية فليس لها جنسية لأنها عالمية وحرية الصحافة قضية عالمية وكل واحد فينا سواء أحب أو لم يحب بلده فإنه بالنسبة إليه كبير وبالتالي فأنا كنت أعرف أن خروج بيتر جريستي أو محمد فهمي سيكون دافعا من أجل التعريف أكثر بقضيتنا وهذا ما حدث فعلا، وفعلا لم أشعر بالفرق لأنني أدافع عن قضية دولية.
¶ هل كنت تتابع تحولات الإعلام المصري وكيفية تعامله مع قضيتك؟
للأسف الإعلام المصري كان يوجه لي اتهامات وكلاما باطلا والإعلام الأجنبي كان أكبر سند لي في محنتي بما فيهم على المستوى الشخصي حيث كان هناك العديد من الزملاء الصحافيين من كل أنحاء العالم يتصلون بزوجتي ويسألونها إن كانت في حاجة إلى أي مساندة أو مساعدة وغيرها وهو ما لم أجده للأسف في إعلام بلدي الذي كان يهاجمني باستمرار بل هناك أشخاص وزملاء لا أعرفهم كانوا سندا لي وهذا أشعرني أن أسرة الصحافة الدولية أسرة واحدة.
¶ كيف ترى تحولات الإعلام المصري اليوم؟
لا أريد أن أدخل في هذا السجال ولكن أكتفي بالقول إنه لم يساندني ولن أتوقف عنده لأن لدي قضية أكبر من أن أعاتب هذا أو ذاك.
¶ كيف تلقيت فوزك بجائزة لجنة التحكيم للجمعية الملكية البريطانية للتلفزيون؟
أنا كنت فخورا جدا بكون بيتر جريستي يستلمها نيابة عني وعن زميلي محمد فهمي، علما أننا كنا خارج السجن ولكن ممنوعين من السفر وفرحت جدا بالكلمات التي قالها بيتر خلال حفل تسلم الجائزة.
¶ ماذا عن ترتيبات حياتك الجديدة بعد 20 شهرا من الاعتقال؟
أولا أريد أن أرتاح وأريد أن أقابل كل من ساعدني فردا فردا لأتوجه له بالشكر على كل ما قام به من أجل التعريف بقضيتي وكذا مساهمته ولو كانت بسيطة من أجل استعادة حريتي التي سلبت مني لـ20 شهرا قضيتها بعيدا عن أسرتي الصغيرة وأسرتي الكبيرة.
¶ هل تستقر في الدوحة؟
أنا جئت للدوحة لأقول للجزيرة شكرا وجئت رفقة عائلتي التي لا يمكنني أن أنفصل عنها مجددا وبعد ذلك سآخذ القرار المناسب بخصوص مستقبلي ومستقبل عائلتي الصغيرة.