ديلي تلغراف: قمع السيسي لن يأتي بالاستقرار لمصر
حول العالم
18 أغسطس 2015 , 04:34م
الجزيرة
نشرت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية أن الحكومة المصرية منحت نفسها صلاحيات كاسحة، لمكافحة الإرهاب ومعاقبة وسائل الإعلام التي تحيد عن الطريق الرسمي المرسوم لها، وقالت إن القانون الجديد الذي أقره الرئيس المصري، أمس الأول الأحد، من شأنه أن يسرع إجراءات المحاكم وزيادة الاحتجاز الجزئي وفرض غرامات كبيرة على تقارير الإعلام "الزائفة".
وأشارت الصحيفة إلى خشية جماعات حقوق الإنسان من إمكانية استخدام القانون الجديد لزيادة تكميم أفواه المعارضة واستهداف المنتقدين، وأضافت أن السيسي - بعد سنتين من الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي - ترأس فترة قمع تذكِّر بأحلك أيام دكتاتورية حسني مبارك.
وقالت إن السلطات تبني ما تصفها جماعات المحامين بـ"دكتاتورية قانونية"، يعزز كل قانون جديد فيها يد الدولة القوية بالفعل، وهو ما دعا اللجنة الدولية للحقوقيين، بجنيف، أمس الاثنين، إلى القول إن التشريع الجديد من شأنه أن "ينحي جانبا الضمانات القانونية والحقوقية الأساسية للإنسان".
وأضافت الصحيفة أن النظام الحالي يتهم جماعة الإخوان بمسؤوليتها عن العنف في البلاد، لكنه فشل في تقديم أي دليل دامغ ضدها، على الرغم من التوسع في صلاحيات المراقبة من قبل أجهزة المخابرات.
وترى الصحيفة أن قانون مكافحة الإرهاب الجديد يضع مصر تحت حكم طوارئ مشابه، ظلت البلاد تدار بموجبه منذ عام 1952، الذي كان مبرره آنذاك الحرب مع إسرائيل، وبعد ذلك الحاجة إلى مكافحة "الإرهاب"، ثم ألغِيَ بعد ثورة 2011، لكنه أعِيدَ على فترات متقطعة منذ ذلك الحين.
وفي السياق ذاته، كتبت فايننشال تايمز في افتتاحيتها أن قمع السيسي لن يأتي بالاستقرار لمصر، وأن نظامه يشجع المعارضين المعتدلين على الانضمام إلى "الجهاديين".
وقالت الصحيفة إن السيسي يبدو عازما على بذل كل ما بوُسْعه لترسيخ رؤيته الخاصة لحكم الرجل الواحد في مصر، إذ إنه منذ الانقلاب الذي شنه - وأطاح فيه بجماعة الإخوان من السلطة - تصرف بطريقة أكثر قمعا بكثير مما كان متوقعا، إذ ملأ السجون بخصومه، والآن فتح فصلا جديدا في هجومه من خلال تمرير قانون مكافحة الإرهاب الذي يعزز سلطة الدولة البوليسية.
وأضافت أن هذا القانون علامة أخرى على أن السيسي شرع في خطة "متهورة"، للقضاء على المعارضة الداخلية لنظامه. وأشارت افتتاحية الصحيفة إلى أن القانون يثير قلق الجماعات الحقوقية، ليس لأنه يفرض عقوبة الإعدام على كل من تثبت إدانته بإنشاء أو قيادة جماعة "إرهابية"، لكن لأن تعريف الإرهاب بموجب القانون مطاط جدا، ويمكن أن ينطبق على أي عمل عنف يتم في أثناء مسيرة احتجاجية أو إضراب.
وتابعت أن في القانون أيضا تضمينات كئيبة؛ لأن نظام السيسي لا يعُدُّ تنظيم الدولة جماعة إرهابية فقط، بل كل جماعة الإخوان المسلمين أيضا. ورأت الصحيفة أن من الأسباب التي تجعل السيسي يعمل بتلك الطريقة والإفلات من العقاب أن الرأي العام المصري على استعداد لتحمل ذلك، وهناك سبب آخر أن الغرب مستعد لغض الطرف عن انتهاكات النظام لحقوق الإنسان، ومع الاضطرابات التي تجتاح سوريا والعراق وليبيا أعطى السيسي مصر هالة من الاستقرار.
ونبهت الصحيفة إلى ضرورة تراجع واشنطن وحلفائها خطوة للوراء عن دعمها للسيسي، وأن عليها أن تعلن صراحة أن محاولته القضاء على كل المعارضة محكوم عليها بالفشل، لأن حملته الصارمة تجعل الجيل الأصغر سنا من قياديي الإخوان يتطرف، وأنه ليس هناك بديل أمامهم سوى القيام بعمل مباشر ضد الدولة.