خبراء ورواد أعمال لـ «العرب»: تأخر إصدار الرخص التجارية يعطل أعمال المستثمرين

alarab
اقتصاد 18 يناير 2023 , 12:25ص
سامح الصديق

الخيارين: التكامل والربط بين الجهات الحكومية المختلفة

الكواري: سد الثغرات التي تعرقل عمل المستثمرين

أكد خبراء ورواد أعمال أن نماذج طلب السجل والرخص التجارية من وزارة التجارة والصناعة تصعب وتؤخر إنجاز أعمال المستثمرين، وسوف تجعل دولة قطر تتراجع أكثر على مؤشر بدء الأعمال «starting business»، الذي يعد ضمن 10 مؤشرات رئيسية «تشكل مؤشر سهولة ممارسة الأعمال في العالم»، والذي تطمح الدولة إلى الحصول على مرتبة متقدمة فيه بما يتناسب مع القدرات الكبيرة التي تمتلكها وتوفرها للمستثمرين. 
وقالوا في تصريحات لـ «العرب» إن السبب يرجع إلى عدم ربط النظام الخاص بوزارة التجارة والصناعة بالأنظمة في الوزارات والمؤسسات الأخرى ما يتسبب في عرقلة سير الإجراءات وبالتالي تأخر إصدار الموافقات والرخص التجارية وضياع المزيد من الوقت مشيرين إلى أن التعقيدات كبيرة جدا ومرهقة ما اضطر البعض لوقف العمل على الإجراءات أو مراجعة نفسه لتنفيذ المشروع من عدمه.

وأشاروا إلى أن نظام النافذة الواحدة الحالي يمثل عقبة كبيرة أمام من يستخدمه وأحد أسباب المشكلة ويتسبب كذلك في تعقيد الإجراءات بدلا من تيسيرها وهو عكس الهدف الذي أنشئت من أجله المبادرة ألا وهو استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتعزيز مكانة دولة قطر كوجهة مثالية للاستثمار في المنطقة والعالم وكذا توفير عدد كبير من الخدمات المتكاملة والتي تربط المستثمر بنحو 18 جهة حكومية في مكان واحد.
وفي السياق قال آخرون استطلعت «العرب» آراءهم إن موظفي وزارة التجارة والصناعة المعنيين في مراكز الخدمات الحكومية لا يقدمون يد العون عند طلب المساعدة ويدعون الجمهور إلى استخدام نظام النافذة أو مكتب خدمات آخر كما أشاروا كذلك إلى أن الرسوم المفروضة مقابل الخدمات مرتفعة جدا مقارنة مع المعاملة المطلوبة. 
وأكد هؤلاء أن الدولة توفر إمكانيات كبيرة لتشجيع المستثمرين المحليين وكذا استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية ما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ويضع دولة قطر على قائمة الدول الأكثر جذبا للاستثمارات وهذا يستدعي مضاعفة الجهات المختلفة لجهودها وإجراء التحسينات على سياساتها لتحقيق الهدف الأسمى من وراء ذلك وهو جذب الاستثمارات لتنويع الاقتصاد الوطني ووضع الدولة ضمن مصاف الدول المتقدمة. 

