موسما الأعراس والإجازات ينتشلان سوق الذهب من براثن الركود
اقتصاد
18 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة - محمد عمار
أنقذ موسما الإجازات السنوية والأعراس سوق الذهب المحلية، حين تمكنت الأخيرة من جذب المواطنين والمقيمين الراغبين بالتزود من المعدن النفيس قبل نهاية يونيو، وهو الشهر المفصلي في توجهات السوق كل موسم.
وقال تجار بالسوق المحلية لـ «العرب» إن الإقبال على المعدن النفيس أخذ بالتحسن مع اقتراب موعد الإجازات الصيفية وعودة المقيمين لديارهم فضلا عن موسم الأعراس الذي يأتي مبكرا لرغبة كثيرين في إقامة الأفراح قبيل حلول شهر رمضان الكريم مطلع أغسطس المقبل.
ذكر تجار لـ «العرب» أن عملاءهم تلافوا الآثار السلبية التي خلفها الصعود المدوي للذهب، مقبلين على حيازة المعدن الأصفر باعتباره عملة نادرة وقد لا يصيبها التراجع مستقبلا.
وأكد هؤلاء أن الجاليات العربية تقبل بكثافة في الأيام الأخيرة على شراء الذهب الذي سجل أعلى مستوى تاريخي في البورصات العالمية مخترقا حاجز 1530 دولارا للأونصة.
وناهز سعر الغرام الواحد من عيار 21 في سوق الذهب وسط الدوحة 160 ريالا، بينما يشتري الباعة الذهب الخام (المكسور) بسعر 128 ريالا للغرام الواحد.
وبلغ سعر الذهب عيار 22 قرابة 165 ريالا في حين تراوحت أسعار غرام الذهب عيار 18 من التاجر إلى المستهلك بين 130 و140 ريالا. وارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلية بنسبة تزيد على %30 منذ عام بحسب التجار.
وقفزت أسعار الذهب في السوق المحلية بنحو %25 من مطلع العام الحالي ليتراوح الغرام الواحد من عيار 21 بين 158 و162 ريالا.
ويعد العيار الأخير الأكثر تداولاً بين الجاليات العربية المقيمة بالدولة الذين لم يثنهم وصول المعدن الأصفر عند أعلى مستوياته على الإطلاق عن شراء هذه السلعة التي لا يخبو وهجها في فترات الركود والرخاء.
تنوع في العملاء
وتعج محال صياغة الذهب في قلب الدوحة بعملاء من دول شتى بعضهم يبحث عن شراء الذهب بغية الادخار الطويل خوفا من استثمار الهزات الارتدادية لحرب العملات القائمة وما تبعها من تنامي ثقافة البحث عن الملاذ الآمن، بيد أن البعض الآخر عقد العزم على شراء الذهب لدواع تفاخرية وأخرى متصلة بأهمية التأهب للعودة للوطن مع قدوم موسم الإجازات.
ويقول عبدالحافظ الصلاحي إن الذهب سجل انفصاما في تحركاته عن توجهات العملة الأوروبية الموحدة التي لا تزال مترنحة من جراء أزمة ديون اليونان، وما قد يترتب عليها من تفشي ظاهرة المديونية المرتفعة إزاء الناتج المحلي في دول أوروبية أخرى من بينها إسبانيا والبرتغال.
وتناغمت أسعار الذهب المحلية مع أسعارها الملتهبة في الأسواق العالمية من جراء انحسار الثقة بالعملات لصالح المعدن النفيس، الذي لم يخضعه تخلي العالم عنه كوسيلة نقد منذ اتفاقية «برتن وودز» التي رسخت الدولار كاحتياطي أساس.
مبيعات مرتفعة
وأكد السيد حارث تاجر هندي لـ «العرب» أن مبيعات السوق ما زالت مرتفعة خاصة في نهاية الأسبوع، وكشف أن الإقبال على الذهب الأبيض يتزايد من الفتيات ومن السيدات القطريات، أما الذهب الأصفر فترغبه السيدات العربيات، خاصة الجالية السودانية التي تحل أولاً تليها المصرية ثم بقية البلدان العربية.
وأشار حارث إلى قيام عملائه في الوقت الراهن ببيع الذهب بعد الادخار لفترة طويلة، معللا ذلك بالارتفاع الكبير الذي وصلت إليه الأسعار. وقال إن متاجر العملة النفيسة تقبلت أحكام العرض والطلب في السوق وهي تشتري من زبائنها الذهب حاليا.
وكان مجلس الذهب العالمي قد استبعد تراجع مبيعات المعدن الأصفر في المنطقة مع ارتفاع أسعار الذهب الذي يستقر منذ عام على الأقل فوق حاجز الألف دولار للأونصة، مرجحا استمرار اندفاع المستثمرين في الخليج للاستثمار في الذهب والأسهم المتعلقة بالمعدن الأصفر، وأكد أن المشترين للذهب ينقسمون إلى فئتين: الأولى تواظب على شراء الذهب مهما كانت الأسعار، والثانية تفضل التروي والانتظار، وفي الغالب فإنهم يعاودون شراء الذهب بعدما تستقر الأسعار.