كثرة البيانات المطلوبة
قال السيد مبارك الخيارين الكاتب في الشؤون الاقتصادية والمتخصص في اقتصاديات التنمية إن أبرز العقبات التي تواجه رواد الأعمال الشباب والمستثمرين هي استخراج السجل التجاري والرخص والتي تتمثل ببساطة في كثرة البيانات المطلوبة من الشخص ومن الآخرين، والذي يجب على مقدم الطلب توفيرها وهوليس له علاقة بها مثل البيانات الخاصة بمالك العقار ومستندات الأرض الخاصة به والتي من المفترض أنها تكون جاهزة ومتوفرة في نظام النافذة الواحدة الخاص بوزارة التجارة والصناعة. 
وأضاف أنه شخصيا واجهته هذه المشكلة حيث قام بتسجيل المعاملة الخاصة به من خلال خدمة «الأونلاين» ولكنها تأخرت كثيرا ما اضطره في النهاية للتوجه إلى مركز الخدمات الحكومية لإنهائها والحصول على الموافقة وهو نفس الأمر الذي تعرض له أحد الأصدقاء الذي اطلعه على تجربته كاملة ومدى معاناته مع كثرة البيانات المطلوبة وتعدد الحقول في النموذج، وكذلك تعدد هذه النماذج. 
وعن الحلول المقترحة لتذليل هذه العقبات والتغلب على هذه المشكلة قال السيد مبارك الخيارين إن الحل يكمن في تفعيل التكامل والربط بين الجهات الحكومية المختلفة وعدم إرهاق المراجعين بطلبات ومعلومات يفترض توفرها بالأساس بأنظمة الجهات ذات الصلة ويمكن الحصول عليها من خلال الربط بينها عبر نظام النافذة الواحدة، مشيرا في الوقت نفسه إلى ضرورة العمل على تقليل عدد النماذج واختصارها لأقصى حد ممكن، فقاعدة تحسين الخدمات ترتكز على التبسيط والدقة وسرعة الإنجاز.
وحول ما يحتاجه رواد الأعمال الشباب من وزارة التجارة والصناعة والجهات الحكومية الأخرى لتسهيل أعمالهم أشار الكاتب في الشؤون الاقتصادية والمتخصص في اقتصاديات التنمية إلى ضرورة تفعيل ما لفت إليه سابقا من إجراءات بالإضافة إلى تذليل العقبات وتوفير الدعم اللازم والمتكامل من كل الأطراف ذات العلاقة، فلا يجدي تحسن طرف وعدم تحسن الآخر فالمعاملة ذات صفة متعددة الأطراف وتشترك فيها أكثر من جهة حكومية وبالتالي هي سلسلة تعتمد جودتها على الكل وليس البعض.

ملاحظات يجب طرحها للنقاش
قال المهندس أحمد علي البنغيث الكواري رجل الأعمال وعضو غرف مجلس التعاون الخليجي إن الاجراءات والسياسات المتبعة حاليا في تسجيل وترخيص الشركات تحتاج إلى إعادة دراسة لأن هناك ملاحظات كثيرة يجب طرحها للنقاش والتوافق على حلول ترضي المستثمرين ورواد الأعمال وتحفزهم على بدء مشروعاتهم التجارية. 
وأضاف أن نظام النافذة الواحدة القائم حاليا غير مرتبط فعليا بالعديد من الجهات ذات الصلة بإصدار التراخيص للمشروعات في الدولة حيث لا توجد تكاملية واضحة وحتى الآن يجب على المستثمر أو الراغب في بدء مشروعه التجاري أن يقوم بمراجعة العديد من الجهات الحكومية والوزارات نظرا لعدم وجود آلية مباشرة لتبادل البيانات كما يفترض به. 
وأشار إلى أن بعض المستثمرين واجهتهم مشكلة الحصول على الترخيص عندما قاموا بالانتقال إلى مقرات أو مكاتب جديدة نظرا لعدم حصولهم على قيد المنشأة وذلك لتأخر إحدى الجهات المرتبطة بالأمر في القيام بدورها ضمن سلسلة الإجراءات الواجب اتباعها. 
ولفت الكواري إلى أن التأخير عادة يكون من الجهات المعنية بإصدار الموافقات فالأمر يستغرق وقتا طويلا ما يتسبب في بطء الإجراءات بالتبعية ومن ثم تحمل المستثمر تكاليف وأعباء إضافية من إيجار وعمالة وغيرها دون بدء النشاط فعليا فنجد أن المستثمر يعاقب بطريقه غير مباشرة لأخطاء نظامية وتنسيقية ليس له دخل فيها.. حسب تعبيره. 
وطالب الكواري وزارة التجارة والصناعة والجهات ذات الصلة بإصدار التراخيص بتيسير الإجراءات لخلق مناخ استثماري جاذب لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية ويدعم رؤية دولة قطر 2030 لتوسيع القاعدة الاقتصادية وتطوير قطاع خاص يتميز بأسسه المتينة.
كما أكد المهندس أحمد الكواري أنه مما لا شك فيه أن هناك العديد من الأمور الإيجابية التي انتهجتها العديد من الجهات في الدولة لتطوير الخدمات وتحويل معظمها إلى إلكترونية لكن نطمح إلى مواصلة جهودهم المقدرة في سد الثغرات التي تعرقل عمل المستثمرين ومن ثم تسهيل أعمالهم.

القرارات المفاجئة
أكدت رائدة الأعمال أم سعود أن أبرز ما يواجه صغار المستثمرين كم الإجراءات والأوراق المطلوبة لتأسيس الشركات والحصول على التراخيص اللازمة لأنها تعتمد في إصدارها على عدة جهات في الدولة من بينها وزارات التجارة والصناعة والبلدية والداخلية والدفاع المدني وغيرها. 
وأضافت أن أحد المشاكل تؤثر على رواد الاعمال هي القرارات المفاجئة التي تصدر في يوم وليلة، وتلزم رواد الاعمال بتنفيذها دون النظر للخسائر المترتبة على ذلك، من بينها قرار وزارة البلدية بشأن الانشطة في الفلل السكنية والاستثناءات التي وردت في القرار دون غيرهم من الأنشطة قائلة: «بعد أن قمت بتأسيس شركتي، صدر القرار المذكور أعلاه مما أثر كثيراً على نشاط عملي (الخياطة) رغم أنه من الأنشطة الهامة والضرورية في المناطق السكنية وأطالب الوزارة بإعادة النظر في هذا القرار نظرا لأن بعض الأنشطة تحتاج إلى مزيد من الخصوصية ومن بينها الخياطة خاصة للزبائن من النساء». 
وأوضحت أم سعود أن إحدى العقبات التي واجهتها أيضا ما يخص تأشيرات العمالة حيث تطلب عمالة من جنسية معينة يتم إعطاء شرط الموافقة لجنسيات أخرى بعينها قد لا تحتاجها في نشاطها وكذلك يكون عدد التأشيرات الممنوحة أقل من المطلوب لهذا النشاط.
كما أشارت إلى ارتفاع قيمة الرسوم التي يتم دفعها لاستخراج التراخيص من بينها السجل التجاري ورسوم الرخصة وقيد المنشأة وغيرها والتي تمت زيادتها مؤخرا بلا مبرر حيث تضاعفت بصورة كبيرة دون إضافة أي مميزات كذلك إلزام المستثمرين بدفع رسوم لغرفة قطر دون مقابل أو معرفة بخدماتها للمؤسسات والشركات. 
وطالبت أم سعود كذلك بمزيد من الدعم من الجهات الحكومية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة للقطريين من ناحية إقامة المعارض وبالأخص الجهات المعنية بدعم مثل هذه الأنشطة مثل بنك قطر للتنمية ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة ومركز بداية بمزيد من الجهود المجتمعية لمساندة المنتج الوطني من خلال تنظيم المعارض والفعاليات إلى جانب تخصيص أماكن لعرض منتجاتهم تساهم في تقليل النفقات وزيادة المبيعات ما يعود بالفائدة لاحقا على هذه الأنشطة وتحولها إلى صناعات كبيرة تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني. 
وناشدت الجهات المشاركة في مبادرة النافذة الواحدة بعقد اجتماع مع رواد الأعمال وصغار المستثمرين للاستماع إلى آرائهم ووجهة نظرهم فيما يخص إجراءات التسجيل والترخيص للأنشطة التجارية ومن ثم اتخاذ قراراتها بما يخدم المستثمرين ومناخ الاستثمار في الدولة.