السبائك
وأشار عبدالله السعدي أحد تجار الذهب إلى أن صرافتي الفردان والخليج تعدان المصدر الأساس لبيع سبائك الذهب التي تشتريها بدورها من البنك المركزي، وبين أن أوزان السبائك تختلف وتتراوح بين 20 و132 غراما للسبيكة، وقدر التاجر السبيكة التي تزن نحو 116 غراما بسعر يصل إلى 19000 ريال، وقال إن الأونصة حاليا تمثل نحو 31.5 غرام من الذهب الخام، كما أشار إلى وجود جنيهات تبيعها الصرافات وتستعمل كأساور جاهزة. ويبذل مجلس الذهب العالمي جهودا كبيرة للترويج للذهب في المنطقة، وذلك بالتعاون مع كبار تجار الذهب من خلال ترويجه في المناسبات والأعياد كعيدي الأضحى والفطر وأعياد الميلاد وغيرها من المناسبات، كما أن هناك تعاونا مع بعض الشركات التي لها اسم كبير في السوق، حيث تطلق مجموعة مجوهرات ذهبية معينة تستهدف من خلالها فئة معينة من مستهلكي الذهب، وتأثير هذه الحملة يكون أقوى وفعالاً أكثر، ويستمر لفترة طويلة من الزمن. وقال السعدي إنه في بعض الفترات يتراجع الذهب بنسبة %2 لكن الارتفاع كبير، وأشار إلى أنه في الأعوام الماضية عندما كانت الأونصة أقل من 1000 دولار فإن الزبون كان يمني النفس بتراجع الأسعار، لكنه وجد نفسه أمام الأمر الواقع عند وصول السعر إلى 1200 دولار للأوقية خلال العامين الماضيين ومن ثمة جاءت موجة هذه الارتفاعات.. وحول ادخار الذهب وبيعه في وقت الحاجة، فإن الزبائن يخزنون الذهب في شكل سبائك لوجود رسوم ضعيفة ومن ثمة بيعه عند الارتفاع نظرا لأن المشغولات عادة ما تكون أسعارها مرتفعة.. وأكد أن السيدات الخليجيات ومنهن القطريات يحبذن الذهب عيار 18 حيث يمتاز بزينة خاصة بالأحجار الكريمة والألماس وتريدن الذهب الأبيض مختلف الألوان إضافة إلى الماركات التي تحوي «فصوصا» ملونة.. وبين صاحب محلات الشلوي أن المركز الرئيس للمصنع بالمملكة العربية السعودية إضافة إلى دبي.. وأعلن السعدي أن المجموعة تفكر جديا بفتح مصنع في قطر خلال الفترة القادمة نظرا للإقبال الكبير على محلات الشلوي، كما أشار إلى وجود خطة لفتح محلات بالمراكز التجارية وذلك بالتوجه نحو الألماس والأحجار الكريمة التي تجد إقبالا كبيرا من قبل الخليجيات.
طلب متنوع
من جهته، قال تاجر فضل عدم ذكر اسمه إن الظرف الذي تمر به السوق من غلاء في أسعار الذهب دفعه إلى عرض مصوغ أقل تكلفة من السلع التي كان يعرضها في السابق، وذلك على حساب جودة المنتج، وبين أن الفترة الحالية تعتبر موسم نشاط السوق مع قرب العطلة المدرسية والإجازات السنوية والأعراس، وقال إن هذه الفترة لا تتأثر كثيرا بارتفاع أسعار الذهب من ناحية حجم المبيعات.
وبيّن أن الذهب يعتبر عملة في حد ذاتها وملاذا آمنا للاستثمارات، وأشار إلى أن الكثير يلجؤون إلى شراء الذهب بغاية تخزينه لأنه يحافظ على قيمته خلال التقلبات الاقتصادية. وقال إن عيار 21 من الذهب هو الأكثر إقبالا من بين الجاليات العربية المقيمة بالدولة، خاصة السودانية والمصرية، مع حلول موسم الإجازات الصيفية. بدوره، أكد صالح الجرادي أن الوسطاء وتجار الذهب قد تضرروا من ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية، وأكد في المقابل أن لجوء بعض المتاجر إلى بيع المجوهرات ذات القيمة المنخفضة ليس بالحل المثالي لمواجهة غلاء الأسعار. وقال إن كلا من المواطن والمقيم يتميزان بالذوق الرفيع ويحبذان المصوغات ذات الجودة العالية.
وأشار إلى أن مبيعات الذهب في السوق المحلية تأثرت بشكل ملحوظ منذ سنتين تقريبا عندما بدأت أسعار الذهب في التسارع نحو النمو، وانعكس ذلك سلبا على السوق.